أدب الندماء ولطائف الظرفاء (كشاجم)/طلب الحاجة والاستماحة على النبيذ

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

طلب الحاجة والاستماحة على النبيذ

طلب الحاجة والاستماحة على النبيذ - أدب الندماء ولطائف الظرفاء (كشاجم)

- ويقبُحُ بالنّديم أن يَسْتَّمِيْحَ الرئيسَ على سُكْرِه، فإِنه يرى أنَّ ذلك يجرِي مجرَى الخديعةِ، ويدخلُ في باب الحيلة. - وذكروا أنَّ بعض الأَجواِد لم يكُن يعطي أحدًا على الشراب شيئًا حتّى يصحوَ، إِشفاقا من أن يقال: إِن السُّكرَ حَدَاهُ على السّماحةِ، وكان ذلك فيه عارضًا. - فإِنْ عَدَلَ عن المسأَلةِ في أمرِ نفسه، واستماحَ لغيرهِ، كان ذلك داخلاً في باب حُسْنِ المحضر، والحَضِّ على الكرمِ، وخرجَ عن باب التغنُّم واللُّؤمِ، فإِنه يقال: إِنَّ كثرةَ الأَخذ لؤمٌ، كما أنَّ كثرةَ الإِعطاءِ كرم. - وكان العتَّابِي واقفاً بباب المأْمون فجاء يحيى بن أكثم فقال له العتابي: إنْ رأيت أن تُعلِمَ أمير المؤمنين مكاني، فقال: لستُ بحاجب، فقال: قد علمتُ، ولكنّك ذو فضلٍ، وذو الفضلِ مِعْوانٌ، فقال له: سلَكْتَ بي غير طريقي، فقال له إنَّ الله عزَّ وجل قد أتْحفَك بجاهٍ ونعمةٍ، وهما مقيمان عليك بالزيادةِ إِن شكرتَ، وبالتّغيرِ إِن كفرتَ، وَأنَا لَكَ اليوم خيرٌ لك منك لنفسك ؛ أدعوك إلى ما فيه زيادة نعمتك، وأنت تأْبى ذلك عَليَّ، ولكلِّ شيءٍ زكاةٌ، وزكاةُ الجاهِ بذلُه للمستعين، فدخل إِلى المأْمون فأَخبره الخبر، فأَمر للعتَّابي بثلاثين ألف درهم. - فأَمّا إِذا لَمْ يَشُبِ المجالسةَ والمحادثةَ النّبيذُ والمراضعة ودَفَعَتْ ضرورةٌ إِلى المسأَلةِ فالأَحسنُ في ذلك ألاّ يُبْتَدَأ بالسؤال محضاً وأن يُتوخَّى له من الأَحاديثِ والمعاريض ما يندرجُ السؤالُ في تضاعيفِهِ على ألطفِ ما يمكن في ذلك، وأقربِه من النادرةِ والفكاهةِ، كما فعل المفضَّلُ الضَّبِّي، وبايت المهدي، فلم يزل يحادثه ويناشده حتّى جرى ذِكرُ حَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ، فقال له المهدي: ما فَعَلَ عياله ؟ ومن أين يعيشون ؟ قال: من ليلة مثل هذه كانت له مع الوليد بن يزيد. ^

باب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي