رسالة من كلف عميد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة رسالة من كلف عميد لـ ابن وكيع التنيسي

اقتباس من قصيدة رسالة من كلف عميد لـ ابن وكيع التنيسي

رِسالَةٌ مِن كَلِفٍ عَميدِ

حَياتُهُ في قَبضَةِ الصُدودِ

بَلّغَهُ الشَوقُ مَدى المَجهودِ

ما فَوقَ ما يَلقاهُ مِن مَزيدِ

جارَ عَلَيهِ حاكِمُ الغَرامِ

فَدَقَّ أَن يُدرَكَ بِالأَوهامِ

فَلَو أَتاهُ طارِقُ الحِمامِ

لَم يَرَهُ مِن شِدَّةِ السَقامِ

لَهُ اِهتِزازٌ وَاِرتِياحٌ وَطَرَبْ

لِوَجهِ مَن أَورَثَهُ طولَ الكُرَبْ

فَهَل سَمِعتُم في أَحاديثِ العَجَبْ

بِمَن مُناهُ قُربُ مَن مِنهُ العَطَبْ

ما غابَ عَنهُ الحَزمُ في الأُمورِ

لكِنَّ مِقدارَ الهَوى ضَروري

صاحِبُهُ يَخبِطُ في دَيجورِ

مُنفَسِدَ التَقديرِ بِالمَقدورِ

إِذا اِلتَقى في مِسمَعَيهِ العَذلُ

وَقيلَ مِن دونِ المُرادِ القَتلُ

قالَ لَهُم لَومُ المُحِبِّ جَهلُ

إِنَّ الهَوى يُغلَبُ فيهِ العَقلُ

ما العُذرُ في السَلوَةِ عَن غَزالِ

مُنقَطِعِ الأَقرانِ وَالأَشكالِ

تَستَخلِفُ الشَمسُ لَدى الزَوالِ

ضَياءَ خَدَّيهِ عَلى اللَيالي

بِخِفَّةِ الروحِ اِحتَوى صَلاحي

فَصِرتُ لا أَرغَبُ في الفَلاحِ

وَالشَكلُ وَالخِفَّةُ في الأَرواحِ

أَملَحُ ما يُعشَقُ في المِلاحِ

مَن عَشِقَ الفَدمَ وَإِن راقَ البَصَرْ

فَليَقصِدِ البَيعَةَ وَليَهوَ الصُوَرْ

مَن كانَ يَهوى مَنظَراً بِلا خَبَرْ

فَما لَهُ أَوفَقُ مِن عِشقِ القَمَرْ

ظَبيٌ سُلُوّي عَنهُ مِثلُ جودِهِ

خَيالُهُ أَكذَبُ مِن مَوعودِهِ

أَجفانُهُ أَسقَمُ مِن عُهودِهِ

أُردافُهُ أَثقَلُ مِن صُدودِهِ

يا وَصلَهُ صِل مِثلَ وَصلِ صَدِّهِ

يا حُكمَهُ كُن في اِعتِدالِ قَدِّهِ

يا قَلبَهُ كُن رِقَّةً كَخَدِّهِ

يا خَصرَهُ كُن مِثلَ ضَعفِ عَهدِهِ

أَما وَخَصرٍ ضعفُهُ كَصَبري

لَهُ وَوَجهٍ حُسنُهُ كَشِعري

لَهُ عِذارٌ قامَ لي بِعُذري

لا تُبْتُ مِن شَوقي إِلَيهِ دَهري

أَضحى لِإِبليسَ بِهِ اِستِقدارُ

عَلى بَني آدَمَ وَاِستِبشارُ

وَقالَ في ذا تُستَطابُ النارُ

ما لَهُمُ عَن مِثلِ ذا اِصطِبارُ

تَمَّت لِيَ الحيلَةُ في العِبادِ

أَدرَكتُ مِن صالِحِهِم مُرادي

بِمِثلِ ذا أَمكَنَني إِفسادي

لِأَنفُسِ العِبّادِ وَالزُهّادِ

وَاِلهفَتي مِن خَدِّهِ الأَسيلِ

إِذا اِنجَلى عَن صَفحَتَي صَقيلِ

وَاحَرَبي مِن طَرفِهِ الكَحيلِ

مَن مُنصِفي مِنهُ وَمَن مُديلي

مِن مُقلَةٍ كَالصارِمِ البَتّارِ

أَلحاظُها أَمضى مِنَ المِقدارِ

تَحكُمُ في لُبّى وَفي اِصطِباري

نَظيرَ حُكمِ الدَهرِ في الأَحرارِ

حَلَّ قُوايَ العَقدُ مِن زُنّارِهِ

أَلهَبَ قَلبي خَدُّهُ بِنارِهِ

عَذَّرَ صَبري مُبتَدا عِذارِهِ

حَيَّرَني بِالطَرفِ وَاِحوِرارِهِ

جاءَ بِوَجهٍ حُسنُهُ مَحبوبُ

تَطيبُ في أَمثالِهِ الذُنوبُ

وَقامَةٍ ذَلَّ لَها القَضيبُ

وَالقَلبُ تَنقَدُّ بِهِ القُلوبُ

هَفا بِقَلبي مِنهُ إِفراطُ الهَيَفْ

فَقُلتُ لَمّا أَن تَثَنّى وَاِنعَطَفْ

يا سَيِّدي مِن دونِ ذا المَيلِ التَلَفْ

وَشَرطُ مَن كانَ ظَريفاً في القَطَفْ

ما قِصَرُ القامَةِ مِثلُ الطولِ

وَلا البَدينُ الجِسمِ كَالمَهزولِ

عِشقُ الرَشيقِ الأَهيَفِ المَجدولِ

شَأنُ ذَوي الأَفهامِ وَالعُقولِ

لا يَعشَقُ الضَخمَ الغَليظَ الجِسمِ

غَيرُ غَليظِ الطَبعِ جافٍ فَدمِ

مُكَدَّرِ الحِسِّ رَكودِ الفَهمِ

يَقولُ في الحُسنِ بِغَيرِ عِلم

قَد صِحتُ لَمّا خِفتُ مِنهُ القَتلا

وَكِدتُ مِن فَرطِ السَقامِ أَبلى

يا حاكِماً جانِبَ فِيَّ العَدلا

مِهلاً بِمَن يَهواكَ مَهلاً مَهلا

يا ظالِماً يَقتُلُني مُجاهَرَهْ

قَد مَنَعَ الوَجدُ مِنَ المُساتَرَهْ

هَلُمَّ إِن شِئتَ إِلى المُناظَرَهْ

وَاِستَعمِلِ الإِنصافَ لا المُكابَرَهْ

في أَيِّ دينٍ حَلَّ قتلُ الروحِ

وَهَل لِما تَفعَلُ مِن مُبيحِ

إِن قُلتَ ذا جاءَ عَنِ المَسيحِ

فَلَيسَ ما تَزعُمُ بِالصَحيحِ

مُرقُسُ ما أَخبَرَنا بِذا الخَبَر

عَنهُ وَلا لوقا حُكاهُ في الأَثَر

وَقَد نَهى عَن ذا يُحَنّا وَزَجَر

وَلا اِرتَضى مَتّى بِهِ وَلا أَمَر

أَربَعَةٌ لَيسَ لَهُم عَديلُ

وَلا لَهُم في أَمرِهِم كَفيلُ

ما فيهِمُ مَن قالَ ما تَقولُ

فَهَل سَوى إِنجيلِهِم إِنجيلُ

فَإِن زَعَمتَ أَن ذا مَوجودُ

في زُبُرٍ جاءَ بِها داودُ

فَما الزَبورُ بَينَنا مَفقودُ

فَكَيفَ لَم تَعلَم بِهِ اليَهودُ

وَلَم يُخَبِّرُ أَحَدٌ سِواكا

مِنَ النَصارى كُلَّهُم بِذاكا

لا تَتَقَوَّلْ غَيرَ ما أَتاكا

وَغَلَّبِ الحَقَّ عَلى هَواكا

سَفكُ دَمي يُحظَرُ في الأَديانِ

فَدَع حِجاباً ظاهِرَ البُطلانِ

لا تَجمَعِ الإِثمَ مَعَ البُهتانِ

وَكُن عَلى خَوفٍ مِنَ العُدوانِ

وَاِعلَم بِأَنّي إِن تَمادى بي الهَوى

وَخِفتُ أَن أَتلَفَ مِن فَرطِ الضَنى

وَدُمتُ في هَجرِكَ لي كَما أَرى

وَلَم أَجِد مِنكَ لِما بي مُشتَكى

شَكَوتُ ما تَلقاهُ نَفسي البائِسَهْ

مِن خَطَراتٍ لِلهُمومِ هاجِسَهْ

عَفَت رُسومُ الصَبرِ فَهيَ دارِسَهْ

إِلى جَميعِ عُصبَةِ الشَمامِسَهْ

فَإِن هُمُ لَم يَرحَموا أَنيني

وَخَيَّبوا في قَصدِهِم ظُنوني

وَلَم أَجِد في القَومِ مِن مُعينِ

يُنصِفُني مِنكَ وَلا يُعديني

شَكَوتُ ما يَلقى مِنَ الأَحزانِ

قَلبي إِلى مَشيخَةِ الرُهبانِ

عَساكَ تَستَحي مِنَ الشِّيخانِ

وَإِن تَهاوَنتَ بِهِم في شاني

فَلا أَراكَ مُغضَبا عَبوسا

إِذا أَتَيتَ أَسأَلُ القِسّيسا

مَعونَةً أَرجو لَها التَنفيسا

عَن مُهجَةٍ قارَبَت النَسيسا

وَاِعلَم بِأَنّي إِن رَدَدتَ شافِعي

هذا وَلَم يَرجِع بِأَمرٍ نافِعي

فَلَيسَ ذا بِحاسِمٍ مَطامِعي

كَم طالَبٍ جَدَّ بِجِدِّ المانِعِ

لَو كُنتَ مَبذولاً لَنا لَم تُطلَبِ

وَإِنَّما نَرغَبُ إِذ لَم تَرغَبِ

وَكَلَفُ النَفسِ بِتَركِ الأَقرَبِ

وَشِدَّةُ الحِرصِ عَلى المُستَصعَبِ

وَإِن تَمادَيتَ عَلى جَفائِكا

وَدُمتَ بِالقِلَّةِ مِن حِبائِكا

في هَجرِنا عَلى قَبيحِ رَأيِكا

وَاِستَيأَسَ الرُهبانُ مِن إِصفائِكا

فَلا تَلُمني إِن قَصَدتُ الأَسقُفا

مَن بَرَّحَ السُقمُ بِهِ رامَ الشِفا

فَلا تَقُل أَبدَيتَ مَكنونَ الخَفا

أَنتَ الَّذي أَحوَجتَني أَن أَكشِفا

سَوفَ إِلى المُطرانِ أُنهى قِصَّتي

إِن دامَ ما تُؤثِرُهُ مِن هِجرتِي

فَإِن رَثَي لي طالِباً مَعونَتي

وَلَم تُشَفِّعْهُ بِكَشفِ كُربَتي

شَكَوتُ ما يَلقاهُ مِن فَرطِ السَقَمْ

قَلبي إِلى البَطرَكِ وَالحَبرِ العَلَمْ

عَساكَ إِن خالَفتَهُ فيما حَكَمْ

يُدخِلُكَ الحِرْمَ فَوَيلُ مَن حَرَمْ

هُناكَ تَأتي مُستَقيلاً ظُلمي

تَسأَلُني عَطفَ الرِضا بِالرَغمِ

تَرضى بِما يُنفِذُ فيكَ حُكمي

إِذا بِكَ اِشتَدَّ عَذابُ الحِرمِ

دَع ذا فَهذا كُلُّهُ تَهديدُ

أَرجو بِهِ قُربَكَ يا بَعيدُ

هَيهاتَ سِرّي أَبَداً جَحودُ

فيكَ وَقَولي كُلُّ ما تُريدُ

مَولايَ قَد ضاقَت بيَ الأُمورُ

فَقُلتُ ما قُلتُ وَقَولي زورُ

قَلبِيَ إِلّا في الهَوى جَسورُ

فَلا تَلُم أَن يَنفُثَ المَصدورُ

مَولايَ بِالرَحمنِ أَحيِ مُغرَما

يَخافُ أَن تَغضَبَ إِن تَظَلَّما

إِلَيكَ أَشكو فَعَسى أَن تُنعِما

مَهلاً قَليلاً قَد قَتَلتَ المُسلِما

يا جَرجَسُ اِرفُق بِفُؤادٍ هائِمِ

يا سَيِّدي خَف سوءَ عُقبى الظالِمِ

وَقَد رَضينا بِكَ في التَحاكُمِ

وَالجَورُ لا يُشبِهُ فِعلَ الحاكِمِ

أَقصى رَجائي مِنكَ نَيلُ الوُدِّ

وَقُبلَةٌ تَشفي غَليلَ الوَجدِ

يا جائِراً أَفرَطَ في التَعَدّي

مِنكَ إِلَيكَ في الهَوى أَستَعدي

شرح ومعاني كلمات قصيدة رسالة من كلف عميد

قصيدة رسالة من كلف عميد لـ ابن وكيع التنيسي وعدد أبياتها تسعون.

عن ابن وكيع التنيسي

الحسن بن علي بن أحمد بن محمد بن خلف الضبي التنيسي. شاعر مجيد، أصله من بغداد، ومولده ووفاته في تنيس (بمصر) وكانت في لسانه عجمة. وعن بلد الشاعر يقول المسعودي (تنيس كانت أرضاً لم يكن بمصر مثلها استواء وطيباً وكانت جناناً ونخلاً وكرماً وشجراً ومزارع) . ويدل شعر ابن وكيع على أنه كان على حظ كبير من الظرف وخفة الروح كما يدل انكبابه على الخمر على أنه كان على حظ من اليسار. له (ديوان شعر-ط) ، وكتاب المنصف في سرقات المتنبي.[١]

تعريف ابن وكيع التنيسي في ويكيبيديا

أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن محمد بن خلف بن حيان بن صدقة بن زياد الضبي التِّنِّسي (؟ - 23 جمادى الأول 393هـ/ 30 أبريل 1003م) هو كاتب وشاعر وأديب عربي عاش في العصر العباسي.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. ابن وكيع التنيسي - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي