إلى أين يذهب موتى الوطن ؟

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة إلى أين يذهب موتى الوطن ؟ لـ نزار قباني

1
نموت مصادفةً .. ككلاب الطريق
ونجهل أسماء من يصنعون القرار .
نموت.. ولسنا نناقش كيف نموت ؟ وأين نموت ؟
فيوماً نموت بسيف اليمين .
ويوماً نموت بسيف اليسار .
نموت من القهر .. حرباً وسلماً ..
ولا نتذكر أسماء من شيعونا .
ولا نتذكر أوجه من قتلونا .
فلا فرق ، في لحظة الموت ،
بين المجوس .. وبين التتار !! .

2
بلادٌ ..
تجيد كتابة شعر المراثي
وتمتد بين البكاء .. وبين البكاء ..
بلادٌ ..
جميع مدائنها كربلاء …

3
بلادٌ تعد حقائبها للرحيل
وليس هناك رصيف ..
وليس هناك قطار ..

4
بلادٌ ..
بكعب الحذاء تدار ..
فلا من حكيمٍ ..
ولا من نبي ..
ولا من كتاب …

بلادٌ ..
بها الشعب يأخذ شكل الذباب …

بلادٌ.. يدير المسدس فيها شؤون الحوار ..
بلادٌ يسيجها الخوف ,
حيث العروبة تغدو عقاباً ..
وحيث الدعارة تصبح طهراً ..
وحيث الهزيمة تغدو انتصار ..

5
مبادىء.. بالرطل مطروحةٌ
على عربات الخضار …
دساتير ، تكفل حرية الرأي ،
تــُعرض كالفجل .. في عربات الخضار …
قصائد ليس عليها إزار ..
تضاجع في الليل كل خليفة ..
وترضي جميع جنود الخليفة ..
وتــُرمى صباحاً كأية جيفة …
على عربات الخضار …

6
بلادٌ .. بدون بلاد
فأين مكان القصيدة بين الحصار وبين الحصار؟
كأن الكتابة في مدن الملح ..
فعل انتحار ..

7
بلادٌ..
تحاول أشجارها
من اليأس ..
أن تتوسل تأشيرةً للسفر ..

8
أفتش عن وطن لا يجيء ..
وأسكن في لغة ليس فيها جدار …

9
بلادٌ ..
تخاف على نفسها من قصيدة شعرٍ ..
ومن قمر الليل ,
حين يمشط شعر المساء .
وتخشى على أمنها من بريد الهوى ..
وعيون النساء …

10
إلى أين يذهب موتى الوطن ؟
وكل العقارات فيه ،
مخصصةٌ لاستضافة من يحرسون الرئيس ..
ومن يطبخون طعام الرئيس ..
ومن يدلكون بزيت البنفسج صدر الرئيس ..
وظهر الرئيس ..
وبطن الرئيس ..

ومن يحملون إليه كؤوس اللبن ..
إلى أين يذهب من سقطوا في حروب الرئيس ؟
وما عندهم شقةٌ للسكن !! ..

11
ولو موتنا كان من أجل أمرٍ عظيم
لكنا ذهبنا إلى موتنا ضاحكين ..
ولو موتنا كان من أجل وقفة عز
وتحرير أرضٍ .. وتحرير شعبٍ ..
سبقنا الجميع إلى جنة المؤمنين ..
ولكنهم قرروا أن نموت ..
ليبقى النظام ..
وأعمام هذا النظام ..
وأخوال هذا النظام ..
وتبقى تماثيل مصنوعةٌ من عجين !! .

12
بحثت طويلاً عن المتنبي
فلم أر من عزة النفس إلا الغبار ..
بحثت عن الكبرياء طويلاً ..
ولكنني لم أشاهد بعصر المماليك ..
إلا الصغار .. الصغار !!

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي