أحبك في عصر لا يعرف ما هو الحب !!

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أحبك في عصر لا يعرف ما هو الحب !! لـ نزار قباني

1
لستُ معمارياً شهيراً .
ولا نحاتاً من نحاتي عصر النهضة .
وليس لديَّ تاريخ طويل مع الرخام ..
ولكنني أود أن أذكركِ بما فعلته يداي
لصياغة جسدك الجميل ..
وتزيينه بالأزهار .. والنجوم .. والقصائد ..
ومنمنمات الخط الكوفي …

2
لا أريد أن أستعرض مواهبي في إعادة كتابتك ..
وإعادة طبعك ..
وإعادة تنقيطك من الألف .. إلى الياء ..
فليس من عادتي أن أعلن عن أي كتاب جديد كتبته ..
وعن أي امرأة كان لي شرف عشقها ..
وشرف تأليفها من قمة رأسها ..
حتى أصابع قدميها ..
فهذا موقف لا يليق بتاريخي الشعري
ولا بكرامة حبيباتي !! .

3
لا أريد أن أقدم لك حساباً
عن عدد الشامات التي زرعتها على فضة كتفيك ..
وعن عدد القناديل .. التي علقتها في شوارع عينيك ..
وعن عدد الأسماك التي ربيتها في خلجانك ..
وعن عدد النجوم التي وجدتها تحت قمصانك
وعن عدد الحمائم التي خبأتها بين نهديك ..
فهذا موقف لا يليق بكبرياء رجولتي
وكبرياء نهديك …

4
يا سيدتي .
أنت فضيحة جميلة أتعطر بها ..
قصيدة رائعة أتمنى توقيعها .
لغة تنزف ذهباً .. ولازورداً .
فكيف يمكنني أن لا أصرخ في ساحات المدينة :
أحبك .. أحبك .. أحبك ؟ .
كيف يمكنني أن أبقى محتفظاً بالشمس في جواريري ؟
كيف يمكنني أن أمشي معك في حديقة عامة
ولا تكتشف الأقمار الصناعية
أنك حبيبتي ؟؟

5
إنني لا أستطيع أن أمارس الرقابة
على فراشة تسبح في دمي .
لا أستطيع أن أمنع عريشة ياسمين
من التسلق على أكتافي ..
لا أستطيع أن أخبئ قصيدة حب تحت قميصي ..
وإلا انفجرتْ بي …

6
يا سيدتي :
أنا رجل مفضوح بالشعر ..
وأنت امرأة مفضوحة بكلماتي ..
أنا رجل لا ألبس إلا عشقي .
وأنت امرأة لا تلبس إلا أنوثتها …
فإلى أين نذهب يا حبيبتي ؟
وكيف نعلق إشارات الحب على صدورنا ؟
ونحتفل بعيد القديس فالنتاين ..
في عصر لا يعرف ما هو الحب ؟؟

7
يا سيدتي :
كنت أتمنى أن أحبك في عصر آخر .
أكثر حناناً ، وأكثر شاعرية ..
وأكثر إحساساً برائحة الكتب .. ورائحة الياسمين ..
ورائحة الحرية !! .

8
كنت أتمنى أن تكوني حبيبتي
في عصر شارل أزنافور ..
وجولييت غريكو ..
وبول إيلوار ..
وبابلو نيرودا ..
وشارلي شابلن ..
وسيد درويش ..
ونجيب الريحاني ..

9
كنت أتمنى أن أتعشى معك
ذات ليلة في فلورنسة .
حيث تماثيل ميكيل أنجلو
لا تزال تتقاسم مع زوار المدينة
الخبز .. والنبيذ …

10
كنت أتمنى أن أحبك
في عصر سيادة الشمع .. والحطب ..
والمراوح الإسبانية ..
والرسائل المكتوبة بريشة الطائر ..
وفساتين التفتا القزحية الألوان ..
لا في عصر موسيقى الديسكو ..
وسيارات الفيراري ..
وسراويل الجينز الممزقة !!

11
كنت أتمنى أن أقابلك في عصر آخر .
تكون فيه السلطة بيد العصافير ..
أو بيد الغزلان ..
أو بيد طيور البجع ..
أو بيد حوريات البحر ..
أو بيد الرسامين ، والموسيقيين ، والشعراء ..
أو بيد العشاق ، والأطفال ، والمجانين …

12
كنت أتمنى أن تكوني لي ..
في عصر لا يضطهد الورد ، ولا الشعر ،
ولا الناي ، ولا أنوثة النساء ..
ولكننا بكل أسف وصلنا متأخرين ..
وبحثنا عن وردة الحب
في عصر لا يعرف ما هو الحب !!

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي