إذا عز أخوك فهن
المثل لهذيل بن هبيرة التغلبي، وكان أغار على بني ضبة، فأقبل بما غنم، فقال أصحابه: اقسم بيننا غنيمتنا ؛ فقال: أخاف الطلب ؛ فأبوا إلا القسم، فقال: ، وقسم بينهم ؛ ومعناه: إذا صعب أخوك فلن ؛ فإنك إن صعبت أيضاً كانت الفرقة ؛ يقال: عز يعز عزة ؛ إذا اشتد، وعز علي كذا: أي اشتد، واستعز الوجع بالمريض، أي اشتد وعز، والارض العزاز: الصلبة الشديدة، وعزني في الخطاب: اشتد فيه حتى غلبني.وهن، من قولهم: فلان هين لين ؛ إذا كان سهلا منقاداً ؛ وليس من الهوان، ورجل هين لين، وهين لين ؛ لغتان ؛ قال الشاعر:
هينون لينون أيسار ذوو يسر
أرباب مكرمة أبناء أيسار
وتقول الفرس في معنى هذا المثل:
إذا ما حمار السوء لم يأت حمله
نفاراً فأدن الحمل منه وحمل
وأخذ معاوية معنى هذا المثل فقال: لو أن بيني وبين الناس شعرةً ممدودةً ما انقطعت ؛ لاني إذا مدوا أرسلت، وإذا أرسلوا مددت.وقال زياد: إياكم ومعاوية ؛ فإنه إذا طار الناس وقع، وإذا وقعوا طار. قال الزجاج: قوله: فهن بضم الهاء خطأ ؛ إنما هو: فهن، بكسر الهاء، قال: وهن بالضم من الهوان ؛ وليس له ها هنا موضع ؛ وليس كما قال ؛ إنما هو من الهون ؛ وهو الرفق واللين، وفي القرآن: على الارض هوناً. 42 قولهم: إذا لم تغلب فاخلبمعناه: إذا لم تدرك الحاجة بالغلبة والاستعلاء فاطلبها بالرفق والمداراة، وأصل الخلابة الخداع ؛ ومنه قيل: برق خلب، إذا ومض من غير مطر ؛ كأنه يخدع الشائم ؛ وبه سميت المرأة خلوباً. وله وجه آخر: وهو أنه يريد: إذا لم تغلب عدوك بجلدك وقوتك فاخدعه وامكر به ؛ فإن المماكرة في الحرب أبلغ من المكاثرة والجلد ؛ وهو على حسب قول النبي صلى الله عليه وسلم: 'الحرب خدعة' ؛ أخبرنا أبو أحمد، قال: أخبرنا ابن أخي أبي زرعة، قال: حدثنا عمر قال: حدثنا الحوضي، قال: حدثنا الحسن بن أبي جعفر، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك بن كعب، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قلما أراد سفراً أو غزواً إلا ورى بغيره، وكان يقول: 'الحرب خدعة' أو 'خدعة'، والوجه الخدعة بالفتح. وقال بعض الحكماء: نفاذ الرأي في الحرب أنفع من الطعن والضرب.