أمبتغيا شيخا به يتقوم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أمبتغيا شيخا به يتقوم لـ حمدون بن الحاج السلمي

اقتباس من قصيدة أمبتغيا شيخا به يتقوم لـ حمدون بن الحاج السلمي

أمبتغياً شيخاً به يتقوَّمُ

لسيرٍ وَيَهدي للتي هي أقومُ

فهذا كتابُ اللَه أي خليفةٍ

عن المصطفى من بعدِهِ ومحكمُ

كما أطلعتهُ البكرُ في مطلعٍ وفي

نظائرها من ذاك ما ليس يُكتمُ

هُدى كل نوعٍ منه هادٍ لما هدى

له روضةٌ أزهارها تتنسمُ

وجلهُ في الزهراءِ يزهرُ وجههُ

يلوحُ لمن يرى ولا يتلثم

وها ذي أحاديثُ الرسولِ مبنيةٌ

له ولأدواءِ الجهالةِ مرهَمُ

كأنَّ كتابَ اللَهِ منسوجُ سندسٍ

ولفظَ رسولِ اللَهِ طرزٌ معلمُ

كأنَّ كتابَ الله مرقومُ عجسدٍ

ولفظَ رسولِ اللَهِ غنجٌ منمنم

وذلك في تاجٍ بتومةٍ انجلَت

وفي شبهِ تاجٍ منهُ دُرٌّ منظمُ

وليس رُسوخُ علمٍ الا بها ومن

يزغ زاغَ قلباً قلما منه يسلم

هما شاهدا صدقٍ على النكتِ التي

تحلُّ بقلبِ السالكين وترسَمُ

لتوراةٍ انجيلٌ أتت مثلما أتى

لذكرٍ حديثٌ وهو في ويعلمُ

هما الشهدُ والزبدُ الذي نطقت بهِ

سحابٌ أظلت من لظى تتحطَّمُ

وحبلٌ تدلى منهما كانَ نسجُهُ

وفي اعتصموا به بدا وهو مُبرَمُ

هما كفتانِ للقياس مناطِ الاج

هاطِ بهِ يبدو الذي هو مبهمُ

هما والقياسُ والقياسُ جناهما

أصولٌ لإجماعٍ وقد تتلثمُ

وذلك في النسا لمن كان ذا ائتسا

ترتب عقداً مثله ليس يفصمُ

به عملٌ لأهلِ طيبةَ ملحقٌ

ذرى الخلفاءِ الراشدين وهم هُمُ

كما في وما آتاكمُ شمسهُ انجلَت

لنا وهي من غيرٍ بدت تتلثمُ

هو الدينُ شقةٌ كتابٌ وسنةٌ

سداهُ ولحمةٌ قياسٌ متمم

فقد قيلَ لي بنومٍ البكرُ سورةٌ

لربٍّ وسورةُ القديمِ تقدمُ

وتاج لتاجِ الرسلِ أعلاهمُ هدى

وما بعدها بسورةِ الناسِ تُوسَمُ

وشموتُ به واللَه ناسجَ شقةٍ

يُلقى من السماءِ ما به يلحم

وجيءَ بها لي وهي مختومةٌ وما

لها طرفٌ تراه عينٌ فيختمُ

وشمتُ به ظرفاً من اللبن امتلا

وآخر يعلو الزبدُ فيه وينجُمُ

طعمنا من اولٍ وقال الذي أتى

به زد وهذا العلم والله أعلمُ

وهذه أركان احتجاج لديننا

بها كمل الدينُ القويمُ المقومُ

وبعد اهتداء اعتداءٌ وقد أتى

له ناهياً لا تسألوا لا تحرموا

وإلا اقتداءٌ واقتفاءٌ لذي عمى

عليه قرينه امتطى وهو ملجمُ

هما صاحِ ميزابا العلومِ التي أتى

بها فارتوى معلمٌ ومعلمُ

هما صاحِ ينبوعٌ لأنهارِ جنةٍ

وعندَ ورودكَ الجنانَ ستعلمُ

وباقي العلوم آلةٌ أو نتيجةٌ

وإلا ضلالات بها القلب يظلمُ

وفي طلبٍ للعلم جاءت أثارةٌ

من العلم منها عن معاذٍ تعلموا

هم العلماء الوارثون نبيهم

ولا سيما من كان أقرب منهم

وعصمتهم حفظٌ من الله صانهم

بفضله عما شانهُم وهو أرحَمُ

وآيتهم ما اللَهُ مكرمهُم بهِ

إذا سلكوا سبلَ الهُدى وهو أعلمُ

وهل من كرامةٍ ترى كاستقامةٍ

وعلمٍ لمن أعلاه ربكَ الاكرمُ

ولا عالمٌ إلا الذي كانَ عاملاً

بعلمٍ له وهو الولي المعظمُ

مجلوهم ومكرموهم لربه

وخيرةِ رسلهِ مجلٌ ومكرمُ

ولا سيما الراوونَ عنه حديثَهُ

فكلهم خليفةٌ عنه يحكُمُ

هم أهلهُ أهلُ الرسولِ وآلهُ

وذلك أعلى ما يكون وأعظمُ

وإنهم أولى به في قيامةٍ

لكثةرِ ما صلوا عليه وسلموا

متى ما جرى ذكر له بكتابةٍ

ونطقٍ يضع طرسٌ به ويضع فَمُ

صلاةٌ وتسليمٌ عليه متممٌ

لها ما بها بدرُ القلوبِ متممُ

وفي نضر اللَه امرأ أي قسمةٍ

تصيرُ لهم إذ قاسمُ العلمِ يقسِمُ

مقالتُهُ وهو الصدوقُ بفعلِهِ

فتقريرُهُ كدرِّ عقدٍ ينظمُ

هي السنة الغراءُ أقسامٌ انجلت

ب فاتبعوني مثلما انجلت انجمُ

ومنها ترى لزومَ تصديقِ مسندٍ

لنا عنه وهو بالأمانةِ يُوسَمُ

فصحبُهُ خيرُ أمةٍ أخرجت لنا

عدولٌ ومجهولٌ كمن هو يعلمُ

ومنهم مكثرُ الحديثِ ومنهُمُ

مقلٌّ وكلٌّ سالِمٌ ومسلمُ

ومن بعد للرجالِ فيهِ مباحِثٌ

تميزُ الخبيضَ من ذوي الطيبِ منهُمُ

ومعرفَةُ التاريخِ ألزم لازمٍ

لمن طلبَ الحديثَ وهو المقدمُ

وفي إن أولى الناس أن ولايةً

له باتباعٍ فهو أصلٌ ميممُ

ومستمعوهُ لازمٌ لقلوبهم

حضورٌ ليحفظوا الحديث ويفهمُوا

ولا قدحَ إلا بالذي هو قادحٌ

وكم طاعِنٍ طعنٌ له ليسَ يكلِمُ

كطعنِ ذوي كفرٍ بما ليسَ ثابتاً

وإلا بما لا وضمَ فيهِ وقد عَمُوا

وإن شئتَ فتحَ نورِ ما قلتُهُ ففي

مقدمةٍ للفتحِ نورُهُ يبسِمُ

فقد أسقمت قومٌ أحاديثَ صُحِّحَت

وكم عائِبٍ قولاً من الفهمِ يسقَمُ

وللانجُمِ الزهرِ استموا بلسانِهِم

ومن ذا الذي من ألسنِ الخلقِ يسلَمُ

وما عابَ إتيانٌ لذي مُلكٍ استوى

ولا خذمَةٌ إن كانَ بالصدقِ يخدِمُ

ولكن أحسنَ الحُلى لذوي العلا

تحليهم بأن يتيهوا عليهم

وعيب عليهم قبض أجر حديثهِم

ومن كان ذا وجهٍ له القبض سلموا

ونقرٌ لطنبورٍ ولحن قراءةٍ

وما بعدولٍ جرحٌ أن يتغموا

وأكثر قدحٍ بابتداعٍ وإنما

يضر إذا دعوا وربكَ يعصِمُ

كمرجئةٍ قد أرجأوا عملاً عن اع

تبارٍ وعن وعيدِ ربِّهم عمُوا

وسبطُ عليٍّ من محمدٍ ابنهِ

هُوَ الحسنُ الملفُوفُ في الحلمِ منهُمُ

ومنهمُ ذر وابنه عمر الذي

يذر دموع العينِ إذ يتكلم

ومنهم عمروٌ بن مرةٍ الذي

به لذ إرجاءٌ لناسٍ وأقدموا

وكالشيعة الذين قد حق حبهم

عليا ولكن قد تغالوا وقدموا

وسبطُ عليٍّ من محمدٍ ابنهِ

أبو هاشمٍ منهم وقد كان يهشمُ

ومنهم أبو نعيمٍ الفضلُ فضلُهُ

بدا في امتحانٍ نارهُ تتضرمُ

كذا عبد رزاقٍ وقد ضربت له

بطونُ رواحلٍ تنص وترسمُ

ونحوهم النحوي يحيى بن يعمرٍ

من اولهم لكنه به يختَمُ

وكالناصبية الذين بعكس من

أحب ويا بيس الذي به قد رموا

ومنهم إسحاقُ السويدي ولم يسد

ونصبٌ له خفضٌ ولا رفعَ يجزمُ

ومنهم حريزٌ بن عثمانَ كان لا

محالةَ ثم تابَ واللَه أرحمُ

ويظلمُ هذا ما جلته تراجمُ

لهم لابن هارونَ بضدٍّ تترجمُ

ومنهم على ما قيل قيسٌ وقيلَ لا

ولكن لذي النورين كان يقدِّمُ

ومثل الخوارجِ الذين قد انكروا

عليهم لتحكيمٍ وبالسيفِ أحكموا

ومولى ابن عباسٍ نموهُ إليهمُ

ومن كلِّ باسٍ في الحقيقه يسلمُ

ولابن كثيرٍ الوليد رموا به

وما بأثيرٍ من بذلك يوصمُ

ومنهم عمران بن حطان حطهُ

مقالٌ أهانهُ وما له مكرمُ

وكالقدرية الذين عقودهم

عليها شهودٌ أنها ليس تبرمُ

ومنهم ثورانِ ابن زيدٍ وما يمي

نُ وابن يزيدٍ نطحه خافت انجمُ

كذا ابن أبي ذيبٍ ويل مُبَرَّأ

براءةَ ذيبٍ حيثُ لم يستبن دمُ

كذا ابن دعامةٍ وقد كان أكمها

ولكنه بالصدقِ كان يدعمُ

كذا الدستوائي غير أنه حجةٌ

أميرٌ حديثاً حاكمٌ ومحكمُ

وكالمقتفي جهماً إذا ابيضت اوجهٌ

بيوم اللقاء وجهه يتجهم

ومنهم بشر بن السري وحالهُ

عن الضدِّ مما قيل فيه تبسمُ

ومنهم نعيمٌ بن حمادٍ اولاً

إلى أن قرا الحديث لم يك ينعمُ

ونالوا الذي نال الثريا تنزلت

له ابن المديني مثله ليس يحلم

وما عابهُ ما قاله وهو يتقي

كما ابن معينٍ لم يعب وهو يندمُ

وكم قالها من متقٍ وهو متقٍ

لهم مبطنٌ خلاف ما يتكلمُ

ولكن من يصبر وللصبر أجمل ال

وجوه وأعلاها فدينه أسلم

وعيب ذوو التدليس لم يقبلوا لهم

حديثاً ولم يثبت سماع محتمُ

كثيرون ضاق النظم عن عدةٍ لهم

وفيهم شموسٌ أو بدورٌ أو انجم

ولكنهم لا بد من ذكر بعضهم

بذكرهم ورق الرياضِ ترنمُ

فمنهم ثوريٌّ هو البدر طالعاً

بثورٍ وزهري له الزهرُ تخدُمُ

ومنهم حبيبٌ بن قيسٍ تهذلت

له شجرُ الفتيا فيجني ويطعمُ

ومنهم حفصٌ بن غياثٍ الذي

به ختم القضاء يندى ويكرمُ

ومنهم سليمان بن مهران فاقهُ

بتركهِ منصورٌ فكان يُقدمُ

ومنهم سليمان بن طرخان قانتٌ

لإكرامِ مولاه له هو مقسمُ

ومنهم الاوزاعي ريحانةٌ بدت

بغربٍ وبدر الشامِ لم يك يُظلمُ

كذا ابن جريجٍ إن أتى في حديثه

بقال فشبه الريح لا شيء يعلمُ

وعمرو السبيعي طال عمرُهُ في تقىً

وإبراهم التيمي المهدى المقدمُ

سوى ابن عيينةٍ لما استقرؤا لهُ

ومثلهُ في هذا حميدٌ فيلزمُ

وقام مقاماً للسماعِ روايةً

لمن يشبه القطان يصغى ويعلمُ

نعم باتفاقِ الإسمِ منهمُ مُبهَمُ

كما لمحمدٍ لما ليسَ يُبهَمُ

وعلم اتفاقٍ وافتراقٍ محتمٌ

على طالبٍ به يلوحُ المكتمُ

كإسحاقٍ بن إبرهامَ أصابعٌ

وسيارةٌ بها المحدثُ يُقسمُ

والاسودِ عدةٌ كأركانِ كعبةٍ

ونجلِ يزيدٍ أسعدٌ هو يلثمُ

وثابتٍ البنانِ وابنِ عياض واب

نِ عجلانَ كُلٌّ تابعٌ ومقدمُ

وأولهم هو الذي قيلَ كاسمِهِ

وقام بقبرٍ للصلاةِ يزمزم

وفي الحسنِ الذي قد اغفله خلا

فٌ ابن شُجاعٍ وابن صباحٍ اقومُ

وحمادٍ ان يكن سليمان بن حر

بٍ اغفلهُ فهو ابن زيدٍ مقدَّمُ

وإن حفيدَ درهَمٍ معتلٍ على

حفيدٍ لدينارٍ بما ليس يكتَمُ

وإن أغفلوا سفيانهم عن معلمٍ

فما قبلهُ أو بعد لاحَ يعلمُ

كذلك عبد الله فابن مباركٍ

لأهلِ خُراسانٍ ذُكى ما تلثمُ

كذاك محمد بن يوسف فرقدا

شيوخِ البخاري ساقِطٌ ما يغيمُ

سماكا سماءٍ ذاك أعزل مُطلعاً

لبدرٍ وذاك رامحٌ ما له دَمُ

سمى ابن أبي يزيدٍ الرشكِ وهو من

نمت لحيةٌ له وقيلَ المقسِّمُ

سُمى لابن هارونَ الذي لاحَ قدرُه

بقبرِهِ نومةَ العَرُوسِ ينوَّمُ

وحبانُ مفتوحاً ومكسوراً اولاً

بباءٍ وحيانٌ من الحينِ يُرسَمُ

أبٌ للضريرِ خازِمٌ خاءٌ أعجمَت

له وسواهُ حازمٌ ليسَ يُعجَمُ

حريزٌ موافقٌ جريراً مُخالفٌ

له فاحترِز عن مثلٍ ان شئتَ تُكرَمُ

سليمُ بنُ حَيَّانٍ سواهُ مُصغرٌ

وكلٌّ كبيرٌ سالمٌ ومسلَّمُ

وكابنِ سلامٍ وابن سلامٍ انجلى

خفيفُهُ من ضدٍّ لمن يتكلَّمُ

وإياكَ والتصحيفَ كم من فتىً لهُ

بهِ سقطةٌ بها بدا يتألَّمُ

ويعقوبُ حيثُ لم يعقب بواسمٍ

فقيل ابن كاسِبٍ وبالضعفِ يُوسَمُ

وذلك تدليسٌ خفيفٌ وقائلٌ

هو الدروقي كما بذلك يرسمُ

فترك علاماتٍ لهم من علامةٍ

كجيمٍ وحاءٍ والعلاماتُ تُعلَمُ

كذلك علم الائتلافِ والاختلا

فِ ألزمُ شيءٍ للمحدثِ يلزمُ

بذاكَ من التصحيف يسلم قارئٌ

وإلا يكن فقلما منه يسلمُ

بريد اكتسى به ابن سبطٍ للاشعري

مضاهي يزيدٍ اكتست به أنجُمُ

سمى ابن زريعٍ كان ريحانةً تُشمُّ

وابن أبي حبيبٍ الروض يَبسَمُ

ومعرفةُ الكُنى بها تُدرِكُ المُنَى

وتنجُو من العَنَا وتغنى وتغنَمُ

وكانَ كثيرٌ منهمُ يُرسلُونَ في

حديثِهِم أي يقطعُونَ فيوهِمُ

ومنهُ خفيٌّ مثلما في مُوطإٍ

عن ابنِ مُسيبٍ ولا يتلثَّمُ

وما سالمٌ منهُ سوى شعبةَ العلي

وقد قربَ القطانُ من ذاك يَسلَمُ

ومنهُمُ إبراهيمٌ النخعيُّ من

لهُ علمٌ في التابعينَ مُعَلَّمُ

كذا الحسنُ البصريُّ مُرتَكبٌ لهُ

على فضلِهِ في العلمِ واللَهُ أعلمُ

كفى المرء نُبلاً أن تعدَّ معائِبٌ

له وابن معدانٍ على ذاك يقدمُ

وخالدٌ الحذاءُ وابن بشيرٍ أي

هشيمٌ له البشيرُ جازى فيكرَمُ

وما للبخاري غير مقطوعِ صحةٍ

عليهِ اعتمادٌ وهو للجرح مرهمُ

فقد كان من أوعى الرجال مبلغاً

لما بلغوا كأنه للنبي فم

وفي الحفظِ أقوامٌ تسامت وما سموا

كما قد سمى حفاظهُ وتسنمُوا

وقد كان من أدرى الرجالِ لما رووا

تآلفهُ عن سر ذلك تبسمُ

وفي الفهم أقوامٌ تعالوا وما علوا

كما قد علا فهامهُ وتسلموا

وذلك نتجٌ لاتباعِهِ للذي

علامةُ حبِّ اللَهِ نهجُهُ الاقومُ

وقد رئ نوماً إن خطا المصطفى خطا

وتعبيرُ ذاك هديهُ المتحتمُ

وأقرأهُ السلامَ يا للسلامِ عن

نبيِّ الهُدى صلوا عليهِ وسلموا

وبشرنا به بقوله ناله

رجالٌ عموماً ذو اللواءِ المقدمُ

و أو رجلٌ روايةٌ آدنت به

خصوصاً وهذا الفضل أزكى وأعظمُ

وذلك فضل الله يوتيهِ من يشا

ء والله ذو الفضل العظيمِ يعظمُ

خراسانُ آثارٍ وبدرٌ لشامها

وروضٌ لجانٍ سيبهُ ليس يُفصَمُ

دجى علمي الورى كتابٍ وحكمةٍ

أنارهُ لا يغشى نهاره مظلمُ

معلمهُ الكتابَ والحكمةَ التي

أبانت رسول اللَهِ وهو المعلمُ

مُعلمُ خلقِ اللَهِ في أولٍ لَهُ

وفي آخرِ رضيعُهُ ليسَ يُفطَمُ

لنقلِ الثقاتِ عنهُ وهو كتابهُ

أعزُّ كتابٍ في الحديثِ وأحكمُ

بهِ بشرَ الحبيبُ وهو مبينٌ

لتبشيرِ مولاهُ وما الشمسُ تُكتمُ

كذلك بشرَ الخليلُ به كما

رأت أمهُ حلماً ولم تلكُ تحلمُ

يُشيرُ إلى أن حالهُ مثلُ حالهِ

به يَقتدي وهو الإمامُ المُيَمَّمُ

وأنهُ يُبتلى بنارِ العدى ومن

لظاها ببردٍ من رضى الربِّ يَسلَمُ

ويخرجُ من أرضٍ لأرضٍ مطوفاً

له كادت الأقطارُ تسعى وتقدمُ

فطوراً عراقياً وطوراً حجازياً

به كلُّ شادٍ منهُمُ يترنمُ

وشيمَ بشامٍ بدرُهُ وبمصرِهِ

حفيظاً عليماً سيب جانٍ يتيمُ

قد امتحنته أهل بغداد فاعتلى

وعندَ امتحانِ المرءِ إن عزَّ يُكرَمُ

وأهلُ سمرقندٍ تجمعَ جمعهم

عسى أن يغالطوه واللَهُ يعصِمُ

كما امتحنت أئمةٌ بعدَهُ ولم

تزل آيَةٌ تُتلى من اللَهِ فيهِمُ

وأبصر منهُ أهلُ بصرةَ ما دهى

فكانَ غُبارُ موطئٍ منه يُلثمُ

وفاضَ بنيسابور يما مُيَمَّما

وكان له فيها عليهم تقدُّمُ

وفي آخر اشياخها حسدوا الفتى

لأن لم ينالوا سعيه فتبرموا

وفي اللفظِ بالقرآنِ محنتهم جرَت

عليهِ ولا إشكالَ واللهُ أعلمُ

وما زالَ الامتحانُ باللفظِ موقداً

بطورٍ وطوراً خامداً ليس يُضرَمُ

كما امتحنوا في أصل هذا ابن حنبلٍ

وما زال يخفى نجم ذاك وينجمُ

لإيثاره الحلالَ آثرَهُ الجلا

لُ جل ومثلما طعمته تُطعمُ

بدا خاشياً إلاههُ متحلياً

برضوان رب وهو خيرٌ وأعظمُ

وباذلَ أموالٍ لهُ الكفُّ مطلقٌ

وماسكَ أقوالٍ له الفمُ مُلجَمُ

وقد لطفت أخلاقهُ وتأرجت

شمائلهُ منها الصبا تتعلَّمُ

مُزكِّي نيةٍ متممَ ما نوى

عفيفاً له ربٌّ معفٌّ ومُكرِمُ

على ساقِ جدٍّ في العبادةِ قامَ ما

أقامَ وحُرمَةَ الحَرامِ يُعَظِّمُ

وعظمَ علماً لم يدنسهُ ذاهباً

لوالٍ فلم يزل بذلك يعظمُ

وفي يوم عيد الفطر سار لربهِ

وقد صامَ عن دُنياً له الربُّ مُطعِمُ

وكانت وفاتُهُ بنورٍ لذاكَ قد

بدا فوقَ قبرٍ منه نورٌ مُخيِّمُ

ومن صدقِهِ وكثرةٍ لصلاتهِ

على المصطفى مسكُ الضريحِ مُختَّمُ

فيا قبرُ نشرُهُ تضوعَ هادياً

لمن ضلَّ عنهُ قبلَهُ فتيمَّموا

ويا قبر يستشفى الغمامُ به لقد

كتمتهُ لو شذاً من المسك يُكتَمُ

شذا مسكِ أخلاقٍ تضوع فيه أو

ثناءٌ عليه لم يكن قطُّ يفصمُ

فقد تركَ اللَّهُ الثناءَ بآخرٍ

عليهِ فبادي مدحهِ ليس يختِمُ

ويكفي ثناءً جامعاً جامعٌ لهُ

صحيحٌ به تُهدى الطريقُ وتعلمُ

رأى في منامٍ أنهُ عن نبينا

يذبُّ فكانَ ما أتى به يحكُمُ

كتابُ رسولِ اللَّهِ يا ما أجلَّهُ

كأنَّهُ فيه ملهمٌ ومكلَّمُ

كتناب به يستنزل القطرُ كاشِفٌ

غموماً به يهذو فصيحٌ وأعجَمُ

تقدمَ كل الكتبِ في صحةٍ ولا

نظيرَ لهُ كل برفعِهِ يجزِمُ

ومن قالَ ما تحتَ السماءِ أصحُّ من

كتابٍ لمسلمٍ بدت له لوَّمُ

وقالُوا خلافٌ غيرُ معتبرٍ ومن

تأوَّلهُ لم يدرِ معنى من اظلمُ

إلا أنه فضلُ البخاري مسلَّمٌ

لدى مسلمٍ ما شكَّ في الفضلِ مُسلِمُ

وتقبيلُهُ رجليهِ أعلنَ أنهُ

بفنِّهِ أعلى منهُ أعلمُ أفهَمُ

وها فتحُ بارٍ فاتِحٌ كل مغلقٍ

مقدمةٌ منه لذاكَ تُقدمُ

تقول البخاري زاد شرطَ توثقٍ

فما عروةٌ وثقى له قطُّ تفصَمُ

ومن طعنوا ممن رووا عنه فيهما

فما في البخاري غير ما قلَّ منهمُ

وغالبهم ما كان إلا شيوخهُ

وحالُ الشيوخِ عنه ما كان يبهَمُ

ومسلمُ أدنى رتبةً في رواتِهِ

وأعلاهما نقداً أتى بهِ مُسلِمُ

وإن فاقَ في حسنِ الصناعةِ مُسلِمٌ

ففقهُ تراجمِ البخاري مترجِمُ

مترجمٌ أنَّهُ الرياضُ تفتقت

أزاهرَ شمها الذي هو أخشمُ

ويا ليتَ شعري كيف لا تسقطُ الجنى

وفي روضةِ الجنَّاتِ كانَت تُتَرجَمُ

وما زالتِ الأفكارُ تفتحُ كنزها

ويا ربَّ كنزٍ لاح وهو مطلسمُ

فتلك بتي تقاوما فتساقطا

وزاد البخاري ما به دانَ أخصُمُ

ومن ذاك ذكرهُ لآيٍ مفصلا

لها بحديثٍ فهي كأسٌ مختمُ

نمزاجهُ من تسنيمٍ اشرب وطب بهِ

منافسَ ذي كاسٍ بشربهِ يندَمُ

واسندَهُ غضاً طرياً أئمةٌ

بشرقٍ وغربٍ نشرُ كلٍّ ميممُ

وأسناهُ ما بالغربِ طلعةُ شمسِهِ

وآسهُ في أرجائِهِ يتنسَّمُ

عن ابن سعادةَ الذي له نسخةٌ

بها كلُّ قراءٍ البخاري ترنموا

ومن غضَّ من روايةٍ له زاعماً

بأنها وجادةٌ فقط لا يكلَّمُ

لخرقهِ لاجماعِ من أهلِ مغربٍ

وأندلسٍ والحقُّ لا يتلثمُ

سمعنا ولكن بعضه بقراءةٍ

على شيخنا الاذكى من الرةض يبسمُ

هو الطيبُ الذي سرى طيبُ علمهِ

بغربٍ وشرقٍ عرفُهُ يتنسَّمُ

هو الباز الاشهبُ الذي طار صائداً

أوابدَ علمٍ منه تروى وتعلمُ

رواهُ عن الزهني الذي ازدادَ بسطةً

بعلمٍ وجسمٍ وهوَ علمٌ مجسمُ

وشيخهِ ابن سودةٍ لاحَ سُؤدَدٌ

له بحواشٍ للبخاري تترجَمُ

وشيخهِ بناني الذي صعت به

حواشٍ وغارت من صعودهِ أنجمُ

وكلٌّ عن البحر المفيض ابن قاسمٍ

لآلئهُ في كتبه تتقسمُ

رواهُ عن الشهيد وهو قريبُهُ

كإقدامهِ أسدُ الشرى ليسَ تقدِمُ

وعن شارحِ اكتفاءٍ ازدادَ ثالثٌ

وثانٍ عن ابن الحاج بدرٌ متممُ

عن العلمِ الأسمى أبي الفيضِ في سمى

ووسمٍ له أسمى به الزهرُ توسَمُ

روى عن أبي زيدٍ أخي جدِّهِ الذي

حواشيه عن عرفانهِ تتبسَّمُ

ويا له من أصلٍ كثير الجنى له

بملّةِ إسلامٍ يدٌ ليسَ تحسَمُ

رواهُ عن القصارِ شقَّةُ علمِهِ

مطرازٌ ومعلَمُ

روى عن أبي النعيمِ رضوانَ سيِّدٌ

بجنةِ رضوانٍ له الربُّ منعِمُ

يحدِّثُ عن سقينٍ العاصِمِيِّ من

بدا وهو كفٌّ للحديثٍ ومعصمُ

عن المهلِ الأصفى ابن غازي الذي انجلى

جنى روضِهِ الهتونِ للكلِّ يطعِمُ

رواهُ عن السراجِ وهو رواهُ عن

أبٍ وهو عن أبٍ ثلاثةٌ انجمُ

رواهُ عن ابن الحاج واحدُ أنجمٍ

جوارٍ بغربٍ سعدها دام ينجُمُ

عن ابن الزبيرِ ربِّ بُرهانٍ انجلت

به سُورُ القرآنِ كالروضِ تبسِمُ

روى عن أبي الخطابِ سبطِ خليلٍ ان

جلى عن خليلٍ كنيةٌ له تعلمُ

وذاك أبو الخطابِ وهو ابن واجبٍ

وهذا الذي يجلى به المتلثمُ

وما في فهارسٍ يخالفُ ما ترى

فبعضٌ به قطعٌ وبعضٌ توهمُ

روى عن محمدِ بن يوسفَ سيدٍ

له ثوبُ سعدٍ بالجلالة معلمُ

عن الصدفي يرويه فوهُ لفيهِ يا

لقومي لدرٍّ كان عنه ينظِّمُ

عن المنتقي الباجي الإمامِ الذي غدا

به الغربُ شرقاً من علومٍ تعلمُ

عن الهرويِّ عن شيوخٍ ثلاثةً

عن الذروةِ العليا علوا وتسنموا

كوردٍ بأغصانٍ روايتهم بدت

تبسمُ في وجهٍ لمن يتنسمُ

عن المطري رياضهم قد تبسمت

ومن عنه يروي حقُّهُ يتبسمُ

عن الفارسي الشهم ذي المذهب الذي

بدا من كتابٍ عنه يعلى ويعلَم

ولم يك ذا تقليدٍ الا لجيدنا

بما من لآلٍ عنه كانت تنظمُ

عن اشياخه روى وهم فرطٌ بدوا

وكل مهدى في الثقاتِ مترجمُ

وطيباً ثلاثياته قد تضوعت

به وبها ثوبُ الكتابِ مُسهَّمُ

وكم سندٍ عالٍ به وهو نازِلٌ

وآخر عكسِهِ بدا يتقدَّمُ

وكم من أسانيدٍ علت بمتابعٍ

على قدمٍ لها مجيءٌ فيحكمُ

وفي سندٍ له اللطائفُ تجتني

يمر عليها معرضٌ ليسَ يَفهمُ

معلقهُ قلائدٌ قد تعلقَت

بأجياد أملاحٍ فشمها تنظَّمُ

مكررهُ يزدادُ فيه حلاوةٌ

كأنه سجعٌ للحمامِ ترنَّمُ

عن امثالِهِم رووا أو امثل منهمُ

عن الرحمةِ التي بها الله يرحَمُ

نبيُّ الهدى رأسُ الثقاتِ وتاجهم

رسولٌ به الرُّسلُ الكرامُ تختمُوا

رسولٌ لكلِّ الرسلِ ربهُ مرسِلٌ

وجامِعُ أسرارٍ حجابهُ الاعظَمُ

تقدمَ كلَّ الرسلِ في الخلقِ نُورُهُ

فما منهُمُ إلا بهِ متقدِّمُ

وفي ليلةِ الإسراءِ أمهُمُ وهم

بدارِهِمُ فهوَ الإمامُ الميممُ

وفي يوم نشرٍ ينشرُ اللهُ فضلَهُ

ببعثِهِ ذا اللواءِ تحتهُ آدمُ

وإقدامه على الشفاعةِ في الورى

جميعاً إذا الرسلُ الأكابرُ أحجمُوا

وفي الجنةِ العليا تكونُ وسيلةٌ

له لا لغيرٍ فهو ذو الأمرِ منهُمُ

وكوثرُهُ الأنهارُ منهُ تفجرت

فيا طيبَ من بشربها يتنعمُ

ومن دارِهِ طوبى وعينٌ تفجرت

إلى دورِ كلِّ المُرسلينَ لينعمُوا

عن الروحِ جبريلَ الرسولِ الكريمِ في

إذا الشمس تعديلٌ له ليسَ يُبهَمُ

عن الربِّ ذي العرشِ المجيدِ تقدَّسَت

صفاتُهُ عن علمٍ ومن أين تعلمُ

يدبرُ أمرَ الخلقِ من عرشِهِ إلى

ثراهُ له خلقٌ وأمرٌ مسلمُ

تباركَ ربُّ العالمينَ برحمَةٍ

عليهِ استوى لرحمةٍ منهُ يقسِمُ

لندعوهُ موجهينَ قلوبنا

إلى من علا عن وجهِهِ تتوسَّمُ

قريبٍ من العبدِ المنيبِ لربِهِ

بإحسانهِ موصلٌ له مكرمُ

ولا محسنٌ إلا الذي لرسولِهِ

على قدمٍ فيما اتى يتقدمُ

على قدرِ طيبِ النفسِ طيبُ نياتِها

فطب صاحِ واسأل زيدَ طيبٍ تنمنمُ

ومن طيبنا صلاتنا وسلامنا

على من به ببدا الكلامُ ويختمُ

شرح ومعاني كلمات قصيدة أمبتغيا شيخا به يتقوم

قصيدة أمبتغيا شيخا به يتقوم لـ حمدون بن الحاج السلمي وعدد أبياتها مئتانواحد و سبعون.

عن حمدون بن الحاج السلمي

حمدون بن عبد الرحمن بن حمدون السلمي المرداسي، أبو الفيض، المعروف بابن الحاج. أديب فقيه مالكيّ، من أهل فاس، عرَّفه السلاوي بالأديب البالغ، صاحب التآليف الحسنة والخطب النافعة. له كتب منها (حاشية على تفسير أبي السعود) ، و (تفسير سورة الفرقان) ، و (منظومة في السيرة) على نهج البردة، في أربعة آلاف بيت، وشرحها في خمس مجلدات، وغير ذلك. ولابنه محمد الطالب (كتاب) في ترجمته.[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي