رباعيات الخيام/حرف الرّاء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

حرف الرّاء

حرف الرّاء - رباعيات الخيام

مَا لِلْبَقَا هَادٍ وَإِنْ يَكُ فَالطِّلاَ

وَالْكَأْسُ أَفْضَلِ مُرْشِدِ الْمُتَحَيِّرِ

الرَّاحُ مُؤْنِسَتِي فَلَيْسَ بِمُسْعِدِي

مَاءُ الْحَيَاةِ وَلاَ حِيَاضُ الْكَوْثَرِ

خُذِ الْكُوزَ وَالأَقْدَاحَ يَا مُنْيَةَ الْحَشَا

وَطُفْ بِهِمَا بِالرَّوْضِ فِي ضِفَّةِ النَّهْرِ

فَكَمْ قَدَّ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ قَدِّ شَادِنٍ

كُئوساً وَإِبْرِيقاً لِصَافِيَةِ الْخَمْرِ

وَلَكَمْ شَرِبْتُ الرَّاحَ حَتَّى إنْ أَغِبْ

فِي الرَّمْسِ ضَاعَ مِنَ التُّرَابِ عَبِيْرُهَا

أَوْ مَرَّ مَخْمُورٌ عَلَى قَبْرِي انْتَشَا

مِنْهَا وَأَفْقَدَهُ النُّهَى تَأْثِيرُهَا

عَلاَمَ تَأْسَى لِلذَّنْبِ يَا عُمَرُ

مَاذَا تُفِيدُ الْهُمُومُ وَالْفِكَرُ

لاَ عَفْوَ عَمَّنْ لَمْ يَجْنِ مَعْصِيَةً

الْعَفْوُ عَمَّنْ عَصَى فَمَا الْحَذَرُ

إِلَى مَ بِهَذَا الْحِرْصِ تَقْضِي مَدَى الْعُمْر

وَتُصْبِحُ لِلإِثْرَاءِ وَالْفَقْرِ فِي فِكْرِ

أَلاَ اشْرَبْ فَعُمْرٌ سَوْفَ يُعْقِبُهُ الرَّدَى

حَقِيقٌ بِأَنْ تَقْضِيهِ بِالنَّوْمِ وَالسُّكْرِ

مُذِ ازْدهَرَتْ بِالْبَدْرِ وَالزُّهْرَةِ السَّمَا

إِلَى الآنَ لَمْ يُوْجَدْ أَلَذُّ مِنَ الْخَمْرِ

فَيَا عَجَبِي مِنْ بَائِعِ الرَّاحِ هَلْ يَرَى

أَعَزَّ مِنَ الصَّهْبَاءِ إِنْ بَاعَهَا يَشْرِي

إِنَّ دِينِي الْهَنَا وَرَشْفُ الْحُمَيَّا

وَابْتِعَادِي عَنْ كُلِّ دِينٍ وَكُفْرِ

قُلْتُ مَاذَا يَكُوْنُ مَهْرُ عَرُوْسِ الدَّ

هْرِ قَالَتْ جَذْلاَنُ قَلْبِكَ مَهْرِي

كَانَ يَبْدُو قَبْلِي وَقَبْلَكَ صُنْجٌ

وَدُجىً وَالسَّمَا تَدُورُ لأَمْرِ

طَأْ بِرِفْقٍ هَذَا التُّرَابَ فَقِدْمَا

كَانَ إِنْسَانَ عَيْنِ ظَبْيٍ أَغَرِّ

إِنْ كُنْتُ قَبْلُ أَتَيْتُ الدُّنيا بِدُوْنِ اخْتِيَار

وَسَوْفَ أَرْحَلُ حَتْماًعَنْهَا غَداً بِاضْطِرَارِ

فَقُمْ نَدِيمِي سَرِيعاًوَاعْقِدْ نِطَاقَ الإِزَارِ

فَسَوْفَ أَغْسِلُ هَمَّ الدُّنْيَا بِصَافِي الْعُقَارِ

عِشْ وَالْمُدَامَ بِضَفَّةِ النَّهْرِ

وَدَعِ الْهُمُومَ بِجَانِبٍ تَجْرِي

يَوْمَانِ ذَا الْعُمْرُ الثَّمِينُ فَعِشْ

طَلْقَ الْمُحَيَّا بَاسِمَ الثَّغْرِ

شَاهَدْتُ أَلْفَي جَرَّةٍ فِي مَعْمَلٍ

تَدْعُو وَلَمْ تَفْتَحْ بِنُطْقٍ فَاهَا

فَإِذَا بِإِحْدَاهَا تُنَادِي أَيْنَ مَنْ

صَنَعَ الْجِرَارَ وَبَاعَهَا وَشَرَاهَا

كَقَطْرَةٍ عَادَتْ إِلَى الْخِضَمِّ أَوْ

كَذَرَّةٍ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الثَّرَى

أَتَيْتَ لِلدُّنْيَا وَعُدْتَ حَاكِياً

ذُبَابَةً بَدَتْ وَغَابَتْ أَثَرَا

لَئِنْ عُمِّرْتَ صَاحِي أَلْفَ حَوْلٍ

فَسَوْفَ تَعَافُ هَذِي الدَّارَ قَهْراً

وَإِنْ تَكُ سَائِلاً أَوْ رَبَّ تَاجٍ

فَذَانِ غَداً سَيَسْتَوِيَانِ قَدْرَا

سَعَى لِقُصُوْرِ الْخُلْدِ وَالْحُوْرِ مَعْشَر

وَإِنَّ فَرِيقاً بِالْجُزَافِ قَدِ اغْتَرَّا

سَيَبْدُو لَهُمْ إِنْ يَنْجَلِ السِّتْرُ أَنَّهُمُ

نَأَوا عَنْكَ أَقْصَى النَّأْيِ فِي ذَلِكَ الْمَسْرَى

كُلُّ عُشْبٍ يَبْدُو بِضِفَّةِ نَهْرِ

قَدْ نَمَا مِنْ شِفَاهِ ظَبْيٍ أَغَرِّ

لاَ تَطَأْ وَيْحَكَ النَّبَاتَ احْتِقَاراً

فَهُوَ نَامٍ مِنْ مُزْهِرِ الْخَدِّ نَضْرِ

مَا بَيْنَ أُفْقٍ لاَ ظُهُوْرَ لِغَورِهِ

إِشْرَبْ فَإِنَّ الدَّهْرَ لَجَّ بِجَورِهِ

وَاجْرَعْ بِدَوْرِكَ صَابِراً كَأْسَ الرَّدَى

فَالْكُلُّ سَوْفَ يَذُوْقُهَا فِي دَوْرِهِ

لأَرْتَشِفُ الْمُدَامَةَ أَيَّ وَقْتٍ

وَإِنْ يَكُ أَشْرَفَ الأَوْقَاتِ قَدْرَا

مَلأْتُ الدِّنَّ مِنْ عِنَبٍ حَلاَلٍ

فَقُلْ لِلَّهِ لاَ يَجْعَلْهُ خَمْرَا

أَيَا فَلَكاً يَجْرِي بِبُؤْسِيَ خَلِّنِي

فَلَسْتُ حَرِيّاً أَنْ تَسُوْمَنِي الأَسْرَا

إِذَا كُنْتَ تَهْوَى غَيْرَ حُرٍّ وَعَاقِلٍ

فَلَسْتُ كَمَا قَدْ خِلْتَنِي الْعَاقِلَ الْحُرَّا

أَلاَ لَيْتَ الثّوَاءَ يَكُوْنُ أَوْ أَنْ

يَكُوْنَ لَنَا انْتِهَاءٌ فِي الْمَسِيرِ

وَلَيْتَ لَنَا وَإِنْ سَلَفَتْ قُرُوْنٌ

رَجَاءً أَنْ سَنَنْبُتَ كَالزُّهُوْرِ

رَأَيْتُ فِي حَانَةٍ شَيْخاً فَقُلْتُ لَهُ:

'أَلاَ تُخَبِّرُنَا عَمَّنْ مَضَوا خَبَرَا'

قَالَ: 'ارْتَشِفْهَا فَكَمْ أَمْثَالُنَا رَحَلُوا

وَلَمْ يَعُودُوا وَلَمْ نَشْهَدْ لَهُمْ أَثَرَا

مَرَرْتُ بِمَعْمَلِ الْخَزَّافِ يَوْماً

وَكَانَ يَجِدُّ فِي الْعَمَلِ الْخَطِيرِ

وَيَصْنَعُ لِلْجِرَارِ عُرىً ثَرَاهَا

يَدُ الشَّحَّاذِ أَوْ رَأْسُ الأَمِيرِ

عَاطِنِي الرَّاحَ فَهْيَ قُوْتٌ لِنَفْسِي

وَاسْقِنِيهَا وَإِنْ تَزِدْ فِي خَمَارِي

إِنَّ هَذِي الدُّنْيَا أَسَاطِيرُ وَهْمٍ

وَخَيَالٍ وَالْعُمْرُ كَالرِّيحِ سَارِي

رَأَيْتُ فِي السُّوْقِ خَزَّافاً غَدَا دَئِباً

يَدُوْسُ فِي الطِّيْنِ رَكْلاً غَيْرَ ذِي حَذَرِ

وَالطِّيْنُ يَدْعُوْ لِسَانُ الْحَالِ مِنْهُ أَلاَ

قَدْ كُنْتُ مِثْلَكَ فَارْفِقْ بِي وَلاَ تَجُرِ

قِيْلَ خُلْدٌ غَداً وَحُوْرٌ وَكَوْثَرْ

أَنْهُرٌ مِنْ طِلاً وَشَهْدٍ وَسُكَّرْ

فَعَلَى ذِكْرِهَا أَدِرْ لِيَ كَأْساً

إِنَّ نَقْداً مِنْ أَلْفِ دَيْنٍ لأَجْدَرْ

يَقُوْلُونَ حُوْرٌ فِي الْغَدَاةِ وَجَنَّةٌ

وَثَمَّةَ أَنْهَارٌ مِنَ الشَّهْدِ وَالْخَمْرِ

إِذَا اخْتَرْتُ حَوْرَاءً هُنَا وَمُدَامَةً

فَمَا البَأْسُ فِي ذَا وَهُوَ عَاقِبَةُ الأَمْرِ

كَمْ فِتْنَةٍ قِدْماً أَثَارَ مِنَ الثَّرَى

إِذْ كَوَّنَ الْبَارِي ثَرَايَ وَصَوَّرَا

أَنَا لاَ أُطِيقُ تَرَقِيَا عَمَّا أَنَا

فِيهِ فَطِينِي أَفْرَغُوْهُ كَمَا تَرَى

فِيْمَ وَرَوْضُ سَعْدِكَ الْيَوْمَ زَهَى

كَفُّكَ مِنْ كَأْسِ الْمُدَامِ تُصْفِرُ

إِشْرَبْ فَهَذَا الدَّهْرُ خَصْمٌ غَادِرٌ

وَنَيْلُ مِثْلِ الْيَوْمِ سَوْفَ يَعْسُرُ

هَاتِ ذَؤُبَ الْعَقِيقِ وَسَطَ زُجَاجٍ

هَاتِ خَيْرَ الْجَلِيسِ لِلأَحْرَارِ

إِنَّمَا عَالَمُ التُّرَابِ كَرِيحٍ

يَنْقَضِي مُسْرِعاً فَجِئْ بِالْعُقَارِ

مَا تَصْنَعُ الأَفْلاَكُ يَوْماً طِيْنَةً

إِلاَّ وَتَكْسِرُهَا وَتُرْجِعُهَا الثَّرَى

لَوْ كَانَ يَحْتَمِلُ السَّحَابُ ثَرىً غَدَا

لِنُشُوْرِنَا بِدَمِ الأَعِزَّةِ مُمْطِرَا

إِذَا كُنْتَ تَسْعَى فِي الْحَيَاةِ لِمَطْعَمٍ

إِلَى مَشْرَبٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَلَكَ الْعُذْرُ

وَفِيمَا عَدَا هَاتِيكَ فَالسَّعْيُ ذَاهِبٌ

هَبَاءً فَحَاذِرْ أَوْ يَضِيعَ بِهِ الْعُمْرُ

غَسَلَ الرَّبِيعُ بِغَيْثِهِ الصَّحْرَاءَ وَالأَ

فْرَاحُ عَادَتْ لِلزَّمَانِ فَأَزْهَرَا

شَرْبَ وَمُخْضَرَّ الْعِذَارِ بِرَوْضَةٍ

لِتَسُرَّ مَنْ مِنْ رَمْسِهِ اخْضَرَّ الثَّرَى

مَتَى اقْتَلَعَتْ كَفُّ الْمَنِيَّةِ دَوْحَتِي

وَعُدْتُ لَدَى أَقْدَامِهَا أَتَعَفَّرُ

فَلاَ تَصْنَعُوا طِينِي سِوَى كُوْزِ قَرْقَفٍ

عَسَى يَمْتَلِي بِالرَّاحِ يَوْماً فَأُنْشَرُ

لَمْ يَبْقَ مِنِّي فِي الدُّنْيَا سِوَى رَمَقٍ

وَلَيْسَ فِي الْيَدِ مِنْ صَحْبِي سِوَى الْكَدَرِ

لَمْ يَبْقَ لِي مِنْ طِلاَ أَمْسِ سِوَى قَدَحٍ

وَلَسْتُ أَعْلَمُ مَا الْبَاقِي مِنَ الْعُمُرِ

حَتَّى مَ ذِكْرُكَ لِلْجِنَانِ أَوْ الْجَحِيمِ الْمُسْعَرَه

وَإِلَى مَتَى سُرُجُ الْمَسَاجِدِ أَوْ بُخُوْرُ الأَدْيِرَهْ

أُنْظُرْ إِلَى لَوْحِ الْقَضَاوَاسْتَجِلْ وَاقْرَأْ أَسْطُرَهْ

فَالْلَّهُ قِدْماً كُلَّمَاهُوَ كَائِنٌ قَدْ قَدَّرَهْ

كُلُّ شَوْكٍ يَدُوْسُهُ حَيَوَانُ

كَانَ صِدْغاً أَوْ حَاجِباً لِغَرِيرِ

وَكَذَا الْلِّبْنُ فِي ذُرَى كَلِّ قَصْرٍ

رَأْسُ مَلْكٍ أَوْ إِصْبَعٌ لِوَزِيرِ

لاَ تَغْضَبَنَّ عَلَى النَّشَاوَى وَالْتَزِمْ

حُسْنَ السُّلُوْكِ وَسِيرَةَ الأَخْيَارِ

وَاشْرَبْ فَلَسْتَ بِشُرْبِهَا أَوْ تَرْكِهَا

تَرِدُ الْجِنَانَ وَأَنْتَ طُعْمَةُ نَارِ

أَخَافُ أَنْ لاَ أَعِيشَ بَعْدُ وَلاَ

أُدْرِكَ جَمْعَ الرِّفَاقِ إِنْ حَضَرُوا

فَلْنَغْتَنِمْ لَحْظَةً نَعِيشُ بِهَا

لَعَلَّ مِنْ بَعْدُ يَنْفَدُ الْعُمُرُ

قَالُوا أَلاَ إِنَّ النَّشَاوَى فِي لَظَى

قَوْلٌ لَهُ عَقْلُ الْمُفَكِّرِ مُنْكِرُ

إِنْ كَانَ مَنْ يَهْوَى وَيَسْكَرُ فِي لَظَى

سَتَرَى الْجِنَانَ كَرَاحَةِ الْيَدِ تُصْفِرُ

أَرَانِي مِنَ الصَّهْبَاءِ لَمْ أَصْحُ لَحْظَةً

وَأَثْمَلُ حَتَّى إِنْ تَكُنْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ

أُعَانِقُ دِنّاً أَوْ أُقَبِّلُ أَكْؤُساً

وَكَفِّي بِجِيدِ الْكُوْزِ تَبْقَى إِلَى الْفَجْرِ

وَشَيْخٌ بِنَوْمِ السُّكْرِ مُغْفٍ رَأَيْتُهُ

وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ فِطْنَةٌ وَشُعُوْرُ

حَسَاهَا وَأَغْفَى وَهُوَ نَشْوَانُ قَائِلاً

إِلَهِي لَطِيفٌ بِالْعِبَادِ غَفُوْرُ

قَدْ قِيلَ لِي قَلِّلْ تَعَاطِي الْخَمْرِ

بِأَيِّ عُذْرٍ لَمْ تَزَلْ فِي سُكْرِ

نُوْرُ الطِّلاَ عُذْرِي وَخَدُّ السَّاقِي

فَهَلْ تَرَى أَوْضَحَ مِنْ ذَا الْعُذْرِ

إِنَّ أَجْرَامَ ذَا الرَّوَاقِ الْمُعَلَّى

حَيَّرَتْ مِنْ ذَوِي النُّهَى الأَفْكَارَا

إِحْتَفِظْ فِي شَرِيفِ عَقْلِكَ وَأَنْظُرْ

دَوْرَ هَذِي الْمُدَبِّرَاتِ حَيَارَى

قُمْ أَيُّهَا الشَّيْخُ الْلَّبِيبُ مُسَارِعاً

وَانْظُرْ لِذَاكَ الطِّفْلِ يُذْرِي بِالثَّرَى

فَانْصَحْهُ أَنْ يُذْرِي بِرِفْقِ عَيْنَ بَرْ

وَيْزٍ وَمُخِّ قُبَادَ سُلْطَانِ الْوَرَى

لَمْ يَهْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ سِوَى امْرِءٍ

عَرَفَ الْوُجُودَ بِخَيْرِهِ وَبِشَرِّهِ

أَوْ غَافِلٍ عَنْ نَفْسِهِ وَزَمَانِهِ

لَمْ يَدْرِ مَا فِي نَفْسِهِ أَوْ دَهْرِهِ

هَلِ الْجَامُ مَهْمَا تَمَّ صُنْعاً وَدِقَّةً

يَرَى كَسْرَهُ مَنْ كَانَ مُنْتَشِياً سُكْرَا

فَفِيمَ بَرَى الْخَلاَّقُ سَاقاً لَطِيفَةً

وَرَأْساً وَكَفّاً ثُمَّ يَكْسِرُهَا كَسْرَا

لَوْ كَانَ لِي كَالْلَّهِ فِي فَلَكٍ يَدٌ

لَمْ أُبْقِ لِلأَفْلاَكِ مِنْ آثَارِ

وَخَلَقْتُ أَفْلاَكاً تَدُورُ مَكَانَهَا

وَتَسِيرُ حَسْبَ مَشِيئَةِ الأَحْرَارِ

مَا أَسْرَعَ مَا يَسِيرُ رَكْبُ الْعُمْرِ

قُمْ فَاغْنَمْ لَحْظَةَ الْهَنَا وَالْبِشْرِ

دَعْ هَمَّ غَدٍ لِمَنْ يَهِمُّوْنَ بِهِ

وَالْلَّيْلُ سَيَنْقَضِي فَجِئ بِالْخَمْرِ

قَالُوا دَعِ الرَّاحَ سَتَلْقَى الْبَلاَ

مِنْهَا وَتُلْقَى فِي لَظىً مُسْعَرَهْ

نَعَمْ وَلَكِنْ نَشْوَتِي لَحْظَةً

أَحْلَى مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الآخِرَهْ

أَوْجَدْتَنِي يَا رَبِّ مِنْ عَدَمٍ وَلِي

أَسْدَيْتَ فَضْلاً مَا لَهُ مِقْدَارُ

عُذْرِي بِأَنِّي عِنْدَ حُكْمِكَ عَاجِزٌ

مَا دَامَ يَوْماً مِنْ ثَرَايَ غُبَارُ

كَمْ جُبْتُ مِنْ وَادٍ وَسَهْلٍ دُوْنَ أَنْ

أَحْظَى بِتَحْسِينٍ لِبَعْضِ أُمُوْرِي

قَدْ سَرَّنِي أَنَّ الْحَيَاةَ قَدِ انْقَضَتْ

عَنِّي وَإِنْ تَكُ مَا انْقَضَتْ بِسُرُورِ

قَدْ دَاعَبَتْ رِيحُ الصَّبَا الْوَرْدَ وَقَدْ

هَاجَ الْهِزَارَ حُسْنُهُ فَاسْتَبْشَرَا

إِجْلِسْ لَدَى الزَّهْرِ فَكَمْ عَلَى الثَّرَى

تَنَاثَرَ الأَزْهَارُ إِذْ نَحْنُ ثَرَى

وَقد ورد البيت الثاني من الرباعية المذكورة بشكلٍ آخر هذا تعريبه:

إِجْلِسْ بِظِلِّ الزَّهْرِ فَالأَزْهَارُ كَمْ

مِنَ الثَّرَى بَدَتْ وَعَادَتْ لِلثَّرَى

أَلاَ لَيْتَ رَبِّي يَقْلِبَ الْكَونَ بَغْتَةً

وَيُنْشِؤُهُ حَالاً لأَنْظُرَ مَا يَجْرِي

فَإِمَّا يَزِيدُ الرِّزْقُ لِي أَوْ يُمِيتُنِي

وَيَمْحُو اٍسْمِيَ الْمَسْطُورَ مِنْ دَفْتَرِ الدَّهْرِ

هَاتِ الْمُدَامَ فَفِي الْفُؤَادِ لَوَاعِجٌ

وَالْعُمْرُ مِثْلُ الزِّئْبَقِ الْفَرَّارِ

إِنْهَضْ فَيَقْظَةُ عُمْرِنَا نَوْمٌ وَمَا

نَارُ الصِّبَا إِلاَّ كَمَاءٍ جَارِي

قَالُوا سَيَشْتَدُّ الْحِسَابُ بِنَا غَداً

وَيَضِيقُ صَدْرُ حَبِيبِنَا فِي الْمَحْشَرِ

أَيَكُونُ مِنْ حَسَنٍ سِوَى حَسَنٍ إِذَنْ

حَسُنَتْ عَوَاقِبُنَا فَطِبْ وَاسْتَبْشِرِ

سَأَلْتُكَ هَلْ زَادَتْ بِمُلْكِكَ طَاعَتِي

وَهَلْ أَنْقَصَتْ مِنْهُ خَطاَيَايَ مِنْ قَدْرِ

فَدَعْنِي وَدَعْ نَصْرِي فَطَبْعُكَ بَانَ لِي

سَرِيعٌ لِخِذْلاَنٍ بَطِيءٌ عَنِ النَّصْرِ

أُسْلُكْ سَبِيلَ بَنِي الْحَانَاتِ وَاسْعَ إِلَى

رَاحٍ وَعُودٍ وَظَبْيٍ يبهج النظر

في الكف كأس ُ وفوق المتنِ كُوزُ طِلا

ءِ شْرَبْ حَبِيبِي الْحُمَيَّا وَاتْرُكِ الْهَذَرَا لَمْ

لم يَنَمُ فِي الصَّحْرَاءِ رَوْضُ شَقَائِقٍ

إلا وكان دماً جرى لأميرِ

وَكَذَاكَ كُلُّ وُرَيْقَةٍ بِبَنَفْسَجٍ

خال ُبدا منا بِخدِ غريرِ

إِنْ كُنْتَ تَفْقَهُ يَا هَذَا الْفَقِيهُ فَلِمْ

تلحو فلاسفةً دانو بأفكار

هُمْ يَبْحَثُونَ عَنِ الْبَارِي وَصَنْعَتِهِ

وانْتَ تبْحث ُعن حيضٍ وأقْذارِ

أَتَدْرِي لِمَاذَا يُصْبِحُ الدِّيْكُ صَائِحاً

يُرَدِّدُ لَحْنَ النَّوْحِ فِي غُرَّةِ الْفَجْرِ

يُنَادِي لَقَدْ مَرَّتْ مِنَ الْعُمْرِ لَيْلَةٌ

وَهَا أَنْتَ لَمْ تَشْعُرْ بِذَاكَ وَلَمْ تَدْرِي

هَذَا الْفَضَاءُ الَّذِي فِيهِ نَسِيرُ حَكَى

فَانُوسَ سِحْرٍ خَيَالِياً لَدَى النَّظَرِ

مِصْبَاحُهُ الشَّمْسُ وَالْفَانُوسُ عَالَمُنَا

وَنَحْنُ نَبْدُوْ حَيَارَى فِيهِ كَالصُّوَرِ

إِذَا لَمْ أَنَلْ وَرْداً فَحَسْبِيَ شَوْكُهُ

وَإِنْ لَمْ أَنَلْ نُوْراً كَفَتْ عِنْدِيَ النَّارُ

وَإِنْ لَمْ أَكُنْ شَيْخاً بِبُرْدٍ وَتَكْيَةٍ

فَحَسْبِيَ نَاقُوْسٌ وَدَيْرٌ وَزِنَّارُ

دَخَلْتُ فِي الْحَانِ نَشْوَاناً وَكَانَ بِهِ

شَيْخٌ عَلَى مَتْنِهِ كُوْزٌ وَقَدْ سَكِرَا

فَقُلْتُ هَلاَّ مِنَ الْلَّهِ اعْتَرَاكَ حَيّاً

قَالَ احْسِهَا فَهْوَ يَعْفُوْ وَاتْرُكِ الْهَذَرَا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي