صانع النساء

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٥:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة صانع النساء لـ نزار قباني

1
زاولتُ ألف مهنة ومهنة
في زمن الشباب .
أسست جمهورية للعشق
لا تغرب عنها الشمس ،
فيها النخل ، والرمان ، والأعناب .
وكان عندي دولة كبرى
من الشفاه ، والعيون ، والأهداب …

2
عملتُ خزافاً ..
ورساماً ..
ونحاتاً ..
وأستاذاً لفن الحب ..
حتى صار لي جيش من الأتباع والطلاب .
لكنني .. رغم اتساع سلطتي .
ورغم كل شهرتي .
ورغم مجد الأعين السوداء .. والخضراء ..
أشعر أني رجل يكتب فوق الماء …

3
من نصف قرن .. وأنا
أطرز الشِعر على قميص شهرزاد .
وأفرش السجاد في موكبها
وأزرع الأشجار .
وأحمل الشاي إلى سريرها
وأحمل الأزهار .
من نصف قرن ، وأنا
أحرض النهد على تاريخه ..
وأهدم الأسوار .
من نصف قرن ، وأنا أقنعها
أن تكسر السيف الذي ينام في جوارها
ولا تعود مرة أخرى إلى فراش شهريار !! ..

4
سيدتي :
سيدة الكل التي يطلع من ضحكتها النهار .
من نصف قرن ، وأنا أقاوم التتار .
بالشعر ، أو بالنثر ،
أو بالحب ، أو باللون ،
أو بالغزل الجميل ، أو بالطين والفخار .
بدمعة تسيل من أصابع الغيتار .
فلا تشُكي أبداً بقدرة القصيدة
فربما ينتصر الشعر
على جحافل التتار …

5
كتبتُ تاريخ الجميلات على جبيني
من يوم كانت أمنا حواء .
كتبت عن فاطمة .
كتبت عن عائشة .
كتبت عن راوية .
كتبت عن هدباء .
فعندما أدخل أي مجلس
يقال : ( هذا صانع النساء ) …
فيا لها من تهمة جميلة
أن يصبح الإنسان من عائلة الظباء …

6
أيتها القصيدة المائية .
يا زغب الحمام في دفاتري
يا وردتي الجورية .
لا تشعري بعقدة الذنب معي
فإن كل امرأة أحبها
أمنحها الشرعية …

7
غنيتُ للنساء ..
حتى صرت شيخاً
من شيوخ الطرق الصوفية ..
وصار قلبي ملجأ
لطالبات العشق ، والحياة ، والحرية ..

8
هذي بلاد ليس فيها امرأة ..
هذي بلاد ما لها قضية !!

9
عملتُ في النهار والليل
على خرائط الأنوثة ..
عملت في الصيف وفي الشتاء
دخلت في كل التفاصيل الصغيرات التي أجهلها ..
دخلت تحت قشرة الأشياء .
لم أنس ثغراً واحداً قبلته ..
لم أنس خصراً واحداً طوقته ..
لم أنس عطراً همجياً كنت قد شممته ..
لم أنس نهداً شاهراً سلاحه
دمرني عشقاً .. كما دمرته …

10
أريد أن أهرب
من بحر الإشاعات الذي أغرقني .
أريد أن أهرب
من جميع ألقابي وأسمائي
فإني ضقت بالألقاب والأسماء ..

11
أريد يا سيدتي ، أن تعرفي
بأنني لم أصنع النساء في مختبري
لكنني ..
أنا الذي خرجتُ من مختبر النساء …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي