الحب .. نهار الأحد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الحب .. نهار الأحد لـ نزار قباني

1
أحبك جداً .
وأكره جداً .. إجازة يوم الأحد .
وأكره أن أتوقف عن حبنا
ولو ساعة واحدة ..
ولو لحظة واحدة ..
فكل الإجازات في الحب وهم
وكل الرحيل بلا فائدة .
ففي جبهة الحب لا يستريح المحارب .
وفي ثورة البحر .. لا تستريح المراكب …

2
أحبك جداً ..
وأكره أي نهار يصادر وجهك مني
وصوتك مني .
وفضة نهديك مني ..
وأرفض أن لا تكوني أمامي
وأن لا تنامي ببؤبؤ عيني .
وأخشى بأن يسرقوا الوقت منا
فيسقط بعض الأنوثة منكِ …
ويسقط شيء من الشِعر مني …

3
يريدون أن أستريح قليلاً
من الحب .. يوم الأحد ..
ومن قال إني تعبت من الموت عشقاً ؟
وإني استقلت من الرقص فوق اللهب ؟
فكيف أبرمج قلبي
لكي لا يحبك يوم الأحد ؟
وكيف أعلم ثغري
بأن لا يبوسك يوم الأحد ؟
وكيف أدرب صبري على الصبر يوم الأحد ؟ .
وكيف أقول لشعري : انتظرني
لما بعد يوم الأحد ؟ .
وكل نهار به لا أراك .. أبدْ !! ..

4
أحبك جداً ..
ويقلقني أن يمر نهار
ولا تحدثين به خضة في حياتي ..
ولا تحدثين انقلاباً بشعري
ولا تشعلين الحرائق في كلماتي …

5
أحبك جداً
ويرعبني أن تمر عليَّ الدقائق
ولا أتوسد فيها حرير يديك
ولا أتكوم مثل الحمام على قبتي ناهديك
ولا أستحم بضوء القمر ..
كلامك شعر .
وصمتك شعر .
وحبك يركض كالبرق بين عروقي
ويضرب مثل القضاء ومثل القدر ..

6
أعاقـَب مثل التلاميذ يوم الأحد .
فلا رحلة نحو ثلج الشمال ..
ولا سفر نحو بحر الجنوب ..
ولا نزهة في العيون الكبيرة .
ولا فرصة كي أنام لخمس دقائق ..
تحت حرير الضفيرة ..
وخمس دقائق ..
فوق سرير الأميرة …
أيا امرأة .. في يديها تفاصيل عمري
ترى من أكون ؟
إذا ما أخذتِ شؤوني الصغيرة ؟ ..

7
أحس بأن جرائد يوم الأحد
تحاصرني في الصباح كعاصفة عاتية ..
وأشعر أني بدونك كالنخلة العارية .
أضيع بلندن شرقاً وغرباً
ويبقى حنيني إلى البادية …

8
طويل .. طويل .. نهار الأحد .
ثقيل .. ثقيل .. نهار الأحد ..
ولندن مشغولة بطلاق ( ديانا ) ..
وخائفة من ( جنون البقر ) !! .
فلا الباص يأتي كما كان يأتي ..
ولا الشِعر يأتي كما كان يأتي ..
ولا قرطك الذهبي الطويل
يوجه لي دعوة للسفر …

9
أحبك جداً ..
وأشعر أن حضارة لندن – منذ وصلنا -
تنادي علينا ..
وأن شوارعها تتقاطع فوق يدينا ..
وأن الغمام ، الحمام ، الجسور ،
زهور البيوت ، زجاج الكنائس ، عشب الحدائق ،
حين نمر .. تشير إلينا …

10
إلى أين نهرب من سيف أشواقنا ؟
نهار الأحد …
فلا قهوة نحتسيها بأي مكان .
ولا نرجس نشتريه ، ولا أقحوان .
ولا كتب الشعر تضحك بين يدينا .
ولا لمسة من حنان ..
ولا قدح من نبيذ ، يغير ألوان عينيك في لحظة ..
ويمحو حدود الزمان ..

11
إذا أنتِ لم تمطري .
فمن أين يأتي المطر ؟
وإن أنتِ لم تحضري .
فليس يهم حضور البشر ..

12
إلى أين ، سيدتي ، قد نقلتِ البلد ؟
فلم تتركي حجراً واحداً .
ولم تتركي مطعماً واحداً .
ولم تتركي مسرحاً واحداً .
ولم تتركي متحفاً واحداً .
فكيف أواجه منفاي وحدي ؟
وأنت مليكة هذا البلد !! …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي