صباح الخير أيها المنفى

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٥:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة صباح الخير أيها المنفى لـ نزار قباني

1
ما عدتُ في المنفى أحس بغربة
أو وحشة ..
أو أشتكي هذا الرحيل القاسيا
قد أصبح المنفى صديقي الغاليا .
يأتي إلى المقهى معي .
يقرأ جرائده معي .
ويعد وجبات الطعام معي .
ويقيس بدلاتي .. وقمصاني ..
ويلبس نصف أحذيتي معي ..
ويحب آلاف النساء معي ..
ويمل من كل النساء معي ..
وينام ملء جفونه
وأنا أظل مع القصيدة صاحيا .

2
ما عدت في مدن الشمال ممزقاً
متسكعاً ..
متشرداً ..
متهاويا ..
ما عدت في باريس أو في لندن
أمشي على ثلج الشوارع حافيا ..
ما عدت أركض في الحدائق عاريا ..
قد أصبح المنفى قميصاً ثانيا .

3
للحب في المنفى مذاق آخر .
لضياعنا الليلي في ( سوهو ) مذاق آخر .
لشطائر ( البيتزا ) مذاق آخر .
للبيرة الشقراء ، طعم آخر .
للقهوة السوداء ، طعم آخر .
للبرق والأمطار في عينيك .. عمق آخر .
للقرط في أذنيك ، جَرْسٌ آخر .
حتى جنون الحب حين نعشيه
في لندن .
يبدو جنونا راقيا …

4
هل ممكن ؟
أن يصبح المنفى كأية زوجة
نختارها يوماً ، ولا نختارها .
وتصير رائحة المراكب عادة
وتصير أهداب النساء صواريا ؟ …

5
هل ممكن ؟
أن يصبح المنفى أبي .. ومعلمي ..
وثقافتي .. وتراثيا ؟ .
يصغي إلى ( يا جارة الوادي ) معي .
ولأم كلثوم معي .
ولصوت فيروز معي .
فأصير أزهاراً .. و أشجاراً ..
ونهراً جاريا …

6
شكرا لمنفاي الجميل .. فإنه
أهدى إليَّ حضارة .. وخرائطاً … وموانئاً ..
وقصائداً .. وقوافيا …

7
لم يكسر المنفى عظام أصابعي
أبداً .. ولم يخفض جبيني العاليا .
فلقد زرعتُ على الكواكب حنطة
وغرست فوق الأطلسي دواليا …

8
إن المسافة لا تخيف مراكبي
فإذا ابتعدتُ ..
فكي أكون الرائيا ..
ما دمتُ أكتب .. ليس عندي مشكل
فأنا أحدد وجهتي .. ومكانيا ..
أنا قادر أن أصنع الوطن الذي أختاره ..
بدقائق ..
وأشق فيه جداولاً وسواقيا ..

9
لم تخترعني دولة .. أو سلطة
فأنا اخترعتُ قبيلتي .. وبلاديا ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي