إذا جاء الحين حار العين
الحين: الأجل، ويقال له بالفارسية: هوش.وحار: تحير.وقال ناظم كتاب كليلة:
ما لقي الناس من الآجال
كأنها مصيدة الآمال
ولم يقولوا هاهنا: حارث العين ؛ لتقدم الفعل الفاعل، ولان الاسم المؤنث الذي لا علم فيه للتأنيث وليس تأنيثه حقيقياً ربما ذكر ؛ مثل العين والأذن والسماء والأرض، وقد قال الشاعر:
والعين بالإثمد الحاري مكحول
ولم يقل: 'مكحولة'. ويقال في هذا المعنى: 'إذا جاء القدر عشي البصر' وقال نافع بن الأزرق لابن عباس: تقول: إن الهدهد إذا نقر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين الماء، فكيف لا يبصر شعيرة الفخ حتى يصاد ! فقال ابن عباس: إذا جاء القدر عشي البصر.ومثله قول أكثم بن صيفي: 'من مأمنه يؤتى الحذر'. وقال الآخر:
وكيف توقي ظهر ما أنت راكبه
أي كيف تنجو مما أنت حاصل فيه !وقال أوس بن حارثة لابنه: إنما تعز من ترى، ويعزك من لا ترى. وقلت:
وقد يعرض المحذور من حيث يرتجى
ويمكنك المرجو من حيث يتقى
وقيل: لا ينفع سهولة المطلب مع وعورة القدر، ولا يغني الحذر إذا حم القدر، وإذا حم القدر دم البصر، وإذا أبرم القدر حسن الظفر، وإذا حان القضاء ضاق الفضاء.وقال الشاعر:
ذهب القضاء بحيلة المحتال
ومعنى قوله: 'دم البصر'، أي سد كأنه طلي بشيء، من قولك: دممت القدر ؛ إذا طليتها بالطحال.