مواويل دمشقية إلى قمر بغداد

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة مواويل دمشقية إلى قمر بغداد لـ نزار قباني

أيْقَظَتْني بلقيسْ في زُرْقةَ الَفجْر
وغَنَتْ من العراق مَقَاما ..

أرْسَلَتْ شَعْرَها كنَهْر (دِيَالى)
أرأيُتمْ شَعْراً يقولْ كَلاَما ؟

كان في صَوتِها الرصَافَةُ , والكَرْخُ ,
وشَمْسٌ .. وحِنْطَةٌ .. وخُزَامى

حَمَلَتْ لي جرائد اليوم , والشايَ ,
وفاضت أمومةً وابتساما

ما لها زوجتي تُطارحني الحبَّ ؟
وكانَ الهوى علينا حراما

لكَ عندي بِشارةٌ يا حبيبي
فَعَلَ القومُ ما فعلنا تماما

ذكَّروني – قالتْ – بليلة عُرسي
ورفيفِ المنى , وظُرْف الندامى

قبل عصر التوحيد نحن اتحدنا
وجعلنا (راوا) دمشقَ الشاما

أخَذُوا الحُب , والصبابةَ عنا
ونسوا أننا اخترعنا الغَرَاما

إنْ يكونوا تَعَلمُوا لُغَةَ العِشْقِ
فنحنُ المتيمونَ القُدَامَى

إلتزامي أنا .. بوجه حبيبي
أوَليس الحبُّ الكبير التزاما ؟

تهمة الحب لا تزال ورائي
لا رآني ربي أردُّ اتهاما

.. وتزوجت زوجتي من جديد
وضحكنا .. وقبل كنا يتامى

* * *

يا شِراعاً وراءَ دَجْلةَ يجري
إقترِبْ .. إنني أموتُ هُياما

لي على الشط نَخْلةٌ تَيمَتْني
بهواها.. فاقرأ عليها السَلامَا

كيفَ أنسى في (الأعظميةِ) ظبيَاً
أشْعَلَ النارَ في دمائي .. ونَامَا

تلكَ بغدادُ .. بعد عَشُر سنينٍ
تلبسُ الماءَ والنجومَ حِزَاماً

دَجْلةٌ عاشقٌ يزورُ دمشقاً
وكريمٌ أتى يزورُ كِرامَا ..

إنَ كفَّ المأمون في كف مَرَوانَ
وماءُ الفُراتِ صار مُدامَا

ليلة القدر ، ما أراه أمامي ،
أم يكون الذي أراه مناما

بابلٌ ضوَّأَت .. وقبر عليٍّ
ترك الأرض , واستحال غماما

إنتظرنا هذا الزفاف طويلاً
وشربنا دموعنا أعواما

لا بريدُ المحبوب يأتي إلينا
لا.. ولا النوم قابلٌ أن يناما

حُلُمٌ مُدهِشٌ .. أخافُ عليهِ
فَلَكَمْ كسَرُوا لنا أحلاما

بَردَى . يا أبا النُهُورِ جميعاً
يا حصاناً يسابقُ الأياما

كُنْ بتاريخنا الحزين نبياً
يتلقَى من ربَهِ الإلهاما

الملايينُ بايَعْتكَ أميراً
عربياً .. فَصَل فيها إمَامَا

وتَزوَجْ نَخْلَ العراقِ .. وأنْجِبْ
خالداً ثانياً .. وأنْجِبْ هشاما ..

يا عُيُونَ الَمهَا ببادية الَشامِ
أطِلي .. هذا زمانُ الخُزَامى

حَبَسُوكُن في الخيام طويلاً
فَغَزلْنَا من الدمُوع خياما

واستردُّوا (الجسر المعلَّق) مِنّا
واستردُّوا الغروب والأنساما

شَهِدَ اللهُ , ما حَنَثْنَا بوَعْدٍ
أو خَفَرنا لمن نحب الذِمَامَا ..

غيرَ أنَ الرياحَ هبتْ علينا
ورَمَتْنَا على الخليج حُطَاما

عَلمُونا أنْ لا نُحِب .. فخِفْنَا
لو فَعَلْنا أن نستحيلَ رُخاما

واعتَذَرْنا عن أي حُب بديلٍ
ورفَضْنَا التخويفَ والإرغاما

كلُ هذا الخصام كان افتعالاً
حين يقوى الهوى يصيرُ خِصاما ..

* * *

يا شذا (الرازقيِّ) في ليل بغداد
عَشِقنا .. فمن يردُّ السهاما

يا سؤالَ الورد الدمشقيِّ عني
يا حقولاً , ركضْت فيها غلاما

سنواتٌ عشرٌ .. نسيت حروفي
ودواتي , كما نسيت الكلاما

ما كتبنا .. وكيف يكتب شِعراً
من يُعاني تمزُّقا وانفصاما ؟

سامح الله مَنْ على غير قصدٍ
سرقوا من طفولتي أعواما

لي حبيبان , يملآن حياتي
أتعباني تنافراً وانسجاما

لم نفرق ما بين شعبٍ وشعبٍ
كيف يرضى لونُ السماء انقساما ؟

لم نفرق ما بين شعبٍ وشعبٍ
كيف يرضى لونُ السماء انقساما ؟

وطنٌ واحدٌ .. رسمناهُ قمحاً
ونخيلاً , وأنجما , ويماماً

نينوى .. البُوكمال .. طرطوسُ .. حمصٌ
بابلٌ , كربلاء , رُدي السلاما ..

وطنٌ واحدٌ .. ولا كان شِعري
لو يٌغني قبيلةً .. أو نظاماً ..

* * *

هل أتتكَ الأخبارُ يا مُتنبِّي
أنَّ كافُور فكَّك الأهراما ؟

سقَطَتْ مِصرُ في يَدي قرويٍّ
لم يجد ما يبيع إلا (التراما) ..

مسرحي الطموح , يلبس وجهاً
للكُوميديا .. وثانياً للدراما

هو فاروق .. شهوة , وغروراً
والخديوي .. تسلُّطا وانتقاما

وَعَدَ الناسَ بالرحيق وبالشَّهد
ولكن سقاهُم الأوهاما

سَاقَ من فكَّروا لمحكمة الأمنِ
وألغى المدادَ والأقلاما ..

وظَّف النيلَ مستشاراً لديه
والملايين , ساقها أغناما

أضرم النار في منازل عبسٍ
وتميمٍ , و أنكر الأرحاما

عصبيُّ .. يصيح في مصرَ كالديك ..
وفي القدس يمسح الأقداما

جردوه من كل شيءٍ .. ولمَّا
استهلكوهُ , ألقوا إليه العظاما

* * *

غيَّر الثائرونَ خارطة الأرض
وشدُّوا من حولها الألغاما

واستفقنا مع الذين استفاقوا
فامنحونا حُرّية .. وطعاما

لم تٌغيِّر حضارة النفط ظفراً
من أظافرنا .. ولا إبهاما

قد حبلنا بالنفط .. دون زواج
ووضعنا , بعد المخاض سُخاما ..

* * *

أيْقَظَتْني بلقيسْ في زُرْقةَ الَفجْر
وغَنَتْ من العراق مَقَاما ..

أرْسَلَتْ شَعْرَها كنَهْر (دِيَالى)
أرأيُتمْ شَعْراً يقولْ كَلاَما ؟

كان في صَوتِها الرصَافَةُ , والكَرْخُ ,
وشَمْسٌ .. وحِنْطَةٌ .. وخُزَامى

لن يكون العراق إلا عراقاً
وهشامُ العظيمُ يبقى هشاما ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي