أستاذ الحب .. يستقيل

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أستاذ الحب .. يستقيل لـ نزار قباني

1
لا تهتمي ، يا سيدتي ، في أقوالي
ليس لديَّ دروسٌ أعطيها
لا في الحب ..
ولا في الجنس ..
فنصف كلامي شطحات خيال .
فأنا ألعب بالكبريت ..
و أحرق نفسي مثل جميع الأطفال ..

2
لا تهتمي ..
فيما أكتب يا سيدتي
فأنا رجلٌ يزرع قمحاً فوق الريح
و يكتب شعراً فوق الماء ..
ويصنع حُباً
من موسيقى البحر ،
ومن رائحة العشب ،
ومن أنفاس الغابات .

3
لا تهتمي بأقاصيصي
فأنا أعرف كم حرضتك ..
كم ورطتك ..
كم دوختك ..
عند قراءة أشعاري .
وأنا أعرف
ماذا حفرت لغتي فيك ..
و ماذا حفرت كتبي فيك ..
و ماذا فعلت في أفكارك أفكاري .

4
لا تصغي لي ..
لا تصغي لي ..
فأنا رجل خرب العالم بالكلمات ..
وغيَّر لون البحر ..
ولون الأفق ..
وغيَّر ورق الأشجار .
لا تصغي لي حين أقول
بأنك من عائلة الورد ..
ومن عائلة الأقمار .
فأنا رجل خطر .. خطر ..
يسكن يوماً في حي النهدين ..
و يوماً ، في أسنان الإعصار ..

5
لا تهتمي في ثرثرتي ..
أو فلسفتي ..
أو تنخدعي ببراعات حواري .
فانا أعرف ..
كم حطمتُ .. وكم خربتُ ..
و ماذا ترك العنف على كشمير يديك ..
وماذا تركت خيلي ..
من بصمات في شفتيك ..
وماذا تركتْ
فوق سريرك أمطاري !! ..

6
لا تهتمي ..
فيما قالت صحف العالم عن أخباري ..
أو أخبار فتوحاتي ..
فأنا أعرف أن خرافة مجدي
بُنيت من أحجار النهد ..
وياقوت الحلمات !! .

7
يا من تخلط بين الحب ، وبين السحر .
وبين القلب ، وبين العقل ،
وبين نصوص الشعر ..
وبين نصوص التوراة ..
أنا لا أقرأ في الفنجان ..
ولا أتنبأ بالأقدار ..
فلا تنشغلي ..
في تفسير نبوءاتي …

8
يا سيدتي :
كوني امرأة عاقلة
فأنا لستُ نبي الحب
ولا أتذكر أني
قد أنزلتُ على مُعجَبَةٍ آياتي ..
فأنا نفسي ..
لستُ أصدق آياتي !! .

9
لا تضطربي .. يا سيدتي
فأنا أعرف ماذا يفعل فيك العشق ،
وتفعل في فمك القبلات ..
و أنا أعرف ماذا يفعل فيَّ الشعر ..
وكيف تخدرني رائحة الحبر ..
ويذبحني سيف الكلمات ..

10
كم يخجلني تاريخي .
إذ أتذكر كم مجنوناً كنتُ ..
وكم سادياً كنت ..
وكم شيطاناً ..
حين قذفتك ذات مساء
مثل القطة في وسط النار !! ..

11
كم يؤلمني أن أتذكر ..
أني قد دحرجتك ..
يوماً فوق الثلج ..
ويوماً فوق الجمر…
ويوماً فوق الموج ..
ويوماً فوق الرمل ..
ويوماً فوق البرق …
ويوماً فوق الرعد ..
ويوماً فوق براعم آذار ..

12
ماذا أفعل يا سيدتي ؟
إن ذنوبي أكبر من أن تـُحصى .
فأنا أشعر أن جميع نساء العالم ضدي
في محكمة العشق ..
و أن لا امرأة في التاريخ ،
ستقبل مني أعذاري …

13
كيف أحاضر في الحرية ، يا سيدتي ؟
كيف أحاضر في تحرير الرأي …
وفي تحرير الحب ..
و في تحرير الأعين و الأهداب ؟
و أنا أحمل في ميراثي
كل سلالات الإرهاب !!

14
لا تنتظري شيئاً مني .
فأنا تـَعِبٌ من أخبار الحرب ،
ومن أخبار الحب ..
ومن أخبار بطولاتي ..
و أنا تـَعِبٌ من تشجير البحر ..
من تجميل القبح ..
ومن تحريض الأموات ..

15
يا سيدتي :
لا تنتظري الثورة مني
فأنا أشعر أنكِ آخِر ثوراتي ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي