الكلمات بين أسنان رجال مخابر

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الكلمات بين أسنان رجال مخابر لـ نزار قباني

1
وأخيراً .. شرفوني .
كان قلبي دائماً ينبئني ..
أنهم آتونَ ...
كي يعتقلوا الكلمة َ .. أو يعتقلوني ..
ولذا .. ما فاجأوني
كسروا أبوابَ بيتي في جنيفٍ
لوثوا ثلجَ سويسرا ..
ومراعيها .. وأسرابَ الحمامْ ..
وتحدوا وطنَ الحبَّ , وإنجيل السلامْ .
وضعوا شعري بأكياس ٍ ..
فهلْ شاهدتمُ ؟
دولة ً تسرقُ عطرَ الياسمين ِ
يا لها من غزوة مضحكةٍ
سرقوا حبري , وأوراقي , ولمْ ..
يسرقوا النارَ التي تحت جبيني
إنني أسكنُ في ذاكرة الشعبِ ..
فما همَّ .. إذا همْ سرقوني ؟؟...
2
وأخيراً .. دخلوا غرفة نومي ..
واستباحوا حُرماتي
بعثروا أغطيتي ..
شمشموا أحذيتي ..
فتحوا أدويتي ..
دلقوا محبرتي ..
رقصوا فوقَ بياض ِ الصفحاتِ.
غزوة تافهة ٌ جداً .. ككل الغزواتِ
أي عصر ٍ عربي ٍ ؟
ذلكَ العصرُ الذي أفتى بقتل ِ الكلماتِ ؟
أي عصر معدنيٍّ ؟
ذلك العصرُ الذي يفزع من صوت العصفور
وشدو القـُبـَّراتِ .
أي عصر لا يسمى ؟
ذلك العصر الذي يحبسنا
خلف أسوار اللغاتِ.
أي عصر ماضويٍّ .. فوضويٍّ .. بدويٍّ
قبليٍّ .. سلطويٍّ .. دمويٍّ ؟.
ذلك العصرُ الذي يطلقُ النارَ علينا
في قعر الدواةِ ؟؟
3
وأخيراً .. بلغوني ..
أنهم كانوا هُنا ..
فلماذا بلغوني ؟
إنني أعرفُ بالفطرة أصواتَ بساطير العدو
وأنا أعرف بالفطرةِ ,
أوصافَ , وأحجامَ , وأسماءَ الخناجرْ ..
جهزوا جيشاً خرافياً
لكي يقتحموا عُزلة شاعرْ ..
تركوا خلفهم الرومَ .. لكيْ
يعلنوا الحربَ على ريشةِ طائرْ ..
قدموا من آخر العالم ِ
حتى يسرقوا بعضَ الدفاترْ ..
آهِ .. كمْ هم أغبياءْ.
حينَ ظنوا أنهمْ
يقتلون الشعر إنْ همْ قتلوني ...
لم أكنْ أعرفُ ما حجمي ..
إلى أن هاجموني ذاتَ ليلهْ ..
فتأكدتُ بأني ..
شاعرٌ يرعبُ دولهْ ...
4
وأخيراً .. شرفوني
لم يكونوا من بلاد الباسكِ .
أو من جيش ِ إيرلندا ..
ولا همْ من عصاباتِ شيكاغو ..
إنني أعرفُ من هُمْ غرمائي ..
فلماذا أرسلوا خلفي كلابَ الصيد كي تنهشني ؟
هل كلابُ الصيدِ صارتْ ..
تتسلى عندنا في أكل ِ لحم ِ الشعراءِ ؟؟
إنهمْ يدرون أن الشعر عندي .. هو فن الكبرياءِ
وهم يدرون أن لا أحداً نفضَ الغبرة َ عم كعبِ حذائي
وهم يدرون أني ..
لم أقدمْ لسوى اللهِ ولائي ...
5
وأخيراً .. شرفوني .
حاولوا أن يفتحوا ثقباً بتاريخي
وأن يكسروا أنفَ غروري .
نبشوا أصلي . وفصلي . وجذوري .
نثروا قطنَ مخداتي .. وناموا في سريري .
قرأوا كلّ رسالهْ ..
وبيانات المصارفْ .
بحثوا عن بئر نفطٍ .. كنتُ قد خبأتهُ تحتَ الشراشفْ !!
حاولوا أن يجدوني واقفاً في طوابير العمالهْ ..
أعميلٌ أجنبيٌّ ؟ بعدما حفرَ الحُزنُ دروباً في جبيني
أعميلٌ أجنبيٌّ ؟. بعدما قدمتُ روحي ..
للملايين ِ .. وقدمتُ عيوني ...
6
حاولوا أن يمسكوني ..
وأنا أراهنُ في السوق السياسيِّ , ثيابي .
حاولوا أن يضبطوني ..
وأنا أقبضُ أتعابي على بيتٍ من الشعر كتبتهْ ..
أو يسمون إماماً واحداً كنتُ قصدتهْ ..
حاولوا أن يجدوا لي صورة ً, وأنا أرقصُ في ديوان كسرى.
أو أصبّ الخمرَ في عرس ثري ٍ.. أو أمير ِ..
لم أكنْ يوماً من الأيام ِ طبالاً ..
ولا زوّرتُ شعري .. وشعوري ..
كانَ شعري دائماً أكبرَ من كل كبيرِ ..
ليسَ عندي ذهبٌ .. أو فضة ٌ..
فرصيدي هو قلبي .. وضميري ...

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي