نفديك بالأرواح والأجساد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة نفديك بالأرواح والأجساد لـ خليل مطران

اقتباس من قصيدة نفديك بالأرواح والأجساد لـ خليل مطران

نَفْدِيكِ بِالأَرْوَاحِ وَالأَجْسَادِ

إَنْ كَان قوْلٌ فَادِياً لِبِلاَدِ

أَمَّا إِذَا اسْتَنْجَزْتِ وَعْدَكِ فَاعْذِرِي

يَا أُمُّ قَلِّ الْبِرُّ فِي الأَوْلاَدِ

جمَعتْ علَيْكِ الحَادِثَاتُ جُمُوعَهَا

وَبَنُوكِ مَا شَاءَ الشِّقَاقُ بَدَادِ

إِنَّ الدِّيَارَ وَهَكَذَا مُنَّاعُهَا

لَغَنِيمَةٌ لِلْمُسْتَبِيحِ الْعَادِي

هَذِي حقِيقَةُ حَالِنا فَتَبَيَّنُوا

مِنْ ذِكْرِ أَدْنَاهَا بَعِيدَ مُرَادِي

أَوجَزتُ فِي وَصْفِي وَتحْتَ أَقلِّهِ

بَثٌ إِلَى حَدِّ الأَسَى متَمَادِي

إِنْ تُبْصِرُوا الْغَيْمَ الرَّقِيقَ فَفِيهِ مَا

يَخْفَى مِنَ الإِبْرِاقِ وَالإِرْعادِ

أَوْ تسْمَعُوا نوْحَ الحَمَامْ فَدُونَه

آلاَمُ دَامِيَةٍ مِنَ الأَكْبَادِ

الِي أُثِيرُ شُجونَكُمْ بِشِكَايتِي

وَمَرَامُكُمْ أَنْ تَسْمَعوا إَنْشَادِي

أَلذِّكرُ يَنْفَعُنَا غَدَاةَ نَشَاطِنَا

لِنُدِيلَ إِصْلاَحاً مِنَ الإِفْسَادِ

يَا يَوْمنا إِنْ كُنْتَ مُفْتَتَحاً لِمَا

نَرْجُو فإِنَّكَ أَبْهَجُ الأَعْيَادِ

هَذِي عَزَائِمنَا جَلْوْنَاهَا وَقَدْ

خَلُصَتْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَالأَحقَادِ

لاَحَتْ سَوَاطِعَ مرْهَفَاتٍ كَالظُّبَى

برَقَتْ مجَرَّدَةً مِنَ الأَغْمادِ

أَشْفَى الأَمَانِيِّ الَّتِي وُكِلت بِهَا

تَقْرِيبُنَا وَتمَزقِ الحسادِ

أَنَظَلُّ جَمْعاً فِي الْجموع مُؤخَّراً

وَالْفَرْدُ مِنَّا أَوَّلُ الأَفْرَادِ

أَيَكُونُ مِنَّا كُلُّ حرٍ سَائِدٍ

وَسَوَادُنَا يَبْقَى أَذَلَّ سَوَادِ

أَيَفوتُنَا ضَمُّ الْقُوَى وَبِضَمِّهَا

نَعْتَدُّ لِلدُّنْيَا أَشَدَّ عَتادِ

مَهْدُ الرُّقِيِّ دِيَارُنا وَيَسُوءُهَا

أَلاَّ تَعِزَّ بِطَارِفٍ وَتِلاَدِ

جَادَتْ فَمَا بَخِلَتْ بِعَافِيَةٍ وَلاَ

بِنُهى وَلاَ بِشَجَاعَةٍ وَسَدَادِ

تِلْك الديَارُ أَتَذْكُرُونَ جَمَالهَا

بيْنَ السُّهُولِ الخضْرِ وَالأَطْوَادِ

أَترُدُّهَا أَحْلاَمُكُم أَترُودُهَا

أَوْهَامُكُمْ فِي يَقْظَةٍ وَرُقَادِ

أَمَّا أَنا فَعَلَى تَقَادُمِ هِجْرَتِي

عَنهَا وِدادِي لا يَزَالُ ودَادِي

لُبْنَانُهَا وَدِمَشْقُهَا وَبِقَاعهَا

وَضِياعُهَا وَالْبَحْرُ طَيَّ فُؤَادِي

لُبنَانُ هَلْ لِلرَّاسِيَاتِ كَأَرْزِهِ

تَاجٌ يُنَضِّرهَا عَلَى الاْبَادِ

يَا ليْت ذَاكَ الأَرْزَ كانَ شِعَارَنَا

بِثَبَاتِهِ وَتَوَاشُجِ الأَعْضَادِ

بسَقَتْ بَوَاسِقُهُ عَلَى قَدَرٍ فَمَا

جَهِلَتْ وَمَا كَانَت مِنَ المرَّادِ

لَوْ امعَنَتْ صُعُداً لَمَا ضَلُعتْ وَلاَ

رسَخَتْ وَلاَ جَلدَتْ لِرَدِّ نَآدِ

إِنْ تدْهَهَا حُمْرُ الصوَاعِقِ تَبْتَسِمْ

فِيهَا النَّضارَة عَنْ لظى وَقَّادِ

وترَى الغصُونَ كأَنَّ كُلَّ مُخَضَّلٍ

مِنْهَا تَبَاعَثَ مِنْهُ وَرْيُ زِنَادِ

أَوَقَفْتَ تَعْجَبُ مِنْ صَنِيعِ اللهِ فِي

لبْنانَ بيْنَ شَوَامِخٍ وَوِهَادِ

أَرَأَيْتَ أَشْتَاتَ المَدَارِجِ والْقُرَى

متَنَوِّعَاتِ الْحلْيِ وَالأَبْرَادِ

وَكَوَالِحَ الأَصْلاَدِ نَمَّ نَبَاتُهَا

خِلَساً عَنِ التَّحْنَانِ فِي الأَصْلاَدِ

وَالسَّائِمَاتِ أَقَرَّهَا فِي نَعْمَةٍ

أَخذُ الرُّعَاةِ لها مِن الاسادِ

تَرْعى الْخُزَامَى وَالثُّمَامَ نَشِيطَةً

مَحْمودَةَ الإِصْدَارِ والإِيَرادِ

يَا حُسْنَ حَاضِرةِ الْعُروبَةِ إِنهَا

فِي كُلِّ مَعْنىً نُجْعَةُ المرْتَادِ

من لي بِوَصْفِ جَمَالِهَا وَجَمَالُهَا

يُعْيِي بَيَانَ الْوَاصِفِ المِجْوَادِ

بَرَدَى وَنَضْرُ غِيَاضِهِ وَرِيَاضِهِ

نِعَمُ الْحَيَاةِ تَجَمَعَّتْ فِي وَادِ

مَاذَا يرِيكُمْ مِنْ رَوَائِعِ حُسْنِهَا

تَصْوِيرُهَا بِبَرَاعَةٍ وَمِدَادِ

كَمْ فِي الحُزونِ وَفِي السُّهولِ وَرَاءَهَا

عَجَبٌ يَروعُ نَوَاظِرَ الأَشْهَادِ

آيَاتُ تَدبِيجٍ يَتِم رُوَاؤُهَا

بِتَلَمعِ الأَنْهَارِ فِي الأَرْآدِ

وَيَكَادُ بَحْرُ الآلِ فِي أَطْرَافِهَا

يَشْجُو السَّمَاعَ بِمَوْجِهِ الْهَدَّادِ

حَتَّى يَصِيرَ مَدَى مَحَاسِنِهَا إِلى

سَفْحٍ يُطَوِّقُهَا بِطَوْقِ جِسَادِ

عَالٍ ذُرَاهُ يَلُوحُ فَوْقَ بَيَاضِهَا

جَمْرُ الغَمَائِمِ مِنْ خِلاَلِ رَمَادِ

أَمَّا الْبِقاعُ فَجَنَّةٌ لَمْ تَخْلُ مِنْ

أَهْلِ التقَى وَخَلَتْ مِنَ الزهَّادِ

طَابت عناصِرُهَا فَنُفْحةُ تُرْبِهَا

عِطْرِيَّةٌ غِبَّ السَّحَابِ الْغادِي

واسْتَوْفَتِ الْحُسْنَيْنِ مِنْ دَعَةٍ وَمِنْ

خُيَلاَءَ فِي الأَغوَارِ وَالأَنْجَادِ

مَنْ لِلمَشُوقِ بِنهْلةٍ مِنْ زَحْلَةٍ

تَشْفِي المَشُوقَ مِنَ الْجَوىَ المعْتَادِ

كمْ وَقْفَةٍ فِي بَعْلبَكَّ وَقفتُهَا

أَرْمِي الْجِهَاتِ بِنَاظِرٍ رَوَّادِ

بَيْنَا أُعِيدُ الطَّرْفَ عَنْهَا رَاوِياً

عَجَباً وإِعْجَاباً إِذا هُوَ صَادِ

أَرْنُو وَمَرْبَأَتِي بقَايَا هَيْكَلٍ

مِنْ أَعْجَبِ الآثَارِ وَالأَبْلاَدِ

أَلرَّوْضَةُ الخَضْرَاءُ تَحْتَ مِظَلَّةٍ

مِنْ نَاصِعِ النُّوَّارِ فِي الأَعْواد

وَالسَّهْلُ يَبْسُط لِلنَّوَاظِرِ بَعْدَهَا

طُرَفاً روَائِعُهَا بِلاَ تَعْدَادِ

لَطُفَ التَّنَاسُقُ بَيْنَهَا حَتَّى انْتفَى

مَا بَيْنَهَا مِنْ شَاسِعِ الأَبْعَادِ

وَالْبَحْرُ مَا أَسْنَاهُ فِي صَفوٍ وَمَا

أَبْهَاهُ فِي الإِرْغَاءِ وَالإِزْبَادِ

صَالَتْ عَلَى الدُّنْيَا بِهِ فِينِيقِيَا

قِدْماً وَنِعْمَ الفَخْرُ لِلأَجْدَادِ

إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاسِ مَلاَّحٌ وَلَمْ

يَكُ فَوْقَ لُجٍّ رَائحٌ أَوْ غَادِ

فَتَحَتْ بِهِ لِلْعِلْمِ فَتْحاً بَاهِراً

وَوَقَتْ بِهِ الأَسْوَاقَ كُلَّ كَسَادِ

وَاسْتدْنَتِ البَلدَ القَصِيَّ فَلَمْ تَدَعْ

لِليَأْسِ مَعْنىً فِي مَجَالِ بِعَادِ

يا بَحْرُ يَا مِرْآةَ فَخْرٍ خَالِدٍ

أَبْقَوْهُ فِي الأَبْصَارِ وَالأَخْلاَدِ

هَل تَعْذِرُ الْحُفَداءَ فِيمَا ضَيَّعوا

مِنْ مَفْخَرَاتِ أُولَئِكَ الأَجْدَادِ

لِي فِيكِ مِنْ جِهَةِ المَنَارَةِ مَعْهَدٌ

ذَهَبَ الصِّبَا وسنَاه مِلْءُ سَوَادِي

إِذْ كُنْتِ مفْترَجِي وَكانَ يَرُوعُنِي

نَزَقُ المِيَاهِ وَحِلْمُ كُلِّ جَمَادِ

تِلْكَ الشَّوَاطِيءُ فِي رَوَائِعِهَا غِنىً

عَنْ رَاحةٍ لِلسَّفْرِ أَوْ عَنْ زَادِ

أَخَّاذَةٌ بِاللُّبِّ بَيْنَ وُعُورَةٍ

وَسُهُولَةٍ وَتقَاصُرٍ وَتَمَادِ

إِنْ أَيْمَنُوا أَفْضَوْا إِلى فَيْحَائِهَا

يَرِدُونَ خيْرَ مَنَاهِلِ الوُرَّادِ

حَيْثُ الغَضَارَةُ وَالنَّضَارَةُ زِيدَتَا

طِيباً بأنس كِرَامِهَا الأَجْوَادِ

أَوْ أَيْسَروا حَجُّوا بِقلْبٍ خَاشِعٍ

وَبِنَاظِرٍ فَرِحٍ ربوعَ الْهَادِي

فَهنَاكَ آياتُ الْجَمالِ وَمنْتَهَى

كَرَمِ العَناصِرِ فِي رُبى وَمِهَادِ

وَهُنَاك رَابِيَةُ التَّجَليِّ لَمْ تَزَلْ

تُزْهَى بِنُورٍ مِنْ ضَرِيحِ الْفَادِي

هَذِي دِيَارُكُمْ الَّتِي كَانَتْ حِمىً

لِلأَنْبِياءٍ وَجَنَّةَ المِيعَادِ

إِنْ تَصْدُقُوا فِي حبِّهَا فَصَدَاقَةٌ

صَفْوُ القُلُوبِ وَنَبْذُ كُلِّ تَعَادِ

حَتَّى يَتِمَّ مِنَ المنَى لِسَوَادِكُمْ

مَا يَبْتَغِيهِ دُعَاةُ هَذَا النَّادِي

يَا أَيُّهَا الإِخْوَانْ مِنْ متَوَطنِي

مِصرٍ وَنِعْمَتْ كَعْبَةُ القُصَّادِ

لاَ نَنْسَ حَقّاً لِلْكِنَانَةِ وَاجِباً

إِيْفَاؤُهُ وَلِقوْمِهَا الأَمْجَادِ

حَتَّى نعُدَّ أَدَاءَهُ مِنْ دِينِنَا

وَجُحُودَهُ ضَرباً مِنَ الإِلْحَادِ

دَارٌ مَحَضْنَاهَا الْوَلاءَ وَمَعْشرٌ

سَمْحٌ نُصَافِيهِ االْهَوَى وَنُفَادِي

فِي ظِلِّ عَبَّاسِ العَظِيمِ مَلِيكِنَا

فَخْرِ الإِمَارَةِ رَبِّ هَذَا الْوَادِي

مشَتِ الْجِبَالُ بِهِمْ وَسَالَ الْوَادِي

وَمَضَوْا مِهَاداً سِرن فَوْقَ مِهَادِ

يُحْدَى بِهِمْ متَطَوِّعِينَ كَأَنَّهُمْ

عِيسٌ وَلَكِنَّ الْفَنَاءَ الْحَادِي

للهِ يَوْمٌ قَدْ تَقَادَمَ عهْدُهُ

فِيهَا وَظَلَّ يَرُوعُ كُلَّ فُؤَادِ

يَوْمٌ تَجِفُّ لِذِكْرِهِ أَنْهَارُهَا

خَوْفاً وَيَجْرِي قَلْبُ كُلِّ جَمَادِ

وَإِذَا قَرَأْنَا وَصْفَهُ فَكَأَنَّهُ

بِدَمٍ زكِيٍّ خُطَّ لاَ بِمِدَادِ

وَنَكَادُ نَسْمَعُ لِلقِتَالِ دَوِيَّهُ

ونَرَى الْفَوَارِسَ فِي لَقاً وَطِرَادِ

لِبُرُوسِيا فِي أَرْضِ يَانَا عَسْكَرٌ

مَجْرٌ شَدِيدُ البَأْسِ وَافي الزَّادِ

وَخِيَامُهُ فِي الأُفْقِ مَاثِلةٌ عَلى

تَرْتِيبِ سِلْسِلَةٍ مِنَ الأَطْوَادِ

نَفَرَتْ طَلاَئِعُ خَيْلِهِ مَنْذُ الضُّحَى

تَتَرَقَّبُ الأعْداءَ بِالمِرْصادِ

فَاتُوا كَمَا يَجْرِي الأَتِيُّ مُشَعَّباً

فِي غَيْرِ مَجْرَى مَائِهِ المُعْتَادِ

وَكَأَنَّ نَابلْيُونَ فِي إِشْرَافِهِ

عَلَمٌ عَلَى عَلَمِ الزَّعامَةِ بَادِ

أَلمَجْدُ رَهْنُ إِشَارَةٍ بِيَمِينِهِ

وَالنَّصْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالْمُنْقَادِ

والْفَخْرُ فِي رَايَاتِهِ مُتَمَثِّلٌ

وَطَلاَئِعُ الْعُقْبَانِ فِي تَرْدَادِ

فَتَهَيَّأَ الأَلَمانُ لاِسْتِقْبَالِهِ

كَالْحَائِطِ المَرْصُوصِ مِنْ أَجْسَادِ

وعَلاَ هُتَافُ مَازَجَتْهُ غَمَاغِمٌ

مِنْ سَلِّ أَسْلِحَةٍ وَرَكْضِ جِيَادِ

وَرَنِينُ آلاَتٍ تكَادُ تَظَنُّهَا

مُتَجَاوِبَاتِ العَزْفِ بِالإِيَعَادِ

حَتَّى إِذَا كَمَلَ الْعَتَادُ تَقَاذَفُوا

بِالنَّارِ ذَاتِ البَرْقِ وَالإرْعَادِ

شُهُبٌ ضِخامٌ آتِيَاتٌ وَالرَّدَى

بِمَسِيرِهِنَّ وَمِثْلِهُنَّ غَوَادِ

تُلْقِي الرِّجَال عَلَى الثَرَى قَتْلى كَمَا

يُلْقِي السَّنَابِلُ مِنْجَلُ الْحَصَّادِ

لِلهِ دَرُّهُمُ وَقَدْ حَمِيَ الوَغَى

فَتَهَاجَمُوا كَتَهَاجُمِ الآسَادِ

تَدْعُو الْجَرَاحَةُ أُخْتَهَا بِصُدُورِهِمْ

وَالسَّيْفُ يَتْلُو السَّيْف فِي الأَجْيادِ

وَإِذَا التَقَى بَطَلاَنِ لَمْ يَتَجَنْدَلاَ

إِلاَّ مَعاً مِنْ شِدَّةِ الأَحْقَادِ

وَإِذَا جَوَادٌ خَرَّ فَارِسُهُ دَعَا

بِصَهِيلِهِ ذَا حَاجَةٍ بِجَوَادِ

وَالمَوْتُ فِي الْجَيْشَيْنِ غَيْرُ مُجامِلٍ

يَجْتَاحُ بِالأَزْوَاجِ وَالأَفْرَادِ

يَطْوِي الصُّفُوفَ وَيَتْرُكُ الدَّمَ إِثْرَهُ

فَكَأَنَّهُ فُلْكٌ بِبَحْرِ عِبَادِ

مَا زَال يَفْتكُ وَالنفُوسُ زَوَاهِق

وَكَأَنَّ تِلْكَ هُنَيْهة الميعَادِ

حَتَّى تَوَلَّى الذُّعرُ جَيْشَ بُرُوسِيَا

فَتَفَرَّقُوا بَيْنَ القفارِ بَدَادِ

فَسَعَى الفَرَنْسِيُّونَ فِي آثَارِهِمْ

بِعَزَائِمٍْ لاَ يَنْثَلِمْن حِداد

يسْتَكْبِرُ الصُّعْلُوكُ مِنْهُمِ دَائِساً

فِي أَضْلُعِ الأَبْطَال وَالقُوَّادِ

وَاسْتَفْتَحُوا بَرْلِينَ وَهْيَ مَنِيعَةٌ

وَقَضَوْا بِهَا الأَيَّامَ كَالأَعْيَادِ

وَأَقَامَ أَصْحَابُ البِلاَدِ مَآتِماً

وَكَسَوْا عَلَى القَتْلى ثِيَابَ حَدَادِ

نَاحَتْ عَرَائِسُهُمْ عَلَى أَزْوَاجِهَا

وَالأُمَّهَاتُ بَكَتْ عَلَى الأَوْلاَدِ

وَاشْتَدَّ حُزْنُهُمُ وَلَمْ يَكُ مُجْدِياً

مِنْ بَعْدِ فَقْدِ أَحِبَّةٍ وَبِلاَدِ

أَلحُزْنُ يَخْمُدُ وَالمَذَلَّةُ جَمْرَةٌ

لاَ تَنْطَفِي إِلاَّ بِسَيْلِ جَسَادِ

عَادَ الرَّبِيعُ لَهُمْ كَسَالِفِ عَهْدِهِ

يَزْهُو عَلَى الأَغْوَارِ وَالأَنْجَادِ

يَا حُسْنَهُ بَلَداً خَصِيباً طَيِّباً

لَكِنَّهُ نَهْبُ الغَرِيبِ العَادِي

تَتَبَسَّمُ الأَزْهَارُ فِيهِ حَيْثُمَا

عَبَسَ الحِمَامُ بِهَالِكِ الأَجْنَاد

يَا خجْلَةَ الأَحْرَارِ مِنْ مَوْتَاهُمُ

يَثْوُونَ حَيْثُ المَالِكُونَ أَعَادِي

فَاسْتعْصَمُوا بِالصَّبْرِ ثُمَّ تكَاتفُوا

وَتَحَرَّرُوا مِنْ رِقِّ الاِسْتِعْبَادِ

وَتَأَهَّبُوا لِلثَّأْرِ وَالأَحْقَادُ فِي

أَكْبَادِهِمْ كَالْبِيضِ فِي الأَغْمَادِ

حَتَّى إِذَا اشْتَدُّوا وَضَاقَ عَدُوُّهُمْ

ذَرْعاً بِهِمْ أَصْلُوهُ حَرْبَ جِهَادِ

وَبَنَوْا رَجَاءَهمُ عَلَى اسْتِعْدَادِهِمْ

لاَ خَيْرَ فِي أَمَلٍ بِلاَ اسْتِعْدَادِ

هَدَمُوا مَعَالِمَهُ وَرَوَّوْا رَدْمَهَا

بِدِمَاهُ فَاخْتَلَطَا دَماً بِرَمَادِ

وَاسْتَفْتَحُوا بَارِيسَ فَاسْتَوْفوْا بِهَا

أَوْتَارَهُمْ وَشَفَوْا صَدَى الأَكْبَادِ

كُلُّ بِمَسْعَاهُ يَفُوزُ وَمَنْ يُنِبْ

عَنْهُ الحَوَادِثَ لَمْ يَفُزْ بِمُرَادِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة نفديك بالأرواح والأجساد

قصيدة نفديك بالأرواح والأجساد لـ خليل مطران وعدد أبياتها مائة و اثنان و عشرون.

عن خليل مطران

خليل بن عبده بن يوسف مطران. شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة. ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين. ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين. وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي. وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.[١]

تعريف خليل مطران في ويكيبيديا

خليل مُطران «شاعر القطرين» (1 يوليو 1872 - 1 يونيو 1949) شاعر لبناني شهير عاش معظم حياته في مصر. عرف بغوصه في المعاني وجمعه بين الثقافة العربية والأجنبية، كما كان من كبار الكتاب، عمل بالتاريخ والترجمة، يشبّه بالأخطل بين حافظ وشوقي، كما شبهه المنفلوطي بابن الرومي. عرف مطران بغزارة علمه وإلهامه بالأدب الفرنسي والعربي، هذا بالإضافة لرقة طبعه ومسالمته وهو الشيء الذي انعكس على أشعاره، أُطلق عليه لقب «شاعر القطرين» ويقصد بهما مصر ولبنان، وبعد وفاة حافظ وشوقي أطلقوا عليه لقب «شاعر الأقطار العربية». دعا مطران إلى التجديد في الأدب والشعر العربي فكان أحد الرواد الذين أخرجوا الشعر العربي من أغراضه التقليدية والبدوية إلى أغراض حديثة تتناسب مع العصر، مع الحفاظ على أصول اللغة والتعبير، كما أدخل الشعر القصصي والتصويري للأدب العربي.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. خليل مطران - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي