جمهرة الأمثال/تحفظ أخاك إلا من نفسه

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

تحفظ أخاك إلا من نفسه

تحفظ أخاك إلا من نفسه - جمهرة الأمثال

معناه انك تحفظه من الناس إذا كادوه، فأما إذا كاد هو نفسه، وأساء إليها لم تقدر على حفظه منها.والفرس تقول: ليس لجناية المرء على نفسه دواء، وإذا كان اللص من الأهل لم يمكن التحفظ منه، ونحوه قول الآخر: أنا أرفعك، ونفسك تضعك، وأعلم أن الغلبة لك. 373 قولهم: تحت الرغوة الصريحيضرب مثلاً للأمر تظهر حقيقته بعد خفائها.والمثل لعامر بن الظرب، أخبرنا أبو أحمد، عن أبي بكر بن دريد، عن عمه، عن أبيه، عن ابن الكلبي، قال: كان عامر بن الظرب يدفع بالناس في الحج، فحج ملك من ملوك حمير، فرآه فقال: لا أترك هذا المعدي حتى أذله، وأفسد عليه أمره فلما رجع إلى بلده، وصدر الناس أرسل إليه أني أحب أن تزورني، فأحبوك وأكرمك، وأتخذك خلاً وصديقاً، فأتى قومه فقالوا: انفذ وننفذ معك فنتجه بجاهك، فخرج وأخرج معه نفراً، فلما قدم بلاد الملك تكشف له رأيه، وأبصر سوء ما صنه بنفسه، فقال: ألا ترون أن الهوى يقظان، وأن العقل نائم ! وهو أول من قاله، فمن هناك يغلب الرأي الهوى، ومن لم يغلب الهوى بالرأي ندم، عجلت حين عجلتم، ولن أعود بعد ما أعجل برأي، إنا قد تورطنا في بلاد هذا الملك، فلا تسبقوني بريث أمر أقيم عليه، ولا بعجلة رأي أخف معه، دعوني وحيلتي فإن رأيي لي ولكم.فلما قدم على الملك ضرب عليه قبةً وأكرمه، وأكرم أصحابه، فقالوا: قد أكرمنا كما ترى، وبعدها ما هو خير، فقال: لا تعجلوا، فإن لكل عام طعاماً، ولكل راع مرعىً، ولكل مراح مريحاً، وتحت الرغوة الصريح.وهو أول من قاله، فمكثوا أياماً، ثم بعث إليه الملك فتحدث عنده، وقال: إني قد رأيت أن أجعلك الناظر في أمور قومي، فقد ارتضيت عقلك، فافرغ لما أريد.قال: أحسب أن رغبتك في قربي بلغت بي أن تخلع لي ملكك، وقد تفضلت إذ أهلتني لهذه المنزلة، ولي كنز علم لست أعمل إلا به، تركته في الحي مدفوناً، وإن قومي أضناء بي، فاكتب لي سجلاً بجباية الطريق، فيرى قومي طمعاً تطيب أنفسهم به عني، فأستخرج كنزي، وأرجع إليك، فكتب له سجلاً بجباية الطريق، وجاء أصحابه فقال: ارتحلوا، حتى إذا برزوا قالوا: لم نر كاليوم وافد قوم أقل ولا أبعد من نوال منك، فقال لهم: مهلاً فإنه ليس على الرزق فوت، وغانم من نجا من الموت، والملك خوف، والسيف حيف، ومن لم ير باطناً يعش واهناً، فلما قدم على قومه قال: رب أكلةً تمنع أكلات وهو أل من قاله، فأقام ولم يرجع.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي