شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات/قصيدة عمرو بن كُلثوم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

قصيدة عمرو بن كُلثوم

قصيدة عمرو بن كُلثوم - شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات

قصيدة عمرو بن كُلثوم

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصي ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.وقال أبو عمرو الشيباني:كانت بنو تغلب بن وائل من أشد الناس في الجاهلية.قال أبو عمرو: وقد ذكر لي بعض أهل العلم أنهم شهدوا يوم خزاز.وخزاز: جبل كانت فيه وقعة.وهم من أظهر الناس عدة وسلاحا، وخيلا ورجالا.قال أبو عمرو: وسألت ابن الكلبي عن بني تغلب، فزعم إنه سمع أباه يقول: حدثني بعض أصحابي قال: لو أبطأ الإسلام قليلا لأكلت بنو تغلب الناس.وكان بينهم في الجاهلية حروب شديدة في كليب بن ربيعة أخي مهلهل، وهو كليب وائل، كادت تأتي عليهم.قال أبو عمرو: وأخبرني ابن الكلبي قال:نافر عمرو بن كلثوم رجلا من بني تيم اللات بن ثعلبة، فذهبا إلى رجل من مضر يحتكمان إليه في منافرتهما، وقد كانا خوَّفا ذلك الرجل، فقالا: يحكم بيننا أول من يعرض لنا.فعرض لهما رجل يقال له أبو مليل، فاحتكما إليه فأخذهما فحبسهما سنة ثم افتديا منه.ويقال: جاء ناس من بني تغلب إلى بكر بن وائل يستسقونهم، فطردتهم بكر للحقد الذي كان بينهم، فرجعوا فمات منهم سبعون رجلا عطشا.ثم أن بني تغلب اجتمعوا لحرب بكر بن وائل، واستعدت لهم بكر حتى إذا التقوا كره كل صاحبه، وخافوا أن تعود الحرب بينهم كما كانت، فدعا بعضهم بعضا إلى الصلح فتحاكموا في ذلك إلى الملك عمرو بن هند، فقال عمرو: ما كنت لأحكم بينكم حتى تأتوني بسبعين رجلا من بكر بن وائل فأجعلهم في وثاق عندي، فان كان الحق لبني تغلب دفعتهم إليهم، وإن لم يكن لهم حق خليت سبيلهم.ففعلوا وتواعدوا ليوم يجتمعون فيه، فقال الملك لجلسائه: من ترون من بني تغلب تأقي به لمقامها هذا ؟ فقالوا: شاعرهم وسيدهم عمرو بن كلثوم.قال: فبكر بن وائل ؟ فاختلفوا عليه وذكروا غير واحد من أشراف بكر بن وائل، قال: كلا والله لا تفرُج بكر بن وائل إلا عن الشيخ الأصم يعثر في ريطته فيمنعه الكرم أن يرفعها حتى يرفعها قائده فيضعها على عاتقه.فلما أصبحوا جاءت تغلب يقودها عمرو بن كلثوم حتى جلس إلى الملك.وقال الحارث بن حلزة: أني قد قلت خطبة فمن قام بها ظفر بحجته وفلج على خصمه.فرواها ناسا منهم، فلما قاموا بين يديه لم يرضهم، فحين علم إنه لا يقوم أحد مقامه قال لهم: والله لأكره أن آتي الملك فيكلمني من وراء سبعة ستور وينضح أثري بالماء إذا انصرفت عنه - وذلك لبرص كان به - غير أني لا أرى أحدا يقوم بها مقامي، وأنا محتمل ذلك لكم.فانطلق حتى أتى الملك، فلما نظر إليه عمرو بن كلثوم قال للملك: أهذا يناطقني وهو لا يطيق صدر راحلته ! فأجابه الملك حتى أفحمه.وأنشد الحارث قصيدته:

آذنتْنا ببينها أسماء

وهو من وراء سبعة ستور، وهند تسمع، فلما سمعتها قالت: تالله ما رأيت كاليوم قط أن رجلا يقول مثل هذا القول يُكلم من وراء سبعة ستور ! فقال الملك: ارفعوا سترا.فدنا فما زالت تقول ذلك ويرفع ستر فستر حتى صار مع الملك على مجلسه، ثم أطعمه في جفنته وأمر ألا ينضح أثره بالماء، وجز نواصي السبعين الذين كانوا في يديه من بكر ودفعها إلى الحارث.وأمره ألا ينشد قصيدته إلا متوضئاً.فلم تزل تلك النواصي في بني يشكر بعد الحارث، وهو من بني ثعلبة بن غنم، من بني مالك بن ثعلبة.وأنشد عمرو بن كلثوم قصيدته، فلما فرغ منها ظن الناس إنها لا يعدلها شيء.وقال حين أنشدها:

( أَلا هُبِّي بصَحْنِكِ فاصَبحِينا. . . . . . . .ولاَ تُبْقِي خُمورَ الأَندَرِينا )

قوله ( هبي ) معناه قومي.قال الشاعر:

ألا أيّها النوام ويحكمُ هُبُّوا. . . . . . . .أسائلْكمُ هل يقتلُ الرجلَ الحبُّ

و ( الصحن ): القدح الضخم الواسع، والتبن: أكبر الأقداح، والرفد: القدح الضخم.قال الأعشى يمدح الأسود بن المنذر أخا النعمان بن المنذر:

رُبَّ رِفدٍ هرقته ذلك اليوْ

مَ وأسَرى من مَعشرٍ أقتالِ

وقال أبو عمرو: الكتن: القدح الصغير.وقال أبو زيد: يقال للقدح الصغير الغمر، ثم العس أكبر منه.وقال غيره: القرو: قدح صغير.وأنشد:وأنت بين القَرْو والعاصرِوالقعب: قدح صغير يروى الرجل الواحد.وقوله ( فاصبحينا ) معناه فاسقينا صبوحا، وهو شرب الغداة.والأندرين: قرية بالشام كثيرة الخمر.و ( ألا ) افتتاح للكلام، وهبي مجزوم على الأمر علامة الجزم سقوط النون، والفاء جواب الجزاء المقدر، وتبقى جزم بلا على النهى، واصبحينا مجزوم على الأمر علامة الجزم فيه وفي تبقى سقوط النون، وموضع الأندرين خفض بالإضافة، وفتحت النون لأنها مشبهة بنون الجمع، والألف صلة لفتحة النون.ويقال في رفعها الأندرون.

( مٌشَعشَعَةً كأَنَّ الحُصَّ فيها. . . . . . . .إِذَا ما الماءُ خالطَها سَخِينا )

( المشعشعة ): الخمر التي أرق مزجها، وما مزج فأرق مزجه فقد شعشع، ومنه قيل رجل شعشاع، إذا كان طويلا خفيف اللحم.و ( الحص ): الورس.و ( فيها ) معناه في الخمر.وقوله ( إذا ما الماء خالطها سخينا ) قال أبو عمرو: معناه إذا خالها الماء وشربناها كنا أسخياء، أي ازداد سخاؤنا على ما كان عليه قبل شربناها.وقال غيره: إذا ما الماء خالطها سخينا معناه إنها تمزج بالماء الحار.يقال ماء سخين، إذا كان مسخنا.ويروى: ( إذا ما الماء خالطها شخينا ) بالشين معجمة وبالحاء غير معجمة.ومشعشعة نصب بقوله فاصبحينا.وإذا وقت، والماء رفع بما عاد من خالط، وما صلة وسخينا فعل ماض من السخاء جواب لإذا.ومن قال سخينا حارا نصبه على الحال من الماء.ومن رواه شحينا بالشين نصبه على الحال من الهاء، وأراد خالطها مشحونة أي مملوة ؛ من قول الله تبارك وتعالى: ( في الفلك المشحون ) فصرف من مفعول إلى فعيل، فلم تدخلها الهاء، وكان بمنزلة قولهم: كف خضيب، وعين كحيل، ولحية دهين ؛ يراد به: مخضوبة، ومكحولة، ومدهونة.

( تَجُور بِذِي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ. . . . . . . .إِذَا مَا ذاقَها حتّى يَلِينا )

( اللبانة ): الحاجة، يقال: لي إليه حاجة، ولبانة، وأشكلة، وشهلاء.أنشد أبو عمرو:

لم أقضِ حين ارتحلوا شهلائي. . . . . . . .من الكَعَاب الطَّفْلة الحسناء

ويقال: لي إليه مأربة، أي حاجة ؛ وجمعها مآرب.قال الله تبارك وتعالى: ( وليَ فيها مآرب أخرى )، أي حوائج.ويقال: لي في هذا الشيء أرب وإربة، أي حاجة.قد أربت إلى الشيء آرب أربا، إذا احتجت إليه.ومنه قولهم: ما أربك إلى كذا وكذا.ويقال: ما بقيت في صدري حوجاء ولا لوجاء الا قضيتها.ويقال: قضيت من الشيء وطرا، إذا قضيت حاجتي منه.قال الله تبارك وتعالى: ( فلمَّا قَضَى زيدٌ منها وطراً ).ومعنى البيت أن الخمر تميل بشاربها عن حاجته.وفاعل تجور مضمر فيه من ذكر الخمر، وما صلة، وإذا نصب بتجور، ويلينا نصب بحتَّى، والألف صلة لفتحة النون.

( تَرى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ إذا أُمِرَّتْ. . . . . . . .عَلَيه لمالِهِ فيها مُهِينا )

( اللحز ): الضيق البخيل ؛ والعقص مثله.والحصر: الممسك.والحصر أيضا: الذي يكتم السر ولا يبذله وهو مدح.قال جرير:

ولقد تسقَّطني الوشاةُ فصادفوا. . . . . . . .حصِراً بسرك يا أميم ضنينا

وقال أبو عمرو: اللحز: السيئ الخلق اللئيم.وقال غيره: يقال للسيئ الخلق: الشرس، والشكس، واليلندد.والقاذورة: الفاحش السيئ الخلق.قال متمم بن نويرة اليربوعي:

وإنْ تَلقَه في الشَّرْب لا تَلَقَ فاحشاً. . . . . . . .على الكأس ذا قاذورة متزبعا

قاذورة: متباعد من الناس.ومتزبع: متكبر ؛ ويقال: هو المعربد يلقى الشر بين القوم.ومعنى البيت: أن الكأس إذا أديرت على القوم وشرب البخيل السيئ الخلق حسن خلقه وأهان ماله.واللحز منصوب بترى، ومهينا خبر ترى، واللام وفي صلتان لمهين.

( وإِنا سَوفَ تُدْركُنا المنايا. . . . . . . .مُقَدَّرَةً لنا ومُقَدَّرِينا )

( المنايا ): جمع منية، وهي الموت.ويقال: المنايا: الأقدار، من قول الله عز وجل: ( مِنْ نُطفة إذا تُمْنَى )، معناه إذا تقدَّر.ويقال: مناه الله تعالى بما يسره، أي قدر الله له ما يسره.قال الشاعر:

لعمرُ أبي ليلى لقد ساقه المَنَى. . . . . . . .إلى جدث يُوزَى له بالأهاضب

وقال الآخر:

مَنَتْ لك أن تلاقيني المنايا. . . . . . . .أحَادَ أحادَ في الشَّهر الحلالِ

أراد: قدرت، وقال الآخر:

ولا تقولَنْ لشيء سوف أفعلُه. . . . . . . .حتَّى تَبيَّنَ ما يَمنِى لك الماني

أي ما يقدر لك القادر.وقال الآخر:

وعلمت أن النَّفسَ تلقى حتْفَها. . . . . . . .ما كان خالقُها المليكُ مَنَى لها

أي قدر لها.وقوله ( مقدرة لنا ومقدرينا )، معناه قدرت علينا وقدرنا لها.ونصب مقدرة على الحال من المنايا، ونصب مقدرين على الحال من النون والألف في تدركنا، ونسق مقدرين على مقدرة، وأضمر بعد مقدرين نحن، أي ومقدرين لها نحن.

( قِفِي قبْلَ التفرُّقِ يا ظَعينا. . . . . . . .نخَبِّرْك اليقينَ وتُخْبرينا )

قوله ( يا ظعينا ) معناه يا ظعينة، فرخم فحذف الهاء ووصل فتحة النون بالألف.ونخبِّرك ينجزم لأنه جواب الجزاء المقدّر.يريد: أن تقفي نخبرك.وتخبرينا نسق على نخبرك، علامة الجزم فيه سقوط النون.وخبَّر وأخبر لغتان معناهما واحد، كما تقول: مهَّل وأمهل، ووصّى وأوصى.قال الله تعالى: ( ووصّى بها إبراهيمُ بنيه ).وقرأ أهل المدينة: ( وأوصى ) والمعنى واحد.

( بِيومِ كَريهةٍ ضَرباً وطَعناً. . . . . . . .أَقرَّ به مَوَاليكِ العُيونا )

الباء صلة نخبرك اليقين.بيوم كريهة، أي بيوم وقعة كريهة أي مكروهة.وإنما ثبتت الهاء في كريهة وهي في تأويل مفعولة لأنها جعلت اسما بمنزلة النطيحة والذبيحة و ( الكريهة ): اسم لشدة الناس في الحرب، قال الأشترالنخعي:

خيلاً كأمثال السَّعالي ضُمَّراً. . . . . . . .تَعدو بفتيان الكريهة شُوسِ

وقالت الخنساء:

نُهين النفوسَ وهُونُ النفو

سِ يوم الكريهة أوقَى لها

و ( الموالي ): بنو العم في هذا الموضع.ومعنى قوله ( أقربه مواليك العيونا ) ظفروا فنامت عيونهم وزال سهرهم.يقال: أقر الله سبحانه وتعالى عينك، أي أنام الله عز وجل عينك.وقال الأصمعي: أقر الله عينك، معناه أبرد الله جل وعلا دمعتك.وزعم أن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة.وأقر عنده مشتق من القر والقرة، وهما البرد يقال للماء البارد القرور.وقال: أسخن الله تعالى عينه معناه حزنه الله سبحانه حتى تسخن دمعته.وأنكر أبو العباس قول الأصمعي وقال: الدمع كله حار في فرح كان أو حزن.وقال: معنى قولهم: أقر الله عينك: أعطاك الله تعالى أملك وبلغك مرادك حتى ترضي نفسك به وتقر عينك عن الاستشراف إلى غيره.ويقال لكل شيء وقع في موضعه الذي ينبغي أن يقع فيه: ( صابت بقُر ).أي أدرك قلبك ما كان متطلعا إليه فقرَّ.قال طرفة:

سادراً أحسِبُ غَيِّي رشَداً. . . . . . . .فتناهيت وقد صابت بِقُرّ

السادر: الذي كأن على بصره غشاوة.وقال غيره: لسادر: الراكب هواه لا يبالي ما صنع.وضربا وطعنا منصوبان على المصدر، ومواليك رفع بأقر، والعيون نصب بأقر أيضا:

( قِفِي نسأَلْكِ هَلْ أَحدثْتِ وصلاً. . . . . . . .لوْ شْك البَينِ أَم خُنْتِ الأَمينا )

ويروى: ( صرما ).والصرم: القطيعة.و ( وشك البين ): سرعته.يقال منه: جعل الله ذلك فرجا عاجلا وشيكا، أي سريعا.والبين: الفراق.والبيْن: الوصال.قال الله عز ذكره: ( وجعَلنْا بينَهُمْ مَوْبقاً )، معناه جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة.وقال الشاعر:

لعمرك لولا البين لانقطَعَ الهوى. . . . . . . .ولولا الهوى ما حَنَّ للبيْن آلفُ

فالبين الأول والثاني بمعنى الوصال.واللام صلة وصل، وخنت نسق على أحدثت، معناه: أم هل خُنت الأمين.و ( الأمين ): الوفيُّ العهد.

( تُرِيكَ إذا دَخَلْتَ على خَلاءٍ. . . . . . . .وقد أَمِنَتْ عُيونَ الكاشِحينا )

( الكاشحون ): الأعداء، واحدهم كاشح، وإنما قيل له كاشح لأنه يعرض عنك ويوليك كشحه.والكشح، والخصر، والقرب واحد، وهو ما يلي الخاصرة.قال الأعشى:

ومن كاشح ظاهرٍ غِمْرُه. . . . . . . .إذا ما انتسبتَ له أنكرَنْ

وقال آخرون: وإنما قيل للعدو كاشح لأنه يضمر العداوة في كشحه.واحتجوا بقول الكميت:

لمَّا رآه الكاشحو

ن من العيونِ على الحنادر

الحنادر: نواظر العيون، واحدها حُنُدورة، وحِنْدَورة، وحِنديرة.والمعنى: رأوه كأنه على أبصارهم من بغضهم له واستثقالهم إياه.وقال الآخر:

فأضمَر أضغاناً عليّ كشوحُها

وقال:

أأرضِى بليلى الكاشحينَ وأبتغي. . . . . . . .كرامةَ أعدائي بها وأهينُها

وقال أصحاب هذه المقالة: إنما خص الكشح لأن الكبد فيه.فيراد أن العداوة في الكبد.ولذلك يقال عدو أسود الكبد، أي شديد العداوة قد أحرقت كبده.قال الشاعر:

فما أجشِمْتُ من إتيان قوم. . . . . . . .همُ الأعداء والأكبادُ سُودُ

ويقال: قد طوى فلان كشحه، إذا أعرض.قال الشاعر:

صرمتُ ولم أصرِمكمُ وكصارِم. . . . . . . .أخٌ قد طَوى كشحاً وأبّ ليذهبا

معنى أب تهيأ وتشمر، والاسم الإبابة.قال زهير:

وكان طوَى كشحاً على مستكنَّةِ. . . . . . . .فلا هُوَ أبداها ولم يتقدَّمِ

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح ).ويقال: قد كاشح فلان فلانا، فهو مكاشح، إذا عاداه.وقال ابن هرمة:

ومكاشحٍ لولاك أصبحَ جانحاً. . . . . . . .للسِّلْم يَرقِى حَيَّتى وضِبابي

وقال بعض أهل اللغة: إنما قيل للعدو كاشح لأنه أدبر بوده عنك.وقالوا: هو بمنزلة قولهم: قد كشح عن الماء، إذا أدبر عنه.واحتجوا بقول الشاعر:

كشْحَ حمار كشَحَتْ عنه الحُمُرْ

أراد: أدبرت عنه.وقال امرؤ القيس:

فلم يَرَنا كالئٌ كاشح. . . . . . . .ولم يُفْشَ منا بدى البيت سِرّْ

و ( الخلاء ) من الخلوة ممدود.والخلا: ما اختليته بيدك من البقل مقصور، والواو في ( وقد ) واو الحال.

( ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماءَ بِكرٍ. . . . . . . .تربَّعت الأَجارعَ والمُتونا )

قوله ( ذراعي عيطل ) معناه تريك إذا دخلت على خلاء ذراعي عيطل.والعيطل والعيطاء، والعطبول، والعنطنطة: الطويلة.ويقال: العطبول، والعطبولة، والعيطاء والعنقاء: الطويلة العنق.و ( الأدماء ): البيضاء.وقوله ( تربعت الأرجاع ) معناه أقامت أيام الربيع بالأجارع.وواحد الأجارع أجرع، وهو من الرمل ما لم يبلغ أن يكون حبلا.قال: وأنشدنا أبو العباس لابن الدمينة:

سَلِي البانَة العَليا من الأجْرع الذي. . . . . . . .به البان هل كلَّمتُ أطلالَ دارك

ويقال: رمل أجرع، ورملة جرعاء.و ( المتون ): ما غلظ من الأرض، واحدها متن.ورواه أبو عبيدة:

ذراعَيْ حُرَّة أدماءَ بِكرٍ. . . . . . . .هِجانِ اللَّونِ لم تقرأ جنينا

فالحرة تكون امرأة خالصة كريمة.و ( هجان اللون ) معناه بيضاء.والهجان أيضا: الكريم من كل شيء، تمثل علي بن أبي طالب رضي الله سبحانه عنه:

هذا جَنايَ وخياره فيهْ. . . . . . . .إذْ كلُّ جانٍ يدْه إلى فيه

أراد: وخياره وكرائمه فيه.وكذلك قولهم: هذه هجائن النعملن.ويقال: بعير هجان وناقة هجان وإبا هجان، وهي التي قارفت الكرم.قال الشاعر:

وإذا قيل مَن هِجانُ قريش. . . . . . . .كنتَ أنت الفتى وأنت الهِجانا

وقوله: ( لم تقرأ جنينا ) قال أبو عبيدة: معناه لم تضم في رحمها ولدا قط.ويقال للتي لم تحمل قط: ما قرأت سلى قط.وقال: إنما سمى كتاب الله عز وجل قرآنا لأنه يجمع السور ويضمها.واحتج بقوله تعالى: ( فإذا قرأناه فاتَّبعْ قرآنَه )، أي إذا ألفنا منه شيئا فضممناه إليك فخذ به واعمل به وضمه إليك.وقال قطرب: يقال: ما قرأت الناقة سلى قط، أي لم ترم بولد.واحتج بقول حميد بن ثور:

أراها غُلاماها الخَلَى فتشذّرَتْ. . . . . . . .مِراحاً ولم تقرأ جنيناً ولا دما

فمعناه لم ترم بجنين ولا ولد.وقال: سمي كتاب الله الكريم قرآنا لأن القارئ يظهره، ويبينه، ويلقيه من فيه.والجنين: الولد.و ( ذراعي عيطل ) نصب بتريك.وأدماء نعت لعيطل، وفي تربعت كناية العيطل.وأراد: ذراعي عيطل، يعني ظبية عيطلا.

( وثَدياً مِثلَ حُقِّ العاج رَخْصاً. . . . . . . .حَصَاناً من أَكُفِّ اللاَّمِسِينا )

أراد: تريك ذراعي عيطل وتريك ثديا في بياضه ونتوه مثل حق العاج.( حصانا ): عفيفة في قول أبي عمرو.وقال غيره: الحصان: التي قد تحصنت من الريب بزوج.( من أكف اللامسين )، يقول: لم تمسها أكف الناس.ويقال امرأة حصان من نسوة حصائن، أي عفائف.قال حسان:

حَصان رَزَان لا تُزَنُّ بريبة. . . . . . . .وتُصبح غَرثَى من لُحوم الغوافل

وقال أبو عبيدة: يقال امرأة حاصن للعفيفة.وأنشد للعجاج:

وحاصنٌ من حاصات مُلْسِ. . . . . . . .من الأذى ومن قراف الوَقْسِ

الوقس: الجرب، والقراف: الدنو منه.ويقال امرأة حصان بينة الحصانة والحصُن والحصْن.وقد أحصنت وحصُنت.قالت امرأة من العرب وخرجت إلى الطريق فنظرت إلى شاب فغازلها، فلما رجعت إلى أمها قالت:

يا أمتَّي أبصَرَني راكبٌ. . . . . . . .يسير في مسحَنْفرٍ لاحبِ

ما زلتُ أحثِي التُّربَ في وجههِ. . . . . . . .عَمداً وأحمِي حَوزةَ الغائبِ

فأجابتها:

الحُصْنُ أدنَى لو تريدينَه. . . . . . . .مِن حَثْيكِ التربَ على الراكبِ

ويروى: ( لو تأييته ).والثدي نسق على ذراعي عيطل، ومثل ورخصا وحصانا من نعت الثدي، ومن صلة حصان.ويجوز أن ينتصب حصانا على الحال من الضمير الذي في تريك.

( ومَتْنَىْ لَدنةٍ طالتْ ولانتْ. . . . . . . .روادِفُها تَنُوءُ بما يَلينا )

ويروى: ( بما ولينا ).( اللدنة ): اللينة، يقال من ذلك: قناة لدنة، أي لينة.و ( روادفها ): أعجازها.( تنوء ): تنهض.( بما يلينا )، أي بما يليهن، يعنى بما يقرب من أعجازهن.يقال نؤت بالحمل، إذا نهضت به.قال حسان:

وقامت تُرائيك مغدودناً. . . . . . . .إذا ما تنوء به آدَها

أراد: تنهض به.و ( المتنان ): جانبا الفقار.( طالت ولانت )، معناه هي طويلة القامة لينتها.والألف في يلينا صلة لفتحة النون، ومتنى لدنة نسق على ذراعي عيطل، والروادف مرتفعة بطالت، وفي تنوء ضمير مرفوع من اللدنة.

( تَذَكَّرتُ الصِّبا واشتَقْت لمَّا. . . . . . . .رأَيتُ حُمولَها أُصُلاً حُدِينا )

و ( الحمول ) الإبل التي تحمل.و ( أصلا ): عشيا.وفي الأصل قولان، يقال هو اسم واحد بمنزلة الحلم والعقب.قال الأعشى:

يوماً بأطيبَ منها نَشْرَ رائحة. . . . . . . .ولا بأحسَنَ منها إذْ دنا الأصُلُ

ويقال: هو جمع أصيل، كما يقال طريق وطرق.قال الله عز وجل: ( بُكْرةً وأصيلا )، وقال بعض الأعراب:

يحنُّ إذا الجنائبُ هيَّجَتْه. . . . . . . .ضُحَيّاً أو هَبَبْنَ له أصيلا

ويقال في جمع الأصل آصال، كما قال تعالى: ( بالغُدُوِّ والآصال ).والأصائل: جمع الآصال.قال الشاعر:

لعمري لأنت البيتُ أكرِمُ أهلَه. . . . . . . .وأقعُد في أفيائه بالأصائِلِ

وأنشد الفراء:

يا عَمرو أحسِنْ نَواكَ الله بالرَّشَد. . . . . . . .واقرأ سَلاماً على الانقاء والثَّمدَ

وابكِنَّ عيشاً تولَّى بعد جِدّته. . . . . . . .طابت أصائلُه في ذلك البلدِ

ويقال صبي بيَّن الصِّبا والصَّباء، وقد صبا إلى اللهو يصبو صبوا.( حدينا ) معناه حدت الحداة الإبل.ولما نصب بتذكرت.وأصلا نصب على الوقت، والحمول نصب برأيت، وحدين معناه قد حدين، وتأويله الحال.

( وأَعرضَتِ اليمامةُ واشمَخَرَّتْ. . . . . . . .كأَسيافٍ بأَيدي مُصْلِتينا )

( أعرضت اليمامة ) معناه ظهرت وبدت، أي لمع بها السراب.يقال: أعرض لط الظبي فارمه، أي أمكنك من نفسه.ويقال أعرض: أمكنك من عرضه، أي من ناحيته.وبعضهم يقول: عرض لك الشيء، والأكثر في كلامهم أعرض بالألف.ويقال: عرضت الكتاب والجند عرضا، وأعرضت عن الشيء إعراضا، وأعرض لك الشيء، إذا بدا.وعرضت الجارية على البيع عرضا، وعرض الرجل عرضا.ويقال: ما يعرضك لهذا الأمر.والعرْض: خلال الطول.والعرَضَ: طمع الدنيا وما يعرض منها، والعود معروض على الإناء، وكذلك السيف معروض على فخذيه.والعِرض: ريح الرجل الطيبة أو الخبيثة.والعرض: موضح المدح والذم من الإنسان.يقال: إنه لنقي العِرض، أي بريء من أن يُشتم أو يعاب.والعرض ناحية الوادي.وأنشد الفراء:

لَعِرضٌ من الأعراض يُمسِى حمامهُ. . . . . . . .ويُضحى على أفنانه الغِينِ يَهتفُ

و ( اشمخرت ) معناه ارتفعت وطالت.وقوله ( كأسياف بأيدي مصلتينا ) معناه بأيدي قوم مصلتين.يقال: أصلت سيفه، إذا سله من غمده وشهره.والكاف نصب بأعرضت، والباء صلة الأسياف، والألف في مصلتينا صلة لفتحة النون.

( فَما وَجَدَتْ كَوجدِي أَمُّ سَقْب. . . . . . . .أَضلَّتْهُ فرجَّعَتِ الحَنينا )

( أم سقب ): ناقة.والسقب: الفصيل.قال الأصمعي: إذا وضعت الناقة فولدها ساعة تضعه سليل قبل أن يعلم أذمر هو أم أنثى، فإذا عُلم فإن كان ذكرا فهو سقب وأمه مُسقب، وإن كان أنثى فهو حائل، فإذا قوى ومشى فهو راشح وأمه مُرشح، فإذا ارتفع عن الراشح فهو جادل.وقوله ( أضلته )، معناه فقدته.ويقال: أضللت البعير، إذا ضيعته.وضللت الشيء إذا خفي علي موضعه، كقولك: ضللت المسجد والدار.قال الله عز وجل: ( في كتابٍ لا يَضِلُّ ربِّي ولا ينسَى )، فمعناه لا يخفي موضعه على ربي.وقال الجعدي:

أنشُدُ الناسَ ولا أُنشِدهمْ. . . . . . . .إنَّما ينشُدُ مَن كانَ أضَلِّ

معناه من كان ضيع شيئا.وقال الآخر:

وجدي بها وجدُ المضلِّ قَلُوصَه. . . . . . . .بمكَّة لم تعطفْ عليه العواطفُ

وقال الأخفش: ضللت أضل، على مثال علمت أعلم ؛ وضللت أضل على مثال ضربت أضرب.قال الشاعر:

ولَلصَّاحبُ المتروكُ أعظمُ حُرمةً. . . . . . . .على صاحبٍ من أن يضلَّ بعيرُ

ويقال: وجدت في الحزن وجدا، ووجدت على الرجل موجدة، ووجدت في المال وجدا وجِدَة، ووجدت الضالة وجدانا.قال الراجز:

أنْشُدُ الباغِي يحبُّ الوِجْدانْ. . . . . . . .قلائصاً مختلفاتِ الألوانْ

منها ثلاثٌ قُلُصٌ وبُكرانْ

وما جحد، والكاف في موضع نصب بوجدت، وفي أضلت ورجعت ذكر من الأم.

( ولا شَمْطاءَ لم يَترُكْ شَقَاها. . . . . . . .لها مِن تسِعةِ إِلاّ جَنينا )

معناه ما وجدت كوجدي امرأة فقدت تسعة أولاد فما بقى من ولدها إلا جنين، أي أجنته الأرض.يقال: جن عليه الليل وأجنه الليل، أي ستره.ومن العرب من يقول: جنه الليل.قال الشاعر:

يوصِّل حبلَيْه إذا الليلُ جَنَّه. . . . . . . .ليرقي إلى جاراته في السَّلالِمِ

ويقال: أجننت الشيء في نفسي، إذا سترته.والأصل في قوله ( إلا جنينا ).إلا مجنا، فصرف عم مفعل إلى فعيل، كما قال تعالى جده: ( تلك آياتُ الكتابِ الحَكِيم ) أراد المحكم.وقال عمرو بن معد يكرب:

أمِنْ رَيحانةَ الداعي السميعُ. . . . . . . .يؤرِّقُني وأصحابي هجوعُ

أراد المسمع، فصرف عن مفعل إلى فعيل.و ( الشقاء ) يمد ويقصر، قال امرؤ القيس:

صَبَّتْ عليه ولم تَنَصَبَّ عن أمَمٍ. . . . . . . .إن الشَّقاءَ على الأشقَينَ مصبوبُ

وقال الآخر في مده أيضا:

فإنْ يغلبْ شقاؤكُم عليكمْ. . . . . . . .فإنِّي في صلاحكمُ سعيتُ

والشمطاء منسوقة على أم سقب، وشقاها رفع بيترك، والجنين نصب بيترك أيضا:

( وإِنّ غداً وإِنَّ اليومَ رهنٌ. . . . . . . .وبَعدَ غدٍ بما لا تَعلمينا )

معناه يأتيك غد بما لا تعلمين من الحوادث وغيرها.وفي غد لغتان: غد، وغدو.قال لبيد:

وما الناسُ إلا كالدّيار وأهلها. . . . . . . .بها يومَ حَلُّوها وغَدْواً بلاقِعُ

وغدا اسم إن، واليوم نسق على غد، ورهن خبر إن، وإن الثانية لغو.وإن غداً واليوم.ويجوز أن يكون رهن خبرا لإحداهما ويكون خبر الأخرى مضمرا، يريد: وان غدا رهن وان اليوم رهن.قال الحطيئة:

قالت أمامَة لا تجزَعْ فقلت لها. . . . . . . .إنَّ العزاء وإنَّ الصَّبَر قد غلبا

أراد: أن العزاء والصبر قد غلبا، فإن الثانية لغو.ويجوز أن يكون أراد: أن العزاء قد غلب وإن الصبر قد غلب، فجمع بين الخبرين لاتفاقهما.وقال الآخر:

إنّ قلبي وإنّ روحي جميعاً. . . . . . . .سايرَاها الغداةَ في الأظعان

فالجواب فيه كالجواب في البيت الأول، وإنما يوحد الرهن إذا ألغيت أن الثانية ؛ لأن مصدر رهنت رهنا، والمصدر يكون للواحد والاثنين والجميع والمؤنث بلفظ واحد، كقولك: الرجال عدلٌ والمرأة رضاً.قال زهير:

متَى يَشتجِرْ قومٌ بَقْلُ سَرَواتُهمْ. . . . . . . .همُ بيننا فَهُمْ رضاً وهُمُ عَدلُ

والباء في قوله ( بما لا تعلمين ) صلة ما، والهاء المضمرة تعود على ما يريد بالذي لا تعلمينه.

( أَبَا هِنْدٍ فلاَ تعجَلْ عَلَينا. . . . . . . .وانظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا )

أبو هند: عمرو بن المنذر.و ( أنظرنا ) معناه انتظرنا.ويجوز أن يكون معناه أخرنا.قال الله تبارك وتعالى: ( للذين آمنوا انظُرونا ) فمعناه انتظرونا، إذا ذهبت ألفه للوصل.يقال نظرت الرجل انظره، إذا انتظرته.وقال الشاعر:

فَخَرَت فانتمتْ فقلت انظُريني. . . . . . . .ليس جهل أتيتُه ببديعِ

معناه انتظريني.وقرأ حمزة وغيره: ( للذين آمنوا أنظِرونا ) فمعناه أخرونا.ويجوز أن يكون معناه انتظرونا.ويروى: ( أمهلنا ).ونصب أبا هند على النداء، والفاء تصل ما بعدها بما قبلها، ونخبِّرك جواب الجزاء المقدر، أي أن تنظرنا نخبّرك.

( بأَنَّا نُورِدُ الرَّاياتِ بِيضاً. . . . . . . .ونُصْدِرُهنَّ حُمْراً قد رَوِينا )

( الرايات ): الأعلام.يقول: نوردهن بيضا، ونصدرهن أي نردهن حمرا قد روين من الدم فصرن حمرا.وبيضا وحمرا منصوبان على الحال.وقد روينا معناه الحال أيضا، أي حمرا رواء.والألف صلة لفتحة النون ليستوي وزن البيت.

( وأَيّامٍ لنا غُرٍّ طِوالٍ. . . . . . . .عَصَينَا المَلْكَ فيها أن نَدِينا )

معناه: ورب أيام لنا بيض مشهورة.وواحدة الغر أغر.قالت الخنساء ترثي أخاها:

أَغرُّ أبلجُ تأتمُّ الهُداةُ به. . . . . . . .كأنَّه علمٌ في رأسه نارُ

وقال أبو عبيدة: إنما سمى الأيام غر طوالا لعلوهم على الملك وامتناعهم منه، لعزهم، فأيامهم غر لهم، وطوال على أعدائهم.قال أبو بكر: ربما جعلت العرب الأيام نعما.قال الله تبارك وتعالى: ( وذكِّرهم بأيَّام الله )، قال مجاهد: معناه بنعم الله عز وجل.قال أبو عبيدة: هذه كلمة قلمَّا وجدنا لها شاهدا في كلامهم: أن يقال للنِّعم أيام ؛ إلا أن عمرو بن كلثوم قد قال: ( وأيام لنا غر طوال ) ؛ فقد يكون جعلها غرا طوالا لإنعامهم على الناس فيها.فهذا شاهد لمذهب مجاهد.وقوله ( عصينا الملك فيها أن ندينا )، معناه عصينا الملك أن نطيعه.يقال: دنت لفلان، أي دخلت في طاعته.و ( الملك ) يقال ملك ومليك.روى عبدو الوارث عن أبي عمرو: ( مَلْكِ يوم الدِّين ) بتسكين اللام.وقال ابن الزبعري للنبي صلى الله عليه وسلم:

يا رسولَ المليكِ أن لساني. . . . . . . .راتقٌ ما فتقْتُ إذْ أنا بُورُ

والأيام مخفوضة بمعنى رب، ولنا صلة الأيام، وأن ندينا نصب بإسقاط الخافض.ويروى: ( وأيام لنا ولهم طوال ).

( وسَيِّدِ مَعْشَرٍ قد تَوَّجُوه. . . . . . . .بِتاجِ المُلْك يَحمِي المُحجرينا )

ويروى: ( قد عصبوه بتاج الملك ).و ( يحمى ) معناه يمنع.و ( المحجرين ) معناه الذين ألجئوا إلى الضيق.والسيد مخفوض بإضمار رب، وقد توجوه صلة سيد، ويحمى موضعه خفض في التأويل على النعت للسيد، أي حامي المحجرين.

( تَرَكْنَا الخَيلَ عاكِفةً عَليهِ. . . . . . . .مقلَّدةً أَعتَّتَها صُفُونا )

تركنا الخيل عاكفة عليه، معناه واقفة مقيمة عليه.وواحدة الصفون صافن، قال الله عز وجل: ( الذي ظَلْتَ عليه عاكفاً ) فمعناه مقيما.قال الشاعر:

باتت تَبيَّا حَوضَها عُكوفا. . . . . . . .مِثلَ الصُّفوف لاقت الصُّفوفا

وقال الفراء: الصافن القائم على ثلاث.قرأ ابن عباس رضي الله سبحانه عنه: ( فاذكروا اسمَ الله عليها صَوَافِنَ ) أي قائمة على ثلاث.قال الشاعر:

ألِفَ الصُّفونَ فما يزال كأنه. . . . . . . .مما يقوم على الثَّلاث كسيرا

وقال الأعشى:

وكلّ كميتٍ كجذع السَّحوقِ. . . . . . . .يَزِين الفِناءَ إذا ما صَفَنْ

وعاكفة نصب بتركنا، ومقلدة تابع لعاكفة، وكذلك صفونا.

( وقد هرَّتْ كِلابُ الحَيّ منّا. . . . . . . .وشذَّبْنا قَتَادَة مَن يلينا )

وقد هرت كلاب الحي منا، معناه كرهتنا كلاب الحي.وكلابهم: الذين يهرون من سوء أخلاقهم.وقوله ( شذبنا قتادة من يلينا )، هذا مثل، وأراد: وكسرنا حد من يلينا ممن يفاخرنا.وشذبنا: فرقنا.والقتادة: شجرة لها شوك لا تمس إذا هاجت لشدة شوكها.من ذلك قولهم: ( دون ما تروم خرط القتاد ).وهي خفض بإضافة القتادة إليها، ويلينا صلة من، وما فيه يعود على من، وشذبنا نسق على هرَّت.

( متَى نَنقُلْ إلى قَومٍ رَحانا. . . . . . . .يكونوا في اللِّقاءِ لها طحينا )

قوله: متى ننقل إلى قوم رحانا يكونوا كالطحين للرحى، أي كالحنطة.وهذا مثل، معناه متى حاربنا قوم كانوا كذلك.قال مهلهل بن ربيعة:

كأنَّا غُدوةً وبنى أبينا. . . . . . . .بجنْبِ عُنيزة رحَيا مُديِرِ

وننقل جزم بمتى، ويكونوا جواب الجزاء، وطحينا خبر الكون وأصله مطحونا، فصرف عن مفعول إلى فعيل:

( يكونُ ثِفالُها شَرقيَّ سَلْمى. . . . . . . .ولُهوتُها قُضَاعَة أَجمَعينا )

( الثفال ): جلدة أو خرقة تجعل تحت الرحى، ليكون ما سقط من الطحين في الثفال.وهذا مثل ضربه، أراد أن شرقي سلمى للحرب بمنزلة الثفال للرحى.قال زهير:

فتعرككمُ عركَ الرَّحى بثفِالها. . . . . . . .وتَلقَح كِشافاً ثم تُنْتَجْ فتُتْئمِ

و ( اللهوة ): القبضة من الطعام تلقيها في الرحى، وجمعها لهى.وهو مثل أيضا.أراد أن قضاعة تطحنهم الحرب كما تطحن الرحى ما يلقى فيها من الطعام.ويروى: ( يكون ثفالها شرقي نجد ).والثفال اسم يكون، وشرقي سلمى الخبر، واللهوة رفع بإضمار يكون، وقضاعة خبر الكون المضمر.

( وإِنَّ الضَّغن بعدَ الضِّغْنِ يبدُو. . . . . . . .عَليكَ ويُخْرج الدَّاءَ الدَّفينا )

( الضغن ): الحقد.يقال: في قلبي عليه ضغن، وحقد، وتبل، وترة، ووغر، ووغم، وغمر، وحزاز، وحزازة، ودمنة، وحسيفة، وحسيكة، وكتيفة، وذحل.قال ذو الرمة:

إذا ما امرؤ حاولْن أن يقتتلنه. . . . . . . .بلا إحنةٍ بينَ النُّفوسِ ولا ذَحْلِ

وقال الآخر:

فتىً لا يبيت على دمنةٍ. . . . . . . .ولا يشرب الماءَ إلا بدمْ

وأنشدنا أبو العباس:

أخوك الذي لا تملك الحسَّ نفسُه. . . . . . . .وترفضُّ عند المُحْفِظات الكتائفُ

وأنشدنا أبو العباس أيضا:

إذا كانَ أولادُ الرِّجال حزازةً. . . . . . . .فأنت الحلالُ الحُلْو والباردُ العذْبُ

قوله ( ويخرج الداء الدفين ) معناه المستتر في القلب، والأصل في الدفين المدفون، فصرف عن مفعول إلى فعيل.والضغن اسم إن، ويبدو الخبر، ويروى: ( يفشو ).

( وَرِثْنا المجدَ قد علمَتْ مَعَدٌّ. . . . . . . .نُطاعِنُ دونَه حتّى يَبينا )

( المجد ): الشرف والرفعة.وقوله ( حتى يبينا ) معناه حتى يظهر ويستبين.ورواه بعض الناس: ( حتى يُبينا ) بضم الياء، وقال: يقال أبان الشيء، إذا ظهر وتبين.ويروى: ( حتى نُبينا ) بضم النون، أي حتى نبين مجدنا وفضلنا.ويروى: ( حتى يلينا ): حتى ينقاد لنا.ونطاعن موضعه نصب في التأويل على الحال.تقديره: ورثنا المجد مطاعنين دونه نحن.ويجوز أن يكون خبرا مستأنفا والعلم معترض لا اسم له ولا خبر.وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: الرواية ( حتى يَبينا ) بفتح الياء، أي ينقطع منهم ويصير إلينا.

( ونَحْنُ إذا عِمادُ الحَيِّ خرَّتْ. . . . . . . .عَلَى الأَحفاضِ نَمنَعُ ما يَلينا )

ويروى: ( عن الأحفاض ).قوله ( عماد الحي )، معناه الخشب الذي تقوم به أخبيتهم ويوضع عليها المتاع.و ( الأحفاض ): الإبل التي تحمل المتاع، واحدها حفض.والأحفاض هاهنا: المتاع بعينه.ويقال عماد الحي العمد.يقول: إذا فزع كل قوم فتساقطت أخبيتهم وهموا بالهرب نمنع نحن من يلينا.ويروى: ( ما يلينا ).وقال أبو جعفر: من روى ( على الأحفاض ) أراد: من عجلتهم قوضوا بيوتهم على متاعهم ونزعوا أعمدة البيوت من الفزع.ومن روى: ( عن الأحفاض ) أراد بالأحفاض الإبل التي تحمل المتاع.يقول: إذا أدركتهم الغارة فظفروا ألقوا المتاع عن الإبل.وقال أبو جعفر في قوله: ( نمنع من يلينا ): معناه لا ندعهم يرحلون، بل نقاتل عنهم.قال: وهذا مثل قول جرير:

وإنْ شُلَّ رَيعانُ الجميع مخافة. . . . . . . .نقول جهاراً ويْحَكم لا تنفِّروا

على رِسلكم إنكا سنعدى وراءكم. . . . . . . .فتمنعكم أرماحُنا أو سنعذر

وإن شُلَّ، الشَّلّ: الطرد.والريعان، ريعان كل شيء: أوله.لا تنفروا إبلكم فأنا سنعدي خيلنا، أي نستحضرها في آثار العدو، أو سنعذر نصنع ما نعذر عليه.ومثله قول الأخطل:

قوم إذا رِيعوا كأنَّ سَوامَهم. . . . . . . .على رُبَع وسط الدِّيار تعطَّفُ

الربع: الحوار الذي ينتج في النتاج الربعي، وهو أول النتاج.يقول: فإبلهم لا تطرد ولا تبرح، كأنها قد عطفت على ولد فهي لا تبرحه.ومثله للأعشى:

نَعَمٌ تكون حِجارَه أرماحنا. . . . . . . .وإذا يُراعُ فإنه لن يُطردا

حجاره، حجار النعم وحجارُه: الذي يحجره ويمنعه.يقول: لأرماحنا تمنع إبلنا.يراع: يفزع.ونحن رفع بما عاد من نمنع، وإذا وقت منصوب بنمنع.

( نُدافعُ عَنهمُ الأَعداءَ قِدْماً. . . . . . . .ونحمل عَنهمْ ما حمَّلونا )

ويروى:

نعمُّ أناسَنا ونَعِفّ عنهم. . . . . . . .ونَحمِلُ عنهمُ ما حمَّلونا

معناه نعمهم بالخير ونعف لا نسألهم شيئا.ومن روى: ( ندافع ) أراد ندافع عن من يلينا ونحمل ما حمَّلونا من ديات أو دماء.وقدما نصب بندافع، وما نصب بنحمل، وحملونا صلة ما، والهاء المضمرة تعود على ما.

( نُطاعِنُ ما تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّا. . . . . . . .ونَضرِبُ بالسُّيوف إذا غُشِينا )

ويروى: ( ما تراخى الصف عنا ).وقوله ( تراخى ) معناه تباعد.يقال: تراخت داره، إذا بعدت.ويقال: ما بيني وبينك متراخ، أي متباعد.وقوله ( ونضرب بالسيوف إذا غشينا ) معناه إذا دنا بعضنا من بعض ونطعن إذا تباعدوا.وقال أبو جعفر: هذا مثل قول زهير:

يَطعنُهمْ ما ارتمَوْا إذا اطَّعَنُوا. . . . . . . .ضربَ حتَّى إذا ما ضاربوا اعتَنَقَا

أي يكون قريبا منهم، فإذا رموا طاعن، فإذا طاعنوا ضارب، وإذا ضاربوا اعتنق.وما نصب بنطاعن، وتراخى الناس عنا صلة ما ولا عائد لما ؛ لأنها في مذهب المصدر وأصلها الجزاء.

( بسُمْرٍ من قَنا الخَطِّىِّ لُدْنٍ. . . . . . . .ذَوَابِلَ أو ببِيض يَعْتَلينا )

أراد: نطاعن بسمر من قنا الخطى.و ( الخطى ) منسوب إلى الخط، والخط مرفأ البحرين.قال زهير:

وهل ينُبِتُ الخطِّىَّ إلاّ وشيجُه. . . . . . . .وتُغَرس إلاّ في منابتها النخلُ

يقول: لا ينبت القناة إلا القناة.و ( الوشيج ): القنا، واحدها وشيجة.والوشوج: دخول الشيء بعضه في بعض.و ( لدن ): لينة.و ( ذوابل ): فيها بعض اليبس.يقول: لم تجف كل الجفوف فتنشق إذا طُعن بها وتندق.قال الشاعر:

سائلْ بنا حُجر بن أمِّ قَطَامِ إذْ. . . . . . . .ظلَّت به السُّمْر الذوابلُ تلعبُ

أراد: تسرع فيه وتهلكه.والباء صلة نطاعن، ولدن وذوابل نعتان للقنا، والبيض نسق على السمر، ويعتلينا صلة البيض.ومعناه يعلون.والألف صلة الفتحة.

( نشُقُّ بها رُؤُوسَ القَومِ شَقًّا. . . . . . . .ونُخْلِيها الرِّقاب فيختَلينا )

نشق بها، معناه بالسيوف.و ( نخليها الرقاب ) معناه نجعل الرقاب لها كالخلي والخلى: الحشيش، مقصور يكتب بالياء.قال الشاعر:

وبعضُ بيوت الشِّعر حُمْمٌ وبعضُها. . . . . . . .خَلىً لفّه في ظلمةِ الليل حاطبُه

( فيختلين ) معناه يقطعن.يقال: اختليت الحشيش، أي قطعته.وقال أبو جعفر: معناه أن هذه السيوف تقطع كل شيء تمر به.والهاء والألف نصب بنخلي، والرقاب مفعول ثان، ويروى: ( ويخلين الرقاب فيختلينا ) فاسم ما لم يسم فاعله مضمر في يخلين، والرقاب نصب بيخلين، ويقال هو خبر ما لم يسم فاعله.

( تَخالُ جماجِمَ الأَبطالِ فيها. . . . . . . .وسُوقاً بالأَماعِز يرتَمِينَا )

( الأبطال ): الأشداء، يقال بطل الرجل يبطل بطولة، إذا كان بطلا.و ( الأماعز ): جمع أمعز، والأمعز: مكان فيه حصى ؛ وكذلك المعزاء.قال الشاعر:

خُدوداً جَفَت في السَّير حتَّى كأنما. . . . . . . .يُباشِرْن بالمَعْزاءِ مَسَّ الأرائكِ

ويرتمين معناه يسقطن.والجماجم اسم تخال.وقوله ( وسوقا ) خبر تخال.والوسوق: جمع وسق ؛ والوسق: الحمل.والباء صلة وسوق.

( نحُزُّ رُءُوسهم في غَيرِ بِرٍّ. . . . . . . .فما يدرونَ ماذا يتَّقُونا )

قوله ( في غير بر ) معناه في غير بر منا بهم، ولا شفقة عليهم، فما يدرون كيف يردون عن أنفسهم.و ( في ) من صلة نحز، وهي حال معناه نحز رءوسهم غير بارين.وموضع ما رفع بذا، وذا بما، ويتقون صلة ذا، والهاء المضمرة تعود عليه، وتقديره: ما الذي يتقونه.ويجوز أن يكون ماذا حرفا واحدا منصوبا.بيتقون، يريد بأي شيء يتقون.ويروى: ( نجذ رءوسهم ) أي نقطعها.قال الله جل ذكره: ( عَطاءً غيرَ مجذود ) أراد غير مقطوع.ويقال: جذت الشيء أجذه جدا، أي قطعته.قال الشاعر:

رضيتُ بها فارضَيْ كميعَكِ واسلمي. . . . . . . .فلو لم تخوني لم نجذَّ الحبائلا

ويقال جددت الشيء بالدال غير معجمة، أي قطعته.ويروى: ( نجذ رءوسهم في غير شيء ).وقال أبو جعفر: قد دهشوا فما يدرون كيف يتقون ونحن نقتلهم كيف شئنا.قال: ويروى: ( نحز رؤوسهم في غير بر )، أي تسقط في بحر من الدماء، يريد لا تسقط في صحراء.وهذا مثل، أي صارت الأرض كالبحر من الدم.ويروى ( نجز رؤوسهم ) بالجيم والزاي.

( كأَن سُيوفنا فِينا وفيهمْ. . . . . . . .مخَاريقٌ بأَيدِي لاعِبِينا )

معناه: كأن اختلاف سيوفنا فيما بيننا في كثرتها وسرعتها مخاريق بأيدي صبيان يلعبون.وواحد المخاريق مخراق، وهو ثوب يفتل.وقال أبو جعفر: معناه من حذقنا وخفتنا بالضرب كأن سيوفنا مخاريق بأيدي صبيان يلعبون.والسيوف اسم كأن، ومخاريق خبر كأن، وفينا وفيهم معناهما الحال.ونوَّن مخاريق وهي لا تجري، لأن كل مالا يجرى تجريه الشعراء في شعرهم ليستوي بالتنوين وزن البيت، إلا أفعل إذا صحبته من، فإنه لا يحتمل لأحد إجراؤه في شعر ولا في كلام، كقولك: هو أعقل منك، لأن في أعقل معنى إضافة.ألا ترى أنك تقول: هو أعقل من زيد فتجد معناه هو أعقل الرجلين، فلا يجوز فيه التنوين، اذ كانوا لا يجمعون بين التنوين والإضافة.والباء صلة مخاريق.

( كأَنَّ ثِيابنا مِنّا ومِنهم. . . . . . . .خُضِبن بأُرجُوانٍ أو طُلِينا )

( الأرجوان ): صبغ احمر.فشبه كثرة الدماء على الثياب بصبغ أحمر.وخبر كأن ما عاد من خضبن، وطلينا نسق على خضبن.

( إِذَا ما عيَّ بالإِسناف حَيٌّ. . . . . . . .مِن الهَوْل المشبَّه أن يكونا )

( الإسناف ): التقدم في الحرب.و ( عي ) من العي في الحرب لهولها.يقال: عييت بالأمر، وأعييت في المشي.والأصل في عي عيي، فاستثقلوا الجمع بين حرفين متحركين من جنس واحد فأسكنوا الياء الأولى وأدغموها في الثانية التي بعدها.و ( المشبه ) إذا اشتبه الأمر عليهم فلم يعلموا كيف يتوجهون له.وما صلة، واسم الكون مضمر فيه، ولا خبر للكون لأنه بمعنى الحدوث والوقوع.يريد أن يقع ويحدث.

( نصَبْنا مِثْل رَهْوةَ ذاتَ حدٍّ. . . . . . . .محافظَةً وكُنّا السَّابقينا )

معناه إذا عي أهل الحرب بالحرب واشتبهت عليهم أمورهم فلم يتوجهوا لها نصبنا مثل رهوة.و ( رهوة ): جبل.أي أتينا بكتيبة مثل رهوة.( ذات حد ): كتيبة ذات شوكة.محافظة لأحسابنا.ويروى: ( كنا المسنفينا )، معناه المتقدمين.ونصبنا جواب إذا، وإذا نصب بنصبنا، ومثل نصب بنصبنا، ورهوة خفض بإضافة مثل إليها، وانتصبت لأنها لا تجري، وذات حد نعت لمثل.معناه نصبنا كتيبة مثل رهوة ذات حد.ومحافظة نصب على المصدر.

( بِفِتيانٍ يَرَوْنَ القَتلِ مَجْداً. . . . . . . .وشِيبٍ في الحروبِ مجرَّبينا )

( المجد ): الحظ الوافر الكافي من الشرف والسودد.

( حُدَيَّا الناسِ كلِّهِمُ جميعاً. . . . . . . .مُقارَعةً بنيهِمْ عَنْ بَنينا )

قوله ( حديا الناس ) قال بعض أهل اللغة: حُدياك معناه أغلبك، كما يقال: فلان واحد الناس.وقال آخرون: نحن أشراف الناس.يقال: أنا حدياك في الأمر، أي أنا أفوقك.والحديا: الغاية.والمقارعة: المخاطرة.وقال أبو جعفر: حديا الناس معناه أحدو الناس، أسوقهم وأدعوهم كلهم، لا أحاشي منهم أحدا، إلى المقارعة.وقال: حديا تصغير حدوى، كأنه قال: أحدو الناس كلهم بالمقارعة ولا أهاب أحدا فأستثنيه.مقارعة: مراهنة، بنيهم.عن بنينا، أي أقارعهم على الشرف والشدة ولا أستثني أحدا.قال أبو جعفر: ومثله قول المرار:

وما خاللتُ منهم من خليلٍ. . . . . . . .ولكنِّي حَدوتهمُ جميعا

وموضع حديا الناس رفع بإضمار نحن حديا الناس.ويجوز أن يكون منصوبا على المدح، يريد: أذكر حديا الناس.ويجوز أن يكون مخفوضا على معنى الباء، يريد بفتيان بحديا الناس.ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر، يريد أحدو حديا الناس.وجميعا ومقارعة منصوبان على المصدر، وبنيهم نصب بفعل مشتق، معناه نقارع بنيهم.

( فأَمَّا يَومَ خَشْيتِنا عَلَيهمْ. . . . . . . .فنصْبِحُ غارةً مُتلبِّبينا )

ويروى: ( فتصبح خيلنا عصبا ثبينا ).قال أبو جعفر: فسر معنى المقارعة بهذا الكلام.( عليهم ) معناه على البنين والحرم.وقوله ( فنصْبِحُ غارةً مُتلبِّبينا ) معناه فنصبح متيقظين مستعدين.ويقال: أغرت على العدو إغارة وغارة.وغار الرجل على أهله يغار غيرة.قال جرير:

مَن سَدَّ مُطَّلَعَ النِّفاق عليهم. . . . . . . .أم مَنْ يصول كصَولة الحجَّاجِ

أم من يغَار على النساءِ حفيظةً. . . . . . . .إذْ لا يثقْنَ بغَيْرة الأزواجِ

يقال: غار الرجل فهو غائر، إذا أتى الغور.وغار الماء يغور غورا، وغارت عينه غؤورا، وغار الرجل أهله يغيرهم غيارا وغيرا، إذا مارهم، وهي الغيرة والميرة.وأغار الحبل إغارة، إذا أحكم فتله.و ( العصب ): الجماعات.و ( الثبون ): المتفرقون، وواحدها ثبة.قال زهير:

وقد أغدو على ثُبَةٍ كرامٍ. . . . . . . .نَشَاوَي واجشدينَ لما نشاءُ

ويقال في جمع ثُبة ثُبات وثُبون.قال الله تعالى: ( فانفِروا ثُبَاتٍ ) وقال الشاعر:

فقد خربت قبورُهمُ فأمستْ. . . . . . . .قبورهمُ جميعاً أو ثُبِينا

واليوم نصب بنصبح، واسم نصبح مضمر فيه، وخبره غاؤة، ومتلببينا نعت لغارة.

( وأَمَّا يومَ لا نَخْشى عليهمْ. . . . . . . .فنُصْبحُ في مجالسنا ثبينا )

معناه وأما يوم لا نخشى أن يغار علينا فنصبح في مجالسنا على هذه الصف.وقال بعض أهل اللغة: أراد بقوله في البيت الأول متلبّبينا: لا بسين السلاح.ويروى:

وأَمَّا يومَ لا نَخْشى عليهمْ. . . . . . . .فنُصْبِحُ غارةً مُتلبِّينا

التفسير في إعرابه كالتفسير في البيت الأول.

( برأْسٍ مِن بني جُشَمَ بنِ بَكْرٍ. . . . . . . .ندُقُّ به السُّهولةَ والحُزونا )

( الرأس ): السيد.والرأس هاهنا: الحي.ويقال: حي رأس، إذا كان مستغنيا أن يجلبه أحد، أي يعينه.والسهولة: ما لأن من الأرض.و ( الحزون ): جمع حزن.والحزن: ما غلظ من الأرض.وقال أبو جعفر: معناه ندق به كل صعب، لا نبقي شيئا ولا أحدا إلا أغرنا عليه.قال: والرأس هاهنا: جيش.وأنشد للراعي:

يَقُدْن ولا يُقَدْنَ لكلِّ غيثٍ. . . . . . . .وفي رأسِ يَسِرْنَ وينتوينا

أي في جيش.والباء صلة فعل مضمر معناه نجيء برأس ونغير برأس، وندق خبر مستأنف.ويجوز أن يكون نعتا للرأس في التأويل، والهاء تعود على الرأس.

( بأَيِّ مَشِيّئةٍ عمْرَو بنَ هِندٍ. . . . . . . .نكونُ لقَيْلكُمْ فيها قَطِينا )

( القيل ) جمعه أقيال.والأقيال: وزراء الملوك في قول بعض أهل اللغة.وقال أبو عبيد: ملوك باليمن دون الملك الأعظم، واحدهم قيل، يكون ملكا على قومه ومخلافه ومحجره.واحتج بالحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه كتب لوائل بن حجر ولقومه: ( من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة من أهل حضرموت ).والأقيال قد مضى تفسيرهم.و ( العباهلة ): الذين أقروا على ملكهم لا يزالون عنه.وكل شيء أهملته فكان مبهما لا يمنع مما يريد ولا يضرب على يديه فهو معبهل.قال تأبط شرا:

مَتى تَبغنِي ما دمتَ حيّاً مسلّما. . . . . . . .تجدني مع المسترعِلِ المتَعبْهلِ

فالمسترعل: الذي يخرج في الرعيل، وهي الجماعة من الخيل وغيرها.والمتعبهل: الذي لا يمنع من شيء.وقال الراجز يذكر الإبل أنها قد أرسلت على الماء ترده كيف شاءت:

عبَاهلٌ عَبْهَلَها الوُرّادُ

و ( القطين ): الخدم.قال جرير:

هذا ابنُ عمي في دمشقَ خليفةً. . . . . . . .لو شئتُ ساقكمُ إلى قطينا

والقطين في غير هذا: سكان المنزل.والباء صلة نكون، واسم الكون مضمر فيه، وخبره قطينا.

( بأَيِّ مَشِيّئةٍ عمْرَو بنَ هِندٍ. . . . . . . .تُطيعُ بنا الوُشاةَ وتَزْدرينا )

( المشيئة ) من شئت.و ( الوشاة ): النمامون، واحدهم واش.و ( تزدرينا ) تستخف بنا.ويروى: ( وتزدهينا )، أي تستخفنا.ويروى في البيت الأول: ( نكون لخلفكم فيها قطينا ) لخلفكم: لنسلكم.والخلف: من يجيء بعد.والخلف أيضا: الرديء.قال الله عز وجل: ( فخلَفَ من بعدهم خَلْفٌ ).وقال لبيد:

ذهَب الذين يُعاشُ في أكنافهم. . . . . . . .وبقِيتُ في خَلْفٍ كجلد الأجربِ

والخلف أيضا: الخطأ من الكلام ؛ يقال: ( سكت ألفا ونطق خلفا ).ويقال: هو خلف صدق من أبيه، وخلف سوء.والباء صلة تطيع، وتزدرينا نسق على تطيع، وأي معناها الاستفهام.

( تهدَّدْنا وأَوْعِدْنا رُوَيداً. . . . . . . .مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا )

يقال: وعدت الرجل خيرا وشرا، وأوعدته كذلك.فإذا لم تذكر الخير قلت: وعدته، وإذا لم تذكر الشر قلت: أوعدته.قال الله تبارك وتعالى: ( النَّار وعدَها اللهُ الذين كَفَروا )، وقال عز وعلا: ( وعَدَ الله الذين آمنوا وعَملِوا الصَّالحاتِ منهم مغفرة ).قال الشاعر:

وإنِّي وإنْ أوعدتْه أو وعدتُه. . . . . . . .لأخلف إيعادي وأنجز مَوْعدِي

وإذا دخلت الباء فهو من الإيعاد في الشر، كقولك: أوعدتك بالضرب والسب.وأنشد الفراء:

أوعدَني بالسجن والأداهم. . . . . . . .رِجلي ورجلي شَثْنةُ المناسمِ

و ( المقتوون ): الخدم، واحدهم مقتوي، وهو قول عمرو بن كلثوم:

متى كنَّا لأمِّك مَقْتوينا

والاسم منه القتو.قال: أنشدنا الأحمر:

إني امرؤ من بني فزارة لا. . . . . . . .أحسِنُ قَتْوَ الملوكِ والخبَبَا

قال أبو عبيد: وقال أبو عبيدة: قال رجل من بني الحرماز: هذا رجل مقتوين، ورجلان مقتوين، ورجال مقتوين.كله سواء، وكذلك المؤنث، وهم الذين يعملون للناس بطعام بطونهم.وتهددنا جزم على الأمر، ورويدا نصب على المصدر، وهو تصغير رود.أنشدنا أبو العباس:

تكادُ لا تثلم البطحاءَ وطأته. . . . . . . .كأنه ثملٌ يمشي على رُودِ

ويروى: ( تهددنا وتوعدنا رويدا ) بالرفع على معنى الخبر.وقال الفراء: الرواة والنحويون ينشدون بيت عمرو ( مَقتوينا ) بفتح الميم كأنه نسب إلى مقتي، وهو مفعل من القتو - والقتو: الخدمة خدمة الملوك خاصة والتذلل لهم - ثم أن الشاعر اضطر إلى تخفيف الياء فقال مقتوين يريد مقتويين.فإذا قالوا للواحد رجل مقتوى رجعلوا إلى التشديد، ففي هذا دلالة على أن الشاعر اضطر.ووجد التخفيف في الكلام يأتي كثيرا في المشدد، مثل نيَّة ونِيَة، وطيَّة وطيَة، أشباه ذلك.

( فإِنَّ قَناتَنا يا عَمرُو أَعْيَتْ. . . . . . . .على الأَعداءِ قَبلكَ أن تَلِينا )

ويروى: ( وإن قناتنا )، أي عودنا وأصلنا.وهذا مثل.يريد أن كل من نازعنا وأراد مغالبتنا خاب وفزنا بالظفر به.وموضع أن نصب على معنى بأن تلين، ولأن تلين.

( إِذَا عَضَّ الثِّقافُ بها اشمأَزَّتْ. . . . . . . .وولَّتْهُمْ عَشَوزَنَةً زَبونا )

( الثقاف ): ما تقوم به الرماح، قال عبد الله بن مسعود رضي الله سبحانه عنه: ( أعربوا القرآن فإنه عربي، فإنه سيجيء قوم يثقفونه وليسوا بخياركم ).فمعنى يثقفونه يقوّمون حروفه كما يثقف المثقف الرمح.ومعنى الحديث أنهم يقومون ألفاظه ولا يعملون به.وقوله ( اشمأزت ) معناه نفرت.و ( عشوزنة ): شديدة صلبة.و ( زبون ) تضرب برجليها وتدفع.ويقال زبنه بزبنه، أي دفعه.والزبانية عند العرب: الأشداء ؛ سموا زبانية لأنهم يعملون بأرجلهم كما يعملون بأيديهم.قال الله تبارك وتعالى: ( سَنَدْعُ الزَّبانية ).وقال الشاعر:

مَطاعيمُ في المَقْرَى مَطاعينُ في الوغَى. . . . . . . .زَبَانيَةٌ غُلْبٌ عظامٌ حلومُها

والعشوزنة نصب بولت، والزبون نعت العشوزنة.

( عَشَوزنةً إذا انقلبَتْ أَرنَّتْ. . . . . . . .تَدُقُّ قَفَا المثقِّف والجَبينا )

( إذا انقلبت ) معناه إذا انقلبت أرنت في ثفافها، أي صوتت وشجت قفا من يثقفها، أي يقوّمها.وهذا مثل ضربه.أي قناتنا لا تستقيم لمن أراد أن يقومها.ويروى: ( مثقفة إذا غمزت أرنت ).ويروى في البيت الأول: ( ولته عشوزنة ) بالتوحيد ؛ فمن جمع رد الهاء على الأعداء، ومن وحد ردها على واحد الأعداء.انشد الفراء:

فإنْ تعهدي لامرئٍ لمَّة. . . . . . . .فإنَّ الحوادث أزرى بها

ذهب بالحوادث إلى معنى الحدثان.والعشوزنة الثانية مردودة على الأولى، والجبين نسق على القفا.

( فهل حُدِّثْتَ في جُشَمَ بنِ بكرٍ. . . . . . . .بنقْصٍ في خُطوب الأَوّلينا )

ويروى: ( عن جشم ).وإنما يخاطب عمرو بن هند.معناه هل حدثت أن أحدا اضطهدنا في قديم الدهر.و ( الخطوب ): الأمور، واحدها خطب.قال الله عز وجل: ( ما خَطْبُك )، معناه ما أمرك.ونقص من النقصان.وفي الأولى صلة حدثت، والثانية صلة نقص.

( وَرِثْنا مَجدَ عَلْقمةَ بنِ سَيفٍ. . . . . . . .أَباحَ لنا حُصون المَجْدِ دِينا )

ويروى: حصون الحرب دينا.( المجد ): الشرف والرفعة.وعلقمة: رجل منهم.وقوله ( أباح لنا حصون الحرب ) معناه إنه كان قاتل حتى غلب عليها ثم تركها مباحة لنا.و ( دنيا ) معناه خاضعا ذليلا.ويروى: ( أباح لنا حصون المجد حينا ).ودينا منصوب على الحال مما في أباح، وهو مجعول في موضع الحال.

( وَرِثْتُ مُهلهِلاً والخيرَ منهمْ. . . . . . . .زُهَيراً ذُخْرُ الذاخرينا )

مهلهل: رجل من بني تغلب، وكذلك زهير.ويروى: ( والخير عنهم )، ويروى: ( والخير منه ).والخير نسق على مهلهل، وزهير مترجم عن الخير، والذخر رفع بنعم.والمعنى: نعم ذخر الذاخرين هو، فحذف هو لدلالة المعنى عليه.

( وعتَّاباً وكُلثوماً جميعاً. . . . . . . .بِهِمْ نِلنا تراثَ الأَكرمينا )

وكلثوم أبو عمرو الشاعر، وعتَّاب جده.و ( التراث ): الميراث.قال الله عز وجل ( وتأكلون التُّراثَ أكلاً لَمًّا ) فمعناه تأكلون الميراث.وأصله الوراث لأنه فعال من ورثت، فأبدلوا من الواو تاء لقربها منها في المخرج.ويروى: ( بهم نلنا مساعي الأكرمينا ).وجميعا نصب على الحال، ومساعي منصوبة بنلنا، والأصل فيه مساعي الأكرمينا، فأسكن الياء في النصب على لغة الذين يقولون: رأيت قاضيك وداعيك.قال الأعشى:

فتًى لو يُنادى الشَّمسَ ألقَتْ قِناعَها. . . . . . . .أو القمرَ الساري لألْقَى المقالدا

أراد: أو القمر الساري، فأسكن الياء.ومثله قول الآخر:

كأنّ أيديهنّ بالقاع القَرِقْ. . . . . . . .أيديَ جَوارٍ يتعاطَينَ الوَرِقْ

معناه: كأن أيديهن، فأسكن الياء.

( وذا البرَةِ الذي حُدِّثتَ عَنْهُ. . . . . . . .به نُحْمَى ونَحمِي الملجَئينا )

ذا البرة: رجل من بني تغلب بن ربيعة.و ( الملجئين ): الذين قد التجئوا واحتاجوا إلى من ينصرهم.وقال أبو جعفر: ذو البرة يقال له ( برة القُنفذ ) لقب بذلك لشعر كان على أنفه يلتوي كأنه برة، مستديرا.وذا البرة نسق على مهلهل، والباء صلة.

( ومِنّا قبلَه السَّاعِي كُلَيبٌ. . . . . . . .فأَيَُّ المجدِ إِلا قَد وَلينا )

كليب الملك الساعي، سعى في المجد.( ولينا ) من الولاية، أي صار إلينا فصرنا ولاة عليه.وقال هشام بن معاوية: أنشد الكسائي هذا البيت برفع أي بما عاد من الهاء المضمرة، أراد فأي المجد إلا قد وليناه.قال: وإنما أضمر الهاء لما لم يصل إلى نصب أي بولينا، وشبهه بقولهم: ما عبد الله إلا أضرب، معناه ما عبد الله إلا أضربه، ونصب عبد الله خطأ.والفراء يرفع أيا بما عاد من الهاء المضمرة، ويحتج بأن أيا لها صدر الكلام، إذ كانت لا يسبقها العامل فيها، فصار الذي بعدها كالصلة، وأضمرت الهاء فيه كما تضمر في الصلة.ولا يجيز الفراء ما عبد الله إلا أضرب، على إضمار الهاء، لأن عبد الله لا يضمر له في خبره الهاء، اذ كان يكون قبله وبعده.ونصب عبد الله خطأ في قول جماعة من النحويين، لأن إلا لا ينصب ما بعدها ما قبلها.وقال هشام: روى بيت عمرو أبو عمرو والأصمعي بالنصب: ( فأي المجد إلا قد ولينا ) بنصب أي.ولم يعرف هشام لروايتهما مذهبا.قال أبو بكر: والصواب عندي رواية الكسائي، لأن الا أداة مانعة تمنع ما بعدها من نصب من قبلها.والساعي رفع بمن، وكليب مترجم عن الساعي، وقبله صلة منا، لأنه إذا اجتمعت صفتان فإحداهما صلة الرافعة.

( مَتَى نَعقِدْ قَرِينَتَنَا بحَبلٍ. . . . . . . .نَجُذَُِّ الحبل أو نَقِص القَرينا )

ويروى: ( متى نعقد قريتنا بقوم نجز الحبل ).ويروى: ( تجذ الحبل ) و ( القرينة ): التي تقرن إلى غيرها.يقول: متى نقرن إلى غيرنا، أي متى نسابق قوما نسبقهم، ومتى قارنا قوما في حرب صابرناهم حتى نقص من يقرن بنا، أي ندق عنقه.ومن قال ( نجذ الحبل ) جعله للمتكلم، ومن رواه بالتاء جعله للقرينة.ونعقد جزم بمتى، ونجذ جواب الجزاء وكسرت الذال لاجتماع الساكنين.ويروى ( نجذُّ الحبل ) بضم الذال، وضمها على الاتباع لضمة الجيم.ويجز ( نجذَّ الحبل ) بفتح الذال بناء على التثنية.ومثله قول الآخر:

فإنْ يقدر عليك أبو قُبيَسٍ. . . . . . . .تُمَطّ بك المعيشةُ في هوانِ

يجوز في ( تمط ) الضم والفتح والكسر على ما مضى من التفسير.ونقص نسق على نجد.والأصل في نقص نوقص، فحذفت الواو لوقوعها بين كسرة وياء.قال أبو جعفر: الرواية ( نجذ الحبل ) بالنون، وأنكر التاء، وقال: القرينة من غيرهم فلا معنى للتاء.

( ونُوجَدُ نحنُ أَمنعَهُمْ ذِماراً. . . . . . . .وأَوفاهُم إذا عَقَدُوا يمينا )

( الذمار ): حريم الرجل وما يجب عليه أن يحميه.وقوله: ( وأوفاهم إذا عقدوا يمينا )، معناه إذا عاهدوا أوفوا بعهدهم ولم ينقضوه.وقال الحطيئة:

قومٌ إذا عَقَدوا عقْداً لجارِهم. . . . . . . .شَدُّوا العِنَاجَ وشَدُّوا فوقه الكَرَبا

فمعنى قوله عقدوا عقداً لجارهم: عاهدوه.وقال الله عز وجل: ( أوْفُوا بالعُقود ) فمعناه بالعهود.وقال أبو العباس: العناج: خيط يشد من عراقي الدلو إلى أسفلها.والكرب: الحبل الذي يشد على تلك الثلاث العراقي.يقال أكربت الحبل على الدلو، إذا شددت عليها.ونحن يرتفع لأنه توكيد لما في نوجد، وأمنعهم منصوب على خبر نوجد، وأوفاهم ينتصب بالنسق على أمنعهم، وذمارا ويمينا منصوبان على التفسير.وقال أبو جعفر: الذمار: ما يذمر نفسه في التقصير فيه ويحث عليه.

( ونَحنُ غَدَاةَ أُوقِدَ في خَزَازٍ. . . . . . . .رَفَدْنا فوق رِفْدِ الرَّافدِينا )

خزاز: مكان.يقول: أوقدت نار الحرب في خزاز.وقوله ( رفدنا ) معناه أعنا.( فوق رفد الرافدين ): فوق عون من أعان.أي أتينا بجيش فوق كل جيش.والرفد: العطية، وهو الاسم.والرفد، بفتح الهاء: مصدر رفدته رفدا.قال الله عز وجل: ( بئسَ الرِّفدُ المرفود )، فمعناه بئست العطية والحبوة.ونحن رفع بما عاد من النون والألف في رفدنا.والغداة نصب على الوقت.ويروى: ( ونحن غداة أوقد في خزازي ).

( ونحْنُ الحبِسُونَ بذِي أُراطَي. . . . . . . .تَسَفُّ الجِلَّةُّ الخُورُ الدَّرينا )

أراطي: مكان.والجلة: ذوات العظام من الإبل.والخور: الغزار الكثيرة الألبان.وتسف: تأكل.والدرين: حشيش يابس.قال الشاعر:

إذا زُرتَ يوماً قبرَه حال دونَه. . . . . . . .من الأرض تُربٌ حائل ودِرينُ

فيقول: حبسنا في هذا المكان إذ لم يكن للإبل ما ترعى إلا الدرين.وأراطي: مخفوض بإضافة ذي إليه، وترك إجراؤها لما فيه من علامة التأنيث.وقال أبو جعفر: معناه أقمنا في الثغر وحبسنا ابلنا على الدرين.صبرا، حتى ظفرنا ولم يطمع فينا عدو.

( ونَحنُ الحاكمونَ إذا أُطِعنا. . . . . . . .ونحنُ العازِمُون إذا عُصِينا )

ونحن الحاكمون، معناه الذين الناس من كل ما لا ينبغي لهم الدخول فيه.اخبرنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: يقال قد أحكمت الرجل، إذا رددته عن رأيه.ويقال: احكم بعضهم عن بعض، أي اردد بعضهم عن بعض.وقال: إنما سميت حكمة الفرس حكمة لأنها ترد من غربه، أي من حده.ويقال قد حكم الرجل يحكم، إذا تناهى وعقل.وإنما قيل للقاضي حكم وحاكم لعقله وكمال أمره.وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي للمرقش:

يأتي الشبابُ الأقَوْرِينَ ولا. . . . . . . .تغبط أخاكَ أن يُقالَ حَكَمْ

معناه: لا تغبطه أن يطول عمره فإن الهرم كالموت.وقال حميد بن ثور:

لا تغبطْ أخاك أن يقال له. . . . . . . .أمسى فلانٌ لعمره حَكَما

إنْ سرَّه طولُ عمرِه فلقد. . . . . . . .أضحىَ على الوجه طُولُ ما سلما

ويقال: أحكمت الفرس فهو محكم، وحكمته فهو محكوم، إذا جعلت له حكمة، وهي الحديدة المستديرة في اللجام على حنك الفرس.وقوله ( العازمون إذا عصينا )، معناه: إذا عزمنا على الأمر أنفذنا عزيمتنا ولم نهب أحدا.وإذا وقت منتصبة بالفعل.

( ونحنُ التَّارِكونَ لِمَا سَخِطْنا. . . . . . . .ونَحنُ الآخِذُونَ لِمَا رَضِينا )

ونحن التاركون لما سخطنا، معناه إذا كرهنا شيئا تركناه ولم يستطيع أحد إجبارنا عليه، وإذا رضينا أخذناه ولم يحل بيننا ولبنه أحذ ؛ لعزنا وارتفاع شأننا.وما في معنى الذي، والهاء المضمرة تعود عليها، والتقدير للذي رضيناه.

( وكنَّا الأَيْمَنِينَ إذا التقَيْنا. . . . . . . .وكانَ الأَيسرِينَ بَنوُ أَبينا )

معناه: وكنا أصحاب اليمين وكان بنو أبينا أصحاب الشمال.قال الله تبارك وتعالى: ( وأصحاب الميَمَنَةِ ما أصحاب الميمَنة ).قال المفسرون: أصحاب الميمنة: الذين يُعطَون كتبهم بأيمانهم، وأصحاب المشأمة: الذين يُعطَون كتبهم بشمائلهم.وقال أبو العباس: أصحاب الميمنة: أصحاب التقدم، وأصحاب المشأمة: أصحاب التأخر.يقال: اجعلني في يمينك ولا تجعلني في شمالك، أي اجعلني في المقدمين عندك، ولا تجعلني في المؤخرين.أنشدنا أبو العباس لابن الدمينة:

أبِيني ففي يمنَي يديك جعلتِني. . . . . . . .فأفرحَ أمْ صيَّرتِني في شِمالكِ

فمعناه: أأنا من المقدمين عندك أم من المؤخرين.وبنو أبينا اسم كان، والأيسرين خبر كان.ويجوز في النحو: وكان الأيسرون بني أبينا، على أن تجعل الأيسرين الاسم وبني أبينا الخبر.قال الفراء: إذا قلت كان القائم أخوك، كان الوجه رفع الأخ ونصب القائم ؛ لأن القائم ينتقل إذ كان فعلا محدثا ينقطع، والأخوة لا تنقطع لأنها نسب متصل.قال: وقد يجوز أن يقول: كان القائم أخاك، فتجعل القائم اسم كان والأخ خبر كان.

( فَصَالُوا صَولَةً فيمَنْ يَليِهمْ. . . . . . . .وصُلْنا صَولةً فيمن يَلينا )

فصالوا صولة، معناه: فحملوا حملة فيمن يليهم وحملنا فيمن يلينا.ويروى:

فصالوا صولة فيمن يليِهم. . . . . . . .وصُلْنا صولةً فيمن يلينا

والصول منصوب على المصدر.والصولة منصوبة على التفسير عن عدد المرات.والاصل في قولهم: صال فلان عليَّ، أي ترفَّع عليّ.وأصل الصيال تخمط الفحل ووثوبه عليه.

( فأبوا بالنِّهابِ وبالسَّبايا. . . . . . . .وأُبْنا. . . . . . . .بالمُلُوكِ مُصَفَّدنيا )

قوله ( فآبوا ) معناه فرجعوا.والأواب: الرجاع.قال عبيد:

وكل ذي غيبةٍ يئوبُ. . . . . . . .وغائبُ الموت لا يئوب

و ( النهاب ): الغنائم وما ينتهب.والصفاد والصفد: الغل.وجمع الصفد أصفاد.قال الله تعالى: ( مُقَرَّنينَ في الأصفاد )، فمعناه في الأغلال.وقال الشاعر:

ولقد علمتُ ليَغْلِبنَّ محمدٌ. . . . . . . .ولينَزِلنَّ بها إلى أصفادِ

وقال أبو جعفر: معنى البيت ظفرنا بهم فلم نلتفت إلى أسلابهم ولا أموالهم، وعمدنا إلى ملوكهم فصفدناهم في الحديد.قال: وهذا أمدح وأشرف.وهو بمنزلة قول عنترة:

يُخبرْك مَن شهِد الوَقيعة أنَّني. . . . . . . .أغشَى الوغَى وأعفُّ عند المغنَمِ

أي لا أطلب المال، إنما أطلب الرجال.ومصفدين نصب على الحال من الملوك.

( إِليكمْ يا بني بَكرٍ إِليكمْ. . . . . . . .أَلَمَّا تعِرفوا مِنَّا اليَقِينا )

قوله ( إليكم يا بني بكر )، معناه ارجعوا.يقال: اذهب إليك.وقوله ( ألما تعرفوا منَّا ( اليقينا ) معناه ألما تعرفوا منا الجد في الحرب.واليكم صلة لفعل مضمر، معناه: اذهبوا إليكم.

( أَلمَّا تعِرفوا مِنَّا ومِنْكمْ. . . . . . . .كَتائبَ يَطَّعِنَّ ويرْتَمينا )

( الكتائب ): الجماعات، واحدتها كتيبة، وإنما سميت الكتيبة كتيبة لاجتماع بعضها إلى بعض.يقال: قد تكتب القوم، إذا اجتمعوا.قال الشاعر:

أنبئتُ أن بني جديلة أوعَبُوا. . . . . . . .نُفَراء من سَلْمَى لنا وتكتَّبوا

أي تجمعوا.ويقال: كتبت الكتاب أكتبه كتبا وكتابة ومكتبة.وإنما سمي الكاتب كاتبا لأنه يضم بعض الحروف إلى بعض، من قولهم: كتبت القربة، إذا ضممت منها خرزا إلى خرز.قال ذو الرمة:

وفراءَ غَرْفيَّةٍ أثْأى خوارزَها. . . . . . . .مُشَلْشلٌ ضَيَّعتْه بينها الكُتَبُ

الوفراء: المزادة.والغرفية: المدبوغة بالغرف، وهو شجر.وأثأى: أفسد.والمشلشل: الماء.والكتب: الخرز.يقال كتبت البغلة، إذا كتبت بين شفرتيها بحلقة.قال الشاعر:

لا تأمننَّ فَزَارياً خَلوتَ به. . . . . . . .على قلوصِك واكتُبْها بأسيار

قوله ( يطعن ويرتمينا ) يطعن من السطعن، ويرتمين من الرمي بالنبل.ويطعن صلة الكتائب والأصل فيه يطتعن فأبدلوا من التاء طاء وأدغموها في الطاء التي بعدها.وقال أبو جعفر: معنى قوله في البيت الأول ( ألما تعرفوا منا اليقينا ): ألم تعرفونا فيما مضى وتعلموا أنَّا نقتل من لقينا.وقال: معنى قوله ( إليكم يا بني بكر إليكم ): ارجعوا فلستم من رجالنا وأريحوا أنفسكم.

( عَلَيْنا البَيْضُ واليَلَبُ اليَمَانِي. . . . . . . .وأَسيافٌ يُقَمْنَ ويَنْحنينا )

( اليلب ): ترسة من جلود الإبل يعمل باليمن.وقال أبو عبيد: اليلب الدرق.قال: ويقال هي جلود تلبس بمنزلة الدروع، الواحدة يلبة.وقال الأصمعي: اليلب: جلود يخرز بعضها إلى بعض تلبس على الرءوس خاصة، وليست على الأجساد.وقال أبو عبيدة: هي جلود تعمل منها دروع، وليست بترسة.قال الشاعر:

ترى الأبدنَ فيها مُسْبَغاتٍ. . . . . . . .على الأبطال واليلبَ الحصينا

وقال بعض أهل اللغة: جلود تلبس تحت الدروع.وقوله ( يقمن وينحنينا ) يريد ترفع وتوضع إذا ضرب بها.ويروى: ( يقمن وينحنينا ) بفتح الياء وضم القاف.وقال بعضهم: هو أن يضرب بها حتى تنحني ثم تقوم فيضرب بها أيضا.قال أبو جعفر: المعنى تنصب عند الضرب بها، فإذا ضربوا بها انحنت.و ( الأبدان ): الدروع.قال الله عز ذكره: ( فاليومَ نُنَجِّيكَ بَبدنك )، فمعناه نلقيك على نجوة من الأرض بدرعك.ويقمن صلة الأسياف، ومعنى يقمن ينتصبن.

( عَلينا كلُّ سابغةٍ دِلاص. . . . . . . .تَرى فوقَ النِّجادِ لها غُضُونا )

ويروى: ( فوق النطاق ).والنطاق: المنطقة.و ( الدلاص ): المحكمة، ويقال هي السهلة اللينة.وإلى هذا كان يذهب أبو عبيد.و ( النجاد ): حمائل السيف.و ( النطاق ) هو ما شددت به وسطك.و ( الغضون ): فضول الدرع تفضل من الرجل فيشمرها.وإنما يفعل هذا الراجل.وربما شدت بالعرى.وقال أبو جعفر: قوله ( ترى تحت النجاد لها غضونا ) معناه تثنى الدرع، للينها وسهولتها تتثني على النجاد.يصف أنها قديمة عتيقة، ليست بمحدثة فتكون منتصبة.وأنشد لعمرو بن معد يكرب:

ومن نسج داود موضونةٌ. . . . . . . .دِلاصٌ تَثَنَّى على الرَّاهشِ

وأنشد أبو عبيد للبيد، يذكر كتيبة أو درعا:

فَخمةٍ زفراءَ تُرتَى بالعُرَى. . . . . . . .قُردُمانيًّا وتَركَا كالبصَلْ

يعني الدروع، أن لها عرى في أوساطها، فيضم ذيلها إلى تلك العرى وتشد لتشمر عن لابسها.قال: فذلك الشد هو الرتو.وهو معنى قول زهير:

ومفاضة كالنِّهي تنِسُجُه الصَّبا. . . . . . . .بيْضاءَ كَفَّتْ فضلَها بمهنَّدِ

يعني إنه علَّق الدرع بمعلاق في السيف.والتَّرك: البيض، واحدته تركة.والقردماني أصله فارسي، وهو قسي تعمل وتوضع في الخزائن، ويقال لها بالفارسية: ( كردمانذ ) معناه عمل وبقى.والدلاص نعت للسابقة.

( إِذَا وُضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْماً. . . . . . . .رأَيْتَ لَها جُلودَ القَوْمِ جُونا )

ويروى: ( إذا وضعت على الأبطال يوما ).و ( الجون ): السُّود.يقول: إذا وضعت الدروع عن الأبطال يوما رأيت جلودهم سودا من صدأ الحديد.وقال أبو جعفر: معناه من طول لبسهم إياها اتسخت جلودهم.ولم يرد أن درنها على الجلود.والجلود منصوبة برأيت، والجون كذلك، والتأويل: ورأيت من أجلها جلود القوم.قال الله عز وجل: ( وإنه لحبِّ الخير لشديدٌ )، فمعناه من أجل حب المال لبخيل.

( كَأَنَّ مُتونَهنَّ مُتُونُ غُدْرٍ. . . . . . . .تُصَفِّقُها الرِّياح إذا جَرَينا )

كأن متونهن متون غدر، شبه فضول الدرع التي تشنج منها بمتون غدر.وقال أبو جعفر: إنما يصف تدريج الدرع وحسن نسجها، فشبها بطرائق الماء إذا هبت عليه الريح.و ( متونها ): ظهورها.ويروى: ( إذا عرينا ) فمعناه إذا أصابتهن الريح الباردة.والعرية عندهم: الريح الباردة، وكذلك القرة، والحرجف والصرصر.والبليل: التي فيها برد وندىوتصفقها الرياح صلة غدر، وأصله غدُر فسكنّت الدال تخفيفا.وهو كقولهم: كتاب كُتُب وكتْب.ويروى: ( كأن غضونهن )، أي تكسرهن.

( وتَحْمِلُنا غَداةَ الرَّوعِ جُرْدٌ. . . . . . . .عُرِفْنَ لنا نَقائِذَ وافتُلِينا )

( الأجرد ) من الخيل: القصير الشعر الكريم.ويروى: ( جرد مسومة نقائذ ).فالمسومة: المعلمة بالسيما، وهي العلامة، قال الله عز وجل: ( بألف من الملائكة مسوَّمين )، فمعناه مُعلمين.وكذلك قوله تعالى: ( والخيلِ المسوَّمة )، ويجوز أن يكون معناها الحسنة، من قولهم: وجه فلان وسيم، أي حسن.والأصل في مسوَّمة موسَّمة، لأنها من وسمت الشيء، إذا علَّمته، فنقلت الواو من موضع الفاء إلى موضع العين، كما قالوا: ما أطيبه وما أيطبه.و ( النقائذ ): ما استنقذت من قوم آخرين.وواحد النقائذ نقيذة.و ( افتلين ): فطمن عن أمهاتهن.ويقال: افتليت المهر عن أمه، إذا قطعته.ويقال: افتلين: نتجن عندنا.ومن رواه: ( عرفن لنا ) نصب نقائذ على الحال مما في عرفن.ومن رواه: ( جرد مسومة ) رفع نقائذ على النعت لجرد.

( ورِثْنَاهُنَّ عَنْ آباءِ صِدْقٍ. . . . . . . .ونُورثُها إذا مِتْنَا بَنينَا )

قوله ( ورثناهن ) معناه ورثنا الخيل عن الآباء.ويجوز في الكلام ورثناها ؛ لأنك تقول: الخيل اشتريتها واشتريتهن.

( وَقَدْ عَلِمَ القَبَائلُ مِن مَعَدٍّ. . . . . . . .إِذا قُبَبٌ بأَبْطَحِها يُنِينَا )

ويروى: ( وقد علم القبائل غير فخر ).ومعنى البيت: وقد علم القبائل إذا ذربت القباب أنَّا سادة العرب وأشرافهم.( غير فخر )، يريد ما نفخر به: لأن عزنا وشرفنا أعظم من أن نفخر به.و ( الأبطح ): وادٍ فيه حصى.وقال أبو جعفر: أراد أبطح مكة الذي يجتمع من كل وجه.وقال: المعنى قد علم الناس كلهم أنا أشرافهم وساداتهم.ونصب ( غير فخر ) على مذهب المصدر، أراد قولا غير فخر.والقبب رفع بما عاد من بنينا، والباء صلة قُبب.

( بأَنَّا العاصِمُونَ بكُلِّ كَحْلٍ. . . . . . . .وأَنّا الباذِلونَ لمُجْتدِينا )

( العاصمون ): المانعون.يقال عصم الله سبحانه وتعالى فلانا، أي منعه من التعرض لما لا يحل له.وقال الله جل ذكره: ( لا عاصمَ اليومَ من أمر الله )، فمعناه: لا مانع.قال الشاعر:

وقلت عليكمْ مالكاً أن مالكاً. . . . . . . .سيعصِمكُم أن كان في الناس عاصمْ

معناه سيمنعكم.وقال الفراء: كحل: سنة شديدة، وهي أنثى تُجرى ولا تُجري والوجه إلا تجري.وأنشد لسلامة بن جندل:

قومٌ إذا صرَّحتْ كحلٌ بيوتهمُ. . . . . . . .عزُّ الضَّعيف ومأوى كلِّ قُرضوبِ

و ( المجتدي ): الطالب، وهو الجادي أيضا.انشد أبو العباس عن ابن الأعرابي:

فما ذُمّ جاديهم ولا ساء رأيهم. . . . . . . .ولا كَشِفُوا أن أفزع الحيَّ خائفُ

كشفوا: جنبوا.والأكشف: الجبان في قول ابن الأعرابي ؛ وفي قول غيره: الذي لا تُرس معه.وقال الآخر:

إليه تلجأ الهَضّاءُ يوماً. . . . . . . .فليس بقائل هُجْراً لجادِي

أي لطالب.والهضاء: الجماعة من الناس.ويقال للعطية الجدوى.ويقال قد أجدى، إذا أعطى، فهو مجد.والأصل في ( أنَّا ) أنَّنا فحذفن النون تخفيفا.وقال الفراء: أنَّا أجود من أنَّنا، وكلاهما جائز.ورواه أبو جعفر:

بأنا العاصمون إذا أُطعْنا. . . . . . . .وأنَّا العازمون إذا عُصينا

وروى بعض الرواة:

وأنَّا التاركون لمَا سَخِطنا. . . . . . . .وأنَّا الآخذون لمَا رضينا

متصلا بهذا البيت المتقدم، أعني الذي آخره ( لمجتدينا ).وقد ذكرته أنا في غير هذا الموضع من القصيدة.

( وأَنّا المانِعُونَ لما يَلِينَا. . . . . . . .إِذَا مَا البِيضُ فارقَت الجُفُونا )

معناه إذا ما السيوف سُلَّت من أغمادها.وما صلة، والبيض رفع بما عاد من فارقت.

( وأَنَّا المانِعُونَ إذا قَدَرْنَا. . . . . . . .وأنَّا المُهْلِكُونَ إذا أُتِينا )

معناه: نُنعم على من أسرنا بالتخلية، ونُهلك من أتانا يُغير علينا.

( وأَنَّا الشَّارِبُونَ الماءَ صَفْواً. . . . . . . .ويَشربْ غيرُنا كَدِراً وَطِينَا )

إنما ضرب الماء مثلا.يريد أَنَّا نغلب على الفاضل من كل شيء فنحوزه ولا يصل الناس إلا إلى ما ننفيه ولا نريده، لعزنا وامتناع جانبنا.وصفوا نصب على المصدر.

( أَلاَ سَائلْ بَنِي الطَّمَّاحِ عَنَّا. . . . . . . .ودُعْمِيًّا فكيفَ وَجَدْتُمونَا )

الطماح ودعمى: حيان من إياد.والمعنى: فقل لهم: كيف وجدتم ممارستنا ؟ فأضمر القول لبيان معناه.وموضع كيف نصب بوجدتمونا:

( نَزَلتم مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنّا. . . . . . . .فعَجَّلْنَا القِرَى أن تَشْتِمُونَا )

قوله ( نزلتم منزل الأضيافِ مِنَّا ) معناه نزلتم بحيث نزل الأضياف فعجلنا القرى.وإنما هذا مثل.أراد: عاجلناكم بالحرب ولم ننتظركم أن تشتمونا.ويقال: معناه عاجلناكم بالقتال قبل أن توقعوا بنا فتكونوا سبباً لشتم الناس إيانا.وقال أبو جعفر: معناه نحن مستعدون، فلا يُطمع فينا، ولا يفجؤنا بغارة أحد.وموضع أن نصب على معنى لأن لا تشتمونا، فحذف الخافض واكتفى بأن من لا فأسقطها.قال الله عز وجل: ( رَواسِيَ أن تَمِيدَ بكم )، معناه لأن لا تميد.قال الشاعر:

رأينا ما يرى البُصَراءُ فيها. . . . . . . .فآلينا عليها أن تُباعا

معناه: أن لا تباع.وقال الراعي:

أيَّامَ قومي والجماعةَ كالذي. . . . . . . .لزِمَ الرِّحالةَ أن تَميل مَمِيلا

معناه: أن لا تميل.وربما حذفوا أن واكتفوا منها بلا، كقول الشاعر:

واحفظْ لسانَك لا تقول فتُبتَلى. . . . . . . .إنّ البلاءَ موكَّل بالمنطقِ

معناه: لأن لا تقول.وربما حذوا أن ولا جميعا.قال أبو النجم:

أوصيكِ أن يحمدك الأقاربُ. . . . . . . .ويرجعَ المسكينُ وهو خائبٌ

أراد: أن لا يرجع المسكين وهو خائب.وقال بعض النحويين: أراد كراهة أن تشتمونا، فحذف الكراهة وأقام أن مقامها، كما تقول: الشعر زهير، تريد الشعر شعر زهير.

( قَرَيْنَاكُمْ فعجَّلْنَا قِرَاكُمْ. . . . . . . .قُبَيل الصُّبْحِ مِرداةً طَحُونا )

( مرداة ): صخرة.شبه الكتيبة بها فقال: جعلنا قراكم إذ نزلتم بنا الحرب، ولقيناكم بكتيبة تطحنكم طحن الرحى، والمرداة نصب بقرينا.والقرى يمد ويقصر.وروى بعض الرواة متصلا بهذا البيت:

( يَكُونُ ثِفَالُها شَرْقَّي نَجْدٍ. . . . . . . .ولُهْوتُهَا قُضاعةَ أَجمَعينَا )

( عَلَى آثَارنا بِيضٌ حِسَانٌ. . . . . . . .نُحاذِرُ أن تُقَسَّمُ أو تَهُونا )

معناه: لقيناكم ومن ورائنا النساء.وكذلك كان أهل الجاهلية يفعلون إذا حاربوا.ويروى: ( نحاذر أن تفارق أو تهونا )، أي تُسبى.وموضع نحاذر رفع في اللفظ بالنون ونصب في التأويل على الحال مما في كرام من ذكر البيض، أي محاذرين نحن تقسيمهن.

( ظَعَائنُ مِنْ بَني جُشَمَ بَنِ بَكْرٍ. . . . . . . .خَلَطْنَ بمِيسَمٍ حَسَباً ودِينا )

أصل ( الظعينة ) المرأة في الهودج، ثم قيل للمرأة وهي في بيتها ظعينة.والظعون: البعير تركبها المرأة.و ( الميسم ): الحسن، وهو مفعل من وسمت، أصله موسم، فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها صارت ياء، كما قالت العرب ميثاق وأصله موثاق، لأنه مفعال من الوثائق ؛ الدليل على هذا انهم يقولون في جمعه مواثيق.وظعائن ترتفع على الاتباع لبيض، وخلطن خبر مستأنف.

( أَخَذْنَ على بُعولِتِهنَّ عَهْداً. . . . . . . .إِذَا رقَوْا كتائبَ مُعْلِمِينا )

ويروى: ( أخذن على بعولتهن نذرا ).وقال أبو جعفر: معنى البيت: الواجب علينا أن نحميهن، فصار كالعهد.وعهدهن: ما لهن في قلوبهم من المحبة، لا أنهن أخذن عليهم العهد، ويروى: ( أخذن على فوارسهن عهدا ) و ( المعلمون ): الذين معهم الإظلام.وإنما قال ( إذا لاقوا ) وأخذن فعل ماض وإذ شبه بالماضي إذ كنت تقول: أحسنت إليك إذا أحسنت إليَّ ؛ لأن الفعل الماضي تأويله الاستقبال، فصحبته إذا لتأويله.وتقديره يأخذن على بعولتهن عهدا إنما لاقوا.قال الله عز وجل: ( وقالوا لإخوانهم إذا ضَرَبوا في الأرض ) فأتى بإذا لأن معناه يقولون لإخوانهم إذا ضربوا.وقال جل وعلا: ( إلا الذين تابوا منْ قَبل أن تقدروا ) معناه إلا الذين يتوبون.وكذلك قوله تبارك وتعالى: ( إلا من تابَ وآمن )، معناه إلا من يتوب ويؤمن.قال الشاعر:

ما ذاقَ بوسَ معيشة ونعيمَها. . . . . . . .فيما مضى أحدٌ إذا لم يَعشَقِ

قال الفراء: معناه ما ذاقها أحد فيما مضى ولن يذوقها فيما يستقبل إذا لم يعشق.فلذلك أتى بإذا.وأنشد الفراء:

فإني لآتيكمْ تشكُّرَ ما مضى. . . . . . . .من الأمر واستيجابَ ما كان في غدِ

معناه: واستيجاب ما يكون في غد.

( لَيَسْتلبُنَّ أَبداناً وَبِيضاً. . . . . . . .وَأَسْرَى في الحديدِ مُقَرَّنينا )

ويروى: ( وأسرى في الحديد مقنعينا ).( الأبدان ): الدروع.قال الأعشى:

وبيضاءَ كالنِّهى موضونة. . . . . . . .لها قَونسٌ فوقَ جيب البَدَنْ

معناه جيب الدرع.واللام في قوله ( ليستلبن ) جواب لأخذ العهد ؛ لأنه يمين.وقال الفراء: قال المفضل: هذا البيت الذب أوله ( ليستلبن ) ليس هو من هذه القصيدة.قال الفراء: فجواب أخذ العهد محذوف لبيان معناه.قال الله تبارك وتعالى: ( فإن استطعتَ أن تَبتغي نفقاً في الأرض أو سُلَّماً في السماء )، فجوابه معناه أن استطعت فافعل، فحذف الجواب لبيان معناه.قال امرؤ القيس:

فلو أنَّها نفسٌ تَموتُ سوِيَّةً. . . . . . . .ولكنَّها نَفْسٌ تَسَلقَطُ أنفُسا

أراد: فلو أنها نفس تموت سوية لانقضت وفنيت، فحذف الجواب لدلالة المعنى:و ( مقرنين ): مغللين.و ( مقنعين ) معناه مستلئمين.والمستلئم: الذي عليه لأمته، وهي الدرع.قال متمم بن نويرة:

ولا بكَهامٍ بَزَّه عن عدوّهِ. . . . . . . .إذا هو لاقَى حاسراً أو مقنَّعا

و ( الحاسر ): الذي لا سلاح ومغفر عليه.والكهام: الكال.والبز: السلاح.والمقنع: الذي عليه المغفر.

( إِذا مَا رُحْنَ يَمْشِينَ الهُوَيْنَى. . . . . . . .كمَا اضْطرَبتَ مُتُونُ الشَّاربينَا )

إذا ما رحن: إذا ما راح النساء يمشين الهويني، أي لا يعجلن في مشيهن.كما اضطربت متون الشاربين، أي ينثنين في مشيهن ويتمايلن كما تفعل السكارى.وقال الآخر:

مشيَنَ كما اهتزَّتْ رماحٌ تسفَّهتْ. . . . . . . .أعاليَها مرُّ الرِّياحِ النَّواسمِ

الهوينى في موضع نصب، وسبيله أن يكتب بالياء لأنه يجرى مجرى متى.

( يَقُتْنَ جِيادَنا ويَقُلن لَسْتُمْ. . . . . . . .بُعولَتَنا إذا لمْ تَمنَعونا )

( الجياد ): الخيل.وقوله ( يقتن ) من القون.قال الفراء: يقال قات أهله بقوتهم قياتة وقوتا، والقوت الاسم.وأقات الشيء إقاتة، إذا اقتدر عليه.قال الله تعالى: ( وكانَ الله على كلِّ شيء مُقِيتاً )، وقال بعض المعمرين:

ثم بَعْدَ الممات ينشُرني مَن. . . . . . . .هُو على النَّشْر يا بنيَّ مُقِيتُ

أي مقتدر.وجاء في الحديث: ( كفى للمري إثما أن يضيع من يقوت ).ويروى ( من يقيت ) على ما مضى من التفسير.ويقال: ما عنده قيتة ليلة وقيت ليلة، وبيتة ليلة وبيت ليلة.وفي يقتن ضمير الظعائن، ويقتن جواب إذا، وما توكيد الكلام.

( إِذا لم نَحمِهنَّ فلا بقِينا. . . . . . . .لشَيءٍ بَعدهنَّ ولا حَيِينا )

ويروى:

إذا لم نحمهنَّ فلا تُركنا. . . . . . . .لشيءٍ بَعدهنَّ ولا بقينا

وقال أبو جعفر هذا البيت منحول.ورواه جماعة من الرواة غيره.

( وَمَا مَنَعَ الظَّعائِنَ مِثلُ ضَرْبٍ. . . . . . . .تَرَى مِنهُ السَّواعِد كالِقُلِينا )

القلين: جمع قلة، وهي خشبة يلعب بها الصبيان يديرونها ثم يضربون بها.ويقال في جمع القُلة قُلات أيضا.قال الشاعر:

كأنّ نَزْوَ فراخ الهام وسْطهمُ. . . . . . . .نَزْوُ القُلات زَهاها قالُ قالينا

ومثل رفع بمنع، والكاف نصب بترى، والتقدير: ترى منها السواعد مثل القلين.

( إِذا مَا المَلْكُ سامَ الناسَ خَسفاً. . . . . . . .أَبَينا أن يُقِرَّ الخسْفَ فينا )

الملْك: الملِك.وفيه ثلاث لغات: ملِك، وملْك، ومليك.وقد يقول بعضهم: الملْك تخفيف الملك، بمنزلة قولهم: قد هرْم الرجل بمعنى هرِم الرجل.قال الأعشى:

فقلتُ للمَلْك سرِّحْ مِنْهمُ مائةً. . . . . . . .رِسلاً من القول مخفوضاً وما رفَعا

وقال أبو النجم:

من مَشْيهِ في شَعَر يذيِّلُه. . . . . . . .تَمَشّىَ المَلْكِ عليه حُلَلُهْ

وقوله ( سام الناس )، أي أولى الناس الخسف وأراده منهم.قال الله عز وجل: ( يَسُومونكمْ سُوءَ العَذاب )، فمعناه يُولُونكم ويريدونه منكم.وقال الشاعر:

نسومكمُ الرَّشادَ ونحن قومٌ. . . . . . . .لِتارِكِ ودِّنا في الحرب ذامُ

وقال آخر:

تداركنْ حَيًّا من نُميرِ بن عامرٍ. . . . . . . .أُسارَى تُسام الذُّلَّ قتلاً ومَحربا

و ( الخسف ): الظلم والنقصان.يقول: إذا حمل الملك الناس على الظلم أبينا أن نحتمل ذلك ونقرَّ به.وموضع أن نصب بأبينا.

( أَلاَ لاَ يَجْهَلنْ أَحَدٌ عَلَينا. . . . . . . .فَنَجْهَلَ فوق جَهْل الجاهلِينا )

فنجهل فوق جهل الجاهلين، معناه فنهلكه ونعاقبه بما هو أعظم من جهله، فنسب الجهل إلى نفسه وهو يريد الإهلاك والمعاقبة، ليزدوج اللفظان، فتكون الثانية على مثل لفظ الأولى وهي تخالفها في المعنى ؛ لأن ذلك أخف على اللسان وأخصر من اختلافهما.قال الله عز وجل: ( فمن اعتدَى عليكم فاعتدُوا عليه بمثل ما اعتَدَى عليكم )، معناه فعاقبوه على اعتدائه.والثاني ليس اعتداء في الحقيقة، بل هو عدل، فسمى اعتداء للازدواج والتوفيق بين اللفظتين.قال الله تبارك وتعالى: ( وجَزَاءُ سَيئة سَيئةٌ مِثْلُها )، والسيئة الثانية ليست بسيئة في الحقيقة ؛ لأن المجازي بمثل ما فعل به ليس بمسيء.وجاء في الحديث: ( فإن الله لا يملُّ حتى تملُّوا ).فمعناه فان الله تعالى لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا من مسألته وتزهدوا فيها، فالله جل ثناؤه لا يمل في الحقيقة، وإنما نسب المل إليه لازدواج اللفظين.وقال بعضهم: أراد بقوله ( فنجهل ) فنجازيه، فسمى المجازاة على الجهل جهلا، كما قال الله تعالى: ( إنَّ المنافِقين يُخادعون اللهَ وهو خادعُهم )، يريد مجازيهم على مخادعتهم.وقرأ عبد الله بن مسعود: ( بَلْ عَجِبتُ ويَسخَرون ) فمعناه: بل جازيتهم على عجبهم، لأن الله عز وجل أخبر عنهم في غير موضع من القرآن الكريم أنهم عجبوا، فقال تعالى: ( عَجبوا أن جاءَهم مُنذِرٌ منهم ) وقال حاكياً عنهم: ( إنَّ هذا الشيءٌ عُجابٌ ) فقال: ( بَلْ عَجِبتَ ) يريد بل جازيتهم على عجبهم.ولا يجوز أن يكون قول عمرو: ( فنجهل فوق جهل الجاهلينا ) اعترافا منه بالجهل وتثبيتا منه إياه لنفسه ؛ لأن الجهل لا يستحسنه أحد ولا يرتضيه.ونجهل منصوب بالفاء لأنها جواب الجحد.وألا افتتاح للكلام، ودخلت النون في يجهلن لتوكيد المستقبل.وهو البيت آخر القصيدة في رواية أكثر الناس.وروى بعض الرواة فيها بعد البيت الماضي ثلاثة أبيات:

( لنا الدُّنيا وما أَمْسَى عَليْها. . . . . . . .ونَبْطِشُ حِينَ نَبْطِش قادِرينا )

( بُغاةً ظالِمينَ وما ظُلِمْنا. . . . . . . .ولكنّا سنَبدأُ ظاَلمينا )

( مَلأَْ البَرَّ حتَّى ضاقَ عنّا. . . . . . . .ونحنُ البحرَُ نملؤُه سفينا )

عرف أبو جعفر البيت الأخير ولم يعرف البيت الأخيرين اللذين قبله.ويجوز في ( البحر ) الرفع والنصب ؛ من رفعه رفعه بما عاد من الهاء ورفع نحن بما عاد من نملؤه.ومن نصبه نصبه بنملأ، والتقدير: ونحن نملأ البحر سيفناً، والهاء مع البحر بمنزلة الشيء الواحد.وسفينا مفعول ثان.قال الله تعالى: ( إنَّا كلَّ شيء خَلَقْناهُ بقدر ) فنصب كلا بالخلق.ويجوز رفعها بما عاد من الهاء.تمت هذه القصيدة^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي