قضى عمره في الهجر شوقا إلى الوصل

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قضى عمره في الهجر شوقا إلى الوصل لـ عماد الدين الأصبهاني

اقتباس من قصيدة قضى عمره في الهجر شوقا إلى الوصل لـ عماد الدين الأصبهاني

قَضَى عمرَهُ في الهجرِ شوقاً إلى الوصلِ

وأَبلاهُ من ذكرى الأَحبَّةِ ما يبلي

وكان خلِّي القلبِ من لوعةِ الهوى

فأَصبحَ من بَرْحِ الصّبابةِ في شغلِ

وأَطربَهُ اللاحي بذكرِ حبيبهِ

فآلى عليهِ أَن يَزيدَ من العذلِ

وإنّ مريرَ العيشِ يحلو بذكركمْ

وهل لمريرِ العيشِ غيريَ مُسْتَحْلِ

وصالكم الدُّنيا وهجركم الرَّدى

وقربكُمُ عزِّي وبُعدكمُ ذُلِّي

ومستحسنٌ حفظ الودادِ فراقبوا

لأَجلِ اقتناء الحمدِ عهديَ لا أَجْلي

نَفى الصَّبرَ من قلبِ المتيَّمِ خبلُهُ

وكيف ثباتُ القلبِ في مسكنِ الخبلِ

فقلبيَ بينَ الشّوقِ والصبرِ واقفٌ

على جَدَدٍ بينَ الولايةِ والعزلِ

إذا ما بقاءٌ المرءِ كان بوصلِ مَنْ

يحبُّ فإنَّ الهجرَ نوعٌ من القتلِ

وهل نافعي عذلٌ ونصحٌ على الهوى

وعذليَ يُغري بي ونصحيَ لا يسلي

وما كنتُ مفتونَ الفؤادِ وإنَّما

عليَّ فتوني دلَّه فاتنُ اللِ

نحولي ممَّن شدَّ عَقْدَ نطاقهِ

على ناحلٍ واهٍ من الخصر منحل

إذا رامَ للصدِّ القيامَ أَبتْ له

روادفه إلاَّ القيامَ على وصلي

وكيف تجلّى في هَزيعٍ من الدُّجى

وغصنٍ تثنّى فوق حقْفٍ من الرَّمل

وناظرُهُ نشوانُ لا من سلافةٍ

سقيمٌ بلا سقمٍ كحيلُ بلا كحلِ

وأَشهدُ أنَّ الحسنَ ما خطَّ خطّهُ

بعارضهِ والسِّحرُ ما طرفه يُملي

وما لحظُهُ إلاّ عُقارٌ فإنَّني

وجدتُ هوى عينيهِ يذهبُ بالعقلِ

سقى اللّهُ بالزَّوراءِ قصرَ استقامتي

لإنجازهِ الوعدَ المصونَ من المَطلِ

غداةَ نضوتُ الجد أَبلى جديده

ولا عيشَ إلا هزَّ عطفي إلى الهزلِ

أُنامُ غرَّاً من أَفاضلِ أَهلها

كراماً وكلُّ حليةُ الزَّمنِ العطلِ

وإخوانُ صدقٍ للصداقةِ بيننا

صفاءُ صدورٍ طهَّروها من الغلِّ

ندارسُ آي العقلِ من سورةِ الهوى

ونفهمُ معنى العلمِ من صورةِ الجهلِ

وها أنَا قد أًصبحتُ بالشّامِ شائماً

سنا بارقٍ من غيرِ وَبْلٍ ولا كلِّ

يُؤهِّلُني للبعدِ من كلِّ حظوة

ويحرمني اللذاتِ بُعدي من الأَهلِ

ولا صاحبٌ عندي أُحاولُ نصرَهُ

بتخفيفِ ما يعروهُ من فادح الثُّقلِ

وإنِّي أَرى عينَ الخصاصةِ ثروتي

إذا عجزتْ عن سَدِّها خَلّةُ الخلِّ

أُلاينُ حُسّادي الأَشدّاءَ رقبةً

لهم وأُعاني الصّعبَ بالخُلُقِ السّهلِ

وأُبقي مداراةَ اللئيمِ لعلّهُ

يبيتُ ولا يطوي الضَّميرَ على دغلِ

سوى السُّوءِ لا تجدي مداراة حاسدي

كما يستفادُ السُّمُّ من صلةِ الصِّلِّ

ومن نقصِ هري قصد فضلي بصرفهِ

ليرخصَ منه ما من الحقِّ أَن يغلي

وإنّي من العلياءِ في الكنفِ الذي

به حظُّ فضلي كلَّما انحطَّ يستعلي

وماذا بأَرضِ الشّامِ أَبغي تَعسفاً

ولا ناقتي فيها تُرامُ ولا رحلي

ولي حرمٌ منه الأَفاضلُ في حمى

من الصّونِ بالمعروفِ بالبذلِ في حِلِّ

أَبى الفضلَ فيه أَن يكونَ كمالُهُ

لغيرِ كمال الدِّينِ أَعني أَبا الفضلِ

رحيبُ النّوادي والنّدى واسعُ الذَّرا

رفيعُ الذُّرا عالي السّنا وافرُ الظِّلِّ

نداه حيا المعروف قد شمل الورى

عموماً وغيثُ الخصبِ شُرِّدَ بالمحلِ

إذا خفيت سُبْلُ الكرام فإنّه

كريمُ المساعي بينهم واضحُ السُّبلِ

وفي الجدب إنْ جادتْ سماهُ سماحةً

بدا زَهَرُ الإسعافِ في الأَمل العقلِ

تساوى له الإعلانُ والسرُّ في العلى

فخلوتُهُ ملء المهابةِ كالحفلِ

فتى السنّ إلاّ أَنَّ للملكِ قوةً

بما هو يستهديهِ من رأْيهِ الكهلِ

من القوم أَمّا المالُ منهم فعرضةُ ال

سّماحِ وأَمّا العِرضُ منهم فللبخلِ

أَضاءَ زَمان المستضيء إمامنا

بآرائهِ الميمونةِ العقدِ والحلِّ

فمن رأيه ما يطلعُ السعدُ من سنا

ومن عزمهِ ما يطبعُ النّصر من نصلِ

وما روضةٌ غناء مرهوبة الثّرى

مُضَوَّعة الأَسحارِ طَيِّبة الفصل

شمائلُها طابتْ وطابَ شمالُها

سقتها شَمُولاً عند مجتمعِ الشّملِ

تُردَّدُ أَنفاسَ النَّسيمِ عليلةً

عليها فيشفي مرُّها كلَّ معتلِّ

تهبُّ الصِّبا فيها بليلٍ بليلةً

على زهر من عبرة الطلِّ مبتلِّ

لها من ثغورِ الأُقحوانِ تبسّمٌ

وتنظرُ عن أَحداقِ نرجسها النُّجلِ

كأَنَّ نُعاماها تبلّغُ نحونا

تحايا قرأَناها على أَلسنِ الرُّسلِ

تُؤرِّجَ أَرجاءَ الرضاءِ كأَنّما

تجاملُ في حملِ التّحيةِ عن جُمْلِ

مرجعةٌ فوقَ الغصونِ حمامُها

فنونَ هديلٍ بينَ أَفنانها الهُدلِ

تنوحُ بها الورقاءُ شجواً كأَنّها

مفجَّعةٌ بينَ الحمائمِ بالشكلِ

مطوَّقةٌ أَبلتْ سوادَ حدادِها

ففي الجيدِ باقٍ منه طوق له كُحْلي

بأحسنَ من أَخلاقكَ الزُّهرِ بهجة

وأَذكى وأَزكى من سجيتك الرِّسلِ

إليكَ سرتْ منّي مطايا مدائحٍ

من الشُّكرِ والإحمادِ موقرةَ الحملِ

سوائرُ في الآفاقِ وهي مطيفةٌ

ببابكَ دون الخلقِ مخلوفة العُقلِ

تهذَّبَ معناها بصقليَ لفظَها

كما بانَ إثر المشرفيِّ لدى الصقلِ

وإنْ يجل شعري في مديحك رونقاً

وحسناً فإنَّ الشَّهدَ من نَحلِ النَّحلِ

سلمتُ ولا لاقتْ عداكَ سلامةً

ورهطكَ في كُثرٍ وشانيكَ في فَلِّ

ودمتَ ولا زالتْ بسطوكَ ديمةُ ال

وبالِ على الأَعداءِ دائمةَ الوبل

ودرَّتْ لكَ النُّعمى على كلِّ آملٍ

بقيتَ بقاءَ الذرِّ والحرثِ والنّسلِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة قضى عمره في الهجر شوقا إلى الوصل

قصيدة قضى عمره في الهجر شوقا إلى الوصل لـ عماد الدين الأصبهاني وعدد أبياتها واحد و ستون.

عن عماد الدين الأصبهاني

محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين حامد بن أله أبو عبد الله عماد الدين الأصبهاني. مؤرخ عالم بالأدب، من أكابر الكتاب، ولد في أصبهان، وقدم بغداد حدثاً، فتأدب وتفقه. واتصل بالوزير عون الدين "ابن هبيرة" فولاه نظر البصرة ثم نظر واسط، ومات الوزير، فضعف أمره، فرحل إلى دمشق. فاستخدم عند السلطان "نور الدين" في ديوان الإنشاء، وبعثه نور الدين رسولاً إلى بغداد أيام المستنجد ثم لحق بصلاح الدين بعد موت نور الدين. وكان معه في مكانة "وكيل وزارة" إذا انقطع (الفاضل) بمصر لمصالح صلاح الدين قام العماد مكانه. لما ماتَ صلاح الدين استوطن العماد دمشق ولزم مدرسته المعروفة بالعمادية وتوفي بها. له كتب كثيرة منها (خريدة القصر - ط) وغيره، وله (ديوان شعر) .[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي