أنا والنساء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أنا والنساء لـ نزار قباني

1
أريدُ الذهابَ ..
إلى زَمَنٍ سابقٍ لمجيء النساءْ..
إلى زمنٍ سابقٍ لقُدُوم البكاءْ
فلا فيهِ ألمحُ وجهَ امرأهْ..
ولا فيهِ أسمعُ صوتَ امرأهْ..
ولا فيهِ أشنقُ نفسي بثدي امرأَهْ..
ولا فيه ألعقُ كالهرِّ رُكْبَةَ أيّ امرأَهْ...

2
أريدُ الخروجَ من البئر حيَّاً..
لكي لا أموتَ بضَرْبَة نَهْدٍ..
وأُهْرَسَ تحت الكُعُوب الرفيعةِ..
تحت العيون الكبيرةِ،
تحت الشفاه الغليظةِ،
تحتَ رنين الحِلَى، وجُلُود الفِراءْ
أريدُ الخروجَ من الثقبِ
كي أتنفَّسَ بعضَ الهواءْ..

3
أريدُ الخروجَ من القِنِّ..
يث الدجاجاتُ ...
ليس يفرّقْنَ بين الصباحِ وبين المَسَاءْ
أُريدُ الخروجَ من القِنِّ..
إنَّ الدَجَاجاتِ مزَّقْنَ ثوبي..
وحللنَ لحمي..
وسَمَّيْنَني شاعرَ الشُعَراءْ....

4
كرهتُ الإقامةَ في جَوْف هذي الزُجاجَهْ..
كرهتُ الإقامَهْ..
أيمكنُ أن أتولّى
حِرَاسَةَ نَهْدَيْنِ..
حتى تقومَ القيامَهْ؟؟
أيمكنُ أن يصبح الجِنْسُ سِجْناً
أعيشُ به ألفَ عامٍ وعامْ
أريدُ الذهابَ..
إلى حيث يمكنني أن أنامْ...

فإني مللتُ النبيذَ القديمَ..
الفِرَاشَ القديمَ..
البيانو القديمَ..
الحوارَ القديمَ..
وأشعارَ رامبو..
ولَوْحَات دالي..
وأعينَ (إلْزَا)
وعُقْدَةَ كافْكَا..
وما قالَ مجنونُ لَيْلَى
لشرح الغرامْ...

متى كانَ هذا المُخَبَّلُ مجنونُ ليلى..
خبيراً بفنّ الغرامْ؟
أريدُ الذهابَ إلى زمن البحرِ..
كي أتخلَّصَ من كل هذي الكوابيسِ،
من كلّ هذا الفِصَامْ
فهل ممكنٌ؟
- بعد خمسينَ عاماً من الحُبِّ-
أن أستعيدَ السلامْ؟؟

5
أريدُ الذهابَ.. لما قَبْلَ عصر الضفائرْ
وما قَبْلَ عصر عُيُون المَهَا..
وما قَبْلَ عصر رنين الأساورْ
وما قَبْلَ هندٍ..
ودَعْدٍ..
ولُبْنَى..
وما قَبْلَ هزِّ القُدُودِ،
وشَدِّ النهودِ..
ورَبْط الزنانير حول الخواصرْ..

أريدُ الرحيلَ بأيِّ قطارٍ مُسَافرْ
فإنَّ حُرُوبَ النساءْ
بدائيّةٌ كحروب العشائرْ
فقَبْلَ المعاركِ بالسيفِ،
كانتْ هناكَ الأظافِرْ!!.
*
6
كرهتُ كتابةَ شعري على جسد الغانياتْ
كرهتُ التَسَلُّق كلَّ صباحٍ، وكلَّ مساءٍ
إلى قمة الحَلَماتْ..
أريدُ انتشالَ القصيدة من تحت أحذية العابراتْ
أريدُ الدخولَ إلى لغةٍ لا تجيد اللغاتْ
أريدُ عناقاً بلا مُفْرَداتْ
وجنْساً بلا مُفْرَداتْ
وموتاً بلا مُفْرَداتْ
أريدُ استعادةَ وجهي البريءِ كوجه الصلاةْ
أريدُ الرجوعَ إلى صدر أمّي
أريدُ الحياةْ...

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي