الحق يعلو والأباطل تسفل

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الحق يعلو والأباطل تسفل لـ لسان الدين بن الخطيب

اقتباس من قصيدة الحق يعلو والأباطل تسفل لـ لسان الدين بن الخطيب

الْحَقُّ يَعْلُو وَالأَبَاطِلُ تَسْفُلُ

وَاللهُ عَنْ أَحْكَامِهِ لاَ يُسْأَلُ

وَالأَمْرُ فِيمَا كَانَ أَوْ هُوَ كَائِنٌ

كَالْعِلَّةِ الْقُصُوَى فكَيْفَ يُعَللُ

وَهُوَ الْوُجُودُ يَجُودُ طَوْراً بِالَّذِي

تَرْضَى النُّفُوسُ بِهِ وَطَوْراً يَبْخَلُ

والْيِسْرُ بَعْدَ الْعُسْرِ مَوْعُودٌ بِهِ

وَالصَّبْرُبِالْفَرَجِ الْقَرِيبِ مُوَكّلُ

والْمُسْتَعِدّ لِمَا يُؤَمِّلُ ظَافِرٌ

وَكَفَاكَ شَاهِدُ قَيِّدُوا وَتَوَكَّلُوا

وَمَنِ اقْتَضَى بالسَّعْدِ دَيْنَ زَمَانِهِ

والسَّيْفِ لَمْ يَبْعُدْ عَلَيْهِ مُؤَمَّلُ

أمُحَمَّدُ وَالْحَمْدُ مِنْكَ سَجِيَّةٌ

بِحُلِيِّهَا بَيْنَ الْوَرَى يُتَجَمَّلُ

أَمَّا سُعُودُكَ فَهُوَ دُونَ مُنَازِعٍ

عَقْدٌ بِأَحْكَامِ الْقَضَاءِ مُسَجَّلُ

وَلَكَ السَّجَايَا الْعُزَّ وَالشِّيَمُ ألَّتِي

بِغَرِيبِهَا يَتَمَثَّلُ الْمُتَمَثَّلُ

وَلَكَ الْوَقَارُ إِذَا تَزَلْزَلَتِ الرَّبَا

وَهَفَتْ مِنَ الرَّوْعِ الْهِضَابُ الْمُثَّلُ

وَلَكَ الْجَبِينُ الطَّلْقُ وَالْخُلُقُ الَّذِي

لَحْظُ الْكَمَالِ بِلَحْظِهِنَّ مُوَكَّلُ

النُّورُ أَنْتَ وَكُلُّ نُورٍ دُجْيَةٌ

وَالْبَحْرُ أَنْتَ وَكُلُّ بَحْرٍ جَدْوَلُ

وَإِذَا ذُكِرْتَ كَأَنَّ هَبَّاتِ الصَّبَا

رَكَدَ الْكَبَاءُ بِجَوِّهَا والْمَنْدَلُ

مِنْ ذَا يُجِيدُ الْوَصْفَ مِنْكَ خَيَالُهُ

وَصِفَاتُ مَجْدِكَ فَوْقَ مَا يُتَخَيَّلُ

وَاللهِ مَا وَفَّي بِحَقِّكَ مَادِحٌ

وَاللهِ مَا جَلَّى بِحَمْدِكَ مِقُوَلُ

عَوِّذْ كَمَالَ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّهُ

قَدْ تَنْقُصُ الأَشْيَاءُ مِمَّا تَكْمُلُ

تَابَ الزَّمَانُ لَدَيْكَ مِمَّا قَدْ جَنَى

وَاللهُ يَأَمُرُ بِالْمَتَابِ وَيَقْبَلُ

إِنْ كَانَ مَاضٍ مِنْ زَمَانِكَ قَدْ أَتَى

بِإِسَاءَةٍ قَدْ سَرَّكَ الْمُسْتَقْبَلَ

هَذَا بِذَاكَ فَشَفِّعِ الثَّانِي الَّذِي

أَرْضَاكَ فِيمَا قَدْ جَنَاهُ الأَوَّلُ

وَاللهُ قَدْ ولاَّكَ أَمْرَ عِبَادِهِ

لَمَّا ارْتَضَاكَ وِلاَيَةً لاَ تُعْزَلُ

وَإِذَا تَغَمَّدَكَ الإِلاَهُ بِنَصْرِهِ

وَقَضَى لَكَ الْحُسْنَى فَمَنْ ذَا يَخْذُلُ

فَإِذَا انْتَضَيْتَ فكَلُّ كَفٍ مُرْهَفٌ

وَإِذَا ضَرَبْتَ فكُلَّ عُضْوٍ مَفْصِلُ

فَلَوِ اعْتَمَدْتَ عَلَى الرِّيَاحِ لِغَارَةٍ

نهَضَتْ بِغَارَتِكَ الصَّبَا وَالشَّمْأَلُ

وَلَوِ اسْتَعَنْتَ الشُّهْبَ وَاسْتَنْجَدْ تَهَا

حَمَلَ السِّلاَحَ لَكَ السِّمَاكُ الأَعْزَلُ

سُبْحَانَ مَنْ بِعُلاَكَ قَدْ شَعَبَ الثَّأَى

وَأَعَادَ حَلْيَ الْجِيدِ وَهْوَ مُعَطَّلُ

قَدْ كَادَتِ الأَعْيَانُ يَكْذِبُ حِسُّهَا

وَالأَولِيَّاتُ السَّوَابِقُ تُجْهَلُ

وَالأَرْضُ رَاجِفَةٌ تَمُورُ وَأَهْلُهَا

عَصَفَتْ بِهِمْ رِيحْ الْعَذَابِ فَزُلْزِلُوا

مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَاتَ مِيتَةَ فِتْنَةٍ

أَوْ عَاشَ فَهْوَ مُفَسَّقٌ وَمُضَلَّلُ

لاَبَيْعَةٌ تُنْجِي وَلاَ عَهْدٌ يَقِي

الدِّينُ وَالدُّنْيَا نَسِيجٌ هَلْهَلُ

فَحَجَبْتَ عَنْ آفَاقِهِمْ مَنْ يَهْتَدِي

وَمَنَعْتَ عَنْ أَحْكَامِهِمْ مَنْ يَعْدِلُ

فَالْيَوْمَ إِذْ بَخَعَ الْمُسِيءُ بِذَنْبِهِ

مُسْتَسْلِماً وَتَنَصَّلَ الْمُتَنَصِّلُ

فَاشْمُلْ بِعَفْوِكَ مَنْ تَجَنَّى أَوْ جَنَى

واسْلُكْ طَرِيقَتَكَ الَّتِي هِيَ أَمْثَلُ

وَاحْرُسْ حِمَى الْعُلْيَا فَمَجْدُكَ مُنْجِدٌ

وَاطْلَبْ مَدَى الدُّنْيَا فَسَعْدُكَ مُقْبِلُ

وَانْهَدْ فَنَصْرُ اللهِ فَوْقَكَ رَايَةٌ

وَمِنَ السُّعُودِ عَلَيْكَ سِتْرٌ مُسْبَلُ

وَالرُّعْبُ بَيْنَ يَدَيْكَ يُرْدِفٌ جَحْفَلاً

مِنْهُ عَلَى بُعْدِ الْمَسَافَةِ جَحْفَلُ

وَالرُّوحُ رُوحُ اللهِ يَنْفُذُ حُكْمُهُ

لَكَ وَالْمَلاَئِكَةُ الْكِرَامُ تَنَزُّلُ

لَمْ يَدْرِ إِسْمَاعيلُ مَا طَوَّقْتَهُ

مِنْ مِنَّةٍ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ

نِعَمٌ مُهَنَّأَةٌ وَظِلٌّ سَجْسَجٌ

تَنْدَى غَضَارَتُهُ وَمَاءٌ سَلْسَلُ

الطَّاعِمُ الْكَاسِي وَرِفدُكَ كَافِلُ

وَالْعَالَةُ الْمُعْفَاةُ مِمَّا يَثْقُلُ

أَغْرَاهُ شَيْطَانُ الْغُرُورِ لِغَايَةٍ

مِنْ دُوِنِهَا تُنْضَى الْمَطِيُّ الذُّلَّلُ

يَبْغِي بِهِ دَرْجاً إِلَى نَيْلِ الَّتِي

كَانَتْ قُوَى إِدْرَاكِهِ تَتَخَيَّلُ

سُرْعَانَ مَا أَبْدَاهُ ثُمَّ أَعَادَهُ

فِي هَفْوَةِ الْبَلْوَى وَبِئْسَ الْمَنْزِلُ

وَسَقَى بِكَأَسِ الْحَيْنِ قَيْساً بَعْدَهُ

وَاللهُ يُمْلِي للِطُّغَاةِ وَيُمْهِلُ

وَالْغَدْرُ شَرُّ سَجِيَّةٍ مَذْمُومَةٍ

شَهِدَ الْحَكِيمُ بِذَاكَ والْمُتَمَلِّلُ

فاسْأَلْ دِيَارَ الْغَادِرِينَ فَإِنَّهَا

لَمُجِيبَةٌ أَطْلاَلُهَا مَنْ يَسْأَلُ

جَرَّتْ عَلَيْهَا الرَّامِسَاتُ ذُيُولَهَا

وَعَوَتْ بِعَقْوَتِهَا الذِّئَابُ الْعُسَّلُ

يَافَتْكَةً أَخْفَتْ مَوَاطِئَ غَدْرِهَا

حِيَلُ الْخَدِيِعَةِ وَالظَّلامُ الْمُسْبَلُ

عَثَرَ الزَّمَانُ بِهَا وَكَانَتْ فَلْتَةً

شَنْعَاءَ وَالدَّنْيَا تَجِدُّ وَتَهْزَلُ

أَمِنَتْ سُعودُكَ مِنْ حِرَابَةِ قَاطِعٍ

فَاسْرَحْ وَرِدْ فَهُوَ الْكَلاَ وَالْمَنْهَلُ

قُتِلَ الْمُقَاتِلُ بَعْدَهَا بِسِلاَحِهِ

وَغَدَا لَهَا زُحَلٌ يَفِرَّ ويَزْحَلُ

وَلَفِيفُ جُبَّانٍ إِذَا مَا اسْتُوقِفُوا

نَادَتْ بِهِمْ آجَالُهُمْ فَتَسَلَّلُوا

طَرَقُوا عَلَى الضِّرْغَامِ لَيْلاً غَابَهُ

وَالْبَدْرُ تَاجٌ بِالنَّجُومِ مُكَلَّلُ

لَوْلاَ دِفَاعُ اللهِ عَنْكَ وَعِصْمَةٌ

أَصْبَحْتَ فِي أَبْرَادِهَا تَتَسَرْبَلُ

مَا رقّعَ الْوَهْيُ الَّذِي قَدْ مَزَّقُوا

مَا حُلِّيَ الْجِيدُ الَّذِي قَدْ عَطَّلوا

فَثَبَتَّ مُجْمَعَ الْفُؤَادِ بِهَفْوَةٍ

خُذِلَ النَّصِيرُ بِهَا وَخَانَ الْمَعْقِلُ

وَفَدَاكَ شَيْخُ الأَوْلِيَاءِ بِنَفْسِهِ

وَالنَّفْسُ آثَرُ كُلِّ شَيْءٍ يُبْذَلُ

مَا ضَرَّهُمْ إِذْ نَاوَشَتْهُ كِلاَبُهُمْ

وَسَطَتْ بِهِ أَنْ لَمْ يَكُونُوا مُثَّلُ

وَكَذَلِكَ الْخبّ اللَّئِيمُ إِذَا سَطَا

عَمِلَ الَّتِي مَا بَعْدَها مَا يُعْمَلُ

وَنَجَوْتَ مَنْجَى الْبَدْرِ بَعْدَ مُحَاقِهِ

تَهْوِي كَمَا يَهْوِي بِجَوٍّ أَجْدَلُ

فَحَلَلْتَ مِنْ وَادِي الأَشَى بِقَرَارَةٍ

عَزَّ الثَّوَاءُ بِهَا وَطَابَ الْمَنْزِلُ

كُرْسِيَّ مُعْتَصَمٍ وَمَثْوَى هِجْرَةٍ

وَالمُسْتَقَرّ إِذَا تَزِلَّ الأَرْجُلُ

دَارُ الْوَفَاءِ وَمَوْطِنُ الْقَوْمِ الأُلَى

كَفَلُوا وَبِالنَّصْرِ الْعَزِيزِ تَكَفَّلُوا

حَتَّى دَعَاكَ الْمُسْتَعِينُ وَإِنَّه

لآبَرُّ بِالْمُلْكِ الْمُضَاعِ وَأَكْفَلُ

فَرَحَلْتَ عَنْهُمْ وَالْقُلُوبُ بَوَالِغٌ

ثُغَرَ الْحَنَاجِرِ وَالْمَدَامِعُ تَهْمِلُ

فَلَقَدْ شَهِدْتَ وَمَا شَهِدْتُ كَمَوْقِفٍ

وَالنَّاسُ قَدْ وَصَلُوا الصَّرَاخَ وَأَعْوَلُوا

وَبِكًلِّ نَادٍ مِنْكَ أَنّةُ نَادِبٍ

وَبِكُلِّ دَارٍ مِنْكَ حُزْنٌ مُثْكِلُ

يَتَزَاحَمُونَ عَلَيْكَ حَتَّى خِلْتُهُمْ

سِرْبَ الْقَطَا الظَّامِي وَكَفُّكَ مَنْهَلُ

غَلَبُوا عَلَيْكَ لِكَيْ تَتِمَّ مَشِيئَةٌ

لِلَّهِ تَبْرُزُ فِي الْوُجُودِ وَتَنْزِلُ

وَظَعَنْتَ عَنْ أَوْطَانِ مُلْكِكَ رَاكِباً

مَتْنَ الْعُبَابِ فَأَيُّ صَبْرٍ يَجْمُلُ

وَالْبحْرُ قَدْ خَفَقَتْ عَلَيْكَ ضُلُوعُهُ

وَالرِّيحُ تَقْطَعُ الزَّفِيرَ وَتُرْسِلُ

فِي مَوْقِفٍ يَا هَوْلَهُ مِنْ مَوْقِفٍ

يَذْوِي لَهُ رَضْوَى وَيَذْبُلُ يَذْبُلُ

حَتَّى حَلَلْتَ بِعُنْصِرِ الْمُلْكِ الَّذِي

يُرْعَى الدَّخِيلُ بِهِ وَيُكْفَى الْمُعْضِلُ

مَثْوَى بَنِي يَعْقُوبَ أَسْبَاطِ الْهُدَى

وَسَحَائِبِ الرُّحْمَى الَّتِي تُسْتَنْزَلُ

وَخَلاَئِفُ اللَّهِ الَّذِينَ أَكُفُّهُم

دِيَمُ الْوَرَى إِنْ أَحْسَنُوا أَوْ أَمْحَلُوا

وَدَعَائِمُ الدِّينِ الْحَنِيفِ إِذَا وَهَتْ

مِنْهُ الْقُوَى وَاخْتَلَّ مِنْهُ الْكَلْكَلُ

وَكَفَى بِإِبْرَاهِيمَ بَدْرَ خِلاَفَةٍ

تَعْنُو لِغُرَّتِهِ الْبُدُورُ الْكُمَّلُ

وَكَفَى بِإِبْرَاهِيمَ لَيْثَ كَرِيهَةٍ

يِعْنُو لِغُرَّتِهِ الْهِزَبْرُ الْمُشْبلُ

أَغْنَى وَأَقْنَى وَاعْتَنَى وَكَفَى الْعَنَا

وَأَعَانَ فَهْوَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ

وَلِكُلِّ شَيْءٍ غَايَةٌ مَرْقُوبَةٌ

أَعْلاَمُهَا وَلِكُلِّ شَيْءٍ مَفْصِلُ

فَأَنِفْتَ لِلدِّينِ الْحَنِيفِ وَأَهْلِهِ

مِنْ خُطَّةِ الْخَسْفِ الَّتِي قَدْ حُمِّلُوا

وَلِمِلَّةٍ جُنَّتْ فَلَوْ لَمْ تُنْتَدَبْ

لَمْ يُلْفَ مَنْ يُرْقَى وَلاَ مَنْ يَتْفُلُ

أَحْكَمْتَ بِالرَّأَيِ السَّدِيدِ أُصُولَهَا

وَفَرَيْتَهَا لَمَّا اسْتَبَانَ الْمَفْصِلُ

وَرَكِبْتَ فِيهَا كُلَّ صَعْبٍ لَمْ يَكُنْ

لَوْلاَ الإِلاَهُ وَعِزَّ نَصْرِكَ يَسْهُل

وَأَجْرَتَ مَسْجِدَهَا الَّذِي قَدْ ضَيَّعُوا

وَرَحِمْتَ مِنْبَرَهَا الَّذِي قَدْ عَطَّلُوا

جَمَعَتْ عَلَيْكَ الْعُدْوَتَانِ قُلُوبَهَا

وَأَكُفَّهَا وَعَلَى الْحَمِيَّةِ عَوَّلُوا

فَاهْتَزَّ لِلْحَرْبِ الْكَمِيُّ بَساَلةً

وَاهْتَزَّ فِي مِحْرَابِهِ الْمُتَبَتِّلُ

وَبَدَا انْفِعَالُ الْكَوْنِ هَذَا الْعَالَم

الْعُلْوِيَّ مُهْتزَّ فَكَيْفَ الأَسْفَلُ

وَالرَّومُ لاِسْتْرِجَاعِ حَقِّكَ شَمَّرَت

هَذَا هُوَ النَّصْرُ المُعِمُّ الْمُخْوِلُ

وَاسْتَقْبَلَتْكَ السَّابِحَاتُ مَوَاخِرا

تَهْوِي إِلَى مَا تَبْتَغِي وَتُؤَمِّلُ

تُبْدِي جَوَانِبُهَا الْعُبُوسَ وَإِنْ تَكُنْ

بِالنَّصْرِ مِنْكَ وُجُوهُهَا تَتَهَلَّلُ

هُنَّ الْجَوَارِي الْمُنْشآتُ وَقَدْ غَدَتْ

تَخْتَالُ فِي بُرْدِ الشَّبَابِ وَتَرْفُلُ

مِنْ كُلِّ طَائِرَةٍ كَأَنَّ جَنَاحَهَا

وَهُوَ الشِّرَاعُ بِهِ الْفَرَاخُ تُظَلَّلُ

جَوْفَاءُ يَحْمِلُهَا وَمَنْ حَمَلَتْ بِهِ

مَنْ يَعْلَمُ الأَنْثَى وَمَا هِيَ تَحْمِلُ

أَطَلَعْنَ صُبْحاً مِنْ جَبِيِنَكَ مُسْفِراً

يَجْلُو الظَّلاَمَ وَهُنَّ لَيْلٌ أَلْيَلُ

وَطَلَعْنَ مِنْكَ عَلَى الْبِلاَدِ بِطَارِقٍ

لِلْفَتْحِ وَالنَّصْرِ الَّذِي يُسْتَقْبَلُ

وَبقيّةٌ مِنْ قَوْمِ عَادٍ أُهْلِكُوا

بِبَقِيَّةِ الرِّيحِ الْعَقِيمِ وَجُدِّلُوا

بِالْبَاطِلِ الْبَحتِ الصرَاحِ تَعَزَّزُوا

فَالآنَ لِلْحَقِّ الْمُبِينِ تَذَلَّلُوا

خَضَبَتْ مَنَاصِلَكَ الْمَفَارِقَ مِنْهُمُ

حِنّا نَجِيعٍ صَبْغُهَا لاَ يَنْصلُ

أَقْبَلْتَ فِي يَوْمِ الْهِيَاجِ فَأَدْبَرُوا

أَقْدَمْتَ فِي لَيْلِ الْعَجَاجِ فَأَجْفَلُوا

أَعْجَلْتَ حِزْبَ الْبَغْيِ فاشْتَبَهَتْ بِهِمْ

طُرُقُ النَّجَاةِ وَلِلْهَلاَكِ تَعَجَّلُوا

صَبَّحْتَهُمْ غُرَرَ الْجِيَادِ كَأَنَّمَا

سَدَّ الثَّنِيَّةَ عَارِضٌ مُتَهَلِّلُ

مِنْ كُلَّ مُنْجَرِدٍ أَغَرَّ محَجَّلٍ

يَرْمِي الْجِلاَدَ بِهِ أَغَرَّ مُحَجَّلُ

زَجِلُ الْجَنَاحِ إِذَا أَجَدَّ لِغَايَةٍ

وَإِذَا تَغَنَّى بِالصَّهِيلِ فَبُلُبُلُ

جِيدٌ كَمَا الْتَفَتَ الظَّلِيمُ وَفَوْقَهُ

أُذْنٌ مُشَنَّفَةٌ وَطَرْفٌ أَكْحَلُ

فَكَأَنَّمَا هُوَ صُورَةٌ فِي هِيْكَلٍ

مِنْ لُطْفِهِ وَكَأَنَّمَا هُوَ هَيْكَلُ

عَجَباً لَهُ أَيَخَافُ فِي لَيْلِ الْوَغَى

تِيهاً وَذَابِلُهُ ذُبَالٌ مُشْعَلُ

وَخَلِيجُ هِنْدٍ رَاقَ حُسْنُ صَفَائِهِ

حَتَّى لكَادَ يَعُومُ فِيهِ الصَّيْقَلُ

غَرِقَتْ بِصَفْحَتِهِ النِّمَالُ وَأَوْشكَتْ

تَبْغِي النَّجَاةَ فَأَوْثَقَتْهَا الأَرْجُلُ

فَالصَّرْحُ مِنْهُ مُمَرَّدٌ وَالصَّفْحُ من

هُ مُوَرَّدٌ وَالشَّطَّ مِنْهُ مُهَدَّلُ

وَبِكُلِّ أَزْرَقَ إِنْ شكَتْ أَلْحَاظُهُ

مَرَهَ الْعُيُونِ فَبِالْعَجَاجَةِ يُكْحَلُ

مُتَأَوِّدٌ أَعْطَافُهُ فِي نَشْوَةٍ

مِمَّا يُعَلّ مِنَ الدِّمَاءِ وَيُنْهَلُ

عَجَباً لَهُ إِنَّ النَّجِيعَ بِطَرْفِهِ

رَمَدٌ وَلاَ يَخْفَى عَلَيْهِ الْمَقْتَلُ

لِلَّهِ يَوْمُكَ فِي الْفُتُوحِ فَإِنَّهُ

يَوْمٌ أَغَرَّ عَلَى الزَّمَانِ مُحَجَّلُ

لِلَّهِ مَوْقِفُكَ الَّذِي وَثَبَاتُهُ

وَثَبَاتُهُ مَثَلٌ بِهِ يُتَمَثَّلُ

وَالْخَيْلُ خَطٌّ وَالْمَجَالُ صَحِيفَةٌ

وَالسُّمْرُ تَنْقُطُ وَالصَّوَارِمُ تَشْكُلُ

وَالْبِيضُ قَدْ كَسَرَتْ حُرُوفَ جُفُونِهَا

وَعَوَامِلُ الأَسَلِ الْمُثَقَّفِ تَعْمَلُ

لِلَّهِ قَوْمُكَ عِنْدَ مُشْتَجَرِ الْقَنَا

إِذْ ثَوَّبَ الدَّاعِي الْمُهِيبُ وَأَقْبَلُوا

قَوْمٌ إِذَا لَفَحَ الْهَجِيرُ وُجُوهَهُمْ

حَجَبُوا برَايَاتِ الْجِهَادِ وَظَلَّلُوا

فَوُجُوهُهُمْ بَسَنَا الأَهِلَّةِ تَزْدَرِي

وَأَكُفَّهُمْ جَوْنَ السَّحَائِبِ تُخْجِلُ

يَا آلَ نَصرٍ إِنْ تُذُوكِرَ مَفْخَرٌ

لاَتَفْضَحُوا مَنْ دُونكُمْ وَتَرَسَّلُوا

يَهْنِيكَ صُنْعُ اللهِ حِينَ تَبَلَّدَتْ

فِيكَ الْحِجَى وَتَأَوَّلَ الْمُتَأَوِّلُ

يَهْنِيكَ صُنْعُ اللهِ حِينَ اسْتَأَنَسَتْ

مِنْكَ الظَّنُونُ وَأَقْصَرَ الْمُسْتَرْسِلُ

يَهْنِي الْعِبَادَ أَنِ اغْتَدَى بِكَ دِيُنهَا

يُجْلُى مِنَ الشَّكِّ الْمُرِيبِ وَيُغْسَلُ

يَهْنِي الْبَلاَدَ أَنِ اغْتَدَى بِكَ فَوْقَهَا

سِتْرُ الْوِقَايَةِ وَالْحِمَايَةِ يُسْدَلُ

فَتْحُ الْفُتُوحِ تَأَخَّرَتْ أَيَّامُهُ

يَنْسَلّ مِنْ حَدَبٍ إِلَيْكَ وَيَنْسِلُ

يَزَعُ الإلاَهُ مِنَ النَّفُوسِ مَنِ ارْتَضَى

حَتَّى يَبِينَ مُحِقُّهَا وَالْمُبْطِلُ

وَاللهُ بِالتَّمْحِيصِ يُوقِظُ أَنْفُساً

عَنْ حَقِّهِ الْمَحْتُومِ كَانَتْ تَغْفُلُ

وَيُكَيِّفُ السَّببَ الْخَفِيَّ لِمَنْ قَضَى

بِسَعَادَةِ مِنْهُ إِلَيْهِ تُوَصَّلُ

عَلْيَاؤُكُمْ غَايَاتُهَا لاَ تَنْتَهِي

فِي مِثْلهَا خَانَ الْبَلِيغَ الْمقْوَلُ

آثَارُكَمْ فِي الدِّينِ غَيْرُ خَفِيَّةٍ

تُرْوَى عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ وَتُنْقَلُ

أَوَلَسْتُمْ الشُّهُبَ الأُولَى مَا غَيَّرُوا

مِنْ بَعْدِ بُعْدِ نَبِيِّهِمْ أَوْ بَدَّلُوا

أَو لَيْسَ جَدُّكُمُ الْمَدِينَةُ دَارُهُ

كَلاَّ وَصَاحِبُهُ النَّبِيُّ الْمرْسَلُ

سَعْدٌ وَمَا أَدْرَاكَ سَعْدُ عُبَادَةٍ

فِي مَجْدِهِ صَدَقَ الَّذِي يَتَوَغَّلُ

مَاذَا يُحَبِّرُ مَادِحٌ مِنْ بَعْدِمَا

أَثْنَى بِمَدْحِكُمُ الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ

يَانُكْتَة الْعَلْيَا وَياقَمَرَ الْهُدَى

وَالعُرْوَةُ الْوُثْقَى الَّتِي لاَ تُفْصَلُ

وَالْحَظّ أَمْرٌ لَيْسَ فِي وُسْعِ امْرِئٍ

فَمُكَثِّرٌ فِي كَدِّهِ ومُقَلِّلُ

وَالْحَقّ حَقٌّ مَا سِوَاهُ فَبَاطِلٌ

لَوْ حَقَّقَ الْمُسْتَبْصِرُ الْمُتَأَمِّلُ

تَتَلَوَّنُ الدَّنْيَا وَتَخْتَلِفُ الْمُنَى

وَالْبُدّ بُدٌّ لَيْسَ عَنْهُ مَعْدِلُ

وَلِربّنا الرُّجْعَى وَإِنْ طَالَ الْمَدَى

وَاللهُ نِعْمَ الْمُرْتَجَى وَالْمُؤَمَلُ

لَمْ يُبْقِ رَبُّكَ مِنْ عِدَاتِكَ مُعْتَدٍ

وَالسَّيْفُ يَسْبِقُ حَدُّهُ مَنْ يَعْذِلُ

أُخِذُوا بِبَغْيِهِمُ أَيُفْلِتُ هَارِبٌ

لِلَّهِ يُسْرِعُ خَطْوُهُ أَوْ يُعْجِلُ

ثُقِفُوا بِكُلِّ ثَنِيَّةٍ وَتَبَادَرَتْ

بِهِمُ عُيُونُ الْمُؤَمِنِينَ فَقُتِّلُوا

سُحْقاً لَهُمْ لاَ بِالْوَفَاءِ تَمَسَّكُوا

يَوْماً وَلاَ فَازُوا بمَا قَدْ أَمَّلُوا

وَرَأَى عَدُوُّ اللهِ عُقْبَى غَدْرِهِ

وَالْخِزْيُ مِنْهُ مُعَجَّلٌ وَمُؤَجَّلُ

وَهُوَ الَّذِي مِنْ حَقِّهِ أَلاَّ يُرَى

يُعْنَى اللِّسَانُ بِذِكَرِهِ أَوْ يَحْفِلُ

وَحَقَارَةُ الدُّنْيَا عَلَى اللهِ اقْتَضَتْ

أَنْ يَثْأَرَ الْمُسْتَحْقَرُ الْمُسْتَرْذَلُ

هَذَا سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ ابْتَزَّهُ

الْكُرسِيَّ بَعْضُ الْجِنِّ فيِمَا يُنْقَلُ

مَا غَيْرتْ مِنْكَ الْخُطُوبُ سَجِيَّةً

مَجْبُولَةً وَالَطَّبْعُ لاَ يُتَنَقَّلُ

بَلْ زَادَ عَقْلُكَ بَسْطَةً مِنْ بَعْدِهَا

حَتَّى أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ يُعْقَلُ

وَأَفَادَكَ الدَّهْرُ التَّجَارِبَ بَانِيا

تَضَعُ الأَمُورَ عَلَى الْوِزَانِ وَتَحْمِلُ

مَا إِنْ رَأَيْنَا مَنْ يُعَابُ بِحُنْكَةٍ

حَتَّى يُعَابَ الصَّارِمُ الْمُتَقَلِّلُ

قَدْ قَرَّ أَمْرُكَ وَاسْتَقَرَّ عِمَادُهُ

وَالْحَقُّ بَانَ فَلَمْ يَدَعْ مَا يُشْكِلُ

وَأَتَاكَ نَجْلُكَ وَالسَّعُودُ تَحُفَّهُ

وَالْخَلْقُ تَلْثِمُ كَفَّهُ وَتُقَبِّلُ

لَمَحُوكَ يَا بَدْرَ الْكَمَالِ فكَبَّرُوا

وَبَدَا هِلاَلُكَ بَعْدَ ذَاكَ فَهَلَّلُوا

فَالشَّمْلُ مُجْتَمِعٌ كَأَحْسَنِ حَالَةٍ

تَعْتَادُهَا وَنَوالُ رَبِّكَ يَشْمُلُ

وَلَقَدْ غَفَرْتَ ذُنُوبَ دَهْرِي كُلَّهَا

حَتَّى الْمَشِيبَ وَذَنْبُهُ لاَ يُهْمَلُ

لَمَّا رَأَتْ مَثْوَاكَ كَعْبَةَ طَائِفٍ

عَيْنِي وَكَفُّكَ لِلطَّوَافِ مُقبَّلُ

أُهْدِيكَ مِنْ أَدَبِ السِّياسَةِ مَا بِهِ

تَبْأَى الْمُلُوكُ عَلَى الْمُلُوكِ وَتَفْضُلُ

لاَ تُغْفِل الْحَزْمَ الَّذِي بِعِقَالِهِ

إبلُ الإِمَارَةِ وَالإِدَارَةِ تُعْقَلُ

وَاجْعَلْ صُمَاتَكَ عِبْرَةً فِيمَا مَضَى

وَعَلَيْهِ قِسْ مِنْ بَعْدِمَا يُسْتَقْبَلُ

وَالأَمْرُ تَحْقِرُهُ وَقَدْ يَنْمِي كَمَا

تَنْمِي الْجُسُومُ عَلَى الْغِذَاء وَتَعْبَلُ

فَاحْذَرْ صَغِيرَ الأَمْرِ وَلْتَحْفِلْ بِهِ

وَإِذَا غَفَلْتَ فَإِنَّهُ يُسْتَفْحَلُ

فَالنَّارُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ شَرَارَةً

وَالْغَيْثُ بَعْدَ رَذَاذِهِ يَسْتَرْسِل

شَاوِرْ إِذَا الشُّورَى دَعَتْكَ أُولِي النُّهَى

فَخطابُ غَيْرِ أُولِي النّهَى لاَ يَجْمُلُ

وَأَجِزِ الْمُسِيءَ إِذَا أَسَاء بِفِعِلْهِ

وَالْمُحْسِنَ الْحُسْنَى جَزَاءً يَعْدِلُ

وَإِذَا عَدَلْتَ فَلاَ الْهَوَادَةُ وَالْهَوَى

مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً لَدَيْكَ تُؤْمَّلُ

وَمَنِ اسْتَبَحْتَ ذِمَارَهُ بِعُقُوبَةٍ

فَبِغيْرِهِ مِنْ بَعْدِهَا يُسْتَبْدَلُ

وَإِذَا عَقَدْتَ فَلِلْغنَى لاَ لِلْهَوَى

فَبِكُلِّ قَدْرِ رُئْبْةٌ لاَ تُهْمَلُ

وَصُنِ اللِّسَانَ عَنِ الْقَبِيحِ فَرُبَّمَا

يَمْضِي اللِّسَانُ بِحَيْثُ يَنْبُو الْمنْصَلُ

وَإِذَا جَرَحْتَ فُؤَادَ حُرٍّ لَمْ تُطِقْ

إِدْمَالَهُ وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَدْمُلُ

وَأَقْبَل وَصِيَّةَ مَنْ أَتَى لَكَ نَاصِحاً

وَاشْكُرْهُ وَهْوَ الْكَاذِبُ الْمُتَحَيِّلُ

وَعَلَى التَّثَبُّتِ فِي السِّعَايَةِ فَاعْتَمِدْ

فَمَرَدُّ أَمْرِ فَاتَ لاَ يُسْتَسْهَلُ

وَإِذَا جَنَى جَانٍ تَبَيَّنَ جَهْلُهُ

فَاحْلُمْ عَلَيْهِ فأَيْنَ مَنْ لاَ يَجْهَلُ

وَارْعَ السَّوَابِقَ لاَ تُضِعْهَا إِنَّهَا

دَيْنٌ يُلاَمُ لأَجْلِهِ مَنْ يَمْطُلُ

وَإِذَا تَرَحَّلَ عَنْ جِوَارِكَ رَاحِلٌ

فَانْظُرْ بِعَقْلِكَ عَنْكَ مَاذَا يَنْقُلُ

وَاجْعَلْ عَلَى السِّيرِ الَّتِي رَتَّبَتْهَا

عَيْناً تَجِيءُ بِكُلِّ مَا يُتَقَوَّلُ

لاَ تُبدِ هَوْنَاً فِي الشَّدَائِدِ إِنْ عَرَتْ

فَبِقَدْرِ مَا تُبْدِيهِ قَدْرُكَ يحملُ

وَالْمَال خُذْهُ بِحَقِّهِ وَاعْلَمْ بِأَنْ

نَ الْمَالَ لِلْغَرَضِ الْبَعِيدِ يُوَصِّلُ

وَازِنْ بِهِ مُؤَنَ السِّيَاسَةِ وادَّخِرْ

فَضْلاً وَوَازِ بِخَرْجِهِ مَا يدْخُلُ

وَالْمَنْحُ وَالْمَنْعُ اعْتَبِرْ قِسْطَاسَهُ

فَالْبُخْلُ وَالتَّبْذِير مِمَّا يُرْذَلُ

وَعَلَيْكَ بِالتَّقْوَى وَبِالخُلُقِ الَّذِي

يَنْهَى النُّفُوسَ عَنِ الْقَبِيحِ وَيَعْذِلُ

وَاشْغِلْ عِنِ اللَّذَّاتِ نَفْسكَ بِالَّذِي

نَفْسُ الْحَكِيمِ بِهِ تَلذُّ وَتُشْغَلُ

وَبَنُو الزَّمَانِ عَلَى سَبِيلِ أَبِيهِمُ

إِنْ عَزَّ عَزُّوا أَوْ يَذِلُّ تَذَلَّلُوا

بِالْعَفْوِ خُذْ مِنْهُمْ وَلاَ تَكْشِفْ لَهُمْ

سِتْراً فَلَسْتَ عَلَى كَبِيرٍ تَحْصُلُ

ذُمَّ الزَّمَانُ وَأَهْلُهُ مِنْ قَبْلِنَا

فَمَتَى حَلاَ أَوْ لَذَّ هَذَا الْحَنْظَلُ

هَذَا وَعَقْلُكَ فِي الْخَلاِفَةِ قَدْرُهُ

أَسْنَى وَرَأَيُك فِي السِّيَاسَةِ أَفْضَلُ

مَوْلاَيَ هَاضَنِي الزَّمَانُ وَسَامَنِي

جَوْراً وَأَنْتَ هُوَ الإِمَامُ الأَعْدَلُ

أَنْحَى عَلَى وَفْرِي وَرَوَّعَ مَأْمَنِي

ظُلْماً وَحَمَّلَنِي الَّذِي لاَ يُحْمَلُ

وَرَمَى بِنَا الْبَحْرُ الْمُحِيطُ وَلَوْ دَرَى

مِنْ دُونِهِ مَرْمَىً لَقَالَ لَنَا ارْحَلُوا

إِنَّا قُتِلْنَا بِالنَّوَى سِيَّان مَنْ

يُجْلَى عَنِ الأَوْطَانِ أَوْ مَنْ يُقْتَلُ

هَذَا قِيَاسٌ لَيْسَ يُدْفَعُ حُكْمُهُ

مِنْ بَعْدِ مَا شَهِدَ الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ

أَصْبَحْتُ فِي زُغْبٍ كَأَفْرَاخِ الْقَطَا

وَالْمَاءُ شرطُ حَياتِهِم والسُنبُلُ

فَإذا سَمَوتُ لِقَصدِهِم لم أستَطِع

وإذا اعْتَذَرْتُ إِلَيْهِمُ لَمْ يَقْبَلُوا

وَأَنَا الَّذِي مَا لِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ

أُدْلِي بِهَا لِعُلاَكَ أَوْ أَتَوسَّلُ

أَنْتَ الْوَسِيلَةُ لِي إِلَيْكَ فَلاَ تُضِعْ

قَصْدِي فَمِثْلُكَ مَنْ يَقُولُ وَيَفْعَلُ

مَا لِي وَلاَ لَبِنِيَّ غَيْرَكَ رَحْمَةٌ

لَكِنَّ عُذْرِي وَاضِحٌ لاَ يُجْهَلُ

خُذْهَا كَمَا شَاءَ الْخَلُوصُ كَأَنَّهَا

عِقْدٌ بِأَلْقَابِ الْبَدِيعِ مُفَصَّلُ

أَهْدَى الْبَيَانُ بِهَا فَرَاِئدَ حِكْمَةٍ

يَبْأَى النَّدَى بِنَشْرِهَا وَالْمَحْفِلُ

وَأشْكُرْ صَنِيعَ اللهِ فِيكَ فَإِنَّهُ

يُنْمِي ثَوَابَ الشَّاكِرِينَ وَيُجْزِلُ

شرح ومعاني كلمات قصيدة الحق يعلو والأباطل تسفل

قصيدة الحق يعلو والأباطل تسفل لـ لسان الدين بن الخطيب وعدد أبياتها مائةتسعة و تسعون.

عن لسان الدين بن الخطيب

محمد بن عبد الله بن سعيد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله الشهير بلسان الدين بن الخطيب. وزير مؤرخ أديب نبيل. كان أسلافه يعرفون ببني الوزير. ولد ونشأ بغرناطة. واستوزره سلطانها أبو الحجاج يوسف بن إسماعيل (سنة 733هـ) ثم ابنه (الغني بالله) محمد، من بعده. وعظمت مكانته. وشعر بسعي حاسديه في الوشاية به، فكاتب السلطان عبد العزيز بن علي الميني، برغبته في الرحلة إليه. وترك الأندلس خلسة إلى جبل طارق، ومنه إلى سبتة فتلمسان (سنة773) وكان السلطان عبد العزيز بها، فبالغ في إكرامه، وأرسل سفيراً من لدنه إلى غرناطة بطلب أهله وولده، فجاؤوه مكرمين. واستقر بفاس القديمة. واشترى ضياعاً وحفظت عليه رسومه السلطانية. ومات عبد العزيز، وخلفه ابنه السعيد بالله، وخلع هذا، فتولى المغرب السلطان (المستنصر) أحمد بن إبراهيم، وقد ساعده (الغني بالله) صاحب غرناطة مشترطاً عليه شروطاً منها تسليمه (ابن الخطيب) فقبض عليه المستنصر)) . وكتب بذلك إلى الغني بالله، فأرسل هذا وزيره (ابن زمرك) إلى فاس، فعقد بها مجلس الشورى، وأحضر ابن الخطيب، فوجهت إليه تهمة (الزندقة) و (سلوك مذهب الفلاسفة) وأفتى بعض الفقهاء بقتله، فأعيد إلى السجن. ودس له رئيس الشورى (واسمه سليمان بن داود) بعض الأوغاد (كما يقول المؤرخ السلاوي) من حاشيته، فدخلوا عليه السجن ليلاً، وخنقوه. ثم دفن في مقبرة (باب المحروق) بفاس. وكان يلقب بذي الوزاتين: القلم والسيف؛ ويقال له (ذو العمرين) لاشتغاله بالتصنيف في ليله، وبتدبير المملكة في نهاره. ومؤلفاته تقع في نحو ستين كتاباً، منها (الإحاطة في تاريخ غرناطة) ، و (الإعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام-خ) في مجلدين، طبعت نبذة منه، و (اللمحة البدرية في الدولة النصرية-ط) .[١]

تعريف لسان الدين بن الخطيب في ويكيبيديا

محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السّلماني الخطيب الشهير لسان الدين ابن الخطيب ولقب ذو الوزارتين وذو العمرين وذو الميتين، (لوشة، 25 رجب 713 هـ/1313م - فاس، 776 هـ/ 1374م) كان علامة أندلسيا فكان شاعرا وكاتبا وفقيها مالكيا ومؤرخا وفيلسوف وطبيبا وسياسيا من الأندلس درس الأدب والطب والفلسفة في جامعة القرويين بمدينة فاس. يشتهر بتأليف قصيدة جادك الغيث وغيرها من القصائد والمؤلفات. قضّى معظم حياته في غرناطة في خدمة بلاط محمد الخامس من بني نصر وعرف بلقب ذي الوزارتين: الأدب والسيف. نـُقِشت أشعاره على حوائط قصر الحمراء بغرناطة. نشأ لسان الدين في أسرة عرفت بالعلم والفضل والجاه، وكان جده الثالث «سعيد» يجلس للعلم والوعظ فعرف بالخطيب ثم لحق اللقب بالأسرة منذ إقامتها في لوشة وكانت أسرة ابن الخطيب من إحدى القبائل العربية القحطانية التي وفدت إلى الأندلس، وتأدّب في غرناطة على شيوخها، فأخذ عنهم القرآن، والفقه، والتفسير، واللغة، والرواية، والطب.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي