جمهرة الأمثال/الخلاء بلاء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الخلاء بلاء

الخلاء بلاء - جمهرة الأمثال

المثل للقمان بن عاد، أخبرنا أبو أحمد، قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد، عن السكن بن سعيد، عن محمد بن عباد، عن ابن الكلبي، عن عوانة قال: خرج لقمان يطوف، فإذا هو بخباء في قفر من الأرض، وامرأة جالسة في ظله ومعها رجل تحدثه، وإذا بو بالفناء، وسقب ناقة، وصبي يبكي في كسر الخباء، لا يرفعان به رأساً، فوقف لقمان، فحيا فلم يردا عليه، فقال: شغلك بنفسك، لا شغلك بغيرك، فأرسلها مثلاً، ثم سلم الثانية فردا، والتفت فلم ير حولهما أحداً، فقال: ، ورب داعية لواعية فأرسلها مثلاً، فقالت: من أنت ؟ قال: من بعض هذه البلاد، من واد إلى واد، وإن مجلسكما لطريف غير تليد، قالت: وما أدراك ؟ قال: الطريف خفيف، والتليد بليد، قالت: ما حاجتك ؟ قال: طفيف لو وجدت من يضيف، قالت: ما هو ؟ قال: اسقوني، قالت: أيهما أحب إليك اللبن أم الماء ؟ قال: كلاً، قالت: فإن اللبن وراءك والماء أمامك.قال: المنع أوجز، فأرسلها مثلاً، قال: من هذا الذي معك ؟ قالت: أخي، قال: رب أخ لم تلده أمك، فأرسلها مثلاً.قال: فأين شبهه منك ؟ قالت: إنك لكثير الكلام، قال: الكلام يجر الخصام، قالت: أغيران أنت لغيرك ؟ ! قال: من لا يغضب للناس لا يغضبون له، قالت: انطلق لحال بالك، قال: ذاك الموت وليس بيدك، قالت: اذهب لشأنك، قال: لو قضيت أرباً لرأيت مذهباً، أما لكم في صبيكم هذا حاجة ؟ قالت: دع عنك ما لا يعنيك.قال: رب ما لا يعنيك سيعنيك فأرسلها مثلاً، فقال: أكفلوني هذا الصبي، قالت: ذاك إلى هانئ، قال: وهانئ من العدد فأرسلها مثلاً، والتفت فإذا أثر يد عسراء عند الطنب، فعرف أنه زوجها، فقال: ثكلت الأعسر أمه، لو علم لطال غمه فأرسلها مثلاً، فلما سمعت ذلك قالت: انزل نطعمك ونسقك، قال: منعت واحداً وجدت باثنين، البين البين، والعيش بالهين خير من الأكل باليدين فأرسلها مثلاً.فقالت: انزل فعندنا ما تحب، قال: المبيت على الطوى، وطي الحشا، حتى أصيب المثوى أحب إلي من أخذ ما لا أهوى.ثم مضى فتلقى زوجها في طرف الأصيل، وهو يطرد إبله، ويقول:

سيري إلى الحي ففيهم نفسي

فعيشتي يوم أزور عرسي

حسانة المقلة ذات أنس

لن أشري اليوم لها بالأمس

فقال له لقمان: يا هانئ، قال: لبيك، وما أعلمك اسمي وأنا أعرف بكنيتي ؟ ! فقال: علمنيه البجاد ذو الحلكة، والزوجة المشتركة، قال: نور نور، ولا تبعثر، قال: البعثرة تخرج الخبأة، وعلي التنوير وعليك التغيير، فرويداً إبلك، لست لمن ليس لك، قال: ما أدراك أن الإبل إبلي، والأهل أهلي ؟ قال: رأيت عفاء هذه الإبل على الباب، وسقب هذا الناب، وأثر يدك في الأطناب، قال: نشدتك هل رأيت من ريبة ؟ قال: الريبة القريبة، قال: هل لامرأتك من أخ لا يشبهها ؟ قال: لا والكعبة، قال: احترس واضرب، وأقم ولا تغب، قال: لا بد من غفلة، والغفلة معها الهفوة، ويسير الشر شوىً مع كثيره فأرسلها مثلاً، قال: أفلا أبدؤها بكية تزيرها المنية ؟ قال: اللحي أيسر من الوهي، وآخر الدواء الكي.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي