إلى سمكة قبرصية .. تدعى تامارا ...

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة إلى سمكة قبرصية .. تدعى تامارا ... لـ نزار قباني

1
باسم ليماسول ..
شكراً يا تامارا
باسم هذا الخاتم المشغول بالفيروز ..
شكراً يا تامارا
باسم هذا الدفتر المفتوح للضوء .. وللشعر ..
وللعشاق ..
شكراً يا تامارا
باسم أسراب من النورس كانت
تنقر الحنطة من ثغرك ..
شكراً يا تامارا
باسم كل القبرصيين الذين اكتشفوا
اللؤلؤ الأسودَ في عينيكِ ..
شكراً يا تامارا
باسم أحزاني التي ألقيتها في بحر بيروتَ.
وأجزائي التي أبحث عنها ..
في زوايا الأرض ليلاً ونهارا ...
ألفُ شكرٍ .. يا تامارا

2
يا تامارا القبرصيه:
أيها السيف الذي يقتلني من قبل أن يلقي التحيه
باسم مقهانا البدائي على البحرِ ..
وكرسيين مزروعين في الرمل ..
و (أنطونيو) الذي كان خلال الصيف عراب هوانا.
والذي كان وديعاً مقل قط منزلي ..
وعريقاً مثل تمثال حكيم من أثينا ..
ورقيقاً .. وصديقاً .. عندما يختار في الليل لنا
فاكهة البحر ..
ويوصيك بأن ترتشفي ( الأوزو)
الذي تشربه آلهة اليونان في الحب وفي الحرب ..
ويرجوك بأن تستمتعي بمذاق ( الكالامار)
ومذاق العشق في تلك الجزيره
باسم آلاف التفاصيل الصغيرة
ألف شكرٍ .. يا تامارا
3
كيف أنسى امرأة من قبرصٍ ..
تدعى تامارا ..
شعرها تعلكه الريح ..
ونهداها يقيمان مع الله حوارا ..
خرجت من رغوة البحر كعشتار .. وكانت
تلبس الشمس بساقيها سوارا ..
كيفَ أنسى جسداً ؟
يقدح كالفوسفور في الليل شرارا ..
كيف أنسى حلمة مجنونة
مزقت لحمي, صعوداً ..
وانحدارا ...

4
إصهلي .. يا فرس الماء الجميلة
إصرخي .. يا قطة الليل الجميله
بلليني برذاذ الماء والكحل ..
فلولاك لكانت هذه الأرض صحارى ..
بلليني .. بالأغاني القبرصيه
ما تهم الأبجديات .. فأنت الأبجديه ..
يا التي عشتُ إلى جانبها العشقَ .. جنوناً
وانتحارا ..
يا التي ساحلها الرملي يرمي لي ..
زهوراً .. ونبيذاً قبرصياً .. ومحارا ..
لم يكن حب تامارا ..
ذلك الحبّ الروائي, ولكن
كان عصفاً ودمارا ..
لم يكن جدول ماءٍ
إنما كان انفجارا
لم يكن حباً صغيراً ..
فقد احتل بلاداً .. وشعوباً .. وبحارا
كل أمجادي سرابٌ خادعٌ
ليس من مجدٍ حقيقيٍ ..
سوى عيتي تامارا ..

5
تحت سطح الماء .. أحببت تامارا
ورأيتُ السمكَ الأحمرَ .. والأزرق ..
والفضي ..
فوجئت بغابات من المرجان ..
داعبت كطفل سلحفاة البحر,
لامست النباتات التي تفترس الإنسان ,
حاولتُ انتشال السفن الغرقى من القعر ..
ولملمت كنوزاً ليسَ تحصى ..
ونجوماً .. وثمارا ..
تحت سطح الماء .. أعلنت زواجي بتامارا
فإذا بالموج قد صار نبيذاً ..
وإذا الأسماك أصبحن سُكارى ..

6
ما الذي يحدث تحت الماء في جلد تامارا ؟
فهنا .. الأحمر يزداد احمرارا ..
وهنا .. الأخضر يزداد اخضرارا ..
وهنا السرَة تزداد أمام الضوء ..
خوفاً .. وانبهارا ..
ما الذي يحدثُ في عقلي .. وفي عقل تامارا ؟
سمك الدولفين يرمي نفسه ..
كالمجانين يميناً .. ويسارا ..
سمكُ الدولفين يدعوني لكي أقفز في الماء ..
وفي مملكة الأسماك ..
لا املكُ رأياً أو خيارا ..
عبثٌ . أن يسأل الإنسان عن ماضيه أو حاضره,
عندما يتخذ البحرُ القرارا

7
يا تامارا ..
أنتِ في قبرص كبريتٌ .. وشمعٌ
وأنا موسى الذي أوقد تحت الماء نارا ...
ليماسول آذار (مارس) 1984

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي