قصيدة ضد كل شيء

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤١، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قصيدة ضد كل شيء لـ نزار قباني

ـ 1 ـ
لا يمكنني أن أبقى طول حياتي
مسمارا مدقوقا في جسد الوطن ..
و في جسد اللغة
أو في جسد حبيبتي
إنني أنتمي إلى طبقة من الشعراء
يستحيل تصنيفهم
و إلى نوع من الخيول العربية
ليس لها مالك ..
و إلى نوع من الطيور الجارحة
يستحيل تدجينها
و إلى نوع من الأشجار
لا تموت إلا وهي واقفة
و إلى فصيلة من الأرانب المتوحشة
لا تنام إلا في أحضان النساء ! !

ـ 2 ـ
من رحم الحرية ولدت
وفي رحم الحرية سأدفن
هذه باختصار .. هي سيرتي الذاتية

ـ 3 ـ
لا يمكن لأي نظام
أن يلقي القبض على قصائدي
لأنها مدهونة بزيت الحرية ! !

ـ 4 ـ
منذ أن نزلت من بطن أمي
و أنا أحترف التحريض
و أحرض اللغة على مفرداتها
و النص على كتابه
و الشفة على كَرَزِهَا
و العيون على سوادها
و الأساور على معاصمها
و الأنوثة على أنوثتها

ـ 5 ـ
القصائد التي أكتبها ..
لا تشبه أحدا
لا تشبه قصائد جرير
أو طرفة بن العبد
أو العباس بن الأحنف
أو عروة بن ورد
أو جميل بثينة
إنها تشبهني وحدي
بعيني الزرقاوين
و شعري المغطى بالثلوج
و أصابعي التي أحرقتها السجائر
و لغتي التي أخذتها عن عصافير
الشام ....

ـ 6 ـ
كتابة قصيدة حب
في الوطن العربي
تشبه حكاية قميص من الحرير
لأجساد ...
تعودت أن تلبس الخيش ! !

ـ 7 ـ
كلما تغزلت بامرأة جميلة
و أهديتها زهرة ياسمين
جاء عمال البلدية في اليوم الثاني
فاقتلعوها ..
و بنوا في مكانها سجنا للنساء

ـ 8 ـ
ما بوسع الشعر أن يفعل ؟
إن العلم العربي
يحتاج إلى ملون شاعر ..

ـ 9 ـ
لا أعتذر عن أية قصيدة نشرتها
فالشاعر يتجمل بأخطائه ..
و يكررها ..
كما يكرر البحر زرقته
و القمر بياضه
و الوردة أريجا
و المرأة ماكياجها اليومي

ـ 10 ـ
لا أحي قصائدي
التي تلبس السترة الواقية من الرصاص
و تضع في جيبها بوليصة التأمين ..
و تكون بردا .. و سلاما ..
على من يقرأونها ..

ـ 11 ـ
أحب قصائدي
التي تعصف .. و تفتك ..
و ترج طمأنينة الدراويش ..
و توصلني ..
مرة إلى غرفة الإنعاش
و مرة إلى النيابة العامة
و مرة إلى حبل المشنقة

ـ 12 ـ
أنا لا أصنع لكم بشعري
كراسي هزازة ..
من أجل قيلولتكم
إنني أصنع لكم وسائد
محشوة بالأعاصير ..
و دبابيس القلق
و سكاكين الأسئلة ! ..

ـ 13 ـ
القصيدة ...
ليست مضيفة طيران
مهمتها الترفيه عن المسافرين
ولكنها ...
امرأة انتحارية ..
تخطط لخطف الطائرة ...

ـ 14 ـ
لكل امرأة جديدة ...
أكتب قصيدة جديدة
ليس عندي ثياب جاهزة
لكسوة كل نساء القبيلة ! !

ـ 15 ـ
إنني لم أرث حبيباتي
عن عمر بن أبي ربيعة
و لا عن سواه من الشعراء الغزليين ..
فأنا أعجن نسائي بيدي ..
كفطائر العسل
و أسبكهن في مختبري
كدنانير الفضة ..
إنني في شؤون الحب
لا أومن باستعارة النساء من الآخرين ..
و لا أقبل أن أعشق امرأة
تأتيني عن الهبة أو .. الوصية
أو الخلعة الأميرية ..
و إنني في كل خياراتي الشعرية ..
و العطفية
أرفض استعمال المستعمل ! ! .

ـ 16 ـ
ثمة رجال مثقفون ..
عندما يجلسون مع المرأة ..
يتصرفون كأميين ..
و يتأتئون عل سرير الحب
كأنهم لا يعرفون القراءة
و لا الكتابة ! ! .

ـ 17 ـ
القصيدة ..
التي لا تنزف عن أصابع قرائها
مصابة بفقر الدم ..

ـ 18 ـ
منذ أن أصبح الوطن ..
لا يأكل سوى الخوف ..
و لا يتقيأ سوى الزجاج .. و المسامير ..
توقفت في الشعر ..
عن صناعة الشوكولاتة ..

ـ 19 ـ
( أعمالي الشعرية الكاملة )
لم تكتمل ..
و لن تكتمل أبدا ..
طالما أن الأصابع لا تزال ترتعش
و القلب لا يزال مستنفرا
و أمطار الكحل لا تزال تنهمر ..
و الهاتف لا يزال يرن ..
و البريد لا يزال يصل ..
و النساء الجميلات ..
لا يزلن في غرفة الانتظار ! ! .

ـ 20 ـ
بيني وبين الشعب العربي
ميثاق شرف
عمره خمسون عاما
كل المواثيق الأخرى
التي تحمل إمضاء أبي لهب ..
أكلها اللهب ! ! .

ـ 21 ـ
يبقى الجمهور العربي
ثروتي القومية
و لو أنني غامرت بهذا الرصيد العظيم
لأعلنت محكمة الشعر إفلاسي ..
و ختمت قصائدي
بالشمع الأحمر ...

ـ 22 ـ
لم أتناول العشاء أبدا ..
على مائدة أي سلطان ..
أو جنرال
أو أمير
أو وزير
إن حاستي السادسة كانت تنبئني
دائما ..
أن العشاء مع هؤلاء
سوف يكون العشاء الأخير ! ! .

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي