تلك الدجنة آذنت بجلاء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة تلك الدجنة آذنت بجلاء لـ خليل مطران

اقتباس من قصيدة تلك الدجنة آذنت بجلاء لـ خليل مطران

تِلْكَ الدُّجُنَّةُ آذَنَتْ بِجَلاَءِ

وَبَدَا الصَّبَاحُ فَحَيِّ وَجْهَ ذُكَاءِ

أَلعَدْلُ يَجْلُوهَا مُقِلاًّ عَرشَهَا

وَالظُّلمُ يَعْثُرُ عَثْرَةَ الظَّلْمَاءِ

يَا أَيُّهَا اليَومُ العَظِيمُ تَحِيَّةً

فُكَّ الأَسَارَى بَعْدَ طُولِ عَناءِ

أَوْشَكْتُ فيكَ وَقَدْ نَسَيتُ شَكِيَّتِي

أَنْ أُوسِعَ الأَيَّامَ طِيبَ ثَنَاءِ

حَسْبَي اعتِذَارُكَ عَن مَسَاءَةِ مَا مَضَى

بِمَبَرَّةٍ مَوْفُورَةِ الآلاَءِ

أَلشَّمْسُ يَزدَادُ ائتِلاقاً نُورُهَا

بَعدَ اعْتَكارِ اللَّيْلَةِ اللَّيْلاَءِ

ويُضَاعِفُ السَّرَّاءَ فِي إِقْبَالِهَا

تَذْكَارُ مَا وَلَّى مِنَ الضَّرَّاءِ

لاَ كَانَتِ الحِجَجُ الَّتِي كَابَدْتُهَا

مِنْ بَدْءِ تِلكَ الغارةِ الشّعوَاءِ

ألحزنُ حيثُ أبيتُ ملءُ جوانحي

والنارُ مِلءُ جَوَانِبِ الغَبْرَاءِ

دَامِي الْحُشَاشَةِ لَمْ أَخَلْنِي صَابِراً

بَعْدَ الفِرَاقِ فَظَافِراً بِلِقَاءِ

مُنْهَدُّ أَرْكَانِ العَزِيمَةِ لَمْ أَكدْ

يَأْساً أُمَنِّي مُهْجَتِي بِشِفاءِ

حجَج بَلَوْتُ المَوْتَ حِينَ بَلَوْتُهَا

مُتَعَرِّضاً لِي فِي صُنُوفِ شَقَاءِ

لَكِنَّهَا وَالْحَمْدُ لِلهِ انقْضَتْ

وَتَكَشَّفَتْ كَتكشفِ الغَمَّاءِ

وَغَدَا الْخَلِيلُ مُهَنِّئاً وَمُهَنَّأً

بَعْدَ الأَسَى وتَعَذُّرِ التَّأْسَاءِ

جَذْلاَنَ كَالطِّفْلِ السَّعِيد بِعِيدِهِ

مُسْتَرْسِلاً فِي اللَّفْظِ وَالإِيمَاءِ

يَقْضِي وَذلِكَ نَذْرُهُ فِي يَوْمِهِ

حَاجَاتِ سَائِلِهِ بِلاَ إِبْطَاءِ

مَا كَانَ أَجْوَدَهُ عَلَى بُشَرَائِهِ

بِثَرَائِهِ لَوْ كَانَ رَبَّ ثَرَاءِ

عَادَ الْحَبِيبُ الْمُفْتَدَى مِنْ غُرْبَةٍ

أَعْلَتْ مَكَانَتَهُ عَنِ الْجَوْزَاءِ

إِنَّ الأَدِيبَ وَقَدْ سَمَا بِبَلاَئِهِ

غيْرُ الأَدِيبِ وَلَيْسَ رَبَّ بَلاَءِ

فِي بَرْشَلُونَةَ نَازِحٌ عَنْ قَوْمِهِ

وَدِيَارِهِ وَالأَهْلِ وَالقُرْبَاءِ

نَاءٍ وَلَوْ أَغْنَتْ مِنَ المُقَلِ النُّهى

مَا كَانَ عَنْهُمْ لَحْظَةً بِالنَّائِي

بالأَمْسِ فِيهِ العَينُ تَحسُدُ قَلْبَهَا

وَاليَومَ يَلتَقِيَانِ فِي نَعْمَاءِ

أَهلاً بِنَابِغَةِ البِلاَدِ وَمَرْحَباً

بِالعَبْقَرِيِّ الفَاقِدِ النُّظَرَاءِ

شَوقِي أَمِيرِ بِيانِهَا شَوقِي فَتَى

فِتيانِهَا فِي الوَقْفَةِ النَّكْرَاءِ

شَوقِي وَهَلْ بَعْدَ اسمِهِ شَرَفٌ إِذَا

شَرُفَتْ رِجَالُ النُّبْلِ بِالأَسْمَاءِ

وَافَى وَمَنْ لِلفَاتِحينَ بِمِثلِ مَا

لاَقَى مِنَ الإِعْظَام وَالإِعْلاَءِ

مِصْرٌ تُحَيِّيهِ بِدَمعٍ دَافِقٍ

فَرَحاً وَأَحْدَاقٍ إِلَيْهِ ظِمَاءِ

مِصْرٌ تُحَيِّيهِ بِقَلْبٍ وَاحِدٍ

مُوفٍ هَواهُ بِهِ عَلَى الأَهْوَاءِ

جَذْلَى بعَوْدِ ذَكِيِّهَا وَسَرِيِّهَا

جَذْلَى بِعَوْدِ كَمِيِّهَا الأَبَاءِ

حَامِي حَقِيقَتَهَا وَمُعْلِي صَوتَهَا

أَيَّامَ كَانَ الصَّوتُ لِلأَعْدَاءِ

أَلمُنْشِيءِ اللَّبِقِ الحَفِيلِ نَظيمُهُ

وَنَثِيرُهُ بِرَوَائِعِ الأَبْدَاءِ

أَلْبَالِغِ الخَطَرَ الَّذِي لَمْ يَعْلُهُ

خَطَرٌ بِلاَ زَهْوٍ وَلاَ خُيَلاَءِ

أَلصَّادِقِ السَّمْحِ السَّريرَةِ حَيْثُ لاَ

تَعْدُو الرِّيَاءَ مَظَاهِرُ السُّمَحَاءِ

أَلرَّاحِمِ المِسْكِينَ وَالْمَلْهُوفَ وَالْ

مَظْلُومَ حِينَ تَعَذُّرِ الرُّحَمَاءِ

عِلْماً بِأَنَّ الأَقْوِيَاءَ لِيَوْمِهِمْ

هُمْ فِي غَدَاةِ غَدٍ مِن الضُّعَفَاءِ

أَلطَّيِّبِ النَّفَّسِ الكَريمِ بِمَالِهِ

فِي ضِنَّةٍ مِنْ أَنْفُسِ الكُرَمَاءِ

أَلكَاظِمِ الغَيْظَ الْغَفُورَ تَفَضُّلاً

وَتَطَوُّلاً لِجِهَالَةِ الْجُهَلاَءِ

جِدِّ الْوَفِيِّ لِصَحْبِهِ وَلأَهْلِهِ

وَلِقَوْمِهِ إِنْ عَزَّ جِدُّ وَفَاءِ

أَلمفْتَدِي الْوَطَنَ الْعزِيزَ بِرُوحِهِ

هَلْ يَرْتَقِي وَطَنٌ بِغَيْرِ فِدَاءِ

مُتَصَدِّياً لِلْقُدْوَةِ المُثْلَىَ وَمَا

زَالَ السَّرَاةُ مَنَائِرَ الدَّهْنَاءِ

هَذِي ضُرُوبٌ مِنْ فَضَائِلِهِ الَّتِي

رَفَعَتْهُ فَوْقَ مَنَازِلِ الأُمَرَاءِ

جَمَعَتْ حَوَالَيْهِ القُلُوبَ وَأَطْلَقَتْ

بَعْدَ اعْتِقَالٍ أَلْسُنَ الْفُصَحَاءِ

مَا كَانَ لِلإِطْراءِ ذِكْرَى بَعْضَهَا

وَهْيَ الَّتِي تَسْمُو عَنِ الإِطْرَاءِ

قُلتُ اليَسِيرَ مِنَ الكَثِيرِ وَلَمْ أَزِدْ

شَيْئاً وَكَمْ فِي النَّفْسِ مِنْ أَشْيَاءِ

أَرْعَى اتِّضَاعَ أَخِي فَأُوجِزُ وَالَّذِي

يُرْضِي تَوَاضُعَهُ يَسُوءُ إِخائِي

إِنَّ البِلاَدَ أَبا عَلِيٍّ كَابَدَتْ

وَجْداً عَلَيْكَ حَرَارَةَ البُرَحَاءِ

وَزَكَا إِلَى مَحبُوبِهَا تَحْنَانُهَا

بِتَبَغُّضِ الأَحْدَاثِ وَالأَرْزَاءِ

لاَ بِدْعَ فِي إِبْدَائِهَا لَكَ حُبَّهَا

بِنِهَايَةِ الإِبَدَاعِ فِي الإِبْدَاءِ

فَالْمُنْجِبَاتُ مِنَ الدِّيَارِ بِطَبْعِهَا

أحَنَى عَلَى أَبْنَائِهَا العُظَمَاءِ

أَلقُطْرُ مُهْتَزُّ الجَوانِبِ غِبْطَةً

فِيمَا دَنَا وَنَأَى مِنَ الأَرْجَاءِ

رَوِيَ العِطَاشُ إِلى اللِّقَاءِ وَأَصبَحُوا

بَعْدَ الجَوَى فِي بَهْجَةٍ وَصَفَاءِ

وَبِجَانِبِ الفُسْطَاطِ حَيٌّ مُوْحِشٌ

هُوَ مَوْطِنُ المَوْتَى مِنَ الأَحْيَاءِ

فِيهِ فُؤادٌ لَم يَقَرَّ عَلَى الرَّدَى

لأَبَرِّ أُمٍّ عُوجِلَتْ بِقَضَاءِ

لاَحَ الرَّجَاءُ لَهَا بِأَنْ تَلْقَى ابنَهَا

وَقَضَتْ فَجَاءَ اليَأْسُ حِينَ رَجَاءِ

أَوْدَى بِهَا فَرْطُ السَّعَادَةِ عِنْدَمَا

شَامَتْ لِطَلْعَتِهِ بَشِيرَ ضِيَاءِ

لَكِنَّمَا عَوْدُ الْحَبِيبِ وَعِيدُهُ

رَدَّا إِلَيهَا الْحسَّ مِنْ إِغْفَاءِ

فَفُؤادُهُا يَقِظٌ لَهُ فَرَحٌ بِهِ

وَبِفَرْقَدَيْهِ مِنْ أَبَرِّ سَمَاءِ

يَرْعَى خُطَى حُفَدَائِهَا وَيُعِيذُهُمْ

فِي كُلِّ نُقْلَةِ خُطْوَةٍ بِدُعَاءِ

فِي رَحْمَةِ الرِّحْمَنِ قَرِّي وَاشْهَدِي

تَمْجِيدَ أَحْمَدَ فَهْوَ خَيْرُ عَزَاءِ

وَلأُمِّهِ الكُبْرَى وَأُمِّكَ قَبْلَهُ

خَلِّي وَلِيدَكِ وَارْقدِي بِهَنَاءِ

مصْرُ بشَوْقِي قَدْ أُقِرَّ مَكَانُهَا

فِي الذُّرْوَةِ الأَدَبِيَّةِ الْعَصْمَاءِ

هُوَ أَوْحَدُ الشَّرقَيْنِ مِنْ مُتَقَارِبٍ

مُتَكَلِّمٍ بِالضَّادِ أَوْ مُتَنَائِي

مَا زَالَ خَلاَّقاً لِكُلِّ خَرِيدَة

تُصْبِي الْحَلِيمَ بِرَوْعَةٍ وَبَهَاءِ

كَالبَحْرِ يُهْدِي كُلَّ يَوْمٍ دُرَّةَ

أَزْهَى سَنىً مِنْ أُخْتِهَا الْحَسْنَاءِ

قُلْ لِلْمُشَبِّهِ إِنْ يُشَبِّهْ أَحْمَداً

يَوْماً بَمَعْدُودٍ مِنَ الأُدَبَاءِ

مَنْ جَال مِن أَهلِ اليَرَاعِ مَجالَهُ

فِي كُلِّ مِضْمارٍ مِنَ الإِنْشَاءِ

مَنْ صَالَ فِي فَلَكِ الخَيَالِ مَصَالَهُ

فَأَتَي بِكُلِّ سَبِيَّةٍ عَذْرَاءِ

أَصَحِبْتَهُ وَالنجْمُ نُصْبَ عُيُونِهِ

وَالشَّأْوُ أَوْجَ القُبَّةِ الزَّرْقَاءِ

إِذا بَاتَ يَسْتَوحِي فَأَوْغَلَ صَاعِداً

حَتَّى أَلمَّ بِمَصْدَرِ الإِيحَاءِ

أَقَرَأْتَ فِي الطَّيَرَانِ آيَاتٍ لَهُ

يَجْدُرْنَ بِالتَّرتِيلِ وَالإِقْرَاءِ

فَرَأَيتَ أَبدَعَ مَا يُرَى مِنْ مَنْظَرٍ

عَالٍ وَلَمْ تَرْكَبْ مَطِيَّ هَوَاءِ

وَشَهِدتَ إِفشاءَ الطَّبيعَةِ سِرَّهَا

لِلعَقلِ بَعدَ الضَّنِّ بِالإِفْشَاءِ

أَشَفَيْتَ قَلْبَكَ مِن مَحَاسِنِ فَنِّهِ

فِي شُكْرِ مَا لِلنِّيلِ مِنْ آلاَءِ

يَا حُسْنَهُ شَكراً مِنِ ابنٍ مُخِلصٍ

لأَبٍ هُوَ المَفْدِيُّ بِالآبَاءِ

أَغْلَى عَلَى مَاءِ الَّلآلِيءِ صَافياً

مَا فَاضَ ثَمَّةَ مِنْ مَشُوبِ المَاءِ

أَتَهَادَتِ الأَهْرَامُ وَهْيَ طَرُوبَةٌ

لِمَديحِهِ تَهْتَزُّ كَالأَفْيَاءِ

فَعَذَرْتُ خَفَّتَهَا لِشِعْرٍ زَادَهَا

بِجَمَالِهِ البَاقِي جَمالَ بَقَاءِ

أَنَظَرْتَ كَيْفَ حَبَا الْهَيَاكِلَ وَالدُّمَى

بِحُلىً تُقَلِّدُهَا لِغَيْرِ فَنَاءِ

فكَأَنَّها بُعِثَتْ بِهِ أَرْوَاحُهَا

وَنَجَتْ بِقُوَّتِه مِنَ الإِقْوَاءِ

أَتَمَثَّلَتْ لَكَ مِصْرُ فِي تَصْوِيرهِ

بِضَفَافِهَا وَجِنَانِهَا الْفيْحَاءِ

وَبَدَا لِوَهْمِكَ مِنْ حُلِيِّ نَبَاتِهَا

أَثَرٌ بِوَشْيِ بَيَانِهِ مُتَرَائِي

أَسَمِعْتَ شَدْوَ الْبُلْبُلِ الصَّدَّاحِ فِي

أَيْكَاتِهَا وَمَنَاحَةَ الَوَرْقَاءِ

فَعَجِبْتَ أَنَّي صَاغَ مِنْ تِلْكَ اللُّغَى

كَلِمَاتِ إِنْشَادٍ وَلَفْظَ غِنَاءِ

للهِ يَا شَوْقِي بَدَائِعُكَ الَّتِي

لَوْ عُدِّدَتْ أَرْبَتْ عَلَى الإِحْصَاءِ

مَنْ قَالَ قَبْلَكَ فِي رِثَاءٍ نِقْسُهُ

يَجْرِي دَماً مَا قُلْتَ فِي الْحَمْرَاءِ

فِي أَرضِ أَنْدُلُسٍ وَفِي تَارِيخِهَا

وَغَرِيبِ مَا تُوحِي إِلى الغُرَبَاءِ

جَارَيْتَ نَفْسَكَ مُبْدِعاً فِيهَا وَفِي

آثَارِ مِصْرَ فَظَلْتَ أَوْصَفَ رَائِي

وَبَلَغْتَ شَأْوَ الْبُحْتُرِيِّ فَصَاحَةً

وَشَأَوْتَهُ مَعْنىً وَجَزْلَ أَدَاءِ

بَلْ كُنْتَ أَبْلَغَ إِذْ تَعَارِضُ وَصْفَهُ

وَتَفُوقُ بِالتَّمْثِيلِ وَالإِحْيَاءِ

يَا عِبْرَةَ الدُّنْيَا كَفَانا مَا مَضَى

مِنْ شأْنِ أَنْدُلُسٍ مَدىً لِبُكَاءِ

مَا كَان ذَنْبُ الْعُربِ مَا فَعَلُوا بِهَا

حَتَّى جَلَوْا عَنْهَا أَمَرَّ جَلاَءِ

خَرَجُوا وَهُمْ خُرْسُ الْخُطَى أَكْبَادُهُمْ

حَرَّى عَلَى غَرْنَاطَةَ الْغَنَّاءِ

أَلْفُلْكُ وَهْيَ الْعَرْشُ أَمْسِ لِمَجْدِهِمْ

حَمَلَتْ جَنَازَتَهُ عَلَى الدَّأْمَاءِ

أَوْجَزْتَ حِينَ بَلَغْتَ ذِكْرَى غِبِّهِمْ

إِيجَازَ لاَ عِيٍّ وَلاَ إِعْيَاءِ

بَعْضُ السُّكُوتِ يَفُوقُ كُلَّ بَلاَغةٍ

فِي أَنْفُسِ الفَهِمِينَ وَالأُرَبَاءِ

وَمِنَ التَّنَاهِي فِي الْفَصَاحَةِ تَرْكُهَا

وَالْوَقْتُ وَقْتُ الخُطْبَةِ الْخَرْسَاءِ

قَدْ سُقْتَهَا لِلشَّرْقِ دَرْساً حَافِلاً

بِمَوَاعِظِ الأَمْوَاتِ لِلأحْيَاءِ

هَلْ تُصْلِحُ الأَقْوَامَ إِلاَّ مُثْلَةٌ

فَدَحَتْ كَتِلْكَ المُثْلَةِ الشَّنْعَاءِ

يَا بُلْبُلَ الْبَلَدِ الأَمِينِ وَمُؤنِسَ الْ

لَيْلِ الْحَزِينِ بِمُطْرِبِ الأَصْدَاءِ

غَبرَتْ وَقَائِعُ لَمْ تَكُنْ مُسْتَنْشَداً

فِيهَا وَلاَ اسْمُكَ مَالِيءَ الأَنْبَاءِ

لَكِنْ بِوَحْيِكَ فَاهَ كُلُّ مُفَوَّهٍ

وَبِرَأْيِكَ اسْتَهْدَى أُولُو الآرَاءِ

هِيَ أُمَّةٌ أَلْقَيْتَ فِي تَوحِيدَهَا

أُسًّا فَقَامَ عَلْيِه خَيْرُ بِنَاءِ

وَبَذَرْتَ فِي أَخلاَقِهَا وَخِلاَلِهَا

أَزْكَى البُذُورِ فَآذَنَتْ بِنَمَاءِ

أَمَّا الرِّفَاقُ فَمَا عَهِدْتِ وَلاَؤُهُمْ

بَلْ زَادَهُمْ مَا سَاءَ حُسنَ وَلاَءِ

وشَبَابُ مِصْرَ يَروَنَ مِنْكَ لَهُمْ أَباً

ويَرَوْنَ مِنْكَ بِمَنزِلِ الأَبنَاءِ

مِنْ قَوْلِكَ الحُرِّ الجَرِيءِ تَعَلَّمُوا

نَبَرَاتِ تِلْكَ العِزَّةِ القَعْسَاءِ

لا فَضلَ إِلاَّ فَضلُهُم فِيمَا انْتَهَي

أَمُر البِلاَدِ بَعْدَ عَنَاءِ

كانوا هُمُو الأشْيَاخَ وَالفِتْيَانَ وَال

قُوَّادَ وَالأَجْنَادَ فِي البَأْساءِ

لَمْ يَثْنِهِم يَومَ الذِّيَادِ عَنِ الحِمَى

ضَنٌّ بِأَموَالٍ وَلاَ بِدِمَاءِ

أَبطَالُ تَفْدِيَةٍ لَقُوا جُهْدَ الأَذَى

فِي الحَقِّ وَامْتَنَعُوا مِنَ الإِيذَاءِ

سَلِمَتْ مَشيِئَتُهُم وَمَا فِيهمْ سِوَى

مُتَقَطِّعِي الأَوصَالِ وَالأَعضَاءِ

إِنَّ العَقِيدَةَ شِيمَةٌ عُلْوِيَّةٌ

تَصفُو عَلَى الأَكْدَارِ وَالأَقْذَاءِ

تَجْنِي مَفَاخِرَ مِن إِهَانَاتِ العِدَى

وَتُصِيبُ إِعزازاً مِنَ الإِزرَاءِ

بكْرٌ بِأَوجِ الحُسْنِ أَغَلى مَهْرَهَا

شَرَفٌ فَلَيْس غَلاَؤُهُ بِغَلاَءِ

أَيُضَنُّ عَنْهَا بِالنَّفِيسِ وَدُونَها

يَهَبُ الحُمَاةُ نُفُوسَهُمْ بِسَخاءِ

تِلْكَ القَوَافِي الشَّارِدَاتُ وَهذِهِ

آثَارُهَا فِي أَنفُسِ القُرَّاءِ

شَوْقِي إِخَالُكَ لَمْ تَقُلْهَا لاَهِياً

بِالنَّظمِ أَوْ مُتَبَاهِياً بِذَكَاءِ

حُبُّ الحِمَى أَمْلَى عَلَيْكَ ضُرُوبَهَا

متَأَنِّقاً مَا شَاءَ فِي الإِملاَءِ

أَعْظِمْ بِآياتِ الهَوَى إِذْ يَرْتَقِي

مُتجَرِّداً كَالجَوهَرِ الوضَّاءِ

فَيُطَهِّرُ الوِجْدَانَ مِنْ أَدْرَانِهِ

وَيَزِينُهُ بِسَواطِعِ الأًضوَاءِ

فَصغِ الحُليَّ لَهَا وَتَوِّجْ رَأْسَهَا

إِذْ تَسْتَقِلُّ بِأَنْجُمٍ زَهْرَاءِ

وَيُعِيدُ وَجْهَ الغَيْبِ غَيْرَ مُحَجَّبٍ

وَيَرَدُّ خَافِيةً بِغَيرِ خَفَاءِ

أَرْسَلْتَها كَلِماً بَعِيدَاتِ المَدَى

تَرْمِي مَرَامِيَهَا بِلاَ إِخْطَاءِ

بيْنَا بَدَتْ وَهْيَ الرُّجُومُ إِذ اغْتَدَتْ

وَهْيَ النُّجُومُ خَوَالِدَ اللَّأْلاَءِ

مَلأَتْ قُلُوبَ الْهائِبِينَ شَجَاعَةً

وَهَدَتْ بَصائِرَ خَابِطِي العَشْوَاءِ

مِنْ ذلِكَ الرُّوحِ الكَبِيرِ وَمَا بِهِ

يَزدَانُ نَظْمُكَ مِن سَنىً وَسَنَاءِ

أَعْدِدْ لِقَوْمِكَ وَالزَّمَانُ مُهَادِنٌ

مَا يَرتَقُونَ بِهِ ذُرَى العَليَاءِ

أَلْيَوْمَ يَوْمُكَ إِنَّ مِصرَ تَقَدَّمَتْ

لِمَآلِهَا بِكَرَامَةٍ وَإبَاءِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة تلك الدجنة آذنت بجلاء

قصيدة تلك الدجنة آذنت بجلاء لـ خليل مطران وعدد أبياتها مائة و ثمانية و عشرون.

عن خليل مطران

خليل بن عبده بن يوسف مطران. شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة. ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين. ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين. وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي. وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.[١]

تعريف خليل مطران في ويكيبيديا

خليل مُطران «شاعر القطرين» (1 يوليو 1872 - 1 يونيو 1949) شاعر لبناني شهير عاش معظم حياته في مصر. عرف بغوصه في المعاني وجمعه بين الثقافة العربية والأجنبية، كما كان من كبار الكتاب، عمل بالتاريخ والترجمة، يشبّه بالأخطل بين حافظ وشوقي، كما شبهه المنفلوطي بابن الرومي. عرف مطران بغزارة علمه وإلهامه بالأدب الفرنسي والعربي، هذا بالإضافة لرقة طبعه ومسالمته وهو الشيء الذي انعكس على أشعاره، أُطلق عليه لقب «شاعر القطرين» ويقصد بهما مصر ولبنان، وبعد وفاة حافظ وشوقي أطلقوا عليه لقب «شاعر الأقطار العربية». دعا مطران إلى التجديد في الأدب والشعر العربي فكان أحد الرواد الذين أخرجوا الشعر العربي من أغراضه التقليدية والبدوية إلى أغراض حديثة تتناسب مع العصر، مع الحفاظ على أصول اللغة والتعبير، كما أدخل الشعر القصصي والتصويري للأدب العربي.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. خليل مطران - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي