أبو جهل.. يشتري(فليت ستريت)

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أبو جهل.. يشتري(فليت ستريت) لـ نزار قباني

1
هل اختفت من لندنٍ؟
باصاتها الجميلة الحمراء
وصارت النوق التي جئنا بها من يثرب
واسطة الركوب
في عاصمة الضباب؟

2
تسرب البدو إلى
قصر بكنغهام،
وناموا في سرير الملكة
والإنجليز لملموا تاريخهم..
وانصرفوا..
واحترفوا الوقوف – مثلما كنا-
على الأطلال..

3
ها هم بنو تغلب..
في (سوهو)
وفي (فيكتوريا)..
يشمرون ذيل دشداشاتهم
ويرقصون الجاز..

4
هل أصبحت إنجلترا؟
تصحو على ثرثرة البدو..
وسمفونية النعال؟؟

5
هل أصبحت إنجلترا؟
تمشي على الرصيف، بالخف.. وبالعقال؟
وتكتب الخطب من اليمين للشمال..
سبحانه مغير الأحوال!!

6
عنترة.. يبحث طول الليل، عن رومية
بيضاء كالزبدة..
أو مليسة الفخذين.. كالهلال
يأكلها كبيضةٍ مسلوقةٍ
من غير ملح – في مدى دقيقةٍ-
ويرفع السروال!!

7
لم يبق في الباركات..
لا بط، ولا زهر، ولا أعشاب
قد سرح الماعز في أرجائها
وفرت الطيور من سمائها
وانتصر الذباب..

8
ها هم بنو عبس.. على مداخل المترو
يعبون كؤوس البيرة المبردة..
وينهشون قطعة..
من نهد كل سيدة

9
هل سقط الكبار من كتابنا
في بورصة الريال؟
هل أصبحت إنجلترا عاصمة الخلافة؟
وأصبح البترول يمشي ملكًا..
في شارع الصحافة؟؟

10
جرائد..
جرائد..
جرائد..
تنتظر الزبون في ناصية الشارع،
كالبغايا..
جرائد، جاءت إلى لندن،
كي تمارس الحرية..
تحولت – على يد النفط -
إلى سبايا…

11
جئنا لأوروبا
لكي نشرب من منابع الحضارة
جئنا.. لكي نبحث عن نافذة بحرية
من بعدما سدوا علينا عنق المحارة
جئنا.. لكي نكتب حرياتنا
من بعد أن ضاقت على أجسادنا العبارة
لكننا.. حين امتلكنا صحفاً،
تحولت نصوصنا
إلى بيان صادر عن غرفة التجارة..

12
جئنا لأوروبا
لكي نستنشق الهواء
جئنا ..
لكي نعرف ما ألوانها السماء ؟
جئنا..
هروبًا من سياط القهر، والقمع،
ومن أذى داحس والغبراء..
لكننا.. لم نتأمل زهرة جميلة
ولم نشاهد مرة، حمامة بيضاء
وظلت الصحراء في داخلنا..
وظلت الصحراء..

13
من كل صوب.. يهجم الجراد
ويأكل الشعر الذي نكتبه..
ويشرب المداد
من كل صوب.. يهجم (الإيدز) على تاريخنا
ويحصد الأرواح، والأجساد
من كل صوب.. يطلقون نفطهم علينا
ويقتلون أجمل الجياد..
فكاتب مدجن..
وكاتب مستأجر..
وكاتب يباع في المزاد
هل صار زيت الكاز في بلادنا مقدسًا؟
وصار للبترول في تاريخنا، نقاد؟؟

14
للواحد الأوحد.. في عليائه
تزدان كل الأغلفة
وتكتب المدائح المزيفة..
ويزحف الفكر الوصولي على جبينه
ليلثم العباءة المشرفه..
هل هذه صحافة
أم مكتب للصيرفه؟؟

15
كل كلام عندهم، محرم
كل كتاب عندهم، مصلوب
فكيف يستوعب ما نكتبه؟
من يقرأ الحروف بالمقلوب!

16
على الذي يريد أن يفوز
في رئاسة التحرير..
عليه.. أن يبوس
في الصباح، والمساء
ركبة الأمير..
عليه.. أن يمشي على أربعة
كي يركب الأمير!!

17
لا يبحث الحاكم في بلادنا
عن مبدع..
وإنما يبحث عن أجير…

18
يعطي طويل العمر.. للصحافة المرتزقة
مجموعة من الظروف المغلقة..
وبعدها..
ينفجر النباح.. والشتائم المنسقة..

19
ما لليساريين من كتابنا؟
قد تركوا (لينين) خلف ظهرهم
وقرروا…
أن يركبوا الجمال!!

20
جئنا لأوروبا..
لكي ننعم في حرية التعبير
ونغسل الغبار عن أجسادنا
ونزرع الأشجار في حدائق الضمير
فكيف أصبحنا، مع الأيام،
طباخين.. في مضافة الإسكندر الكبير؟.؟

21
كل العصافير التي
كانت تشق زرقة السماء
في بيروت..
وتملأ الأشجار، والبيادر..
قد أحرق البترول كبرياءها
وريشها الجميل
والحناجر..
فهي على سقوف لندنٍ..
تموت..

22
يستعملون الكاتب الكبير.. في أغراضهم
كربطة الحذاء..
وعندما يستنزفون حبره..
وفكره..
يرمونه، في الريح، كالأشلاء…

23
هذا له زاوية يومية..
هذا له عمود
والفارق الوحيد، فيما بينهم
طريقة الركوع..
والسجود..

24
لا ترفع الصوت.. فأنت آمن
ولا تناقش أبدًا مسدسًا..
أو حاكمًا فردًا..
فأنت آمن..
وكن بلا لون، ولا طعم، ولا رائحة..
وكن بلا رأي..
ولا قضية كبرى..
فأنت آمن
واكتب عن الطقس،
وعن حبوب منع الحمل –إن شئت-
فأنت آمن..
هذا هو القانون في مزرعة الدواجن..

25
كيف ترى، نؤسس الكتابة؟
في مثل هذا الزمن الصغير.
والرمل في عيوننا
والشمس من قصدير
والكاتب الخارج عن طاعتهم
يذبح كالبعير..

26
أيا طويل العمر:
يا من تشتري النساء بالأرطال..
وتشتري الأقلام بالأرطال..
لسنا نريد أي شيء منك..
فانكح جواريك كما تريد..
واذبح رعاياك كما تريد..
وحاصر الأمة بالنار.. وبالحديد..
لا أحد..
يريد منك ملكك السعيد..
لا أحد يريد أن يسرق منك جبة الخلافه..
فاشرب نبيذ النفط عن آخره..
واترك لنا الثقافه..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي