أتدري العلا من شيعت حين شيعوا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أتدري العلا من شيعت حين شيعوا لـ علي الجارم

اقتباس من قصيدة أتدري العلا من شيعت حين شيعوا لـ علي الجارم

أَتَدْرِي العُلاَ مَنْ شَيَّعتْ حينَ شَيَّعوا

ومَنْ ودَّعتْ يومَ الرَّحِيلِ وَوَدَّعُوا

بَكَيْنا فَلَمْ يَشْفِ البُكَا حُرْقَةَ النَّوَى

وَلكِن إذا ضَاق الفَتَى كَيْف يَصْنَعُ

تَهِيجُ بنا الذِّكْرَى فَيغْلِبُنا الأَسَى

وتدرِكنا رُحْمَى الإِلهِ فنَخْضَع

هو المَوْتُ سَهْمٌ في يَدِ اللّه قَوْسُهُ

فَلا الحزْمُ يَثْنِيه ولا الكَفُّ تَدْفَع

نَرُوحُ إِلى حاجَاتِا وَهْوَ راصِدٌ

وننثرُ من آمالِنا وهو يَجْمَعُ

بِنَفْسي أميناً في ثِيابِ شَبابِه

يَطِير به الأمْسُ الذي لَيْسَ يَرْجعُ

أقام كمَا تبْقَى الأَزَاهِيرُ لَمْحةً

وزَالَ كما زَال الْخَيالُ المَودِّع

فَقَدْناهُ فِقدانَ الكَمِيِّ سلاحَه

وما بين قِيدِ الرمحِ والرمحِ إِصْبع

فقدناه حتى قد فقدنا وجودَنا

فهل بَقِيَتْ إلاّ جُفونٌ وأدمع

فقدناه فِقْدانَ الأليفِ أليفَه

يصيحُ به في كل روضٍ ويسجَع

يسائلُ عنه الأفقَ والطيرُ حُوَّمٌ

ويستخبرُ الأمواهَ والطيرُ شُرَّعُ

يَدِفُّ فيحوي الأرضَ منه تأملٌ

ويعلو فيعلو النجمَ منه تطلُّع

يظنُّ حفيفَ الدوحِ خَفْقَ جَناحِه

إذا همستْ منه غصونٌ وأفْرعُ

ويحسَبُ تَحنانَ الغديرِ هَديلَه

فيحبِسُ من زَفْراتِهِ ثم يَسْمع

لقد ملَّتِ الغاباتُ مما يجوسُها

وملَّ صِماخُ الليلِ ممّا يُرَجِّع

له أنَّةُ المجروحِ أعيا طبيبَه

وضجَّ لما يشكو وسادٌ ومَضْجَع

كأنَّ جَناحَيْهِ شِراعُ سفينةٍ

دهتها من الأرواحِ نَكْباءُ زَعْزَع

تضاحِكُهُ الآمالُ حِيناً فيرتجي

ويَجْبَهُهُ اليأسُ العبوسُ فيخشَع

لدَى كلِّ عُشٍّ صاحباه وعُشُّه

خليُّ من الأُلاَّفِ فَقْرٌ مُصَدَّع

عَزاءً عزاءً أيها الطيرُ إِنما

لكل امرىءٍ في ساحةِ العمرِ مَصْرَعُ

فأَين من الطيرِ الهديلُ وَوُلْدُهُ

وأين من الأملاكِ كِسْرَى وتُبَّعُ

طواهم خِضَمُّ لا يُنادَى وليدُه

يطوِّحُهم آذِيُّهُ المتدفِّع

رمتني الليالي قبلَ نَعْيكَ رَمْيَةً

عرَفتُ بها كيف القلوبُ تَقَطَّع

نِصالٌ حِدادٌ قد ألِمْتُ لحَمْلِها

وأعْلَمُ أني هالكٌ حين تُنْزَع

فلما رماني سهمُك اليومَ وانطوتْ

عليه جُنوبٌ خافقاتٌ وأضْلع

أَمِنْتُ على قلبي السهامَ فلم يَعُدْ

به بعد خطبِ الأمسِ واليومِ مَوْضِع

أأنسَى أميناً والشبابُ يَحُفُنَّا

جديداً وروضُ الوُدِّ بالوُدِّ مُمرِعُ

بأرضٍ إذا غَصَّ النَّهارُ بِغَيْمِها

فوجهُ أمينٍ أينما لاح يَسطَع

نَسِيتُ به أهلي ويا رُبُّ صاحبٍ

أبرُّ من ابن الأم قلباً وأنفع

يغالبني شوقٌ إلى الفنِّ رائعٌ

ويجذِبُه مَيْلٌ إِلى العِلم أرْوَع

نروحُ ونغدو لاهِيَيْنِ ولم نكن

نخاف رزايا الدهرِ أو نتوقَّع

ونضحَكُ للدنيا اللعوبِ وزُورِها

ونمرَحُ في زَهْوِ الشباب ونرتَع

وكنا نرَى الأيامَ أحلامَ نائمٍ

فأيقظنا منها الأليمُ المُرَوِّع

وكانت غِناءً كلُّها ثم أصبحت

وليس بها إلاَّ الرثاءُ المفَجِّع

أتذكرُ إذ نمشي إلى الدرسِ بُكْرَةً

بِنُوتِنْجِهامٍ تستحِثُّ فأُسرع

وقد حجب الشمسَ الضبابُ كأنَّما

تلا الليلَ ليلٌ عاكرُ اللونِ أسْفَعُ

بلادٌ كأنَّ الشمسَ ماتت بأُفْقِها

فظلّتْ عليها أعينُ السُّحْبِ تَدمَع

كأنَّ المصابيحَ الخوافقَ حَوْلَنا

سيوفُ وَغىً في ظلمةِ النَّقْعِ تلمَع

كأنَّ بياضَ الثلجِ يُنْثَرُ فوقَنا

صحيفتُك البيضاءُ بل هي أنصع

تُناقِلني حُلْوَ الحديث كأنَّه

وقد رقَّ معناه الرحيقُ المُشَعْشَع

خِلالٌ كريماتٌ أرق من الصبا

وأنضرُ من وَشْيِ الرياضِ وأضْوع

وَلِعْتُ بها عُمْري وأكْبَرْتُ ربها

وإني بأخلاقِ الكرامِ لمُولَع

وقد كنتَ عفَّ النفسِ واللفظِ والنُّهى

فلا الرأْيُ مأفونٌ ولا القولُ مُقْذِع

تكُدُّ كما كدَّ النِمالُن وترتوي

زُلالاً من العلم الصحيح وتَكْرَعُ

فتىً طَلب الدُّنيا كَرِيماً فنَالَها

ولَيْس له فيها سِوَى المجْدِ مَطْمَعُ

وسَعْيث كَبِيرِ النَّفْسِ مُكْبِرٌ

وسَعْيُ صَغيرِ النَّفْسِ مُخضِع

وأعْظَمُ أَخْلاقِ الفَتَى هِمَّةُ الفَتَى

وعَزْمٌ حَدِيدُ النَّصل لا يَتَزَعْزَع

إذَا وَفَّقَ اللّهُ امْرأً في طِلاَبِه

دَنَا الصَّعْبُ وانْقَاد العَسِير المُمَنَّع

قَنِعْنا بما دُونَ القَليلِ ولَمْ تَكُنْ

بِغَيْرِ جَلِيلاتَ المَطَالب تَقْنَع

وعُدْتَ وفي يُمْنَاكَ أَسْمَى شَهادةٍ

وأَشْرَفُ عُنْوانٍ لمِصْرَ وأَرْفَع

رَسمتَ لشُبَّانِ البِلاَدِ طَرِيقَهمْ

فأَبْدَعْتَ فيما قَدْ رَسَمْت وأَبْدَعُوا

ومَنْ طَلَب المَجْدَ المَنِيعَ فَما له

سِوَى سِيرَةِ الأَبْطَالِ في النَّاس مَهْيَعُ

وقد كُنْتَ في كُلِّ المَناصِبِ سَيِّداً

تَزِينُك في الدُّنْيا خَلاَئِقُ أَرْبَع

فَحْزمٌ كما ترْضى العُلاَ وتواضُعٌ

وعَزْمٌ كما تَرْضَى العُلا وترَفُّعُ

لَكَ البسْمَةُ الزَّهْرَاءُ تَلْمَعُ كالضُّحَى

وتُدْفىء مِنْ قَلْبِ الجَبَانِ فيَشْجُع

حَرِيصٌ على وُدِّ الصَّدِيق كأَنَّما

مَودَتُه العَهْدُ الذي لا يُضَيَّع

إِذا قَرأَ الأَوْرَاقَ للرَّأْيِ فاتَّئِدْ

فقَدْ قَرَأ الأَوْرَاقَ للرَّأْيِ أَلْمع

وإن صَدَعَتْ بالحُكْم يوماً شِفَاهُهُ

فلَيْس بغَيْرِ الْحَقِّ والعَدْلِ تَصْدَع

عَجِبْتُ لصَدْرٍ ضَاقَ بالدَّاءِ حِلْمُه

وأَرْجَاؤُه مِنْ شَاسِع البِيد أَوْسَعُ

مَرِضْت فقُلنْا مَشْرِفيُّ بِغمْده

تَوارَى ونَجْمٌ عَنْ قَلِيلٍ سيَطْلُع

ولَمْ نَدْرِ أَنَّ المَوْتَ باسِطُ كَفِّه

إلى الغُصْنِ في رَيْعَانِه وهو مُونِع

وأَنّ النَّوَى الْحَمْقَاءَ شَدَّتْ رِحَالَها

وأَنّ أَمِينَ الرَّكْبِ للبَيْن مُزْمِعُ

وأَنَّ المَعَالِي والمَكَارِمَ والحِجَا

سيَضْمنَها قَفْرٌ من الأَرْضِ بَلْقَع

وأَنَّ قَضَاء اللّهِ حُمَّ فمَا لَنَا

مَحِيصٌ ولا مِمَّا قَضَى اللّهُ مَفْزَع

إِذا بَرَعَ الطِّبُّ الحَدِيثُ فَقُلْ لَهُ

يَدُ المَوْتِ أَمْضَى مِنْ يَدَيْك وأَبْرَع

وإنّ الفَتَى ماضٍ وماضٍ طَبيبُه

وعائدُه مِنْ بَعْدِه والمُشَيِّع

أَمِينُ وظِلُّ المَوْتِ يَفْصِلُ بيْننَا

سَبَقْتَ وإِنِّي عَنْ قَلِيلٍ سأَتْبع

ونَرْجع للْحُسْنَى كَمَا كَانَ عَهْدُنا

فَلاَ نَشْتَكِي هَمّاً ولا نَتَوجَّع

وما مَاتَ مَنْ أَبْقى ثَنَاءً مُخلَّداً

وذِكْراً يُسَامِي النَّيِّراتِ وَيفْرَع

إِذا ذَهَب المِسْكُ الذَّكِيّ فإِنّه

يَزُول وَيبْقَى نَشْرُه المُتَضَوِّع

شرح ومعاني كلمات قصيدة أتدري العلا من شيعت حين شيعوا

قصيدة أتدري العلا من شيعت حين شيعوا لـ علي الجارم وعدد أبياتها واحد و سبعون.

عن علي الجارم

علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم. أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر. ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942) ، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي. وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش. له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية. و (فارس بن حمدان-ط) ، (شاعر ملك-ط) ، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط) ، و (المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.[١]

تعريف علي الجارم في ويكيبيديا

علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم أديب وشاعر وكاتب، ولد عام 1881 في مدينة رشيد في مصر. بدأ تعليمه القراءة والكتابة في إحدى مدارسها ثم أكمل تعليمه الثانوي في القاهرة، بعدها سافر إلى إنكلترا لإكمال دراسته ثم عاد إلى مصر حيث كان محباً لها كما دفعه شعوره القومي إلى العمل بقوة وإخلاص لوطنه، وقد شغل عدداً من الوظائف ذات الطابع التربوي والتعليمي، فعُيِّن بمنصب كبير مفتشي اللغة العربية ثم عُيِّن وكيلاً لدار العلوم وبقي فيها حتى عام 1924، كما اختير عضواً في مجمع اللغة العربية، وقد شارك في كثير من المؤتمرات العلمية والثقافية.كتب عنه في موقع إسلام سيفلايزيشن للشاعر العراقي فالح الحجية:

وله ديوان في أربعة أجزاء، وله كتب أخرى منها فارس بني حمدان وشاعر وملك وغارة الرشيد.[٢]
  1. معجم الشعراء العرب
  2. علي الجارم - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي