سار هطور حثيثا وأتى

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة سار هطور حثيثا وأتى لـ سليمان البستاني

اقتباس من قصيدة سار هطور حثيثا وأتى لـ سليمان البستاني

سارَ هَطُورُ حَثِيثاً وَأَتى

بابَ إِسكِيَّةَ والزَّانُ ظَلِيل

فَتَلَقَّتهُ نِساءٌ وَبَنَات

مِنهُ عِلماً تَتَقَصَّى سائلات

عَن بَنِيهِنَّ وَإِخوَانٍ ثِقات

وَبُعُولٍ وَأَخِلاَّ فَأَمَر

أَن يُبادِرنَ عَلى ذاكَ الأَثَر

وَيُصَلِّينَ لأَربابِ البَشَر

عَلَّها تَدفَعُ عَنهُنَّ الأَذى

وَلِزاهي قَصرِ فِريامَ مَضى

هُوَ صَرحٌ شِيدَ بالنَّحتِ الجَمِيل

فَوقَ أَبوَابِ رِوَاقٍ مُستَطِيل

ضِمنَهُ صَفٌ بَدِيعُ المَنظَر

غُرَفٌ قَد بُنِيَت بالمَرمَرِ

كُلُّها خَمسُونَ مُلسُ الحَجَرِ

لِبَني فِريامَ شيدَت مَضجَعا

وَثَوَت أَزواجُهُم فيها معا

وَيُحاذِيهِنَّ صَفٌّ رُفِعا

فِيهِ بالإِيناسِ والرَّغدِ ثَوَى

مَعَ كُلِّ ابنَةٍ الصهِّرُ الحَلِيل

لِبَناتِ المَلكِ شِيدَ اثنا عَشَر

مَنزِلاً طُرًّا بِمَصقُولِ الحَجَر

بِسُقُوفٍ شائقاتٍ لِلنَّظر

ثَمَّ هَكطُورُ إِلى الدَّارِ ارتَقى

حَيثُ بالأُمِّ عَلى الفَورِ التَقى

عَجَلاً تَمضِي إِلى لاَوُوذِقا

أَجمَلِ الغاداتِ في ذَاكَ الفَنا

فَعَلَيهِ أَقبَلَت تَوًّا تَمِيل

أَمسَكَتهُ بِيَدٍ وَهيَ تَقُول

وَعلامَ الآن غَادَرت السُّهُول

وَإِلَينا عُدتَ تَبدُو بِقُفُول

آهِ ما أَدهى الأَغارِيقَ الأُولى

دَهَمُونا بِمَعَدَّاتش البِلى

إِنَّما أَعلَمُ تَبغِي عَجَلا

تَرتَقِي مِن قُمَّة البُرج الذُّرى

حَيثُ تَدعُو زَفسَ لِلخَطبِ الجَلِيل

فَاستَرِح حِيناً وَبالرَّاحِ اعُود

لِتُزَكِّيها لأَربابِ الخُلُود

ثُمَّ تُسقى فَهيَ رَيحانُ الكُبُود

تُنهِضُ العَزمَ وَتَفني التَّعَبا

بِقُوَاكَ العَيُّ أَدرِي ذَهَبا

بِذِيَادٍ عَن رِفاقٍ نُجَبا

قالَ يا أُمَّاهُ تَنحَطُّ القُوَى

بارتِشَافي الآنَ شَهدَ السَّلسَبِيل

وَكَذَاكَ النَّذرُ حَتما حُرِّما

بِيَدٍ دَنَّسَها سَفكُ الدِّما

أَيُجِيزُ النَّذرَ لي زَفسُ كَما

أَنا مَخضُوبٌ وَغَشَّاني الغُبَار

فَبِدَارِ الآنَ في الحالِ بِدار

وَاقصُدِي هَيكَلَ فالاسَ المَزَار

فِهيَ المَلجا لَها النَّصرُ انتَمى

وَاصحَبي الغادَاتِ والطِّيبَ الثَّقِيل

واحمِلِي أَغلَى وَأَعلَى بُرقُعِ

لَكِ في القَصرِ العَظِيمِ الأَرفَعِ

وَعلى رُكبَتِها فِيهِ ضَعِي

وَانذُرِي أَن تَرجِعي مُبتدَرَِه

بالضَّحايا الغُرِّ ثِنتَي عَشَرَه

من تِباعٍ بُكَّرٍ مُدَّخَرَه

إِن تَشَأ أن تَدرأَ اليومَ الأَذَى

وعِثارَ الوُلدِ والأَهلِ تُقِيل

وَرَأت تَدفَعُ عن قُدسِ البِلاد

فَرعَ تِيذِيُّوسَ رَوَّاعَ العِباد

بَطَلَ الهَولِ وهَدَّامَ العِما

فَاذهَبِي أَنتِ وَلُوذِي بالنُّقَى

وَأَنا فارِيسَ أَدعُو لِلِّقا

عَلَّهُ يَسمَعُ نُصحاً صَدَقا

آهِ لَو تَدفَعُهُ الأَرضُ إِلى

جَوفِها أَشفِي مِنَ النَّفسِ الغَلِيل

آفَةً أَوجَدَهُ زَفسُ لَنا

عِلَّةً حَتَّى يَزِيدَ الشجَّنَا

أَنا إِن يَهلِك يَزُل عَنِّي العَنا

لبَّتِ السُّؤالَ وَصاحَت بالجَوار

لِيُنادِينَ نَبيلاتِ الدِّيار

وَأَتَت غُرفَتَها حَيثُ استَطار

عابِقُ الطِّيبُ وَمنشُورُ الشَّذَى

فَوقَ أُزرٍ زَانَها الوَشيُ الجَمِيل

نَسَجَتها غِيدُ صَيدا نُقُبا

وَالفَتى فارِيسُ مِنها جَلَبا

فانتَقَت مِقنَعَةً قد وُضِعَت

فَوقَها مِثلَ الدَّرَارِي سَطَعَت

وَفَرَت أَلوَانُها وَاتَّسَعَت

وَمَضَت إِيقَابُ في جُلِّ النسا

تقصُدُ المَعبَدَ في البُرجِ الأَثيل

وَثِيَانُو بِنتُ كِيسيِسَ الصِفَّي

زَوجُ أَنطِينُورٍ الفارِسِ في

عَجَلٍ قامَت إِلى البابِ الحَقِي

فَتَحَتهُ إِذ لِتِلكَ الرَّبَّةِ

جُعِلَت كاهِنَةً عَن ثِقَةٍ

فَرَفَعنَ اليَدَ بالوَلوَلَةِ

نَحوَ فالاسَ وَسَلَّمنَ الرِّداَ

لِثيَانُو رَبَّةِ الخَدِّ الأَسِيل

فَلَها أَلقَت بِهِ فَوقَ الرُّكَب

وَدَعَت طالِبَةً دَرءَ النُّوَب

يا ذِمارَ الدَّارِ ياكُلَّ الأَرَب

إسحَقِي رُمحَ ذِيُوميذَ الأَلَد

وَاصرَعِيهِ عِند أَبوَابِ البلد

فَنُضَحِّي لَكِ إِن تَحمِي الوَلَد

ونِسانا مِن تِباعٍ تُنتَقى

باثنَتَي عَشرَةَ بالشُّكرِ الجزِيل

هَكذا كانَ الدُّعا لَكِن أُبي

لِرَجاهُنَّ استِماعُ الطَّلَبِ

إِنَّما هَكطُورُ لَم يَنقَلِبِ

بَل سَعى يَجرِي إِلى الإسكندَرِ

حَيثُ وافاهُ بِقَصرٍ أَزهَرِ

شادَهُ قُربَ المَقامِ الأَكبَرِ

حَيثُ فِريامُ وَهَكطُورُ ثَوى

في أَعالي قُمَّةِ البُرجِ الطَّوِيل

شادَهُ أَمهَرُ أَربابِ الحِرَف

بِرِوَاقٍ عَرَصاتٍ وَغُرَف

فَإِلَيهِ فِيهِ هَكطُورُ ازدَلَف

بقَنَاةٍ حَدُّها الفارِي انتَشَر

بَلَغَت طُولاُ ذِراعاً وَعَشَر

وَعَلَيها فَتخَةُ التِّبرِ الأَغضر

فَلَدَيهِ ثَمَّ فارِيسُ بَدا

يَصقُلُ الشِّكَّةَ والدِّرعَ الصَّقِيل

عِندَهُ هِيلانَةٌ بَينَ الإِماء

تُنفِذُ الأَمرَ بِحِذقٍ وَاعتناء

قالَ هَكطُورُ أَيا أُسَّ البَلاء

بِئسَ ما أَفرَغتَ مِن هَذا الغَضَب

وَالأعادِي بَلَغَت مِنَّا الأَرَب

ثارَت الحَربُ وَأَولَتَنا الحَرَب

أَنتَ لَو خِلتَ عَنها التَوى

سُمتَهُ التَّعنِيفَ بالسَّيفِ السَّلِيل

كٌرَّ أَو لا فَأَعادِينا الثِّقَال

تُضرِمُ الحُبصنَ وتَجتَاحُ الرِّجال

بِمَلامِي قَد قَد أَصَبتَ الغَرَضا

فَاتَّخِذ قَولِيَ صِدقاً فُرِضا

أَنا لَم أَحنَق بَلِ اختَرتُ الرّضا

إِن أَكُن غادَرتُ كَرَّاتِ الوَغى

فَلِكَي أَصلَى لَظَى قَلبي العَلِيل

زَوجِيَ الآنَ أَلاَنَت لِي المَقَال

تَبتَغي عَودِي إِلى دَارِ النِّزَال

صَدَقَت ظَنِّيَ وَالحَربُ سِجَال

فَانتَظِرني الآنَ أشَكُك في السِّلاح

أَو تَقَدَّمنِي إِذا شِئتَ الرًّواح

فَأُوَافِيكَ سَرِيعاً لِلكِفاح

صامِتاً هَكطُورُ ذَا القَولَ وَعى

وَنِدا هِيلانَةٍ شَهداً يَسيل

آهِ هَكطُورُ أَخي كُلُّ الشُّرُور

والرَّزَايا الدُّهمُ مِن أَجلي تَثُور

آهِ لَو كانَت رَحى الرِّيح تَدُور

يَومَ مِيلادي وَتَيَّارُ الأُوَار

لِلجِبالِ الشُمِّ بي كالطَّيرِ طار

أورَمى بي فَوقَ أَمواجِ البِحار

قَبلَ أَن أُخذَلَ مِن دُونِ المَلا

وَأُعاني ثِقلَةَ الخَزيِ الوَبِيل

إِنَّ هذَا قَدَرُ الأَربَابِ في

حُكمِها لِكِنَّها لَم تُنِصفِ

كانَ أَولَى أَولَى أَن تُرَاعي شَرَفي

فَيكونَ الآن لي بعلٌ أَشَد

كاشِفُ العارِ وَدَرَّاءُ الشِّدَد

إِنَّ فارِيسَ هَوَى النَّفسِ اعتَمَد

سَوفَ يَلقى شَرَّ أَعمالٍ جَنى

وَأَرى الإِصلاحَ أَمراً مُستَحِيل

فَاسترِح حِيناً فأَنوَاعُ العَنا

شَمَلَتكَ الآنَ مِن شَرِّي أَنا

وَشَجَا فاريسَ زاَد الشَّجنَا

هكذا زَفسُ عَلَينا قَدَّرا

لِنَظَلَّ الدَّهرَ هُزءاً لِلوَرى

قالَ يا هِيلانَةً لَستُ أَرَى

لي عَنِ الجَريِ إِلَى القَومِ غِنى

ما لَهُم عَنّي إِذَا غِبتُ بَدِيل

حَرِّضي زَوجَكِ أَن يَلحَقَ بي

وَأَنا أَمضِي لِقَصرِي الأَرحَبِ

لأَرى فِيهِ أَعَزَّ النَّسَبِ

زَوجَتي حِيناً وَطفلي المُرضَعا

لَستُ أَدرِي هَل قُضِي أَن أَرجعا

أَو يَدُ الإِغرِيقِ تَفرِي الأَضلُعا

ثُمَّ جَدَّ السَّيرَ لِلقَصرِ على

عَجَلٍ يَلقاهُمَا قَبل الرَّحِيل

خابَ ما أَمَّلَ إِذ لَم يَجِدِ

زَوجَهُ الحَسناءَ بَيضَاءَ اليَدِ

فَهيَ مَع جارِيةٍ وَالوَلَدِ

ذَهَبَت تَرقُبُ بالبُرجِ الأَثَر

تُصعِدُ الأَنفَاسَ عَن هامي العِبَر

داسَ بالأَعتابِ وَاقتَصَّ الخَبَر

أَينَ يا هَذي النِّسا قُلنَ لَنا

أَنذَرُوماخُ مَضَت أَيِّ قَبِيل

هَل إِلى بَعضِ بُيُوتِ الأَخَوَات

أَو نِساءِ الإِخوَةِ المُستَعصِمات

أو إِلى الهَيكَلِ تُلقِي الدَّعَوات

مَع بَناتِ الحَيِّ تَبغِي المَدَدا

حَيثُ يَستَمدِدِنَ بالدَّمعَ اليَدا

مِن أَثِينا خَوفَ كَرَّاتِ العِدى

قُلنَ لَم تَذهَب إِلى الأَهلِ وَلا

ذَهًبَت قَلبَ أَثِينا تَستَمِيل

قَد بَغَيتَ الحَقَّ والحَقُّ يُقال

فهيَ في السُّورِ بِبِلبالٍ وبَال

عَلِمَت في قَومِنا حَلَّ الوَبَال

فَرَأَيناها جَرَت نَحوَ الحُصُون

جَريَ مَن دَاهَمَهُ مَسُّ الجُنُون

تَصحَبُ المُرضِعَ والطِّفلَ الحَنُون

فانثَنَى هَكطُورُ مِن حَيثُ مَضى

وَعَلى الفَورِ جَرى والصَّبرُ عِيل

إِذ أَبُوهُ ذَاد عَنهُم أَجمعا

إِنَّما هَكطُورُ وَالبِرَّ رَعى

إِسكَمَندَريُوساً الطِّفلَ دَعا

فَإِلَيهِ باسِماً سِرًّا رَنا

وَانبَرَت زَوجَتُهُ الدَّمعَ تَهِيل

يا شَقِيَّ البَختِ ذا البَأسُ الوَخِيم

سَوفَ يُلقِيكَ بِلُجَّاتِ الجَحِيم

وَليَ الإِرمالُ والطِّفلُ يَتِيم

سَوفَ تَلقَاكَ جَمَاهِيرُ عِداك

وتُلَقِّيكَ مَضَاضاتِ الهَلاَك

فَلِمَن أَبقَى إِذا مُتَّ سِوَاك

آهِ لَو أُلقَى إِلى جَوفِ الثَّرى

قَبلَ أَن تُلقَى على الأَرضِ قَتِيل

بَينَ أَسوَاقٍ بِمَرصُوفٍ البٍنا

أَسرَعَ السَّيرَ وَلِلبابِ دَنا

فَهُنَا زَوجَتُهُ ذَاتُ الغِنا

بِنتُ إِيتِيُّونٍ الشَّهمِ الأَبَر

مَن بِإِيفُفلاقِيا ذاتِ الشَّجَر

قَبلُ في ثِيبا تَعَلَّى واستَقَر

وَالكِلٍِيكِيِّينَ بالعَدلِ رَعَى

أَقَبَلَت تَصرُخُ بالقَلبِ الذَّلِيل

مَعَها المُرضِعُ والطِّفلُ الرَّضِيع

ساطِعاً بالحُسنِ كالنَّجمِ البَدِيع

أَستِيا ناساً يُسَمِّيهِ الجَمِيع

إِن تَمُوتَنَّ الأَسَى يَخلُدُ لي

وَعنَا النَّفسِ وَدَمعُ المُقَلِ

لا أبٌ أَسلُوبِهِ لا أُمَّ لي

فَأَنِي آخِيلُ ذُو البَطشِ قَتَل

عِندَما ثِيبا الكِلِيكيِّينَ حَل

إِنَّما الأَربابُ أَولَتهُ الوَجَل

فَارعَوى مُنقَلِباً نَوى

وَلِحُرِّ السَّلبِ لَم يَبغِ سَبِيل

أَحرَقَ الجُثَّةَ في شِكَّتِها

ثُمَّ واراها إِلى تُربِتَها

في ضرِيحٍ شادَ في جِيرتِها

حَولَهُ غِيدُ الجِبالِ الشَّامِخات

نَسلُ رَبِّ التُّرسِ سَحَّاقِ الرُّفَات

قَد غَرَسنَ الدُّلبَ حُبًّا بِالمُمَات

إِخوَتي سبعةُ أَبطَالٍ كَذَا

دَفعَةً بادُوا وما لي مِن خَلِيل

ذَلِكَ القَرمُ دَهاهُم في الحُقُول

بَينَ أَسرَابِ شِياهٍ وَعُجُول

وَانثَنَى مِن بَعدِ ذَا الخَطبِ يَصُول

وَلأُمِّي الأَمرُ بالحُكمِ خَلا

فَتَقَفَّاها لِتَعمِيمِ البَلا

ساقَها لِلأسرِ في ما أَرسَلا

أُجزِلَت فِديَتُها لَكِنَّما

أَرطَمِيسُ اتَّبَعَت شَرَّ أَخِيل

رَشَقَتها بِسِهامِ الغَضَبِ

أَنتَ أُمِّي وأَخي أَنتَ أَبي

أَنتَ بَعلي أَنتَ كُلُّ الأَرَبِ

أَنتَ كُلُّ الأَهلِ لي إِذ أَنتَ حَي

آهِ فارحَم وَانعَطِف رِفقاً عَلَي

آهِ فارفُق بي وَبالطِّفلِ لَدَى

أَنا لا أَطمَعُ أَن تَأَبَى الوَحى

وَعَنِ الهَيجاءِ جُبناً تَستَقِيل

إِنَّما أَرغَبُ أَن تَحمِي الذِّمَار

وَتَقي نَفسَكَ مِن شَرِّ البَوَار

فَهُنَا السُّورُ تَدَاعَى لِلدَّمار

فَبَغاهُ كُلُّ ذِي عَزمٍ وَبَاس

كَذِيُومِيذٍ وأَترِيذٍ أَيَاس

وَثَلاثاً كادَ يَندَكُّ الأَساس

لَستُ أَدرِي هَل أَتَوهُ عَن هَوى

أَولَهُم قد كانَ في الوَحيِ دَلِيل

قُربَتِينِ البَرِّ فَوقَ البُرجِ قَر

وَتَحَفَّظ فِيهِ مِن شَرِّ أَمَر

فَلَكَ النَّجوُ وَلِلجَيشِ الظَّفَر

وَليَ السَّلوَى وَللطِّفلِ الرَّجا

قالَ ما يُشجِيك يُولِيني الشَّجا

ِإنَّما المَوقِفُ أَضحى حَرِجا

نَزَلَ الرَّوعُ وَبببِي العَزمُ أَبى

أَن يَكُونَ الرَّوعُ في القَلبِ نَزِيل

بَينَ أَقوامِي وَرَبَّاتِ السُّدُول

لَستُ أَرضَى العارَ إِن تَعلُ النُّصُول

أَو عَنِ الهَيجاءِ يَثنِينِي الخُمُول

وَأَنا دَوماً بِصَدرِ الفَيلَقِ

شَأنَ فِرِيامٍ وَشَأني أَتَّقِي

وَأَقي قَومي بِحَدِّ المحقَقِ

آهِ لَكِن فُؤَادِي وَالحَجى

يُنبِئاني أَنَّ صَمصَامي كَلِيل

سَوف تَندَكُّ بإِليُونَ القِلاَع

وَتُوَافينا المُلِمَّاتُ الفِظاع

كُلُّ هَذَا مِنهُ قَلبي لا يُراع

لا إِذا أُمِّيَ في التُّربِ ثَوَت

أَو أَبي مِن دَمِهِ السُّمرُ ارتَوَت

أَو رَميمَ الإِخوَةِ الأَرضُ احتَوَت

لا إِذا الطُّروَادُ بادُوا وَإِذَا

خَرَقَ الزَّرقاءَ لِلجَوِّ العَوِيل

بَيَدَ أَنَّ الخَطبَ كُلَّ الخَطبِ آه

أَن تَكُوني في سَبِيَّاتِ العُدَاه

تَذرِفينَ الدَّمعَ عَن مُرِّ الحَيَاه

تَستَقينَ الماءَ كالعَبدِ الأَسِير

مِن مسِيسٍ أَو ينابيعِ هِفِير

تَنسُجِينَ القُطنَ وَالقَلبُ كَسِير

كُلُّ بُؤسٍ كُلُّ رُزءٍ وَعَنا

كُلُّه إن حَلَّ ذا الرُّزءُ قَلِيل

كُلُّهُ لا شَىءَ إِن صَحَّ الصَّحِيح

وَلَدِيهِم كُنتش وَالدَّمعُ يَسيح

وَالَّذِي إِن صَحَّ الصَّحِيح

وَلَدَيهِم كُنتِ وَالدَّمعُ يَسِيح

وَالَّذِي يَلقاكِ بِي هُزءاً يَصيح

تِلكُمُ زَوجَةُ هَكطُورَ الشَّدِيد

خَيرِ ما في القَومِ مِن قَرمٍ عَنِيد

كَم لَهُ قَرعٌ بِدُرَّاعِ الحَدِيد

تَلَّ صَدر الجَيشِ تَلاَّ وَهُنَا

سُبِيَت زَوجَتُهُ وَهوَ تَلِيل

فَتَصِيحِينَ وَتَصلَينَ السَّعِير

تَستَجِيرِينَ وَلِكِن مَن يُجِير

إن يَكُن هَكطُورُ في التُّربِ قَرِير

فَلَكِ الرِّقُّ وَأَنوَاعُ العَذَاب

يا لُحُودَ الأَرضِ وارِيني التُّراب

قَبلَ أَن يَدهَمَني هَذا المُصاب

وَأَنِلنِي أَيُّها الخَطبُ البَلا

قَبلَما زَوجِنيَ لِلسَّبيِ تُنِيل

ثُمَّ مَدَّ اليَدَ لِلطِّفلِ فَصَد

جازِعاً لَمَّا رَأى تلكَ العُدَد

مِن نَوَاصٍ سابِحاتِ وَزَرَد

وَبصَدرِ المُرضِعِ الطِّقلُ ارتَمى

فَلَدَيهِ أَبَواهُ بَسَما

وَبِرفقٍ عَنهُ هكطُورُ رَمَى

ذلِكَ المِغفَرَ والطِّفلَ بَدَا

بيَدَيهِ بَينَ تَقبِيلٍ يُجِيل

وَدَعا يَسأَلُ أَسيَادَ الأَنام

أَنت يا زَفسُ وَأَرباباً عِظام

عَونَكُم أسأَلُهُ في ذا الغُلام

فَليَكُن مِثليَ هَصَّارَ الأُسُود

وَهوَ في إِليُونَ بالبأسِ يَسُود

وَإِذَا مِن مَوقِفِ الحَربِ يَعُود

فَليُقل فَوقَ أَبِيهِ قد سَما

سَلَّ سَيفَ الفَوزِ يا نِعمَ السَّلِيل

وَليُجَندِل كُلَّ جَبَّارٍ أَبِي

فائزاً مِنهُ بِحُرِّ السَّلَبِ

تَتَلَقَّاهُ بِبادي الطَرَبِ

أُمُّهُ جاذِلةً مِمَّا تَرى

ثُمَّ أَلقَاه لَها مُستَبشِرا

وَهيَ ضَمَّتهُ لِصدرٍ عُطِّرا

بَسَمَت باكِيَةً وَهوَ رَنا

مُشفِقاً يَنظُرُ لِلطَّرفِ البَلِيل

ثُمَّ نادَاها وَقَد رامَ العَجَل

لا يَشُقَّ الأَمرُ لا يَعنُ الوَجَل

لَيسَ مَوَتٌ قَبلَ إِدرَاكِ الأَجَل

كُلُّ صِندِيدٍ وَرِعدِيدٍ جَبَان

مُذ تَبَدَّى بِوُجُودِ لِلعِيان

لَيسَ يَنجُو مِن تَقَادِيرِ الزَّمان

ولِكلٍّ عَمَلٌ فامضِي كَفى

وَاطلُبِي أَعمالَ رَبَّاتِ السَّدِيل

فَلَكِ النَّسجُ وَقَتلُ المِغزَلِ

وَلَنا إعمالُ سُمر الذُّبَّلِ

وَأَنا الإِيقاعُ بالأَبطالِ لِي

لَبِسَ المِغفَرَ حالاً وَوَثَب

وَمضَت تُلفِتُ مِن حَيثُ ذَهب

تذرِفُ العَبرَةَ وَالقَلبُ التَهَب

دَخَلَت لِلصَّرحِ يُولِيها الشَّجا

زَفَراتٍ اَشجَنَت كُلَّ الدَّخِيل

فَعَلا بَينَ جَوَارِيها النَّحِيب

حِينَ أَبصَرَنَ بها ذَاكَ اللهيب

عَمَّتِ الأحزَانُ في القَصرِ الرَّحِيب

هُوَ حَيٌّ وَتَعمَّدنَ الحِداد

إِذ تَوَقَّعنَ لَهُ وَقعَ الصِّعاد

لَم يُؤَمِلنَ لَهُ حُسنَ المَعاد

لَم يَقُل بَعدُ أَبادَتهُ العِدى

إِنَّما نُحنَ كَما لَو كانَ قِيل

شرح ومعاني كلمات قصيدة سار هطور حثيثا وأتى

قصيدة سار هطور حثيثا وأتى لـ سليمان البستاني وعدد أبياتها مئتان و واحد و عشرون.

عن سليمان البستاني

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب ووزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت، وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى مصر والأستانة ثم عاد إلى بيروت فانتخب نائباً عنها في مجلس النواب العثماني وأوفدته الدولة إلى أوربة مرات ببعض المهام، فزار العواصم الكبرى. ونصب (عضواً) في مجلس الأعيان العثماني، ثم أسندت إليه وزارة التجارة والزراعة، ولما نشبت الحرب العامة (1914- 1918م) استقال من الوزارة وقصد أوربة فأقام في سويسرة مدة الحرب، وقدم مصر بعد سكونها. ثم سافر إلى أميركة فتوفي في نيويورك، وحمل إلى بيروت. وكان يجيد عدة لغات. أشهر آثاره (إلياذة هوميروس - ط) ترجمها شعراً عن اليونانية، وصدّرها بمقدمة نفيسة أجمل بها تاريخ الأدب عند العرب وغيرهم، وله (عبرة وذكرى - ط) ، و (تاريخ العرب -خ) ، و (الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده -ط) ، و (الاختزال العربي -ط) رسالة، وساعد في إصدار ثلاثة أجزاء من (دائرة المعارف) البستانية، ونشر بحوثاً كثيرة في المجلات والصحف.[١]

تعريف سليمان البستاني في ويكيبيديا

سليمان خطار البستاني (22 مايو 1856 - 1 يونيو 1925)، أديب لبناني. ولد في إبكشتين إحدى قرى إقليم الخروب التابع لقضاء الشوف بلبنان، وتلقى مبادئ العربية والسريانية من عم أبيه المطران عبد الله. وفي سن السابعة دخل المدرسة الوطنية في بيروت وبقي فيها ثماني سنوات أثبت فيها تفوقه وجده، وأحب منذ صغره الأدب والشعر فكان يقرأ كثيراً روائع الأدب العربي والغربي، ونال شهادة إتمام الدراسة بالمدرسة الوطنية سنة 1871.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. سليمان البستاني - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي