أنف في السماء واست في الماء
يضرب مثلاً للمتكبر الصغير الشأن، ومنه قول الراجز وهو الأعشى:
أنوفهم ملفخر في أسلوب
وشعر الأستاه بالجبوب
الأسلوب: الطريقة، يقال: أخذ في أساليب من القول، أي في طرق منه، والجبوب يعني الأرض.وخرجت خارجة بخراسان فقيل لقتيبة بن مسلم: لو وجهت إليهم وكيع بن أبي سود، قال: وكيع رجل عظيم، في أنفه خنزوانة، وفي رأسه نعرة، وإنما أنفه في أسلوب، ومن عظم كبره اشتد عجبه، ومن أعجب برأيه لم يشاور كفيئاً، ولم يؤامر نصيحاً، ومن تفرد بالنظر لم يكمل له الصواب، ومن تبجح بالانفراد، وفخر بالاستبداد كان من الصواب بعيداً، ومن الخذلان قريباً، والخطأ مع الجماعة خير من الصواب مع الفرقة وإن كانت الجماعة تخطئ والفرقة تصيب، ومن تكبر على عدوه حقره، وإذا حقره تهاون بأمره، ومن تهاون بخصمه، ووثق بفضل قوته، قل احتراسه، ومن قل احتراسه كثر عثاره، وما رأيت عظيم الكبر صاحب حرب إلا كان منكوبا، ولا والله حتى يكون عدوه عنده، وخصمه فيما يغلب عليه أسمع من فرس، وأبصر من عقاب، وأهدى من قطاة، وأحذر من عقعق، وأشد إقداماً من الأسد، وأوثب من الفهد، وأحقد من جمل، وأروغ من ثعلب، وأغدر من ذئب، وأسخى من لافظة، وأشح من ظبي، وأجمع من ذرة، وأحرس من كلب، وأصبر من ضب، فإن النفس تسمح من العناية على قدر الحجة، وتتحفظ على قدر الخوف، وتطلب على قدر الطمع، وتطمع على قدر السبب.