الحب .. بلا تأشيرة دخول ..

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الحب .. بلا تأشيرة دخول .. لـ نزار قباني

1
سقطتْ يا سيدتي ، قلاعك البورجوازية .
وسقطت إقطاعاتك التي لا تغيب عنها الشمس .
وسقطت كل التدابير الأمنية
المتخذة لحماية نهديك .. من صهيل خيلي ..
ورماح فرساني .
فبلمسة خفيفة على أصابع ( الفاكس )
صار بإمكاني
أن أتسلل كالبرق إلى فراشك الدافئ ..
قبل أن تأخذي حمامك الصباحي ..
وقبل أن تمشطي شعرك ..
وتكحلي عينيك ..
وترتشفي قهوتك التركية …

2
لا عاصم لكِ بعد اليوم
من أشواقي .. ورسائلي .. ونوباتي الكتابية …
سألقي القبض عليك ، حيث تكونين
وأندس تحت شراشفك .. حين تنامين .
وسأصل إلى شفتيك .. قبل وصول العصافير إليهما ..
وسأضع مكاتيب الهوى في سلة نهديك ..
قبل وصول ساعي البريد …

3
لن يقف شيء أمام طموحاتي الشعرية ..
وشبقي اللغوي .
لن يقف شيء أمام نزيف كلماتي ..
وصراخ شهواتي ..
سأهبط على رمال جسدك بمظلاتي الملونة ..
وأجرد حرسك من سلاحه ..
وأستولي على كنوز روما .
وأفتح أبواب القسطنطينية !! .

4
سأمطر عليكِ من كل الجهات .
من الشرق ، من الغرب .
من الشمال ، من الجنوب .
حتى تصبحي كمدينة فينيسيا
امرأة تتنفس تحت الماء …

5
قضي الأمر ، يا سيدتي .
وأصبحتِ رهينتي .. وسجينة أحلامي وهلوساتي .
فبكلمتي حب صغيرتين .. أطيِّرهما إليكِ ليلاً
أستطيع أن أزرع الألغام تحت سريرك الملكي
وأفجر أنوثتك من جذورها ..
فأجعل أزهار القطن تتفتح من نهدك الأيمن ..
وأزهار الغاردينيا
تتفتح من نهدك الأيسر !! .

6
بكلمتي حب صغيرتين
أرسلهما إليك قبل أن تنامي
سأطرز قميص نومك بالعشب والقصائد ..
وأجعل حلمتك الكسلى ..
تنط من روعة المفاجأة
كسمكة دولفين !!

7
لن أكترث بعد اليوم ..
ببروتوكولاتك العائلية ، والقبلية ، والطبقية ..
ولا بتقاليد الأمويين ، أو العباسيين .
فجهاز ( الفاكس )
ألغى الحدود الجغرافية بيني وبينك ..
وجعلكِ خاتماً ذهبياً في إصبعي
أفركه ..
فتنفتح أمامي أبواب الجنة …

8
لن تفلتي أبداً من بين أصابعي
ففي كل لحظة ، أنا قادرٌ على استحضارك .
وفي كل لحظة ..
أنا قادرٌ على تدويخكِ بإيقاع قصائدي ..
حتى تصبحي سمكة تتخبط في دمائي ..
وحمامة تحط على أهدابي …

9
سوف أتحرش بك على مدار الساعات
بقصائدي التي لا تنام .
حتى يصير ليلك نهاراً .
ونهارك ليلاً .
وأتركك تتقلبين على جمر قصائدي
وأنام ملء جفوني عن شواردها ..

10
لن أضطر بعد اليوم
للوقوف في طابور العاشقين
شهراً .. أو شهرين ..
سنة .. أو سنتين ..
للحصول على موعد حب .
فلقد حررني ( الفاكس )
من كل أنواع القمع الثقافي ، والعاطفي ، والجنسي ..
كما حرركِ من سلطة سيف بن ذي يزن ..
ووحشية السياف مسرور ..
ودموية شهريار …

11
( الفاكس ) هو قبلة مستعجلة
تتدحرج ككرة النار على شفتيك ..
وتنزل عليك من السماء
كورقة يانصيب ..

12
لا ( فيتو ) بعد اليوم على كلام العشاق ..
ولا رسوم جمركية على أشواقهم
فجهاز ( الفاكس )
هو انتصار حضاري لأهل الهوى
وهجمة بالسلاح الأبيض
لتحرير طروادة النساء !! .

13
لقد أعطاني جهاز ( الفاكس )
حرية الغزل ..
وحرية السفر ..
وحرية السباحة في فضاء عينيك ..
وأنهى عصور محاكم التفتيش
وسلطة المخابرات .. والمخبرين ..
وكسر مقص الرقيب ..
وأحاله على التقاعد ..

14
( الفاكس ) .. هو سفيري العظيم إلى بلاطك .
فاستقبليه بالورد ، والموسيقى ، وأسراب الحمام .
وافرشي تحت قدميه السجاد الأحمر ..
وصدِّقي كل ما ينقله إليكِ على لساني
لأن سفراء العشق ، لا يكذبون …

15
يا أسيرتي .. ويا آسرتي .
يا مالكتي . ويا مملوكتي .
يا سجينتي . ويا سجانتي .
سوف أصل إليك في أية لحظة
على هذا البساط المغزول من ريش العصافير ..
لأهمس في أذنيك :
( كم أنا أحبك ) ..
( كم أنا أحبك ) ..
( كم أنا أحبك ) !! .

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي