ديوان الصبابة/ذكر ما يعتري الحب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

ذكر ما يعتري الحب

ذكر ما يعتري الحب - ديوان الصبابة

ذكر ما يعتري الحب

من اصفرار لونه عند رؤية محبوبه

وخفقان قلبه وطيران عقله

قال صاحب روضعة المحبين:وقد اختلف في سبب هذه الروعة والفزع والاضطراب فقيل سببه أن للمحبوب سلطاناً على قلب محبه أعظم من سلطان الرعية فإذا رآه فجأة راعه ذلك كما يرتاع من يرى من يعظمه فجأة فإن القلب معظم للمحبوب خاضع له والشخص إذا فجأه المعظم عنده راعه ذلك وقيل سببه انفراج القلب له ومبادرته إلى تلقيه فيهرب الدم منمه فيبرد ويرعد ويحدث الاضطراب والرعدة وربما مات وبالجملة فهذا أمر ذوقي وجداني وإن لم يعرف سببه ومن أحسن ما قيل في الاعتذار عن خفقان القلب عند رؤية المحبوب قول الوراق الخطيري:

يقول لي حين وافى

قد نلت ما ترتجيه

فما لقلبك قدجا

خفقه يعتريه

فقلت وصلك عرس

والقلب يرقص فيه

ومثله قول الآخر:

لا تنكروا خفقان قلبي

والحبيب لدي حاضر

ما القلب إلا داره

دقت له فيها البشائر

وما أحسن قول ابن سنا الملك:

أما والله لولا خوف سخطك

لهان عليّ ما القى برهطك

ملكت الخافقين فتهت عجبا

وليس هما سوى قلبي وقرطك

وقال معين الدين:

لم أنسه إذ قال أين تحلني

حذراً علي من الخيال الطارق

فأجبت في قلبي فقال تعجباً

أرأيت عمرك ساكناً في خافق

وقال آخر:

وسكنت قلباً خافقاً

يأساً كنا في غير ساكن

وقال الطغرائي:

مرض النسيم وصح والداء الذي

أشكوه لا يرجى له فراق

هذا خفوق البرق والداء الذي

ضمت عليه جوانحي خفاق

أورد الابن الأبار في تحفة القادم.

حتى إذا مالت به سنة الكرى

زحزحته شيئاً وكان معانقي

أبعدته عن أضلع تشتاقه

كي لا ينام على وساد خافق

ثم قال نسب بعض أهل عصرنا ابن تقي إلى الجفاء في قوله ابعدته:

عن أضلع تشتاقه ولو قال

أبعدت عنه أضالعاً تشتاقه

لكان أحسن ثم ذكر بعدها مما فضلوه على قول ابن تقي المذكور قول ابن الحكم جعفر بن عنان:

إن كان لا بد من رقاد

فأضلعي هاك عن وسادي

ونم على خفقها هدوّاً

كالطفل في هزة المهد

وقال ابن الأثير في المثل السائر في أبيات ابن تقي المذكور وهذا من الحسن والملاحة بالمكان الأقصى ولقد خفت معانيه على القلوب حتى كادت ترقص رقصاً والبيت الأخير هو الموصوف بالابداع وبه وبأمثاله أقرت الأبصار بفضل الإسماع وقلت أنا موافقا لأهل ذلك العصر في الرد على ابن تقي:

أتاني زائر فحكى الهلالا

وأتبعه صدوداً واستطالا

فقلت له فقال لا لا

دوام الوصل يورثك الملالا

الباب السادس

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي