أشعار الشعراء الستة الجاهليين/علقمة الفحل

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

علقمة الفحل

علقمة الفحل - أشعار الشعراء الستة الجاهليين

الشاعر الجاهلي

قال علقمة بن عبدة يمدح الحارث بن أبي شمر الغساني:

طحا بك قلب في الحسان طروب

بعيد الشباب عصر حان مشيب

يكلفني ليلي وقد شط وليها

وعادت عواد بيننا وخطوب

منعمة لا يستطاع كلامها

على بابها من أن تزار رقيب

إذا غاب عنها البعل لم تفش سره

وترضى إياب البعل حين يؤوب

فلا تعدلي بيني وبين مغمر

سقتك روايا المزن حيث تصوب

سقاك يمان ذو حي وعارض

تروح به جنح العشي جنوب

وما أنت أم ما ذكرها ربعية

يخط لها من ثرمداء قليب

فإن تسألوني بالنساء فإنني

بصير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله

فليس له من ودهن نصيب

يردن ثراء المال حيث علمنه

وشرخ الشباب عندهن عجيب

فدعها وسل الهم عنك بحسرة

كهمك فيها بالرداف خبيب

وناجية أفنى ركيب ضلوعها

وحاركها تهجر فدؤوب

وتصبح عن غب السرى وكأنها

مولعة تخشى القنيص شبوب

تعفق بالأرطى لها وأرادها

رجال فبذت نبلهم وكيب

إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي

لكلكلها والقصر بين وجيب

لتبلغني دار امرئ كان نائياً

فقد قربتني من نداك قروب

إليك 'أبيت اللعن' كان وجيفها

بمشتبهات هو لهن مهيب

تتبع أفياء الظلال عشية

على طرق كأنهن سبوب

هداني إليك الفرقدان ولاحب

له فوق أصراء المتان علوب

بها جيف الحسرى فأما عظامها

فبيض، وأما جلدها فصليب

فأوردتها ماء كأن جمامه

من الأجن حناء معاً وصبيب

تراد على دمن الحياض فإن تعف

فإن المندى رحلة فركوب

وأنت امرؤ أفضت إليك أمانتي

وقبلك ربتني فضعت ربوب

فأدت بنو كعب بن عوف ربيبها

وغودر في بعض الجنود ربيب

فوالله لولا فارس الجون منهم

لآبوا خزايا والإياب حبيب

تقدمه حتى تغيب حجوله

وأنت لبيض الدارعين ضروب

مظاهر سربالي حديد عليهما

عقيلاً سيوف مخذم ورسوب

فجالدتهم حتى اتقوك بكبشهم

وقد حان من شمس النهار غروب

تجود بنفس لا يجاد بمثلها

وأنت بها يوم اللقاء تطيب

قاتل من غسان أهل حفاظها

وهنب وقاس جالدت وشبيب

تخشخش أبدان الحديد عليهم

كما خشخشت يبس الحصاد جنوب

كأن رحال الأوس تحت لبانه

وما جمعت جل معاً وعنيب

رغا فويهم سقب السماء فداحض

بشكته لم يستلب وسليب

كأنهم صابت عليهم سحابة

صواعقها لطيرهن دبيب

فلم تنج إلا شطبة بلجامها

وإلا طمر كالقناة نجيب

وإلا كمي ذو حفاظ كأنه

بما ابتل من حد الظبات خضيب

وفي كل حي قد خبطت بنعمة

فحق لشأس من نداك ذنوب

وما مثله في الناس إلا قبيله

مساو ولا دان لذاك قريب

فلا تحرمني نائلاً عن جنابة

فإني امرؤ وسط القباب غريب

فلست لإنسي ولكن لملاك

تنزل من جو السماء يصوب

وقال علقمة أيضاً:

هل ما علمت وما استودعت مكتوم

أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم

أم هل كبير بكى لم يقض عبرته

إثر الأحبة يوم البين مشكوم

لم أدر بالبين حتى أزمعوا طعناً

كل الجمال قبيل الصبح مزموم

رد الإماء جمال الحي فاحتملوا

فكلها بالتزيديات معكوم

عقلاً ورقماً تظل الطير تتبعه

كأنه من دم الأجواف مدموم

يحملن أترجة نضج العبير بها

كأن تطيابها في الأنف مشموم

كأن فارة مسك في مفارقها

للباسط المتعاطي وهو مزكوم

فالعين مني كأن غرب تحط به

دعماء حاركها بالقنب محزوم

قد عريت حقبة حتى استطف لها

كتر كحافة كير القين ملموم

كأن غسلة خطمي بمشفرها

في الخد منها وفي اللحيين تلغيم

قد أدبر العر عنها وهي شاملها

من ناصع القطران الصرف ترسيم

تسقي مذانب قد زالت عصيفتها

حدورها من أتي الماء مطموم

من ذكر سلمى وما ذكرى الأوان لها

إلا السفاه وظن الغيب ترجيم

صفر الوشاحين ملء الدرع خرعبة

كأنها رشأ في البيت ملزوم

هل تلحقي بأولي القوم إذ شحطوا

جلذية كأتان الضحل علكوم

تلاحظ السوط شزراً وهي ضامرة

كما توجس طاوي الكشح موشوم

كأنها خاضب زعر قوائمه

أجنى له باللوى شرى وتنوم

يظل في الحنظل الخطبان ينقفه

وما استطف من التنوم مخدوم

فوه كشق العصا لأياً تبينه

أسك ما يسمع الأصوات مصلوم

حتى تذكر بيضات وهيجه

يوم رذاذ عليه الريح مغيوم

فلا تزيده في مشيه نفق

ولا الزفيف دوين الشد مسؤوم

يكاد منسمه يختل مقلته

كأنه حاذر للنحس مشهوم

يأوي إلى خرق زعر قرادتها

كأنهن إذا بركن جرثوم

وضاعة كعصي الشرع جؤجؤه

كأنه يتناهى الروض علجوم

حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع

أدحي عرسين فيه البيض مركوم

يوجي إليها بإنقاض ونقنقة

كما تراطن في أفدانها الروم

صعل كأن جناحيه وجؤجؤه

بيت أطافت به خرقاء مهجوم

تحفه هقلة سطعاء خاضعة

تجيبه بزمار فيه ترنيم

بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا

عريفهم بأثافي الشر مرجوم

والجود نافية للمال مهلكة

والبخل مبق لأهليه ومذموم

والمال صوف قرار يلعبون به

على نقادته واف ومجلوم

والحمد لا يشترى إلا له ثمن

مما تضن به النفوس معلوم

والجهل ذو عرض لا يستراد له

والحلم آونة في الناس معدوم

ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه

أنى توجه والمحروم محروم

ومن تعرض للغربان يزجرها

على سلامته لابد مشؤوم

وكل بيت وإن طالت إقامته

على دعائمه لابد مهدوم

قد أشهد الشرب فيهم مزهور رنم

والقوم تصرعهم صهباء خرطوم

كاس عزيز من الأعناب عتقها

الغض أربابها حانية حوم

تشفى الصداع ولا يؤذيك صالبها

ولا يخالطها في الرأس تدويم

عانية قرقف لم تطلع سنة

يجنها مدمج بالطين مختوم

ظلت ترقرق في الناجود يصفقها

وليد أعجم بالكتان مفدوم

كأن إبريقهم ظبي على شرف

مقدم بسبا الكتان ملثوم

أبيض أبرزه للضح راقبه

مقلد قضب الريحان مفعوم

وقد غدوت على قرني يشيعني

ماض أخو ثقة بالخير موسوم

وقد علوت قتود الرحل يسفعني

يوم تجيء به الجوزاء مسموم

حام كأن أوار النار شامله

دون الثياب ورأس المرء معموم

وقد أقود أمام الحي سلهبة

يهدي بها نسب في الحي مغلوم

لا في شظاها ولا أرساغها عتب

ولا السنابك أفناهن تقليم

سلاءة كعصا النهدي غل بها

ذو فيئة من نوى قران معجوم

تتبع جوناً إذا ما هيجت زجلت

كأن دفا على علياء مهزوم

يهدي بها أكلف الخدين مختبر

من الجمال كثير اللحم عبثوم

إذا ترغم من حافاتها ربع

حنت شغاميم في حافاتها كوم

وقد أصاحب فتياناً طعامهم

خضر المزاد ولحم فيه تنشيم

وقد يسرت إذا ما الجوع كلفه

معقب من قداح النبع مقروم

لو ييسرون بخيل قد يسرت بها

وكل ما يسر الأقوام مغروم

وقال علقمة أيضاً يعارض امرأ القيس:

ذهبتَ من الهجران في غير مذهب

ولم يك حقاً كل هذا التجنب

ليالي لا تبلى النصيحة بيننا

ليالي حلوا بالستار فغرب

مبتلة كأن أنضاء حليها

على شادن من صاحة متربب

محال كأحواز الجراد ولؤلؤ

من القلقى والكبيس الملوب

إذا ألحم الواشون للشر بيننا

تبلغ رس الحب غير المكذب

وما أنت أم ما ذكرها ربعة

تحل بأير أو بأكناف شربب

أطعت الوشاة والمشاة بصرمها

فقد أنهجت حبالها للتقضب

وقد وعدتك موعداً لو وفت به

كموعود عرقوب أخاه بيثرب

وقالت متى تبخل عليك بعثلل

تشك وإن يكشف غرامك تدرب

فقلت لها فيئ فما تستفزني

ذوات العيون والبنان المخضب

ففاءت كما فاءت من الآدم مغزل

بيشة ترعى في أراك وحلب

فعشنا بها من الشباب ملاوة

فأنجح آيات الرسول المخبب

فإنك لم تقطع لبانة عاشق

بمثل بكور أو رواح مؤوب

بمجفرة الجنبين حرف شملة

كهمك مرقال على الأين دغلب

إذا ما ضربت الدف أوصلت صولة

ترقب مني غير أدنى ترقب

بعين كمرآة الصناع تديرها

لمحجرها من النصيف المنقب

كأن بحادتها إذ ما تشذرت

عثاكيل عذق من سميحة مرطب

تذب به طوراً وطوراً تمره

كذب البشير بالرداء الهذب

وقد أغتدي والطير في وكناتها

وماء الندى يجري على كل مذنب

بمنجرد قيد الأوابد لاحه

طراد الهوادي كل شأن معرب

بغوج لبانيه ثم بريمه

على نفث راق خشية العين مجلب

كميت كلون الأرجوان نشأته

لمع الرداء في الصوان المكعب

ممر كعقد الأندري يزينه

مع العتق خلق مفعم غير جأنب

له حرتان تعرف العتق فيهما

كسامعتي مذعورة وسط ربرب

وجوف هواء تحت متن كأنه

من الهضبة الخلقاء زحلوف ملعب

قطاة تكردس المحالة شرفت

إلى سند مثل الغيط الم1اب

وغلب كأعناق الضباع مصيغها

سلام النظى يغشى بها كل مركب

وسمر يفلقن الظراب كأنها

حجارة غيل وارسات بطحلب

إذا ما افتصنا لم نخاتل بجنه

ولكن نادى من بعبد ألا اركب

أحاتفة لا يلعن الحي شخصه

صبوراً على العلات غير مسبب

إذا انفدوا زاداً فإن عنانه

وأكرعه مستعملا حير مكسب

رأينا شياهاً ترتعين خميلة

كمشي العذارى في الملاء المهدب

فينا تمارينا وعقد عذاره

خرجن علينا كالجمار المثقب

فأتبع أدبار الشياه بصادق

حثيث كغيث الرائح المتحلب

ترى الفأر عن مسترغب القدر لائحاً

على جدد الصحراء من شد ملهب

خفى الفأر من أنفاقه فكأنما

تجلله شؤوب غيث منقب

فظل لنيران الصريم غماغم

يداعسهن بالنضي المعلب

فهاو على حر الجبين ومتق

بمدراته كأنها ذلق مشعب

وعادى عداء بين ثور ونعجة

وتيس شبوب كالهشيمة قرهب

فقلنا ألا قد كان صند لقانص

فخبوا علينا فضل برد مطنب

فظل الأكف يختلفن بحاند

إلى جؤجؤ مثل المداك المخضب

كأن عيون الوحش حول خبائنا

وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

ورحنا كأنامن جؤاثى عشية

نعالي النعاج بين عدل ومحقب

وراح كشاة الربل ينغض رأسه

أذاة به من صائك متحلب

وراح يباري في الجناب قلوصنا

عزيزاً علينا كالجباب المسبب

قال الأعلم: كمل جميع ما رواه الأصمعي من شعر علقمة، ونذكر قطعاً من شعره مما رواه أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي ( القالي ) عن الطوسي وابن الأعرابي وغيرهما. وقال في فكه أخاء شأسا:

دافعته عنه بشعري إذ

كان لقومي في الفداء جحد

فكان فيه ما أتاك وفي

تسعين أسرى مقرنين صفد

دافع قومي في الكتيبة إذ

طار لأطراف الطبات وقد

فأصبحوا عند ابن جفنة في ال

أغلال منهم والحديد عقد

إذ مخنب في المخنبين وفي الن

هكة غي بادئ ورشد

وقال علقمة أيضاً:

تراءت وأستار من البيت دونها

إلينا وحانت غيلة المتفقد

بعيني مهاة يخدر الدمع منهما

بريمين شتى من دموع وإثمد

وجيد غزال شارد فردت له

من الحلي سمطى لؤلؤ وزبرجد

وقال علقمة أيضاً أو علي بن علقمة في يوم الكلاب الثاني:

ود نفير للمكاور أنهم

بنجدران في شاء الحجار الموقر

أسعيا إلى نجران في شهرناجر

حفاة وأعيا كل أعيس مسفر

وقرت لهم عيني بيوم حذنة

كأنهم تذبيح شاء معتر

عمدتم إلى شلو تنوذر قبلكم

كثير عظام الرأس ضخم المذمر

وقال علقمة أيضاً:

وأخي محافظة طليق وجهه

هش جررت له الشواء بمسعر

من بازل ضربت بأبيض باتر

بيدي أغر يجر فضل المئزر

ورفعت راحلة كأن ضلوعها

من نص راكبها سفائف عرعر

حرجاً إذا هاج السراب على الصوى

واستن في أفق السماء الأغبر

وقال في مولى له، وينسب هذا الشعر لابنه خالد:

ومولى كمولى الزبرقان دملته

كما دملت ساق تهاض بها وقر

إذا ما أحالت والجبائر فوقها

أتى الحول لا برء جبير ولا كسر

تراه كأن الله يجدع أنفسه

وعينيه إن مولاه ثاب له وفر

ترى الشر قد أفنى دوائر وجهه

كضب الكدى أفنى أنامله الجفر

وقال علقمة وينسب هذا الشعر لحفيده عبد الرحمن بن علي بن علقمة:

وشامت بي لا تخفي عداوته

إذا حمامى ساقته المقادير

إذا تضمنني بيت برابية

آبوا سراعاً وأمسى وهو مهجور

فلا يغرنك جري الثوب معتجراً

إني امرؤ في عند الجد تشمير

كأنني لم أقل يوماً لعادية

شدوا ولا فتية في موكب سيروا

ساروا جميعاً وقد طال الوجيف بهم

حتى بدا واضح الأقراب مشهور

ولم أصبح جمام الماء طاوية

بالقوم وردهم للخمس تبكير

أوردتها وصدور العيس مسنفة

والصبح بالكوكب الدري منحور

تباشروا بعد ما طال الوجيف بهم

بالصبح لما بدت منه تباشير

بدت سوابق من أولاه نعرفها

وكبره في سواء الليل مستور

كمل المختار من شعر علقمة بن عبدة التميمي. ^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي