رباعيات الخيام/حرف الدال

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

حرف الدال

حرف الدال - رباعيات الخيام

لاَ يُوْرِثُ الدَّهْرُ إِلاَّ الْهَمَّ وَالْكَمَدَا

وَالْيَوْمَ إِنْ يُعْطِ شَيْئاً يَسْتَلِبْهُ غَدَا

مَنْ لَمْ يَجِيْئُوا لِهَذَا الدَّهْرِ لَوْ عَلِمُوا

مَاذَا نُكَابِدُ مِنْهُ مَا أَتَوْا أَبَدَا

إِنْ لَمْ يَكُنْ حَظُّ الْفَتَى فِي دَهْرِهِ

إِلاَّ الرَّدَى وَمَرَارَةَ الْعَيْشِ الرَّدِي

سَعِدَ الَّذِي لَمْ يَحْيَى فِيْهِ لَحْظَةَ

حَقاً وَأَسْعَدُ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُوْلَدِ

لَثِمْتُ مِنْ جَرَّةِ الصَّهْبَاءِ مَرْشَفَهَا

حِرْصاً لأَسْأَلَ مِنْهَا عِيشَةَ الأَبَدِ

فَقَابَلَتْ شَفَتِي بِالْلَّثْمِ قَائِلَةً

سِراً أَلاَ اشْرَبْ فَإمَّا رُحْتَ لَمْ تَعد

أَتْرِعْ كُئوسَكَ فَالصَّبَاحُ قَدِ انْجَلَى

رَاحَا لَهَا يَغْدُو الْعَقِيقُ حَسُودَا

وَهَلُمَّ بِالْعُودَيْنِ وَاكْتَمِلِ الْهَنَا

وَقِّعْ عَلَى عُوْدٍ وَأَحْرِقْ عُوْدَا

إِرْتَشِفْهَا فَذَا لَعَمْرِي الْخُلُودُ

فِيهِ تَمْتَازُ لِلشَّبَابِ عُهُودُ

ذَا أَوَانُ الأَزْهَارِ وَالرَّاحِ وَالصُّحْ

بُ نَشَاوَى فَاهْنَأْ فَهَذَا الْوُجُودُ

أَلْعِيدُ جَاءَ فَسَوفَ يُصْلِحُ أَمْرَنَا

وَالرَّاحُ لِلإِبْرِيقِ سَوفَ تَعُودُ

وَيَفُكُّ عَنْ هَذِي الْحَمِيرِ لِجَامَهَا

بِالصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ هَذَا الْعِيْدُ

لَيْسَ لِذَا الْعَالَمِ ابْتِدَاءٌ

يَبْدُو وَلاَ غَايَةٌ وَحَدُّ

وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَقُولُ حَقّاً

مِنْ أَيْنَ جِئْنَا وَأَيْنَ نَغْدُو

إِنْ لَمْ يُطِقْ أَحَدٌ مِنَّا ضَمَانَ غَد

فَطِبْ بِذَا الْوَقْتِ نَفْساً وَانْتَعِشْ كَبِدَا

وَاشْرَبْ عَلَى ضَوْءِ ذَا الْبَدْرِ الْمُنِيرِ فَكَم

يُضِيءُ بَعْدُ وَمِنَّا لاَ يَرَى أَحَدَا

لَئِنْ جَالَسْتَ مَنْ تَهْوَاهُ عُمْراً

وَذُقْتَ جَمِيْعَ لَذَّاتِ الْوُجُوْدِ

فَسَوْفَ تُفَارِقُ الدُّنْيَا كَأَنَّ

الَّذِي شَاهَدْتَ حُلْمٌ فِي هُجُوْدِ

لاَ تَخْشَ حَادِثَةَ الزَّمَانِ فَإِنَّهَا

لَيْسَتْ بِدَائِمَةٍ عَلَيْنَا سَرْمَدَا

وَاغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ فِي طَرَبٍ وَلاَ

تَحْزَنْ عَلَى أَمْسٍ وَلاَ تَخْشَ الْغَدَا

عَادَ السَّحَابُ عَلَى الْخَمَائِلِ بَاكِياً

فَالْعَيْشُ لاَ يَصْفُو بِدُونِ الصَّرْخَدِ

هَذِي الرِّيَاضُ الْيَوْمَ مُنْتَزَهٌ لَنَا

فَلِمَنْ رِيَاضُ رُفَاتِنَا هِيَ فِي غَدِ

أَرَى أُنَاساً عَلَى الْغَبْرَاءِ قَدْ هَجَدُوا

وَمَعْشَراً تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى رَقَدُوا

وَإِنْ نَظَرْتُ لِصَحْرَاءِ الْفَنَاءِ أَرَى

قَوْماً تَوَلَّوْا وَقَوْماً بَعْدُ لَمْ يَرِدُوا

إِجْلِسْ إِلَى الرَّاحِ تَبْلُغْ مُلْكَ مَحْمُوْدِ

وَأَصْغِ لِلْعُوْدِ تَسْمَعْ لَحْنَ دَاوُدِ

دَعْ ذِكْرَ مَا لَمْ يَجِيءْ أَوْ مَا أَتَى وَمَضَى

وَالآنَ فَاهْنَأْ فَهَذَا خَيْرُ مَقْصُوْدِ

إِنَّ الأُلَى بَلَغُوا الْكَمَالَ وَأَصْبَحُوا

مَا بَيْنَ صَحْبِهِمُ سِرَاجَ النَّادِي

لَمْ يَكْشِفُوا حَلَكَ الدَّيَاجِي بَلْ حَكَوا

أُسْطُوْرَةً ثُمَّ انْثَنَوْا لِرُقَادِ

لَئِنْ سَقَانِي فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ رَشاً

فِي الرَّوْضِ كَأْساً دِهَاقاً تُنْعِشُ الْكَبِدَا

وَإِنْ يَكُن لَمْ يَرُقْ هَذَا الْمَقَالُ فَتي

فَالْكَلْبُ يَفْضُلُنِي إِنْ أَذْكُرِ الْخُلُدَا

يَا رَبِّ إِنَّكَ ذُو لُطْفٍ وَذُو كَرَمٍ

فَفِيمَ لاَ يَدْخُلَنَّ الْمُذْنِبُ الْخُلُدَا

مَا الْجُودُ إِعْطَاءُ دَارِ الْخُلْدِ مُتَّقِياً

إِنَّ الْعَطَاءَ لأَصْحَابِ الذُّنُوبِ نَدَى

بِجَمِيلِ الآمَالِ أَفْنَيْتُ عُمْرِي

دُونَ أَنْ أَبْلُغَنَّ يَوْماً مُرَادَا

أَنَا أَخْشَى أَنْ لاَ يُسَاعِدَنِي الْعُمْ

رُ لأَشْفِي مِنَ الزَّمَانِ الْفُؤَادَا

يَبُثُّكَ عَقْلٌ لِلسَّعَادَةِ طَالِبٌ

مَدَى كُلّ يَومٍ نُصْحَهُ وَيُرَدِّدُ

أَلاَ اغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ لَسْتَ بِنَبْتَة

تَعُودُ فَتَنْمُو بَعْدَ مَا هِي تُحْصَدُ

أَلاَ إِنَّ مَنْ زَانُوا الْوُجُودَ بِخَلْقِهِمْ

أَتَوْا وَتَوَلَّوْا ثُمَّ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ

فَكَمْ فِي السَّمَا وَالأَرْضِ خَلْقٌ وَأَنْفُسٌ

تَجِيءُ لِهَذَا الْكَوْنِ مَا بَقِيَ الْفَرْدُ

دَعْ ذِكْرَ أَمْسٍ فَهُوَ قَدْ مَرَّ وَدَعْ

ذِكْرَ غَدٍ فَإِنَّهُ مَا وَرَدَا

لاَ تُعْنَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ وَمَا مَضَى

وَاشْرَبْ لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْعُمْرُ سُدَى

لَسْتُ لِدَيْرٍ صَالِحاً كَلاَّ وَلاَ لِمَسْجِدِ

أَللَّهُ أَدْرَى بِثَرىً كَوَّنَ مِنْهُ جَسَدِي

لاَ دِينَ أَوْ دُنْيَا وَلاَ أَرْجُو الْجِنَانَ فِي غَدٍ

كَمُوْمِسٍ دَمِيمَةٍ أَوْ كَفَقِيرٍ مُلْحِدِ

لِهَلاَكِنَا تَجْرِي السَّمَاءُ وَمَا لَهَا

إِلاَّ اغْتِيَالُ نُفُوسِنَا مِنْ مَقْصَدِ

إِجْلِسْ بِزَاهِي الرَّوْضِ وَارْتَشِفِ الطَّلاَ

فَالرَّوْضُ يَنْبُتُ مِنْ ثَرَانَا فِي غَدِ

كَالمَاءِ فِي النَّهْرِ أَوْ كَالرِّيحِ وَسْطَ فَلاَ

الأَمْسُ مِنْ عُمُرِنَا وَلَّى وَلَمْ يَعُدِ

يَوْمَانِ مَا عِشْتُ لاَ أَعْنَى بِأَمْرِهِمَا

يَوْمٌ تَوَلَّى وَيَوْمٌ بَعْدُ لَمْ يَرِدِ

إِنَّ ذَاكَ الْقَصْرَ الَّذِي زَاحَمَ الْ

أُفُقَ وَخَرَّتْ لَهُ الْمُلُوكُ سُجُودَا

هَتَفَ الْوِرْقَ فِي ذُرَاهُ يُنَادِي

أَيْنَ مَنْ صَيَّرُوا الْمُلُوكَ عَبِيدَا

أُقْطُفْ وَعَاقِرْ كَأْسَهَا مَعَ شَادِنٍ

كَالسَّرْوِ قَداً وَالزُّهُورِ خُدُودَا

فَسَيَغْتَدِي كَالْوَرْدِ مِنْ كَفِّ الرَّدَى

ثَوْبُ الْحَيَاةِ مُخَضَّباً مَقْدُودَا

مَا نَفَعَ الدَّهْرَ مَجِيئِي وَلاَ

يَزِيدُهُ شَأْنَاً رَحِيلِي غَدَا

مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ مِنْ قَائِلٍ

مَا نَفْعُ ذَا الْعَيْشِ وَجَدْوَى الرَّدَى ؟

سُرُورُ حَشاً يَفُوقُ لَدَيَّ أَجْراً

عَلَى تَعْمِيرِ أَنْحَاءِ الْوُجُودِ

وَجَعْلِ الْحُرِّ بِالإِحْسَانِ عَبْداً

أَرَاهُ يَفُوقُ تَحْرِيرَ الْعَبِيدِ

لِلنَّجْمِ يَعْلُوْ زَفِيرِي كُلَّ دَاجِيَةٍ

وَسَيْلُ دَمْعِي يَمُدُّ الْبَحْرَ فِي مَدَدِ

قَدْ قُلْتَ لِي سَوْفَ نَحْسُو الرَّاحَ بَعْدَ غَدٍ

لَعَلَّ عُمُرِيَ لاَ يَمْتَدُّ بِي لِغَدِ

خَلِّ الْهَنَاءَ فَعُمُرُنَا نَفَسٌ وَمِنْ

جَمْشِيدَ ذَرَّاتُ الثَّرَى وَقُبَادِ

لَيْسَ الْوُجُودُ وَعُمْرُنَا الْفَانِي سِوَى

وَهْمٍ وَتَضْلِيلٍ وَحُلْمِ رُقَادِ

قَالَ شَيْخٌ لِمُومِسٍ 'أَنْتِ سَكْرَى

كُلَّ آنٍ بِصَاحِبٍ لَكِ وَجْدُ'

فَأَجَابَتْ 'إِنِّي كَمَا قُلْتَ لَكِنْ

أَنْتَ كَمَا لَدَى النَّاسِ تَبْدُو ؟ '

دَعْ كُلَّ قَلْبٍ لَمْ يُمَازِجْهُ الْهَوَى

أَحَوَاهُ دَيْرٌ أَمْ حَوَاهُ مَسْجِدُ

وَبِدَفْتَرِ الْعُشَّاقِ مَنْ خُطَّ اسْمُهُ

لَمْ يَعْنِهِ خُلْدٌ وَنَارٌ تُوقَدُ

يَا صَاحِبَ الدَّلِّ هَذَا الْفَجْرُ لاَحَ فَقُمْ

وَغَنِّ وَاشْرَبْ وأَطْفِئْ حُرْقَةَ الْكَبِدِ

فَمَنْ تَرَاهُمْ هُنَا لَنْ يَلْبَثُوا أَمَداً

وَلَنْ يَعُودَ مِنَ الْمَاضِينَ مِنْ أَحَدِ

أَلْمَالُ إِنْ لَمْ يَغْدُ ذُخْرَ أُوْلِي النُّهَى

فَالْفَاقِدُونَ لَهُ بِعَيْشٍ أَنْكَدِ

أَضْحَى الْبَنَفْسَجُ مُطْرِقاً مِنْ فَقْرِهِ

وَالْوَرْدُ يَضْحَكُ لاِقْتِنَاءِ الْعَسْجَدِ

كَانَ هَذَا الْكُوْزَ مِثْلِي عَاشِقاً

وَالِهاً فِي صِدْغِ ظَبْيٍ أَغْيَدِ

وَأَرَى عُرْوَتَهُ كَانَتْ يَداً

طَوَّقَتْ جِيدَ حَبِيبٍ أَجْيَدِ

تُسَائِلُنِي مَا هَذِهِ النَّفْسُ إِنْ أَقُلْ

حَقِيقَتَهَا يَضْفُو الْكَلامُ وَيَمْتَدُّ

هِيَ النَّفْسُ مِنْ بَحْرٍ بَدَتْ ثُمَّ إِنَّهَا

تَغِيبُ بِذَاكَ الْبَحْرِ يَا صَاحِ مِنْ بَعْدُ

قَضَيْنَا وَلَمَّا نَقْضِ وَاأَسَفِي الْمُنَى

وَمِنْجَلُ ذِي الزَّرْقَاءِ لَجَّ بِنَا حَصَدَا

فَلَهْفَاهُ مَا كِدْنَا لِنَفْتَحَ طَرْفَنَا

إِلَى أَنْ فَنِينَا دُوْنَ أَنْ نُدْرِكَ الْقَصْدَا

أَيَا خَزَّافُ إِنْ تَشْعُرْ فَحَاذِرْ

إِلَى مَ تُهِينُ أَنْتَ ثَرَى الْعِبَادِ

سَحَقْتَ بَنَانَ إِفْرِيدُونَ ظُلْماً

وَدُسْتَ الْكَفَّ مِنْ كِسْرَى قُبَادِ

إِلَيْكَ نُصْحِي إِذَا مَا كُنْتَ مُسْتَمِعاً

لاَ تَلْبِسَنْ ثَوْبَ تَدْلِيسٍ عَلَى الْجَسَدِ

الْعُمْرُ يَفْنَى وَعُقْبَى الْمَرْءِ دَائِمَةٌ

فَلاَ تَبِيعَنْ بِفَانٍ عِيشَةَ الأَبَدِ

قَدْ قِيلَ لِي رَمَضَانُ جَاءَ فَسَوْفَ لاَ

تَسْطِيعُ رَشْفاً لاِبْنَةِ الْعُنْقُودِ

فَسَأَحْتَسِي بِخِتَامِ شَعْبَانَ الطِّلاَ

عَلاَّ لِتَصْرَعَنِي لِيَوْمِ الْعِيدِ

خُذْ بِالسُّرُورِ فَكَمْ بِفِكْرِكَ فَكَّرُوا

بِالأَمْسِ دُونَ بُلُوغِ أَدْنَى مَقْصَدِ

وَانْعَمْ فَإِنَّهُمُ بِأَمْسٍ قَرَّرُوا

لَكَ دُونَ أَنْ تَدْعُوهُمُ أَمْر الْغَدِ

يَا مَنْ تَوَلَّدَ مِنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعَةٍ

وَرَاحَ مِنْهَا يُعَانِي سَعْيَ مُجْتَهِدِ

إِشْرَبْ فَكَمْ لَكَ قَدْ كَرَّرْتُ مَوْعِظَتِي

إِنْ رُحْتَ رُحْتَ وَلَمْ تَرْجِعْ وَلَم تَعُدِ

لاَ عَيشَ لِي بِسِوَى صَافِي الْمُدَامِ وَلاَ

أُطِيقُ حَمْلاً بِدُونِ الرَّاحِ لِلْجَسَدِ

مَا أَطْيَبَ السُّكْرَ وَالسَّاقِي يُنَاوِلُنِي

كَأْساً وَتَعْجَزُ عَنْ أَخْذِ الْكُؤُوسِ يَدِي

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي