الأصمعيات/رجل من غني

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

رَجُلٌ من غَنِيٍ

رَجُلٌ من غَنِيٍ - الأصمعيات

رَجُلٌ من غَنِيٍ

إنَّ العواذِلَ قد أتعبنَني نَصَبَا

وَخِلتُهُنَّ ضعيفاتِ القُوى كُذُبَا

ألغادِياتِ عَلى لَوِم الفَتَى سَفَهاً

فِيمَا استفادَ ولا يَرْجِعْنَ ما ذهَبَا

يا أيُّها الراكبُ المُزْجِى مَطيَّتهُ

لا نِعمَةً تَبتَغي عندي وَلا نَسَبا

أعْص العَواذِلَ وَارمِ الليلَ عنْ عُرُضٍ

بذي سَبيبٍ يُقَاسي لَيلَهُ خَبَبا

نَاتي المَعَدَّينِ خاظٍ لحْمُهُ زِيمٌ

سامٍ يَجُرُّ جِيادَ الخيلِ مُنجَذِبا

مِلْءِ الحِزامِ إذا مَا اشتدَّ مِحْزَمُهُ

ذِي كاهِلٍ ولَبَانٍ يَمْلأ اللَّبَبَا

يَظَلُّ يَخْلِجُ طَرْفَ العَينِ مُشتَرِفاً

فَوقَ الأكامِ إذا مَا انتصَّ وارتَقَبَا

كَالسَمْعِ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَهُ

وَلمْ يَدِجْهُ ولمْ يَضرِبْ لَهُ عَصَبا

عارِي النَواهِقِ لا يَنْفَكُّ مُقْتَعَداً

في المُطنِباتِ كَأسرَابِ القطَا عُصُبا

تَرَى العَنَاجِيجَ تُمرَى بعدَ مالَغِبَتْ

بالقِدِّ مَرْيَا ومَا يُمرَى ومَا لَغِبا

يُدنِي الفَتَى لِلغِنَى في الراغِبِينَ إذَا

لَيْلُ الِتمامِ أهَمَّ المُقْتِرِ العَزَبا

حتَّى يُصادِفَ مالاً أو يُقالَ فتىً

لاقى اللّتي تَشعبُ الفِتيانَ فانشَعَبَا

إنَّ ابتِياعَكَ مَوْلَى السَوْءِ تسألُهُ

مِثلُ القُعُودِ ولَمَّا تَتَّخِذْ نَسبَا

إذَا افتَقَرْتَ نَأي واشتدَّ جَانِبُهُ

وإنْ رَآكَ غَنيَّاً لانَ واقتَرَبا

وذُو القَرابَةِ عِندَ اللَيلِ تَطلُبُهُ

هُوَ البَعيدُ إذَا ما جِئْتَ مُطَّلِبا

لا يَحملنَّكَ إقتارٌ على زُهُدٍ

ولا تَزَلْ في عَطاءِ الله مُرتَغِبا

لا بَلْ سَلِ الله ما ضَنُّوا عَلَيْكَ بهِ

ولا يَمُنُّ عَليكَ المَرءُ ما وَهَبا

ألا تَرى إنَّمَا الدُنيَا مُعلَّلةٌ

أصحابُها ثم تَسري عنْهُمُ سَلبَا

بَيْنَا الفتَى في نَعيمٍ يطمئِنُّ بهِ

ردَّ البَئِيسَ عليهِ الدَهرُ فانقلَبا

أو في بَئيسٍ يقاسيهِ وفي نَصَبٍ

أَمسَى وقدْ زايلَ البأساءَ والنصَبا

ومن يُسوِّي قصيراً باعُهُ حَصِراً

ضيقَ الخليقَةِ عَثّاراً إذَا ركِبا

بِذِي مَخارِجَ وضّاحٍ إذَا نُدِبُوا

في الناسِ يَوماً إلى المَخشِيَّةِ انتَدَبا

لا تكُ صَبّاً إذَا استَغْنى أضَرَّ ولمْ

يحفِلْ قرابَةَ ذي قُربَى ولا نَسَبا

الله يُخلِفُ ما أنفقتَ مُحتَسِبَاً

إذا شَكرتَ ويؤتِيكَ الَّذي كَتَبا

مِثلي يَرُدُّ على العادي عدَاوَتَهُ

ويُعْتبُ المرءَ ذَا القُربَى إذا عَتَبا

تَحمِي عليّ أُنُوفٌ أنْ أَذِلَّ وَلا

يَحمي مُنَاوِئُهَا أنفاً ولا ذَنَبا

أَنَا ابنُ أعصُرَ يسمو للعُلى وتري

فيمنْ أُقاذِفُ عن أعراضِهِمْ نَكِبا

إذَا قُتيبَةُ مدَّتني حَوالِبُها

بالدُهْمِ تَسمَعُ في حافاتِها لَجَبا

مَدّّ الخليجِ تَرَى في مَدَّه تأقَاً

وفي الغَواربِ مِنْ آذِيِّهِ حَدَبا

لايمنعُ الناسُ منّي ما أرَدْتُ ولا

أُعطِيهُمُ ما أرادوا حَسْنَ ذَا ادَبا

لا يَخفضُ الحربُ للدُّنيا إذا استعرَتْ

ولا تَبوخُ إذا كُنَّا لَهَا شُهُبا

حتَّى نَشُدَّ الأسَارَى بعدَ مَافزَعُوا

مِنْ بَيْنِ مُتّكئ قَدْ فاظَ أوكَرَبا

سَائِلْ بناحيَّ عَليَاءٍ فقدْ شرِبُوا

مِنَّا بِكأسٍ يستَمرِثوا الشُرُبا

إنَّا نَحُسُّهُم بالمَشرَفيّ وهُمْ

كالهِيمِ تَغشي بايْدي الذادةِ الخَشَبا

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي