لا لحنه عازف ولا وتره
أبيات قصيدة لا لحنه عازف ولا وتره لـ علي الجارم

لا لحنه عازف ولا وتره
ما كان طيّ النشيد ينتظرُهْ
أصغى لأنغامه ومهجته
نوح مع الطير هاجه سحره
يهتزّ لهفان في تسمعه
كأنّما قد سرى به قدره
اللّه في جنبه ولوعته
هشيم غصن أذابه شرره
أحس بالعمر في مقاطعه
وقافيات العذاب تعتصره
والموت في جرسها ونغمتها
خطو من الغيب لا يرى أثره
ما زال يدنيه من غياهبه
حتى احتواه بنظرة بصره
فخرّ في صمته وفرّ به
سرٌّ على الناس غامض خبره
وقيل ما باله وما وهنت
خطاه قلت انتهى عمره
باك أتى والدموع في يده
وبل من النار واكفٌ مطرهْ
ترتجُّ من حزنه قصيدته
ويصطلي في لهيبها ضجره
قد خاف من حرّها فراح لها
يصغي بقلبٍ تخيفه ذكره
ما أوشكت تنتهي مناحتها
وينتهي من معنيّها عبره
حتى غدا صرخةً على فمها
وداع من لن يردّه سفره
لا تعتبوا الدهر في منيته
ولا تقولوا طحا به كبره
فإنها قصّة ينوء بها
ضمير مصر وتكتوي سيره
محاربٌ في سبيل عزّتها
ما ردّه يأسه ولا حذرُهْ
ينقضُّ كالسهم في دجنّتها
فتحسب الليل هُتّكت ستره
ويلطِمُ القيدَ لا يروّعه
حديدُ جبّاره ولا سقره
تنزهت كفّهُ وكلمته
وعفّ والجوّ لاغطٌ هذره
عابوا على صمته فهل سمعوا
تهتزُّ فوقه نذره
ارتاعَ قرصانهُ وساستهُ
وأعوَلت من رياحه جزره
واستعجم القيد حين جابهه
بحجة كالصباح تبتدره
وصيحةٌ كالردى مباغتة
لا نابه ردّها ولا ظفره
وعاد للنيل صامتاً أنفاً
لا طبله قارعاً ولا زمره
يبني لأوطانه ويرفعها
والمصلح الحق من علا حجره
بنياه في ضحوة يسير على
أمانة عدلها سرى عره
وإذ بها وصمة يشيح لها
جبين مصر وتنزوي صوره
حيّا فحيّاه من تواضعه
والغدر بالحق نادر خطره
لكن قضى اللّه وانتهى بطلٌ
كنا لريب الزمان ندخره
لا ذنب راميه للمناب ولا
آمال أوطانه ستغتفره
أتى عليّ يسوق أدمعه
ويندب الشرق ضللت غيره
وكم له وقفة وجلجلة
والنيل من حولها صفي نهره
ومصر تصغي وشطها دنف
يكاد للشدو ينحني شجره
أسحاره فجره أصائله
ليلاته الناغمات أو بكره
عرائس بالنشيد سابحة
تلأْلأت في جبينها درره
كم ناغم الشرق في مواجعه
وهلّلت في سمائها غرره
من كل عرباء فوق حاجبها
أو ما نزار البيان أو مضره
مرصوفة السحر خلت حاديها
من أرض حسّان أقبلت عصره
يهزها هودجٌ ويرقصها
صنّاج بيد أهاجه سمره
تختال بالنيل في مفوّفة
يكاد يخضّل فوقها زهره
إن رقّ أبصرت حلم عاشقة
وليلها والحنين يعتصرهْ
وإن تثره فما الرياح وما
زئيرها إن تدفقت فكره
حمى بها الشعر بعد ما لهثت
أوزانه وارتمت به سرره
ساقوه حيران في مواطنه
لا بدوه في الصدى ولا حضره
وبعضهم لم يقله غير صدى
والبعض في مهده بدت حفره
وأنت للضاد حارس أبدا
ما خفّ إمعانه ولا حذره
غنّيت بالشعر كلّ موطنها
فعشبه في صداك أو مدره
هواك بالنيل مثل إخوته
سيان مطويّه ومنتشره
عروبة للسماك طرت بها
جناح غيب شآي به قدره
وسقت للتاج نغمة عزفت
غرام شعب تعددت صوره
حب لفاروق في جوانحنا
مخلد في حياتنا أثره
بكتك دار العلوم أنت صدى
سحرٍ لها لا تزال تبتكره
هذا الجني من غراس جنتها
في كل واد مهدل ثمره
شرح ومعاني كلمات قصيدة لا لحنه عازف ولا وتره
قصيدة لا لحنه عازف ولا وتره لـ علي الجارم وعدد أبياتها أربعة و خمسون.
عن علي الجارم
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم. أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر. ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942) ، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي. وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش. له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية. و (فارس بن حمدان-ط) ، (شاعر ملك-ط) ، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط) ، و (المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.[١]
تعريف علي الجارم في ويكيبيديا
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم أديب وشاعر وكاتب، ولد عام 1881 في مدينة رشيد في مصر. بدأ تعليمه القراءة والكتابة في إحدى مدارسها ثم أكمل تعليمه الثانوي في القاهرة، بعدها سافر إلى إنكلترا لإكمال دراسته ثم عاد إلى مصر حيث كان محباً لها كما دفعه شعوره القومي إلى العمل بقوة وإخلاص لوطنه، وقد شغل عدداً من الوظائف ذات الطابع التربوي والتعليمي، فعُيِّن بمنصب كبير مفتشي اللغة العربية ثم عُيِّن وكيلاً لدار العلوم وبقي فيها حتى عام 1924، كما اختير عضواً في مجمع اللغة العربية، وقد شارك في كثير من المؤتمرات العلمية والثقافية.كتب عنه في موقع إسلام سيفلايزيشن للشاعر العراقي فالح الحجية:
وله ديوان في أربعة أجزاء، وله كتب أخرى منها فارس بني حمدان وشاعر وملك وغارة الرشيد.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ علي الجارم - ويكيبيديا