أحبك حتى ترتفع السماء قليلاً

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أحبك حتى ترتفع السماء قليلاً لـ نزار قباني

1
أريدُ أن أحبكِ , يا سيدتي
كي أستعيد عافيتي
وعافية َ كلماتي .
وأخْرُجَ من حزام التلوثِ
الذي يلفُّ قلبي .
فالأرضُ بدونكِ
كذبة ٌ كبيرهْ ..
وتفاحة ٌ فاسدة ْ ...
2
أريد أن أحبكِ
حتى أدخلَ في دين الياسمين
وأمارسَ طقوسَ الشعرْ ...
وزرقة البحرْ ...
واخضرار الغاباتْ ...
3
أريدُ أن أحبكِ
حتى أطمئن ..
أن غاباتِ النخيل في عينيكِ
لا تزال بخيرْ ..
وأعشاش العصافير بين نهديكِ
لا تزال بخيرْ ..
وأسماك الشعر التي تسبح في دمي
لا تزال بخيرْ ...
4
أريدُ أن أحبكِ ..
حتى أتخلص من يباسي ..
وملوحتي ..
وتكلس أصابعي ..
وأستعيد جداولي ,
وسنابلي ,
وفراشاتي الملونة
وأتأكد من قدرتي على الغناء
وقدرتي على البكاءْ ...
5
أريد أن أحبكِ
حتى أسترجع تفاصيل بيتنا الدمشقي
غرفة .. غرفة ...
بلاطة .. بلاطة ..
حمامة ً .. حمامة ..
وأتكلم مع خمسينَ صفيحة فلّ
كانت أمي تستعرضها كل صباح
كما يستعرض الصانع
ليراته الذهبية ْ ...
6
أريدُ أن أحبكِ , يا سيدتي
في زمن ٍ ..
أصبحَ فيه الحب معاقاً ..
واللغة ُ معاقة ْ ..
فلا الأشجار قادرة على الوقوف على قدميها
ولا العصافير قادرة على استعمال أجنحتها .
ولا النجوم قادة على التنقلْ
بدون تأشيرات دخولْ ....
7
أريد أن أحبكِ ..
قبل أن ينقرض آخر غزال ِ
من غزلان الحرية ..
وآخر رسالةٍ
من رسائل المحبينْ
وتشنقُ آخر قصيدة
مكتوبة باللغة العربية ْ ...
8
أريدُ أن أحيكِ ..
قبل أن يصدر مرسوم فاشستي
بإقفال حدائق الحب ..
وأريدُ أن أتناول فنجاناً من القهوة معك ..
قبل أن يصادروا البنَّ .. والفناجين
وأريد أن أجلس معك .. لدقيقتين
قبل أن تسحب الشرطة السرية من تحتنا الكراسي ..
وأريدُ أن أعانقكِ ..
قبل أن يلقوا القبض على فمي .. وذراعيّ
وأريدُ أن أبكي بين يديكِ
قبل أن يفرضوا ضريبة جمركية
على دموعي ...
9
أريدُ أن أحبكِ , يا سيدتي
حتى أمتطي عربة الوقت
وأغيرَ التقاويم
وأعيدَ تسمية الشهور والأيام
وأضبطَ ساعات العالم ..
على إيقاع خطواتك
ورائحة عطركِ ..
التي تدخل إلى المقهى ..
قبل دخولكْ ...
10
إني أحبك يا سيدتي
دفاعاً عن حق الفرس ..
في أن تصهل كما تشاء ..
وحق المرأة .. في أن تختار فارسها
كما تشاء ..
وحق السمكة .. في أن تسبح كما تشاء
وحق الشجرة في أن تغير أوراقها
كما تشاء ..
وحق الشعوب في أن تغير حكامها
متى تشاءْ ....
11
أريد أن أحبكِ ..
حتى أعيد إلى بيروتَ , رأسها المقطوع
وإلى بحرها , معطفه الأزرق
وإلى شعرائها .. دفاترهم المحترقة
أريد أن أعيد
لتشايكوفسكي .. بجعته البيضاء
ولبول ايلوار .. مفاتيح باريس
ولفان كوخ .. زهرة ( دوار الشمس )
ولأراغون .. ( عيون إلزا )
ولقيس بن الملوح ..
أمشاط ليلى العامريهْ ....
12
أريدك , أن تكوني حبيبتي
حتى تنتصر القصيدة .
على المسدس الكاتم للصوت .
وينتصر التلاميذْ
على الغازات المسيلة للدموع
وتنتصر الوردة ..
على هراوة رجل البوليس
وتنتصر المكتبات
على مصانع الأسلحة ْ...
13
أريدُ أن أحبكِ
حتى أستعيد الأشياء التي تشبهني
والأشجارَ التي كانت تتبعني
والقطط الشامية التي كانت تخرمشني
والكتابات .. التي كانت تكتبني ..
أريدُ .. أن أفتح كل الجواريرْ
التي كانت أمي تخبئ فيها
خاتم زواجها ..
وأساورها الذهبية المبرومة ..
وخصلة من شعري الذهبي .
بقيت تحتفظ بها ..
منذ يوم ولادتي ..
14
كل شيء يا سيدتي
دخل في ( الكوما )
فالأقمار الصناعية
إنتصرت على قمر الشعراء
والحاسبات الالكترونية
تفوقت على نشيد الإنشادْ ..
وقصائد لوركا .. وماياكوفسكي ..
وبابلو نيرودا ...
15
أريدُ أن أحبكِ , يا سيدتي ..
قبل أن يصبحَ قلبي ..
قطعة غيار تباعُ في الصيدليات
فأطباء القلوب في ( كليفلاندْ )
يصنعون القلوبَ بالجمله
كما تصنع الأحذية ....
16
السماءُ يا سيدتي , أصبحت واطئة ..
والغيوم العالية ..
أصبحت تتسكع على الأسفلت ..
وجمهورية أفلاطون .
وشريعة حامورابي .
ووصايا الأنبياء .
وكلام الشعراء .
صارت دون مستوى سطح البحر
لذلك نصحني السحرة , والمنجمون ,
ومشايخ الطرق الصوفية ..
أن أحبكِ ..
حتى ترتفع السماءُ قليلاً ....

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي