أدب الندماء ولطائف الظرفاء (كشاجم)/الشَّرْب وكَثْرتهم وقِلَّتهم

من موسوعة الأدب العربي
< أدب الندماء ولطائف الظرفاء (كشاجم)
مراجعة ١٦:٤٩، ٢ سبتمبر ٢٠٢٢ بواسطة Adab (نقاش | مساهمات) (الشَّرْب وكَثْرتهم وقِلَّتهم)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الشَّرْب وكَثْرتهم وقِلَّتهم

الشَّرْب وكَثْرتهم وقِلَّتهم - أدب الندماء ولطائف الظرفاء (كشاجم)

- فَأَمَّا كثرةُ عددِ الشَّرب وقِلَّتهم فهم يُسمُّون الاثنين منشارًا، ويَكْرَهُونهما، وكان الثلاثةُ أتمَّ مجلسًا، لأنَّ الاثنين ينهضُ أحدُهما لبعض شأْنه فَيَجِمُ الآخر، وينفردُ، وربّما عَرَض له الفكرُ فلا يكون لحبْسِه مِنْ تخلُّفه في مؤانسةٍ، وليس كذلك أمر الثّلاثة. - وعندي الأربعةُ أحسن، لأَنَّ الثلاثةَ إذا اشْتَغَل الاثنان بالحديث لا يَعرفُ الثالثُ سببَه وابتداءَه يحتشمُ لا مَحَالة، ويمقتُ نَفْسه، والأربعة يتكافئون فهم أركان المجلسِ. - وفي الأربعة يقول بعضُ الكُتَّاب:

ثَلَاثَةٌ أصْفَيْتُهُمْ هَوَائِي

كَأَنَّهُمْ كَوَاكِبُ الْجَوْزَاءِ

عُطَارِدِيُّونَ يَروْنَ رَائِي

كَأنَّمَا هَوَاؤُهُمْ هَوَائِي

وإِنّما ذكر ثلاثةً هو رابعهم. - قال آخرُ في الثَّلاثةِ

ثَلاثَةٌ جُمِعُوا لِي فِي ثَلاثِ منى

وَكُنْتُ رَابِعَهُمْ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ

- وقال آخرُ في الثَّلاثة:

إِخَالُكَ تَدْعُونَا إِذَا مَا دَعَوْتَنَا

دُعَاءَ يَهُودٍ مُسبِتِيْنَ عَلَى نَهْرِ

فَلا خَيْرَ فِي النَّدْمَانِ إِلَّا ثَلاثَةٌ

سَوَاءٌ كَأَمْثَالِ الأَثَافي مِنَ الْقِدْرِ

- وقال آخرُ في وَصْفِ النَّدَامَى من وَاحِدٍ إِلَى سَبْعَة:

إِنَّ الْمُعَاقِرِ كَأْسَهُ مُتَفَرِّداً

مِنْ صَحْبِهِ نَحْسٌ لَئِيْمٌ أرْجَسُ

وِاثْنَانِ يَشْتَدُّ النَّدَامُ عَلَيْهِمَا

وَثَلاثَةٌ بِهِمْ يَطِيبُ الْمَجْلِسُ

وَلَقَدْ يَلَذُّ حَدِيْثُ أَرْبَعَةٍ لهُمْ

فَيَطِيْبُ مَجْلِسُهُمْ مَعاً وَالأنْفُسُ

وَالْغَايَةُ الْقُصْوَى أَرَاهَا خَمْسَةً

فِي دُورِهِمْ نَفَسٌ لِمَنْ يَتَنَفَّسُ

وَإِذَا هُمُ كَثُرُوا فَصَارُوا سِتَّةً

عَطِشُوا لِحَبْسِ الْكَأْسِ سَاعَةَ يُحْبَسُ

وَإِذَا تَجَمَّعَ سَبْعَةٌ فِي مَجْلِسٍ

سَنَحَتْ لَهُمْ دُونَ السُّعُودِ الْأَنْحُسُ

وَظَلَلْتَ فِي سُوقِ الْمِرَاءِ مُعَسْكِراً

وَتَرىَ حُلُومَهُمُ بِجَهْلٍ تُخْلَسُ

- ويتجوَّز المعاشرون في الطعامِ، ولا يتحملون كَدَرَ الشرابِ وغلَظَه، ويسيرُ الرائِق الجيد من الشراب يعفى على مُقَصِّرِ الطعام، والكثير من غليظِ الشّراب يُفْسد كل ما بُولغ فيه من شريف الطعامِ، وزمان المشاربةِ أطول من زمان المؤاكلة. - وقال الحسنُ بن هانئ في مدح رائق الشرا ِوذمِّ غليظِهِ:

مِنْ شَرَابٍ كَأَنَّهُ نَظَرُ الْمَعْ

شُوقِ فِي وَجْهِ عَاشِقٍ بِابْتِسَامِ

لَا غَلِيْظٌ تَنْبو الطَّبِيْعَةُ عَنْهُ

نَبْوَةَ السَّمْعِ عَنْ شَنِيْعِ الْكَلَامِ

- وقال الوليد بن عبيد البحتري:

تَرَكْتَ مُشَمَّسَ قُطْرُبُّلٍ

وَجَرَّعْتَنَا دَقَلَ الدَّسْكَرَهْ

إِذَا صُبَّ مُسْوَدُّةُ فِي الْإِنَاءِ

فَكَأْسُ النَّدِيْمِ بِهِ مِحْبَرَهْ

- وقال علي بن العبّاس الرّومي:

عَلَّنِي أحْمَدُ مِنَ الدُّوشَابِ

شَرْبَةً نَغَّصَتْ سَوَادَ الشَّبَابِ

لَوْ تَرَانِي وَفِي يَدِي قَدَحُ الدُّو

شَابِ أبْصَرْتَ بَازِيَارَ غُرَابِ

- ولي في هذا المعنى:

لِأَبِي الْفَضْلِ شَرَابُ

جَيِّدٌ لَيْسَ يُعَابُ

هُوَ فِي حَالٍ طَعَامٌ

وَهْوَ فِي أُخْرَى شَرَابُ

^

باب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي