الحب في غرفة التخدير

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الحب في غرفة التخدير لـ نزار قباني

1
لا تسمعي أبداً كلامي
ما عاد عندي ما أقدمه إليك
فأطفئي الأنوار – سيدتي
ونامي . . .
صار الكلام مفخخاً . .
والقلب صار مفخخاً . .
والحب صار مفخخاً أيضاً . .
فما جدوى كلامي ؟
لغتي بلا لغة
وهذا العصر يرفض ما يقول العاشقون
ويرفض ما يقول الأنبياء
ويرفض ما تبقى
من سلالات الغرام . .
أنا حالة في الحزن نادرة
ووجهي ضائع كالطفل
في هذا الزحام
إن النساء تكسرت فوق النساء
فلا أرى امرأة ورائي
أو أرى امرأة أمامي . .

2
نامي قليلاً . . أو كثيراً . . لا يهم
فإنني ما عدت مكترثاً
بجمع القطن عن نهديك . .
أو زغب الحمام . .
تعبت يداي . .
فلست أعرف كيف يجتمع النبيذ . .
مع الحليب . .
مع القطيفة والرخام . .
من غير وعد سابق
أو كيف ترتفع المدينة , والشوارع , والمقاهي .
والمراكب في البحار , إلى الغمام . . .

3
نامي . . ولا خوف عليك
فإن أظافري انكسرت جميعاً في الحروب
وشهوتي مدفونة تحت الركام
نامي . .
لأكتب أي شيء . .
أو لأقرأ أي شيء . .
أو لأضحك . .
أو لأبكي . .
أو لأصرخ . .
أو لأحرق أي شيء . .
أو لأكسر أي شيء . .
أو لأركض عارياً تحت الظلام . .
نامي . .
لعل النوم يفتح باب ذاكرتي . .
ويشفيني قليلاً من فصامي . .
نامي . .
لكي أسترجع الأسماء . .
والأشياء . .
والأشجار . .
والأعشاب . .
والألعاب . .
والكتب التي أحببتها يومآ
ونارنج الشام . . .

4
نامي . .
لأجلي مرة . . أو لا تنامي . .
نامي , لأعرف هل أحبك ؟
أم أحب الشعر أكثر . .
أو لأعرف ما المسافة
بين موسيقى يديك . .
وبين موسيقى اليمام
نامي , لأعرف أي شيء عن تفاصيل الطريق
وعن تضاريس الأنوثة . .
واحتمالات المطر . .
نامي . . لأسند مرة رأسي
على كتف القمر . . . .

5
لا تسمعي . . ما قلت , أو سأقول
إن مساحة الأحزان
أكثر من مساحات الكلام
الصوت يمضغ صوته
والوقت يمضغ وقته
والشِعر يمشي حافياً فوق الحطام
إني أحاول أن أغير كل عاداتي القديمة
في الحديث مع النساء
وأن أغير ما تبقى من يدي . .
ومن عظامي . .
وأنا أحاول . .
أن أسافر من سلالاتي
وأهرب من زواج بنات أعمامي . .
وأكنس كل هذا الرمل عن جسدي
وأقلع من غلاف القلب . .
أوتاد الخيام . . .

6
استيقظي . .
استيقظي . . .
من قال إني قد سألتك أن تنامي ؟
أنا خائف من كل ما حولي
ومن نفسي
ومن عصر التلوث , والبشاعة
والجريمة , والسخام . .
أنا خائف من ذلك العصر الذي
يخشى هبوب العطر
أو يخشى انبثاق النهد . .
أو يخشى مكاتيب الغرام . .

7
استيقظي . .
استيقظي . .
إني لأبحث منذ آلاف السنين
عن السلام . . .
وما وجدت سواك
عاصمة السلام . . .

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي