ما لليالي وقد كانت توالينا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة ما لليالي وقد كانت توالينا لـ حسن حسني الطويراني

اقتباس من قصيدة ما لليالي وقد كانت توالينا لـ حسن حسني الطويراني

ما لليالي وَقَد كانَت توالينا

إِذ كُنتُ بالأنس محبوباً توالينا

لما اغتررنا بها واغتال غاوينا

أَضحى التنائي بديلاً من تدانينا

وحانَ من بعد لقيانا تجافينا

وَكَيفَ ساغَ لدمع العَين يقرحنا

وكان دَهراً بطيب الوصل يُفرحنا

واللَه يا مَن بهم تشفى جوارحُنا

بنتُم وبنّا فَما ابتلت جوانحنا

شوقاً إليكُم ولا جَفّت أَماقينا

ولم نَزل بعدَكم في لَوعةٍ وَعَنى

نسترجعُ الدَهرَ لَكن لا يعادلنا

فلم نَبِت ليلةً إلا مضت حَزَنا

تكاد حينَ تُناجيكُم ضمائرنا

يقضي علينا الأَسى لَولا تأسّينا

ندافع اليأسَ والآمالُ قد بَعُدت

وترقب النجم عينانا لما وَجدت

والقَلب يَأسف للدُنيا عَلامَ غَدَت

حالَت لبعدكمُ أَيامُنا فغدت

سُوداً وكانَت بكم بيضاً ليالينا

وكان للدهر إقبال لنا وَبنا

وكانَ للعُمر أُنس بَيننا وهنى

وَكُنت أَنتَ حبيباً للوفا ضمنا

اذ جانب العيش طلق من تألُّفنا

وموردُ اللهو صافٍ من يصافينا

هل تذكرون لنا في الدَهر خاليةً

أَو ليلة قد مضت بالأنس حاليةً

اذ نستقي الراح أخت الرُوح صافيةً

وإذ هصرنا غُصون البان دانيةً

قطوفُها فجنينا منه ما شينا

وإذ تبيح لنا خدّاً ومبتسما

وإذ تُحلُّ لنا بالقرب ما حَرُما

وإذ تَرى الدَهر في أَعتابنا خدما

لِيُسقَ عهدُكم عهدُ السُرور فَما

كُنتُم لأَرواحنا إلا رَياحينا

أَقولُ لِلقَلب قَد أَولوا النواحَ همُ

لنبكي دَهراً تَولّى بامتناحهمُ

فَيا لَودّي ويا صَرعى جراحهمُ

من مبلغُ الملبسينا بانتزاحهمُ

حزناً مع الدَهر لا يَبلى وَيبلينا

ويا حَبيباً بحكم القَلب يَملكُنا

وتائهٍ في مهاوي الوَجد يُسلكُنا

ولم يَزل هجرُه يبدو فينهكُنا

إن الزَمان الَّذي قد كانَ يُضحكُنا

أُنساً بقربكمُ قد عادَ يُبكينا

فكيف أَندبُ عَهداً لَيسَ يُرتَجعُ

وقد تَفرّق شَملٌ لَيسَ يَجتمعُ

كأَننا بعدَ ما بنّا وَلا بِدعُ

غيظ العدا إذ تساقينا الهَوى فدعوا

بأن نغصَّ فقال الدَهرُ آمينا

فطال هذا الجفا من بعد مأنسنا

وصار يختار دوّاً عن مجالسنا

وأَوحش الدَهرُ داراً من مؤانسنا

فانحلَّ ما كانَ معقوداً بأنفسنا

وانبتَّ ما كانَ مَوصولاً بأيدينا

لَئن يَطُل بعدُنا أَو لا تريح مُنى

فنحن نصبر صَبرَ الحرِّ ما غُبِنا

وَقَد يقال قصيٌّ بالفراق دَنا

وقد نَكُون وَلا نَخشى تفرقنا

فَاليَوم نحن وَلا يُرجَى تلاقينا

بِاللَه ذكري فإنا لن نفاصلكم

إلا عَلى رَغم نفس تلك تَأملكم

ونحن نحن وإن لم نبد سائلكم

لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم

دَأباً ولم نتقلد غيرَه دينا

وهب صفا الغَرب إذ بنّا يكدرنا

فليسَ يهزم للبلوى تصبّرنا

نحن الذين الهَوى حتماً يسيّرنا

لا تحسبوا نأيَكم عنا يغيّرنا

إذ طالَ ما غيَّر النأيُ المحبينا

وليس طُول التناءي يقتضي سبلا

إِلى السُلوِّ وحاشى أن يقال سلا

لا عاشَ صبٌّ لنقد الرُوح ما بذلا

واللَه ما طلبت أَرواحُنا بَدَلا

منكم ولا انصرفت عنكم أَمانينا

ولا وَجدنا رحيماً قد يعلِّلُنا

ولا صديقاً لهُ يشكى تحمُّلُنا

ولا أَفاد وَلا أَجدى تجملُنا

ولا استفدنا خليلاً عنكَ يشغلُنا

ولا اتخذنا بديلاً منك يُسلينا

فاعجب لدهر تغالى في تغلُّبهِ

والقَلب لا يَتقي عادي تقلبهِ

وكم أَقول وَدَمعي في تصبُّبهِ

يا ساري البرق غاد القَصرَ فاسقِ به

من كانَ صِرفَ الهَوى والودِّ يَسقينا

ويا زَمان اللقا أرجع أَحبَّتَنا

لعل ذلك يُنسينا تشتُّتَنا

ويا رَسول المُنى أَبلغ زيارتنا

وَيا نَسيم الصبا بلِّغ تحيتَنا

من لو عَلى البعد حيَّى كانَ يُحيينا

فكم لنا كان من وَصل بكل هنا

عصر أرتنا الليالي كُلَّه حسَنا

فليت شعريَ هل عَودٌ فيجمعَنا

يا رَوضة طالَما أَجنَت لواحظَنا

ورداً حباه الصبا غُصناً ونسرينا

فيا بَدوراً وَقَد كُنا كهالتِها

ويا شموساُ تمنّعنا بدارتِها

ويا مُنى العَين كم فزنا بقرَّتِها

ويا حياةً تملّينا بزهرتها

مُنىً ضروباً ولذّاتٍ أَفانينا

ويا حَبيباً قضينا من بشاشتهِ

وبشره ما ارتجى صبٌّ لغايته

ويا نديماً أدمنا من مدامتهِ

ويا نعيماً هصرنا من غضارتهِ

في وَشيِ نَعما سحبنا ذيلَه حينا

اذكر ليال مضت فينا مواليةً

إذ أعين الدَهر كانَت ثم غافيةً

واصرف لنا لحظة بالود راضيةً

لسنا نسميك إجلالاً وتكرمةً

وقدرك المعتلي عن ذاكَ يُغنينا

ويا ودوداً ثَوى قَلبي وَمن ثقتي

بعهده لم أَذق من هجره سِنَتي

يغنيك وصفُك عن ذكري وتسميتي

اذا انفردت وما شوركت في صفةِ

فحسبنا الوصف إيضاحاً وتبيينا

نقول ليلى وأسما أو ذُكاً ومَهاً

أو غصن بانٍ وبدرٌ بهجةً وبَها

وحيث نذكركم نبكي لكم وَلَها

يا جنةَ الخُلد أُبدلنا بِسلسلها

والكوثرِ العَذبِ زقّوماً وغسلينا

اللَه أرحم ما للدهر يورثُنا

من بعد ذاكَ التلاقي حسرةً وَعَنا

بتنا وَيا طالما بتنا بكلِّ هنا

كأننا لم نبت والوَصل ثالثَنا

والدَهر قد غَضَّ من أَجفان واشينا

كم ليلة سالمتنا وهي مغنمُنا

وليس للبين من سوءٍ يُلمُّ بنا

كأننا وحبور ثمَّ يقدمنا

سرّانِ في خاطر الظَلماء يكتمنا

حتى يكاد لسانُ الصُبح يُفشينا

فيا لَودّي دَعوا صبّاً قد اشتبهت

فيه الظُنونُ وفيهِ مُهجةٌ وَلهت

فنحن قومٌ إذا نوب الزَمان دَهَت

لا غرو في أن ذكرنا الحُزنَ حين نَهَت

عند النُهى وَتركنا الصَبرَ ناسينا

نهيم ذكراً وإن لم يدر من ذكرا

وكم نراعُ إذا طَيفُ اللقاءِ طَرا

لا تعذلوا معشرَ العشّاق والشُعَرا

إنا قرأنا الأَسى يوم النَوى سُوَرا

مكتوبةً وأَخذنا الصبرَ تلقينا

فيا نئيّاً وويلي من تحولِّهِ

وكنت أَهوى التَصابي في تدلُّلهِ

يَهون عندي الوَرى حقاً بأجملهِ

أَما هَواك فلا نعدل بمنهلهِ

شرباً وإن كانَ يَروينا فيُظمينا

أَليسَ أَمرُ زَماني فيك أَعجبُهُ

إنْ نَنأَى عمّن بنقد الروح نُرغبُهُ

اللَه يعلم يا من عزَّ مطلبُهُ

لم نجف أَفقَ جَمالٍ أَنتَ كوكبُهُ

سالين عنه ولم نهجره قالينا

أَشكو إليك بشكوى نفس مغتربِ

يبيتُ من لَوعةِ الأَحشاء في لَهَبِ

ما عَن رضى حدتُ عن إِرْبٍ وعن طَلَب

ولا اختياراً تجتبناك عن كثبِ

لكن عَدَتنا على كرهٍ أَعادينا

لنا قُلوبٌ نراها فيك مصدعةً

وأَعينٌ قد جَرَت للبين مهمعةً

حتى إذا وجدت أَرواحناً دعةً

تَأَسى عليك إذا طافَت مشعشعةً

فينا الشمول وغنّانا مغنّينا

نرى اللَيالي وإن تبدي وسائلها

سيما سرورٍ وتهدينا رسائلها

والحال ما نبتغي فيما نحاولها

لا أكؤسُ الراحِ تُبدينا شمائلها

سيما ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا

يا ربّةَ الخال لا زالت مسالمةً

لك الليالي وفي الأَعتاب خادمةً

جار النَوى فاعطفي للعود ثابتةً

دومي على العَهد ما دُمنا محافظةً

فالحر من دان إنصافاً كَمَن دينا

فما تجلت كما تدرين أكؤسُنا

ولا صفى عيشُنا واعتزَّ مجلسُنا

ولا استفاد بنا في الناس مؤنسُنا

ولا ابتغينا حبيباً عنك يحبسُنا

ولا استفدنا خليلاً عنك يُغنينا

ولا لَهونا بناد في تجمُّعه

ولا صَبونا إِلى صافي مشعشعِه

فلو بدا الغُصن مهتزاً باينعِه

ولو صَبا نحونا من عُلوِ مطلعهِ

بدرُ الدُجا لم يَكُن حاشاك يُصبينا

فيا ممنعة بالرغم فاصلة

ويا الَّتي هيَ في قَلبي مواصلة

ويا مروعة بِالصَبر فاعلة

أَولى وفاء وإن لم تبذلي صلة

فالذكر يقنعنا والطَيف يَكفينا

رفقاً به فكفاه من تعذُّبهِ

آلامُ غربته أَو بُعدُ مطلبهِ

أَو فاذكريه على ما في تصبُّبهِ

وفي الجَواب قناعٌ لو شفعت بهِ

بيض الأَيادي التي مازلتِ تولينا

أستودع اللَه يا من فيه قد شَقِيَت

أَفكارُنا وعليه أدمعٌ فَنِيَت

رفقاً على مُهجتي بالبين ما لَقِيَت

عليك مني سلام اللَه ما بَقِيَت

صبابةٌ منك تخفيها فتخفينا

شرح ومعاني كلمات قصيدة ما لليالي وقد كانت توالينا

قصيدة ما لليالي وقد كانت توالينا لـ حسن حسني الطويراني وعدد أبياتها مائة و سبعة عشر.

عن حسن حسني الطويراني

حسن حسني باشا بن حسين عارف الطويراني. شاعر منشئ، تركي الأصل مستعرب، ولد ونشأ بالقاهرة وجال في بلاد إفريقية وآسية، وأقام بالقسطنطينية إلى أن توفي، كان أبي النفس بعيداً عن التزلف للكبراء، في خلقته دمامة، وكان يجيد الشعر والإنشاء باللغتين العربية والتركية، وله في الأولى نحو ستين مصنفاً، وفي الثانية نحو عشرة. وأكثر كتبه مقالات وسوانح. ونظم ستة دواوين عربية، وديوانين تركيين. وأنشأ مجلة (الإنسان) بالعربية، ثم حولها إلى جريدة فعاشت خمسة أعوام. وفي شعره جودة وحكمة. من مؤلفاته: (من ثمرات الحياة) مجلدان، كله من منظومة، و (النشر الزهري-ط) مجموعة مقالات له.[١]

تعريف حسن حسني الطويراني في ويكيبيديا

حسن حسني الطويراني (1266 - 1315 هـ / 1850 - 1897 م) هو حسن حسني باشا بن حسين عارف الطُّوَيْراني.صحافي وشاعر تركي المولد عربي النشأة. ولد بالقاهرة، وطاف في كثير من بلاد آسيا وأفريقيا وأوروبة الشرقية. كتب وألف في الأدب والشعر باللغتين العربية والتركية، وأنشأ في الأستانة مجلة «الإنسان» عام 1884، ومن ثم حولها إلى جريدة ، لخدمة الإسلام والعلوم والفنون؛ وظلت إلى عام 1890 باستثناء احتجابها عدة أشهر. جاء إلى مصر واشترك في تحرير عدة صحف. تغلب عليه الروح الإسلامية القوية. ومن كتبه: «النصيح العام في لوازم عالم الإسلام»، و«الصدع والالتئام وأسباب الانحطاط وارتقاء الإسلام»، و«كتاب خط الإشارات» وغيرها. له ديوان شعر مطبوع عام 1880.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي