يا ابنة السابقين من قحطان
أبيات قصيدة يا ابنة السابقين من قحطان لـ علي الجارم

يا ابنةَ السابقين من قَحْطانِ
وتُراثَ الأمجادِ من عَدْنانِ
أنتِ علّمْتنِي البيان فما لي
كلّما لُحْتِ حار فيكِ بياني
رُبَّ حُسْنٍ يعوق عن وَصْفِ حُسْنٍ
وَجَمالٍ يُنْسي جَمالَ المَعَاني
كنْتُ أشْدو بَيْنَ الطُّيورِ بِذِكْرا
كِ فتعلو أَلْحانَها ألحاني
وأصوغُ الشِّعرَ الذي يَفْرَعُ النَّجْمَ
وتُصْغِي لِجَرْسِه الشِّعْرَيانِ
يا ابنةَ الضادِ أنتِ سرُّ من الْحُسْنِ
تَجلَّى عَلَى بَنِي الإِنسانِ
كنتِ في الْقَفْرِ جَنَّةً ظلَّلَتْها
حالِياتٌ من الْغُصونِ دَواني
لغةُ الفنِّ أنتِ والسحْرِ والشِّعْرِ
ونُورُ الْحِجَا وَوَحْيُ الْجَنانِ
رُبَّ جَيْشٍ من الْحَديدِ تَوَلَّى
واجِفَ القلبِ مِن حَديدِ اللِّسانِ
وبيَانٍ بَنَى لِصاحِبهِ الْخُلْدَ مُطِلاً
مِنْ قِمَّةِ الأزْمانِ
وقصِيدٍ قد خَفَّ حتَّى عَجِبْنا
كَيفَ نالَتْهُ كِفَّةُ الأوْزانِ
بلغ العُرْبُ بالبلاغَةِ والإِسلامِ
أَوْجاً أعْيَا عَلَى كَيْوانِ
لَبِسوا شَمْسَ دَوْلةِ الفُرْسِ تاجاً
ومَضَوْا ف مَغافِرِ الرومان
وجَرَوْا يَنْشرون في الأرْضِ هَدْياً
مِنْ سَنا العِلْمِ أو سَنا القُرآنِ
لا تَضِلُّ الشُعُوبُ مِصْباحُها العِلْمُ
يُؤاخِيهِ راسِخُ الإيمانِ
فإِذا أُطْفِىء السِّراجُ فَمَيْنٌ
وضَلالٌ ما تُبْصِرُ العَينانِ
أَينَ آلُ العبّاسِ رَيْحانَةُ الدهْرِ
وأينَ الكِرامُ مِنْ مَرْوانِ
خَفَتَ الصَوْتُ لا البِلادُ بِلادٌ
يَوْمَ بانوا ولا المغَانِي مَغَانِي
أزهرتْ في حِماهمُ الضادُ حِيناً
وذَوَتْ بَعْدَهُمْ لِغَيْرِ أَوانِ
إِنْ أصاخَتْ فالقَوْلُ غيرُ فَصِيحٍ
أَوْرَنَتْ فالوُجوهُ غيرُ حِسانِ
فمضتْ نحوَ مِصرَ مَثْلَ قَطاةٍ
فَزَّعَتْها كَوَاسِرُ العِقْبانِ
يكدُرُ العَيْشُ مرةً ثم يَصْفو
كَمْ لِهَذِي الْحَياةِ مِنْ أَلْوانِ
ثم هَبَّت زَعازِعٌ تَرَكَتْها
بَيْنَ مُرِّ الأسَى وذُلِّ الهَوانِ
وإِذا نَهْضَةٌ تَدِبُّ بِمِصْرٍ
كَدَبيِبِ الْحَياةِ في الأبْدانِ
وإِذا اليَوْمُ باسمٌ والليالي
مُشِرِقَاتٌ والدَهْرُ مَلْقى العِنانِ
وإذا الضَادُ تَسْتَعِيدُ جَمالاً
كادَ يَقْضِي عَلَيْه رَيْبُ الزَمانِ
نزلتْ في حِمَى فُؤادٍ فأضْحَتْ
مِنْ أَياديه في أعزِّ مَكانِ
مَلِكٌ شادَ لِلْكنانةِ مَجْداً
فَسَمَتْ باسْمِهِ عَلَى البُلدانِ
كُلَّ يَوْمٍ يَمُدُّ لِلْعِلْمِ كفاً
خُلِقَتْ للْوفاءِ والإِحْسانِ
إنّ دارَ العُلُومِ بِنْيَةَ إِسما
عِيلَ تُزْهَى بِه عَلَى كلِّ بانِ
مَنْ يُسامِي أبا المواهِبِ وَالأشْبالِ
في فَيْضِ جُودِهِ أو يُداني
هي في مِصْرَ كَعْبَةٌ بَعَثَ الشَرْ
قُ إليْها طوائِفَ الرُّكْبانِ
قد أَعادتْ عَهْدَ الأعارِيبِ في مِصْرَ
إلى ناعمٍ من العَيْشِ هاني
وأظلَّتْ بِنْتَ الفَدافِدِ والبِيدِ
بأَفْياءِ دَوْحِها الفَيْنانِ
دَرَجَتْ بَيْنَ فِتْيَةٍ وشُيوخٍِ
كلُّهُمْ يَنْتَمِي إلَى سَحْبانِ
وأَطَلّتْ من الخِباءِ عَلَيْهِمْ
فَسَبتْهُمْ بِسِحْرِها الفَتّانِ
فُتِنوا بالعُذَيْبِ والسَّفْحِ والجِزْ
عِ ووادِي العَقيقِ والصمَّانِ
يتلقَّوْنَ وَحْيَها كُلَّ حِينٍ
ويناجُون طَيْفها كُلَّ آنِ
ويُغَنُّونَ باسمِها مثلَ ما غَنَّى
زُهَيْرٌ بِسِيرَةِ ابْنِ سِنانِ
نثرتْ دُرَّها الفَريدَ فكانوا
أسْرعَ الناسِ في الْتِقاطِ الجُمانِ
رُبَّ شَيْخٍ أفنَى سَوادَ الليالي
ساهِدَ العَيْنِ جاهِداً غَيْرَ واني
مِنْ بُحُوثٍ إلَى كتابةِ نَقْدٍ
ثُمَّ مِنْ مُعْجَمٍ إلَى دِيوانِ
يَقْنِصُ الآبِداتِ عَزَّتْ عَلىَ الصيَّدِ
فماسَتْ بَيْنَ الرُّبا والرِّعانِ
سارحاتٍ كأنّها قِطَعُ الوَشْيِ
يُطَرِّزْنَ سُنْدُسَ القِيعانِ
إِنْ تسمَّعْنَ نَبْأَةً غِبْنَ في الرِيحِ
كَسِرٍ يُصانُ بالكتِمانِ
فإِذا ما أَمِنَّ يَحْرجْن أَرْسا
لاً كَخْيلٍ نَشِطْن من أرْسانِ
كلُّ جُزْءٍ في جِسْمِهِنَّ له عَيْنٌ
على الشرِّ أو له أُذُنانِ
لم يَزَلْ صاحبي يُعالِجُ مِنْهُنَّ نِفارا
مُسْتَعْصِياًن ويُعانِي
في فَلاةٍ لا تَحْمِلُ الرِيحُ فيها
غَيْرَ رَنَّاتِ قَوْسِهِ المِرْنانِ
كلّما طارَ خَلفَهُنَّ تَسَرَّبْنَ
هَباءً في غَيْهَبِ النسْيانِ
فتراهُ حِيناً كما وَثبَ اللَّيْثُ
وحِيناً يَنْسابُ كالأُفْعُوانِ
وهي تلهو به فآناً تُجافِيهِ
وآناً تُمْلِي له فَتُداني
مرةً في مدَى يَدَيْهِ وأُخْرَى
ما له باقْتِناصِهِنَّ يَدانِ
لم يَقِفْ نادِماً يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ
فَعالَ الْمُجَوَّفِ الْحَيْرانِ
ثم كانتْ عَواقِبُ الصَبْرِ أَنْ ذَلَّتْ
له الشَارِداتُ بَعْدَ الحِرانِ
مَلَّكَتْهُ أعْناقَها في خُضوعٍ
وَحَبَتْه قِيادَها في لَيانِ
رُبَّ شِعْرٍ لَه يُرَدِّدُه الدهْرُ
فتُصْغِي مَسامِعُ الأكوانِ
يَتَمنََّى الربيعُ لو تَخِذَتْ مِنْهُ
حُلاها ذَوائِبُ الأغْصانِ
من بَناتِ الخيالِ لو كان يُسْقَى
لَعَدَدْناه من بَناتِ الدِّنانِ
ردّدَتْه القِيانُ يُكْسِبْنَهُ حُسْناً
فأرْبَى عَلَى جَمالِ القِيانِ
قد أثارَ الغُبارَ في وَجْهِ مَيْمُو
نٍ وَعَفَّى عَلَى فَتَى ذُبْيانِ
شيِخَةَ الدارِ أنْتُمُ خَدَمُ الفُصْحَى
وحُرَّاسُ ذلكَ البُنْيانِ
لَبِسَتْ جِدَّةَ الصِّبا في ذراكُمُ
وغَدَتْ من حُلاه في رَيْعانِ
غَيْرَ أنَّ الحياةَ تَعْدُو ولا يُدْ
رِكُ فيها طِلاَبَهُ الْمُتوانِي
سابِقوها بالدِينِ والْخُلُقِ السَّمْحِ
وصِدْقِ الوَفاءِ للإِخْوانِ
سابقوها بالْجِدِّ فالْجِدُّ والمَجْدُ
كما شاءتْ العُلا تَوْأمانِ
ذلِّلُوا للشَبابِ مُسْتَعْصِيَ الفُصْحَى
فإِنَّ الرَجَاءَ في الشبّانِ
وانثُرُوها قلائداً وعُقُوداً
تتَحدى قَلائدَ العِقْيانِ
بَسَم الدهرُ أَنْ رآكم بِناءً
عَبْقَرِيّاً مُوَطَّدَ الأركانِ
كم رَجا الدهْرُ أَنْ يُشاهدَ يَوْماً
جَمْعكم سالماً من الشَنَآنِ
إِنّما الكَفُّ بالبَنانِ ولا تُجْدِي
فَتِيلاً كَف بغير بَنانِ
جَمعتْكُمْ أَواصِرٌ وصِلاتٌ
طَهُرتْ من دخَائلِ الأضْغانِ
فاسلُكوا المَهْيعَ القَويمَ وسِيروا
في شُعاعِ الْمُنى وظِلِّ الأَماني
واشكُروا للوزير بِيضَ أيادِيهِ
ومِدْرارَ فَيْضِهِ الهَتّانِ
يَبذُلُ الْخيْرَ فِطْرَةً ليس يَثْنيه
عن الْخَيْر والصَنيعَةِ ثاني
هو ذخْرُ الطُلاّبِ كم وجدوا
فيهِ أَماناً من طَارِقِ الْحَدثانِ
يبْعَثُ الغَيْثَ والرجاءَ لقاصٍ
ويَمُدُّ اليَمينَ بِرّاً لِداني
كم له مِنَّةٌ عَلَى الضَادِ هَزَّتْ
كُلَّ لَفْظٍ فيها إلَى الشكْرانِ
سَعِدَ العِلْمَ واسْتَعَزَّ بِحلْمِي
وغَدَا دَوْحُهُ قريبَ المَجاني
سار مُسترشداً بِهدْيِ مَلِيكٍ
ما لَهُ في أصَالةِ الرَأي ثاني
مَلِكٌ تَسْعَدُ البِلادُ بِنُعْما
هُ ويُزْهَى بنورِه القَمَرانِ
عاشَ للدِينِ والمَكارِمِ
والنُّبْلِ وَبَثِّ الْحَياةِ والعِرْفانِ
ولْيَعِشْ للبِلادِ فاروقُ مِصْرٍ
قُدْوَةَ الناهِضِينَ رَمْزَ الأمَاني
شرح ومعاني كلمات قصيدة يا ابنة السابقين من قحطان
قصيدة يا ابنة السابقين من قحطان لـ علي الجارم وعدد أبياتها ثلاثة و ثمانون.
عن علي الجارم
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم. أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر. ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942) ، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي. وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش. له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية. و (فارس بن حمدان-ط) ، (شاعر ملك-ط) ، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط) ، و (المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.[١]
تعريف علي الجارم في ويكيبيديا
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم أديب وشاعر وكاتب، ولد عام 1881 في مدينة رشيد في مصر. بدأ تعليمه القراءة والكتابة في إحدى مدارسها ثم أكمل تعليمه الثانوي في القاهرة، بعدها سافر إلى إنكلترا لإكمال دراسته ثم عاد إلى مصر حيث كان محباً لها كما دفعه شعوره القومي إلى العمل بقوة وإخلاص لوطنه، وقد شغل عدداً من الوظائف ذات الطابع التربوي والتعليمي، فعُيِّن بمنصب كبير مفتشي اللغة العربية ثم عُيِّن وكيلاً لدار العلوم وبقي فيها حتى عام 1924، كما اختير عضواً في مجمع اللغة العربية، وقد شارك في كثير من المؤتمرات العلمية والثقافية.كتب عنه في موقع إسلام سيفلايزيشن للشاعر العراقي فالح الحجية:
وله ديوان في أربعة أجزاء، وله كتب أخرى منها فارس بني حمدان وشاعر وملك وغارة الرشيد.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ علي الجارم - ويكيبيديا